الجمعة، 23 ديسمبر 2011

هل يعود إبراهيم الجعفري رئيساً لحكومة العراق؟


| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

علمت «الراي» ان مسؤولين كبارا في الادارة الاميركية يدرسون جديا امكانية عودة رئيس كتلة التحالف الوطني العراقي ابراهيم الجعفري رئيسا للحكومة في العراق خلفا لنوري المالكي، الذي يبدو انه يعاني من نقص في الحلفاء داخل العراق وخارجه.
ويشعر المسؤولون في الادراة الاميركية بشكل عام بالحرج من تصرفات حليفهم المالكي، خصوصا بعد انقضاضه السياسي على نائب الرئيس طارق الهاشمي، فور عودته من زيارته الى واشنطن، فبدا وكأن الادارة الاميركية اعطته الضوء الاخضر للقيام بذلك، وهذا «غير صحيح» حسب المسؤولين المتابعين للملف العراقي.
تصرفات المالكي دفعت المسؤولين الاميركيين الى عقد لقاءات استعرضوا فيها الوسائل المتاحة لواشنطن للتعاطي مع الوضع العراقي المستجد، على اثر صدور مذكرة توقيف بحق الهاشمي. ويقول متابعون للوضع العراقي ان الولايات المتحدة كانت على علم بنوايا المالكي ضد الهاشمي منذ فترة، وانها حذرته من العواقب وابدت معارضتها الشديدة لخطوة من هذا النوع.
ونقل مشاركون في حفل تكريم قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال لويد اوستن، الثلاثاء الماضي، الذي حضره الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بيدن، ان احد مساعدي نائب الرئيس، وهو المكلف الملف العراقي، اقترب منه وهمس في اذنه حول التطورات في العراق، فما كان من بيدن الا ان رد بانفعال: «فعلها المالكي، الله في عون العراق».
ويقول مسؤول رفيع في الادراة: «المشكلة ان تصرف المالكي برمته يحرجنا، لانه حليف وصديق لواشنطن». ويتابع: «هناك مشكلة في ان ترى المالكي يطل في مؤتمر صحافي داعيا الى عدم تسييس قضية الهاشمي، ثم يطالب حكومة كردستان بتسليم الهاشمي».
وقال المسؤول الاميركي ان رفض التسييس يعني ان «تقوم المحاكم المستقلة الفيديرالية بالطلب من القضاء في اقليم كردستان بتسليم الهاشمي. ولكن عندما يقوم السياسي المالكي بتوجيه الطلب بتسليم الهاشمي، يكون هو من يسيس القضية لانه رئيس السلطة التنفيذية ويجب ان يبقى بعيدا عن عمل السلطة القضائية».
رسميا، حاول الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني التخفيف من حجم الازمة العراقية، وقال للصحافيين، الاربعاء، اي قبل يوم من وقوع الهجمات في بغداد التي اودت بحياة اكثر من 67 عراقيا اول من امس، ان لا علاقة للانسحاب الاميركي باعمال العنف، التي كانت تقع في الماضي على الرغم من وجود قوات اميركية على الاراضي العراقية.
واعتبر كارني ان لا علاقة «للمشاجرات السياسية» كذلك بالانسحاب الاميركي، فهذه المشاجرات كانت عندما كان في العراق «40 الفا و80 الفا و150 الف» جندي اميركي. 
على ان محاولة واشنطن النأي بنفسها علنا عن «المشاجرات» السياسية العراقية لا يعني انها لا تتابع الوضع عن كثب، وهو ماحدا بالرئيس الاميركي الى ايفاد، على وجه السرعة، مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي ايه) الجنرال دايفيد بترايوس الى العراق للقاء المالكي.
ورشح في واشنطن معلومات مفادها ان اوباما اوفد بترايوس لمعرفته الدقيقة بتفاصيل العراق ولعلاقته الجيدة بالاطراف كافة. كما افادت المعلومات نفسها ان بترايوس والفريق المكلف متابعة العراق قدما الى الرئيس باراك اوباما ثلاثة خيارات للخروج من الازمة العراقية.
الاول هو الطلب الى الكتلة الكردية، وهي من ابرز حلفاء واشنطن داخل العراق، القيام بوساطة وعقد لقاء يشارك فيه الاقطاب في العراق، على غرار اللقاء الذي انعقد قبيل التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المالكي، والتوصل الى حل «يعيد المياه الى مجاريها».
مشكلة هذا الخيار انه تكرار للحلول الماضية التي غالبا ما تكون قصيرة الامد وتعيد انتاج الازمات نفسها، كما ان الكرد قد يدخلون في مفاوضات ويخرجون بتنازلات من المالكي لمصلحتهم «ويتركون الطرف السني وحيدا خارج العملية السياسية»، حسب الرؤية الاميركية. 
الخيار الثاني هو التلويح بحل حكومة المالكي لحمله على التراجع عن سلسلة الاتهامات التي ما فتئ يوجهها الى خصومه السياسيين. وهنا تقول المصادر الاميركية انها «لا تصدق اتهامات المالكي للهاشمي»، وان «القضاء العراقي يلاحق الهاشمي ويسمح لمقتدى الصدر، المطلوب بقضايا امام القضاء، بالتجول حرا تحت عنوان المصالحة الوطنية التي دخل فيها مع المالكي». 
بامكان كتلتي العراقية والتحالف الكردستاني فرط الائتلاف الحاكم، تعتقد واشنطن، ولكن المشكلة تكمن في «العودة الى المربع الاول، مرحلة الفراغ الحكومي ما قبل تشكيل المالكي حكومته».
هكذا، يصبح الخيار الثالث فرط الحكومة، بالاشتراك مع الكتلة التي يرأسها الجعفري، وتشكيل حكومة برئاسة الجعفري ومن دون مشاركة كتلة «دولة القانون»، التي يرأسها المالكي، والتي بامكانها التحول الى المعارضة. ويعتقد اغلبية متابعي الملف العراقي في العاصمة الاميركية ان الجعفري يحوز حاليا على اجماع بين الاطراف السياسية العراقية وداخل مجلس النواب اكثر بكثير من المالكي.
وتضيف المصادر الاميركية، «ناقش مسؤول كردي كبير اخيراً هذه الخيارات مع احد النواب في كتلة التحالف الوطني العراقي، فاجابه هذا النائب ان خيار عودة الجعفري جيد، ولكن الافضل من ذلك هو المجيء برئيس حكومة جديد من كتلة التحالف الوطني العراقي، طارحا نفسه مرشحا لرئاسة الحكومة».
وختمت المصادر الاميركية بالقول انها لا تتوقع ان «تخرج الازمة في العراق من اطار المناكفات السياسية»، ولكنها تعتقد ايضا ان «هذه المرة، اخطأ المالكي، وهو ما قد ينعكس على وضعه السياسي».

هناك تعليقان (2):