الأحد، 13 نوفمبر 2011

عون يسوق لتجمع «أقلوي» يشمل اليهود

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

«اليهود، والدروز، والمسيحيون، والعلويون، والشيعة، والكرد». هذه مكونات تحالف شرق اوسطي يسوقه مستشارو النائب اللبناني ميشال عون، من المقيمين في واشنطن وزوارها، لدى اصدقائهم من مؤيدي دولة اسرائيل من يهود واميركيين، الذين صاروا يؤمنون بصحة هذا القول. اما الاعداء، فيتراوحون بين «المتطرفين السنة الارهابيين، والسلفيين عموما، والقاعدة، وحماس، والسنة في سورية ولبنان، و(رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد) الحريري». 
مناصرو اسرائيل يشككون اليوم، كما منذ العام 2005 وابان اندلاع الثورة السورية في مارس، بجدوى سقوط النظام السوري، ويحذرون من مغبة وقوع ترسانته الصاروخية في ايد «غير امينة» قد تؤذي اسرائيل. وكما يعبر الاسرائيليون عن خوفهم من انهيار نظام الرئيس السوري بشار الاسد، كذلك يبدي بعض المسيحيين في سورية ولبنان المخاوف نفسها. 
الخوف اذاً، يجمع مستشاري عون في واشنطن ومناصري اسرائيل. هذه الصداقة تمتد الى اكثر من عقد، وهي عاشت عهدها الذهبي في سبتمبر 2003، عندما زار عون العاصمة الاميركية وادلى امام الكونغرس بشهادة أيد فيها «قانون سيادة لبنان ومحاسبة سورية». هذه الصداقة العونية الاسرائيلية ما زالت مستمرة حتى اليوم، رغم دخول عون في تحالف مع « حزب الله » اللبناني ودمشق.
ونظرية مصالح الاقليات ليست مستجدة في منطقة الشرق الاوسط، فالانتداب الفرنسي قسم لبنان وسورية الى دويلات، واحدة للمسيحيين في لبنان، وواحدة للعلويين في شمال سورية، وللدروز في جنوبها، فضلا عن الدولة اليهودية برعاية انكليزية في فلسطين. 
وينقل بعض الاميركيين ممن شاركوا أخيرا في لقاء مع سياسي اسرائيلي كبير قوله ان عددا لا بأس به من الضباط العلويين في سورية كانوا يعتقدون بضرورة عقد تحالف في المنطقة يجمعهم مع يهود اسرائيل ومسيحيي لبنان في السبعينات والثمانينات، وان «تل ابيب على اتصال حاليا ببعض هؤلاء الضباط السوريين لتأكيد استمرار ثبات الوضع في سورية».
ويقدم هؤلاء الاميركيين ملاحظة مفادها ان «اسرائيل وحزب الله يتفقان على بعض السياسات في المنطقة، منها ضرورة بقاء نظام الاسد».
ويقول الاميركيون، نقلا عن المسؤول الاسرائيلي، ان بلاده «ما زالت متأرجحة في موقفها من تحالفات المنطقة منذ اغتيال (رئيس حكومة لبنان السابق رفيق) الحريري» في فبراير 2005، والتي اعادت رسم التحالفات في لبنان وسورية، «فيما اسرائيل مازالت مترددة في اختيار اي من المعسكرين يخدم مصالحها اكثر». ويضيف المسؤول: «لم ينقطع الاتصال مع السوريين في ذروة حربنا الثانية مع لبنان (يوليو 2006)، وحتى في الحرب في غزة (ديسمبر 2008)، وان كان هذا الاتصال غالبا غير مباشر وعبر اصدقاء مشتركين».
ويقول اميركي ممن حضروا الاجتماعات مع الاسرائيليين: «تفضل اسرائيل التحالفات المعتدلة في الخطاب السياسي»، مضيفا «لكنها تدرك ان التحالفات المعتدلة في سورية ولبنان والعراق ومصر لا انياب لها، وتاليا هي ترى ان في مصلحتها بقاء الانظمة والمجموعات التي تعاديها علنا، ولكنها تهادنها على ارض الواقع».
وكان مسؤولون اسرائيليون ويهود اميركيون كرروا علنا مخاوفهم من نجاح الثورة المصرية في الاطاحة بالرئيس حسني مبارك ونظامه، ومن ان يؤدي غيابه الى وصول اسلاميين متطرفين الى السلطة يهددون اتفاقية السلام وامن الحدود بين البلدين.
يضيف الاميركي: «جبهة اسرائيل الشمالية مع سورية هادئة منذ 37 عاما، ومع لبنان يسود الهدوء منذ خمسة اعوام ولا مصلحة لاسرائيل في اي تغيير يطرأ على ميزان القوى من شأنه ان يعكر صفو هذا الهدوء». ويقول: «العدو المنضبط خير من الصديق الضعيف، هكذا يفكر الاسرائيليون عندما يختارون مواقفهم من اضطرابات المنطقة». ويتابع: «حتى ايران قالت إن اسرائيل واميركا ستزولان فقط ان انهار نظام الاسد، وهذا ما يعني ان العكس هو الصحيح، اي انه كلما استمر نظام الاسد في الحكم في سورية، لا اخطار على اسرائيل او الولايات المتحدة».
هذا المشهد السياسي المتداخل والمعقد لصورة التحالفات في منطقة الشرق الاوسط، والتي يصبح فيها الاعداء اصدقاء مثل اسرائيل و«حزب الله»، يصعب فهمه من صانعي السياسة الخارجية الاميركية، ومعظمهم من البيروقرطيين والاداريين من غير الملمين تماما في شؤون المنطقة. وهذا التعقيد، مع البساطة الاميركية في التعاطي معه وانشغال ابرز عقول واشنطن في شؤون دولية اخرى وداخلية اكثر الحاحا، دفع ادارة الرئيس باراك اوباما الى «تلزيم» سياستها تجاه المنطقة الى من تعتبرهم حلفاءها، تتصدرهم اسرائيل وتركيا.
ففي الموضوع الفلسطيني تفويض اميركي كامل لاسرائيل لادارة الموضوع، بما فيه رسم موقف واشنطن في المؤسسات الدولية كالامم المتحدة، وفي الموضوع السوري، تفويض لتركيا وبعض الدول الاخرى التي «تقول اكثر مما تفعل»، وفق المسؤول الاميركي.

هناك تعليقان (2):