الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

ما الذي يحدث في وول ستريت؟

لا يوجد من هو أكثر عبودية من ذلك الذي يعتقد خطأ أنه حرّ
حسين عبد الحسين

لمن تثير احداث "احتلال وول ستريت"، الذي يقوم به قرابة الف ناشط وناشطة اميركيين في مدينة نيويورك “حشريتهم”، ما عليهم الا مشاهدة وثائقي “الرأسمالية” للمخرج مايكل مور، الذي يعتبر فيه ان الشركات المالية الاميركية نجحت في تقويض النظام الاقتصادي الاميركي الذي كان قائما على الصناعة، واستبدلته بآخر مبني على الخدمات المالية والمصرفية.

يصف مور، وهو ابن الولاية الصناعية ديترويت، نشأته، ويقول ان والده عمل في مصانع السيارات، وكان مدخوله كافيا لعائلتهم المؤلفة من ثلاثة اولاد، وكانوا يأخذون عطلا سنوية في كل صيف. ويعود مور ووالده الى المعمل القديم، الذي اصبح ركاما اليوم. هذه هي حال اميركا بفضل الانقلاب الذي قامت به الشركات الكبرى على النظام الديموقراطي، وكانت اولى بوادره ايصال رئيس، كان عبارة عن ممثل هوليوودي الى البيت الابيض، هو رونالد ريغان.

ومنذ ريغان، عمل الرؤساء الاميركيون المتعاقبون على نسف قوانين الاتحادات العمالية والرعاية الاجتماعية، واستبدلوها بأخرى تعطي الافضلية للمتمولين واصحاب الشركات، فنمى اصحاب العمل على حساب العمال، واتسعت الفجوة بين الاغنياء والفقراء.

في الفيلم، يذهب مور الى وول ستريت مع شاحنة ومكبر للصوت. يصيح على الشركات لاعادة اموال دافعي الضرائب التي تقاضتها من الحكومة ابان الازمة المالية في العام 2008 لتفادي انهيارها، ويركن شاحنته ليملأها بأكياس مال دافعي الضرائب.

يختم مور، في فيلمه الذي انتجه في العام 2009، بالقول ان اصلاح اميركا يعني ثورة عن طريق صناديق الاقتراع، ويقول ان هذه نجحت بانتخاب باراك اوباما رئيسا.
اليوم، بعد ثلاثة اعوام على انتخاب اوباما، اصابت خيبة الامل انصاره، فانكفأوا في منازلهم في الانتخابات النصفية العام الماضي، وادى ذلك الى خسارة حزب اوباما الديمقراطي للاغلبية في الكونغرس.

الا ان هؤلاء الانصار، ومعظمهم من الشباب تقودهم جمعية "موف اون" ومقرها ولاية كاليفورنيا، فقدوا الامل من مقدرة اوباما، الذي تبدو عودته في ولاية ثانية اكثر صعوبة يوما بعد يوم، على التغيير، فذهبوا الى ارباب الرأسمالية في “وول ستريت”، هو الشارع حيث مقر سوق نيويورك للأسهم، التي يطلق عليها مور في فيلمه اسم “الكازينو الكبير” حيث لا تتبع المضاربة المالية اي قاعدة اقتصادية مفهومة.

اليوم، تصل اعداد الذين ينظمون حملة "احتلال وول ستريت" الى اكثر من الف شخص، يتقدهم مور نفسه ونفر من مشاهير هوليوود من اصدقائه. هذه التظاهرة في مدينة نيويورك قد تبدو قليلة العدد حتى الآن، ولكنها تمثل حتما تيارا اميركيا ينتفض على حكم المال ورجال الاعمال، ويطالب بالعودة الى حكم الصناعة والاتحادات العمالية، التي قادت فورة اميركا وبحبوحتها، والتي تقود اليوم صعود الصين.

لن يتحول "احتلال وول ستريت" الى ثورة عنفية، فالانقلابات في المفاهيم في الولايات المتحدة امر تنظمه القوانين وصناديق الاقتراع، وهو ما يجعل من هذه الحركة ثورة، او ربيعا على ما يحلو للخبراء تسمية تظاهرات هذا الزمن، ولكن بمواصفات اميركية بحتة.

هناك تعليق واحد:

  1. اشمعنا يعنى بيدعو الارهاب فى كل العالم العربى
    لاز ميشربوا من نفس الكاس شوية


    http://masrya.info/news/category/egypt-news

    ردحذف