الجمعة، 12 أغسطس 2011

أردوغان طلب من أوباما... فرصة أخيرة للأسد

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

جريدة الراي

عندما أعلنت انقرة ان وزير خارجيتها احمد داود اوغلو كان ينوي حمل رسالة حازمة الى الرئيس السوري بشار الاسد، كانت تغمز من قناة واشنطن التي اوفدت الديبلوماسي فرد هوف الى تركيا لابلاغها ان الرئيس باراك اوباما كان على وشك الطلب من الاسد التنحي، على غرار ما فعل في الحالتين المصرية ثم الليبية.

بيد ان انقرة استمهلت حليفتها واشنطن، وطلبت منها فرصة اخيرة تقنع فيها الاسد بضرورة الوقف الفوري للعنف واطلاق سراح جميع المعتقلين والمساجين السياسيين.

وتقول المصادر الاميركية انه عندما وصل وزير الخارجية التركي الى دمشق، حاول نقل الصورة الى الاسد، ومفادها ان ايا من عواصم العالم، لا حليفة الاسد ولا الأقل صداقة، تعتقد انه ونظامه قادران على الخروج من الانتفاضة الشعبية المندلعة بوجهه منذ منتصف مارس.

لذلك، تقول المصادر الاميركية انها علمت من حليفتها التركية ان اوغلو قدم الى الاسد مجموعة حلول، تتضمن ضمانات لخروج الاسد وفريقه بسلام من سورية ولجوئهم إلى تركيا بعيدا عن اي محاسبة ممكنة من الحكومات السورية المقبلة. «جن جنون الاسد الذي كاد ان ينهي الاجتماع فورا ويطلب من ضيفه الخروج لولا تدخل مساعديه»، بحسب المصادر الاميركية المتابعة للموضوع. ثم وعد الاسد بانهاء الحملة الامنية والافراج عن المعتقلين، فذكره ضيفه التركي ان العالم سبق وسمع هذه الوعود التي لم تنفذ، فما كان من الاسد الا ان «اعطى كلمته هذه المرة» بأن الاعتداءات ستنتهي في وقت «قريب جدا».

هذا ما حمل اوغلو على التشديد في مؤتمره الصحافي ان اتفاقه والاسد مبني على فترة «ايام» لا اسابيع.

لكن يبدو ان رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان اعرب عن اعتقاده ان من الصعب جدا ان تنتهي الامور في سورية في ايام، «فارتجل» في حديثه العلني ان «امام الاسد اسبوعين»، وهو ما أربك واشنطن التي كانت تعمل بمهلة الايام التي حددها اوغلو.

مهلة الايام هذه، تقول المصادر الاميركية، كانت مبنية على خروج السوريين في تظاهرات امس من دون ان تتعرض لهم قوات الأمن السورية بمكروه. الا ان فترة الاسبوعين التي حددها اردوغان نسفت ما كانت الولايات المتحدة تعمل على تنسيقه مع تركيا، وهو ما حدا مصادر الرئيس الاميركي الى العمل على تمرير عدد من التسريبات الى وكالات الانباء العالمية مفادها ان اوباما كان سيطلب من الاسد التنحي الخميس.

على ان جملة اتصالات جرت بين انقرة وواشنطن، توّجها اتصال بين اوباما واردوغان، طلب فيه الاخير عدم «الطلب من الاسد التنحي علنا» واعطاءه فرصة اخيرة. وافق اوباما، وصدر عن البيت الابيض البيان الذي جاء فيه ان «الزعيمين شددا على حساسية الوضع، وكررا قلقهما العميق حول استخدام الحكومة السورية للعنف ضد المدنيين واعتقادهما ان مطالب الشعب السوري المشروعة للانتقال الى الديموقراطية يجب ان تتحقق».

واضاف البيان ان الزعيمين «اتفقا على ضرورة الوقف الفوري لإراقة الدماء والعنف ضد الشعب السوري».

وفي اشارة الى ان المهلة التي تتوقعها واشنطن من الاسد لتنفيذ وعوده لأوغلو بالوقف الفوري للعنف هي «مهلة ايام»، وانه في حال النكوث بوعده، فان اوباما، بعلم والتنسيق مع اردوغان، سيطلب من الاسد التنحي، اورد البيان ان المسؤولين «اتفقا كذلك على مراقبة افعال الحكومة السورية بشكل لصيق، وان يتشاورا عن قرب في الايام القليلة المقبلة».

وقالت المصادر الاميركية ان تصور الادارة هو تعاون الاسد قبل يوم الخميس المقبل، «والا سيعلن الرئيس (اوباما) ان على الاسد التنحي، وهو ما ينهي علاقتنا به واعترافنا بشرعيته ورئاسته لسورية».

في الاثناء، استمرت فرق من ديبلوماسيي وزارة الخارجية في التنسيق مع شركات كندية واوروبية من اجل وقف تعاملها مع قطاع النفط والغاز السوري.

وتقول المصادر الاميركية ان «مخزون الحكومة السورية من النقد الاجنبي انتهى تماما، وان تضخما هائلا قد يصيب الليرة السورية، وقد لا يجد الاسد مالا ليسدد اتعاب القوات التي تمارس العنف باسمه ضد السوريين».

اما فرض الحصار على قطاعي النفط والغاز، فيعني ان «مقدرة الاسد على ادارة جهازه الامني ستنهار تماما»، تختم المصادر.

وكرر الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني سياسة ادارته نحو الازمة السورية، فقال على متن الطائرة التي نقلت الصحافيين المرافقين لأوباما في رحلته الى ولاية ميتشيغان، اول من امس، ان الادارة تعتقد ان «فرصة الرئيس الاسد لقيادة العملية الانتقالية قد مرت»، وان واشنطن تعتقد ان «سورية ستكون مكانا افضل من دونه»، وانها «تدعم في سورية من يطالبون بالانتقال السلمي الى ديموقراطية ومستقبل افضل» للبلاد.

وفي انقرة كشف الرئيس التركي عبد الله غول عن فحوى الرسالة التي بعث بها الى الاسد مع داوود اوغلو.

وذكرت وكالة أنباء (الأناضول) أن رسالة غول إلى الأسد جاء فيها إن «مطالب الشعب الشرعية من أجل الديموقراطية يجب أن تحقق بجدية وبسرعة، وأعتقد أن بإمكان ذلك تحسين الأوضاع الراهنة السلبية في سوريا بسرعة أيضاً».

وأكمل غول متوجهاً إلى الأسد «لا أرغب في رؤيتك في وضع حيث تنظر إلى الخلف وتندم لأن ما قمت به جاء متأخراً وليس كافياً».

وأضاف أن سورية تمر بأوقات دقيقة وتاريخية، وقال للأسد «حان الوقت لتظهر قيادتك بشجاعة وتقود الطريق إلى التغيير بدل أن تعلق في رياح التغيير».

ميدانيا في سورية أمس، حملت جمعة «لن نركع الا لله» التي خرج خلالها عشرات آلاف المتظاهرين دلالات عدة ابرزها خروج متظاهرين في مدينة حماة واطلاق قوات الأمن والشبيحة النار عليهم عشوائيا ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى، رغم الجهود التركية التي كانت اسفرت عن خروج الدبابات من المدينة بالتزامن مع زيارة أوغلو الى دمشق الاسبوع الماضي.

ومن الدلالات مشاركة حلب بتظاهرتين على الأقل إحداهما تعرضت لإطلاق نار في حي الصاخور والأخرى في عندان.

وكذلك كان من الدلالات البارزة تنظيم تظاهرات حاشدة في المدن التي تعرضت لأقسى عمليات القتل خلال الاسبوع الفائت، وتحديدا دير الزور وبلدتا سرمين وتفتناز في ادلب وبلدة القصير في حمص. وتميز تعامل عناصر الأمن مع المتظاهرين بشدة لافتة أمس، ما يؤكد عزم النظام السوري اعتماد خيار واحد لا غير هو المواجهة.

وأحصي سقوط اكثر من عشرة قتلى في دوما وسقبا وحلب وحماة وحمص وبنش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق