الجمعة، 21 أكتوبر 2011

«ربيع أميركا» ... أمل أوباما

أوباما مترئساً اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض (رويترز)

| واشنطن من حسين عبد الحسين |

عندما أصدر الرئيس باراك اوباما تحذيراته الى الرئيسين المصري حسني مبارك والسوري بشار الاسد بضرورة قيادة عملية التغيير في بلديهما او التنحي، لم يكن يخطر في باله انه سيواجه السيناريو نفسه، وان المطلوب منه قيادة ثورة تعتمل في نفوس الاميركيين منذ ما قبل انتخابه رئيسا، او المجازفة بالخروج من البيت الابيض.
«ربيع اميركا» ثورة تقودها جمعيات شبابية، غالبية اعضائها من المتعلمين ممن يجدون صعوبة في سوق العمل. في دنيا العرب، يلقي زعماء الثورات باللائمة على الحاكم المتمسك بحكمه، او القوى الخارجية، او الاثنين معا، ويصورون للثوار ان مشاكلهم ستنتهي بمجرد خروج الحاكم وافول الامبريالية.
في الولايات المتحدة، الصورة مختلفة، فالاميركيون يختارون حاكمهم كل اربع سنوات، من دون انقطاع، منذ العام 1798. في هذا السياق، لم يكن انتخاب اوباما في العام 2008 مجرد فوز للحزب الديموقراطي، بل جاء مكللا بوعود التغيير الجذري في واشنطن، والانقلاب على المؤسسة الحاكمة، الجمهورية والديموقراطية، فنجح المرشح الشاب في سحق منافسه الجمهوري جون ماكين، كما غريمته الديموقراطية ابنة المؤسسة الحاكمة، هيلاري كلينتون.
هذه المؤسسة الحاكمة نجحت منذ وصول الرئيس الراحل رونالد ريغان الى البيت الابيض في العام 1980 بتغيير الاسس التي قامت عليها بحبوحة اميركا، فريغان حكم باسم اصحاب العمل، وساهم وحكومته في تقويض حقوق العمال، الذين يشكلون عصب الطبقة الوسطى، فاقفلت المصانع الاميركية، واتسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء، وهرب رأس المال الى الصين، حيث العمالة ارخص وهامش الربح اكبر. الا ان الاقتصاد الاميركي استمر في صعوده، مع وصول ريغان، على الرغم من بعض الكبوات، حتى سبتمبر 2008، تاريخ وقوع «الركود الكبير»، واضطرار الحكومة الى التدخل لحماية الشركات المالية وسوق الاسهم في «وول ستريت» في مدينة نيويورك من الانهيار التام.
اليوم، يقول خبراء الاقتصاد انه يظهر ان النهوض منذ زمن ريغان جاء على ظهر «فقاعة»، غذتها المضاربة في اسواق الاسهم وفي اسعار العقارات، فضلا عن الاستدانة الحكومية، والاعيب المصارف التي صارت ممكنة بعدما الغى الرؤساء والكونغرس، منذ ريغان، القوانين الناظمة لهذه المصارف ولحسن سير الاسواق. على ان الانهيار المالي لم يؤثر في اصحاب الاموال ورؤساء الشركات الكبرى، الذين تقاضوا مكافآت مالية حتى عندما طلبت شركاتهم اموالا حكومية لتفادي الانهيار الكبير، فيما وجد عامة الاميركيين انفسهم يخسرون اعمالهم ومنازلهم المرهونة التي استردتها المصارف.
ثار العامة، وحزبهم الديموقراطي، في وجه الشركات، وحزبهم الجمهوري، ونجح الاخير بفضل عبقرية احد ابرز اركانه المستشار الرئاسي السابق كارل روف في اقناع المحكمة العليا بأن الشركات هي «افراد» ولها الحرية في تسديد تبرعات لحملات مرشحي الكونغرس والمناصب الاخرى، من دون الكشف عن هويتها.
حركة الجمهوريين تلك قابلها تردد قاتل من باراك اوباما، الذي قضى وقتا طويلا، بعد مواجهته اليتيمة لتصديق قانون الرعاية الصحية، في محاولة استمالة الجمهوريين و«الناخبين غير الحزبيين» من بين الاميركيين. لم تفلح محاولات اوباما، وازداد الجمهوريون شراسة، بل ان مجموعة متطرفة منهم انشأت «حركة الشاي» التي الهمت المزيد من الحماسة في صفوف الحزب الجمهوري، فيما بقي انصار الحزب الديموقراطي، المصابين بخيبة امل من اداء اوباما، في منازلهم اثناء انتخابات الكونغرس العام الماضي، وجاءت النتيجة هزيمة مدوية لاوباما والديموقراطيين، وتاليا المزيد من التنازلات من اوباما للكونغرس الذي سيطر عليه الجمهوريون.
خيبة الامل في قواعد الديموقراطيين من امكانية مواجهة اوباما لرأس المال هي التي دفعتهم الى اخذ الامور بايديهم، فقرروا تنظيم حملة «احتلال وول ستريت»، وهذه عبارة عن تظاهرة مستمرة في ذلك الشارع في مدينة نيويورك ادت الى احتكاكات بين المتظاهرين وشرطة المدينة واعتقالات. الا ان المتظاهرين نظموا صفوفهم وقرروا عدم تجاوز القوانين والاستمرار بتحركهم الذي صار يجذب انتباها اكبر مع مرور الايام.
«اصحاب الاصوات الانتخابية في مواجهة اصحاب الاموال»، او «الديموقراطية في مواجهة الرأسمالية» هي العناوين التي قدمها القيمون على التظاهرة، والتي يبدو انها قد تتحول الى «ربيع اميركي» هدفه اعادة اميركا دولة صناعية لا مصرف مضارباً، وهي قد تؤدي الى تحريك قاعدة الحزب الديموقراطي المحبطة، وابقاء اوباما في البيت الابيض، واستعادة الحزب الديموقراطي للاكثرية في الكونغرس في انتخابات العام المقبل.
اوباما نفسه شعر بأن محاولاته في استمالة «المستقلين» باءت بالفشل، وان ارقام الاستطلاعات اظهرت حتمية هزيمته وخروجه من الحكم لولاية ثانية، فاستعاد خطابه للمواجهة، وقدم للكونغرس «خطة» لخلق وظائف، على الارجح انها ستصطدم برفض جمهوري، ولكنها ستمثل شكل المواجهة التي سيخوضها مع الجمهوريين لبقائه.
من يحرك «ربيع اميركا»؟ تشاء الصدف ان يرتبط القيمون على الثورة الاميركية بالقيمين على «ربيع العرب»، فجمعية «موف اون»، ومقرها كاليفورنيا، هي المحرك الاساسي لاحداث «احتلال وول ستريت». و«موف اون» هذه ساهمت في خلق حركة «آفاز» العالمية، ومقرها المانيا، والاخيرة نظمت حملة نجحت بموجبها بالغاء اقامة سباق «فورمولا وان» في البحرين هذا العام، وشاركت في مساندة الثورة المصرية، وتنظم حملة من اجل اقناع العالم بضرورة التصويت في الامم المتحدة لقيام دولة فلسطينية، حتى ان ممثلة «آفاز» شاركت في مؤتمر انطاليا الذي عقدته المعارضة السورية في مايو الماضي، واقامت اتصالا بالشباب السوري، عصب الثورة المندلعة ضد الاسد منذ منتصف مارس الماضي.
في مصر وسورية، يبدو سيناريو قيادة الحاكم للتغيير مستحيلا، وهو ما يجعل خروج الحاكم من السلطة شرطا مسبقا لاي تغيير في الاقتصاد والاجتماع والسياسة. اما في اميركا، فالثورة تنتظم بقوانين، ونجاحها يكون في صناديق الاقتراع، وتاليا في تغيير السياسات الحكومية لواشنطن.
قد يكون «ربيع العرب» هو نفسه «ربيع اميركا». الا ان الاول يعمل للاطاحة بالحاكم وكتابة عقد اجتماعي جديد يساوي بين المواطنين ويفرض مبدأ تداول السلطة، فيما الثاني يعمل من خلال العقد الاجتماعي القائم ويسعى الى احداث تغيير اما يقوده الحاكم، اي اوباما، او يخرج من الحكم.

هناك تعليقان (2):

  1. اوباما خائن اول من خان هو دينه الاسلام .. وثانى اعوانه

    ردحذف
  2. ابعدوااااااااااا عنها وهى تعمر

    ردحذف