الأربعاء، 13 يناير 2010

الثقة المفقودة بين واشنطن ودمشق تؤثر سلبا على عودة العلاقات الثنائية بينهما إلى سابق عهدها

واشنطن - من حسين عبد الحسين

ما زالت الثقة المفقودة بين واشنطن ودمشق تؤثر سلبا على عودة العلاقات الثنائية بينهما الى سابق عهدها. يتصدر التردد الاميركي بالانفتاح على سورية قصة من الماضي القريب، غالبا ما يكررها الديبلوماسيون اليوم، ومفادها بان وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر، قام بما مجموعه 22 زيارة لدمشق من اجل التوصل الى سلام بينها وبين تل ابيب، لكن من دون تحقيق اي نتائج تذكر.

وبما ان كل رحلات المسؤولين الاميركيين الرسمية مدونة، لاطلاع دافعي الضرائب ممولي هذه السفرات، فان السجل العام يظهر ان كريستوفر قام باول زيارة له لدمشق بتاريخ 20 فبراير 1993، «حيث تباحث مع الرئيس (الراحل حافظ) الاسد حول عملية السلام في الشرق الاوسط»، حسب السجل، الذي يظهر ايضا ان آخر زيارة لمسؤول الاميركي كانت في 26 ابريل 1996، «حيث حاول التوصل الى حل للصراع ب

ين اسرائيل ولبنان (ابان عملية عناقيد الغضب)».

بعد دخول الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض مطلع العام الماضي، باشرت واشنطن بارسال مبعوثيها الى دمشق، واعلنت مع حلول الصيف نيتها اعادة سفيرها، الذي استدعته من العاصمة السورية اثر اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005.

وتوالت الزيارات الاميركية الى سورية، كلّلها مبعوث السلام جورج ميتشيل بلقاء مع الرئيس بشار الاسد، قبل ان تعود البرودة تماما الى العلاقة، ما عدا زيارات يتيمة مثل زيارة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لواشنطن مع حلول الخريف، والتي تزامنت مع تجديد اميركا لعقوباتها على النظام السوري.

عن «الانخراط مع سورية»، يقول الديبلوماسي باتريك وورمان، وهو المستشار الاقليمي في مكتب مكافحة الارهاب لمنطقة الشرق الادنى وشمال افريقيا:

«استطيع ان اقول ان ظني خاب». ويضيف: «لكني آمل ان تستمر المفاوضات مع السوريين».

ولم يفت الديبلوماسي الاميركي، خلال جلسة عن الارهاب عقدها مركز ابحاث بوتوماك، اول من امس، الاشارة المبطنة الى الزيارات الاثنين والعشرين الفاشلة لكريستوفر لدمشق. وقال «ان السياسة العامة لنا مع سورية هي الحوار، وطبعا علينا الا ننسى اننا عقدنا حوارات (حول السلام السوري - الاسرائيلي) في الماضي اثناء ادارة (الرئيس السابق بيل) كلينتون... كذلك سبق ان اجرى الاسرائيليون والسوريون مفاوضات سلام مباشرة في ما بينهم».

اذن، لا ترى واشنطن اي جدوى لاعادة علاقاتها مع دمشق الى سابق عهدها، اي كما كانت قبل اغتيال الحريري، من اجل التوصل الى سلام سوري اسرائيلي. بل ان الولايات المتحدة تعتقد ان المسار السلمي تم تجريبه في الماضي، ولم يصل الى اي مكان ايجابي. هكذا يظهر ان ا

لاهتمام الاميركي بالحوار مع سورية يتركز على شؤون اخرى.

يقول وورمان: «اعتقد ان آمالنا مبنية على امكانية ما يمكننا تحريكه في المنطقة لناحية حمل سورية على التقرب من مجالنا بالابتعاد عن ايران، والمساعدة في بعض النواحي».

هنا، يهمس احد كبار ديبلوماسيي الادارة من الحاضرين، ويقول لبعض الجالسين بقربه: «لطالما كان تعاوننا مع سورية، منذ عقود، مبنيا على ما يقدمه لنا النظام السوري في مجال مكافحة الارهاب والتبادل الاستخباراتي، اما اليوم، فهم لا يقدمون ما نريده، بل يريدون ان يبيعوننا ما لا نريد شراؤه، وهذا سيبقي العلاقة بيننا فاترة حتى اشعار آخر».

اما عن الدور السلبي الذي تلعبه سورية، من وجهة النظر الاميركية، فيلخصها وورمان، بالقول: «دمشق تسمح تقريبا لكل منظمة ارهابية ممكن ان تخطر على بالكم، في ان تستوطن في سورية، وتعطيها حرية الحركة بين سورية ولبنان كذلك».

في المحصلة النهائية، تشي الاجواء الديبلوماسية الاميركية بان عودة الحرارة الى العلاقة الاميركية - السورية ما زال امرا بعيد المنال، وان العقوبات الامير

كية على سورية باقية، حتى لو اعادت واشنطن سفيرها الى دمشق، وهو امر تأخر اكثر من اللزوم، ولا يبدو ان الحماسة المطلوبة متوافرة في واشنطن لحدوثه على وجه السرعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق