الجمعة، 28 أكتوبر 2011

الحصان الجمهوري الأسود


حسين عبد الحسين
المجلة


في كأس العالم لكرة القدم يتم إطلاق تسمية “الحصان الأسود” على اي فريق يعكس التوقعات ويصل الى مرحلة نصف النهائي. في الولايات المتحدة، لولا اللّباقة السياسية المطلوبة وخصوصا على خلفية مراعاة الحساسيات العرقية التاريخية، لفاز المرشح الجمهوري هيرمان كاين بلقب “الحصان الأسود” بجدارة لقلبه تأخّره في استطلاعات الرأي تفوّقا، مما يجعل من فرص اقتناصه ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس باراك اوباما في انتخابات 2012 كبيرة جدا.
وما يجعل كاين منافسا جديا انه، على غرار اوباما، لديه قصة كي يرويها عن النجاحات التي حققها ليدرك “الحلم الأميركي” بالترقي من فقره الى بحبوحته، فهو ولد لأب كان يعمل فراشا وحلاقا للشعر وسائقا بالأجرة وأم كانت تعمل في تنظيف المنازل.
يقول كاين عن أبويه، اللذين نشآ في مزارع ترابية كان يعمل بها من تبقى من زمن العبودية، ان عائلته كانت فقيرة، ولكن مثابرة ومجتهدة في العمل، وفيها الكثير من الحب.
ولأن والد كاين كان مثابرا، فهو نجح بشراء منزل للعائلة، على الرغم من تواضع امكاناته، ثم أمدّ ولديه بالمال اللازم لدخول الكلية والتخرج منها بشهادات جامعية.
كاين عمل في البداية مهندسا للكومبيوتر في البحرية الاميركية، ومن ثم محاسبا في شركة كوكاكولا، لتستقدمه شركة بيتزا “العرّاب” ليترأسها، فنجح بقلب ادائها من شركة شبه مفلسة الى واحدة منافسة اخذت تتوسع بشكل مطرد.
وفي مرحلة لاحقة، عمل كاين مقدما لاحد البرامج الاذاعية التي حملت اسمه. وفي العام 2006، تم تشخيص اصابة كاين بسرطان الامعاء، الذي وصل الى كبده، ولكنه تعافى من مرضه الخبيث بعد علاج مضنٍ.
على ان عملية ترشيح كاين مازالت معقدة وفي بداياتها، فهو حتى لو استمر في تقدمه شعبيا، سيحتاج الى ان تقوم مؤسسة الحزب الجمهوري، التي يديرها “الثعلب” والمستشار الرئاسي السابق كارل روف، بتمويل هائل من المليارديرين الاخوين كوخ، الى تبنّيه.
يذكر ان الاخوين كوخ قاما حتى الآن بتمويل “حركة حفلة الشاي” اليمينية المتطرفة، وهما يقدمان “شيكا على بياض” لروف وجمعياته الانتخابية، المعلومة منها والمستترة.
تبني مؤسسة الحزب الجمهوري لكاين، الاسود، ستكون سابقة تاريخية، وقد نقل نفر من الاميركيين عن روف، في مجالسه الخاصة، قوله إنه لا يعارض شخصيا ترشيح كاين، لكنه يرى صعوبة فائقة في النجاح في تسويقه ليتم قبوله من القاعدة المحافظة للحزب التي يتألف معظمها من البيض الانجيليين، الذين غالبا ما يرفضون الاختلاط العرقي، بل يؤيدون تكريس الانقسام بين الاعراق، فيذهبون الى دور عبادة للبيض فقط، ويرسلون اولادهم الى مدارس للبيض حصريا كذلك.
وينقل عن روف انه ابدى انزعاجه من خلو “الملعب الجمهوري”، على حسب التسمية الرائجة في عالم السياسة الاميركية، من مرشحين يتمتعون بوزن سياسي وشعبي يذكر ويمكن المراهنة عليهم لمواجهة اوباما وإلحاق الهزيمة به.
ومع ان كثيرين اشاروا لروف الى وجود مرشحين جديين هما محافظ ولاية ماساشوستس السابق ميت رومني ومحافظ تكساس الحالي ريك بيري، فإن “عقل الحزب الجمهوري” روف اجاب ان الاول يتبع مذهب المرمون، وهو ما يعتبره عدد كبير من المحافظين الاميركيين بدعة وسيرفضون التصويت له. اما نقطة الضعف الثانية في رومني، حسب روف، فهي افتقاده للكاريزما وتقلب مواقفه منذ احترافه السياسة، وهو ما افقده المصداقية.
اما بيري، فهو من دون شك من المغضوب عليهم لدى روف لأن المؤسسة الجمهورية، وعمادها آل بوش الذين يعدون روف واحدا من عائلتهم، حانقون على بيري الذي بدأ مسيرته تحت جناح هذه العائلة، ثم تمرد عليها وطعنها في الظهر ليبني مسيرته السياسية مستقلا عنها، وهو ما لا يبدو ان روف مستعد لنسيانه، مما يعني حرمان بيري من الوصول الى مصادر التمويل الجمهورية الضرورية لتمويل اي حملة انتخابية رئاسية، والتي يتصدرها الاخوان كوخ وفي عدادها الكثير من كبار المتمولين الاميركيين الموالين للحزب والمستعدين لتسديد اي ثمن لاسقاط اوباما وحزبه الديمقراطي.

الخميس، 27 أكتوبر 2011

رايس استجدت الإسرائيليين وقف حرب 2006 ... وتشيني شجعهم من ورائها على الاستمرار

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

أكدت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس انها سعت جاهدة الى وقف حرب يوليو العام 2006 بين اسرائيل و»حزب الله» لانها شعرت ان تلك الحرب كانت ستقوض حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في لبنان، الا ان نائب الرئيس السابق ديك تشيني كان يتعامل مع الاسرائيليين من وراء ظهرها، وشجعهم على الاستمرار في الحرب.
كما عبرت عن ندمها لاستدعاء سفيرة الولايات المتحدة في سورية، مارغريت سكوبي، في فبراير العام 2005 اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
وكتبت رايس في كتاب مذكراتها «الشرف الاعلى»، امس، انه «اثناء حرب اسرائيل على لبنان في العام 2006، كنت عمليا استجدي الاسرائيليين لوقف هجماتهم على بيروت لاني شعرت ان تلك الهجمات كانت تضعف حكومة السنيورة الهشة اصلا». ورغم السعي الحثيث لرايس لانهاء الحرب، الا ان تشيني كان يتعامل مع الاسرائيليين في الخفاء و»من وراء ظهرها»، و»عبر عن دعمه لاستمرار الحرب». 
واضافت رايس انها «اشتعلت غضبا حينما علمت بما يفعله تشيني، الذي قال للرئيس السابق جورج بوش انه على الحرب ان تستمر. افعل ذلك وستصبح ميتا في الشرق الاوسط»، قالت رايس لتشيني، حسب ما جاء في كتابها، الذي ورد فيه ايضا ان بوش وقف الى جانبها وايدها في هذا الانقسام، كما ايدها في ضرورة انهاء الحرب الاسرائيلية على لبنان.
وعن قرار سحب سكوبي من دمشق، كتبت رايس: «في حينها، بدا القرار حكيما، ولكن على اثر سحبها، صار من الصعب اعادتها». واضافت انه في السنوات التي تلت سحب السفيرة، كان هناك مرات عدة «كان من المفيد ان يكون لنا سفيرا في سورية في حينه».
وفي رد ضمني على تشيني في كتاب مذكراته «في وقتي»، والذي اتهم فيه رايس باصرارها على العمل على انهاء الصراع العربي - الاسرائيلي قبل خروج ادارة بوش من الحكم في العام 2007 واقامتها مؤتمر انابوليس للسلام ودعوتها وفدا سوريا للمشاركة، قالت رايس ان «بوش نفسه هو الذي دفع سياسته تجاه الفسلطينيين بمنحى مختلف عن السياسة الاميركية التقليدية». 
واضافت: «لقد كان الرئيس بوش نفسه الذي دفع الى التغيير في سياسة الولايات المتحدة وقام بالمطالبة علنا، في العام 2002، باقامة دولة فلسطينية». وتابعت: «حينذاك تذمر الفريق العامل مع تشيني، فيما اعترض الاسرائيليون الذي ذهبوا الى حد الطلب من الرئيس تخفيف اللهجة واطلاق عليها اسم فلسطين الجديدة».
واضافت: «الا ان بوش رفض الطلب الاسرائيلي». وختمت انه «رغم من خطوة بوش الجريئة تلك، الا انك مهما فعلت من اجل السلام في الشرق الاوسط، لن يكون ذلك ابدا كافيا (من وجهة نظر) الاطراف العربية للصراع».

الأحد، 23 أكتوبر 2011

واشنطن: ميقاتي لن يفي بالالتزام بتمويل المحكمة

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

توقعت مصادر أميركية معنية بالشأن اللبناني ألا يفي رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي بوعود قطعها لواشنطن وعواصم غربية اخرى بأن يقوم لبنان بتوفير حصته المالية المطلوبة لعمل المحكمة الدولية. وقال مسؤولون في المحكمة انهم امهلوا ميقاتي حتى آخر الشهر الجاري لسداد الاموال المتوجبة على بيروت، او تذهب المحكمة الى الامم المتحدة، التي انشأتها، بشكوى ضد تخلف لبنان عن تسديد مستحقاته، مما يجعل الحكومة اللبنانية في حالة «تخلف» عن الالتزام بقرارات مجلس الامن.
وقالت المصادر ان «ميقاتي غالبا ما يغدق الوعود على من يلتقيهم من المسؤولين الاميركيين، وان كل هؤلاء» صاروا يعرفون انه لن يلتزم بها، وصاروا يطلقون عليه لقب «السيد كلام». 
ما هي الخطوات المتوقعة اميركيا في حال فشلت الحكومة اللبنانية في اقرار تأمين الاموال المستحقة عليها للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان؟ تقول المصادر الاميركية ان «مسؤولين في المحكمة جالوا مرارا على دول مختلفة لتأمين التمويل البديل»، وان «هذه الدول وعدت بزيادة مساهماتها لتغطية النقص اللبناني المتوقع». اما واشنطن، وهي اكبر المتبرعين غير لبنان، فهي تبحث ايضا الكمية الاضافية المطلوبة من الاموال لرصدها للمحكمة. 
ورغم ان الجمهوريين بقيادة رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس اليانا روس ليتنن تحاول تخفيض المساهمات الاميركية، وخصوصا تجاه الامم المتحدة، الى حدها الادنى، الا ان رصد الكونغرس مبالغ اضافية للمحكمة من المتوقع ان يكون محل اجماع للحزبين، مما يسهل تاليا عملية اقراره على الرغم من الخلاف بين الجمهورين والادارة الديموقراطية حول المبالغ الاخرى التي تنفقها واشنطن في سياستها الخارجية.
في السياق نفسه، حذرت المصادر الاميركية «من عواقب سياسية وخيمة على لبنان وحكومته في حال تخلفها عن دفع مستحقاتها للمحكمة». وقالت المصادر ان «المجتمع الدولي سيؤمن اموالا بديلة، الا انها ستأتي بثمن سياسي دولي باهظ على ميقاتي وحكومته».
على صعيد متصل، قال متمولون لبنانيون ان زيارة بطريرك الموارنة بشارة الراعي الى الولايات المتحدة تواجه مصاعب في حشد الاعداد اللازمة لاظهار التأييد له.
وقال احدهم ان القنصل اللبناني في نيويورك انطوان عزام المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، اقام حفل كوكتيل على شرف الراعي، اول من امس، وعمد الى توجيه عدد من الدعوات، الا ان نصف المدعوين قاطعوا الحفل، بسبب تصريحات للراعي يعتقد هؤلاء انها تصب في مصلحة بقاء الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه في الحكم. 
واضاف انه «اثناء زيارة (البطريرك السابق نصرالله بطرس) صفير، كان اللبنانيون يتزاحمون لتحصيل دعوة لحضور حفل القنصلية».
واوضح المتمول الذي رفض الكشف عن اسمه والذي تسلم دعوة لحضور حفل القنصلية ان «الكنيسة المارونية في نيويورك اقامت حفل جمع تبرعات يعود ريعه للانفاق على الخوارنة المتقاعدين في لبنان، الا انها واجهت متاعب كذلك لتأمين عدد كاف من الحضور والمتبرعين». 
وتابع ان المجموعة الوحيدة التي تحاول انجاح زيارة الراعي هي الموالية للتحالف السوري - اللبناني، التي تعقد على شرفه حفل غداء اليوم.

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

القذافي كان يسأل لماذا لا تزوره «أميرة أفريقيا» كوندوليزا رايس


| واشنطن من حسين عبدالحسين|

أوردت صحيفة «ذا دايلي بيست» الالكترونية مقتطفات من كتاب وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس المتوقع صدوره قريبا قالت فيها ان العقيد الليبي معمر القذافي «كان مسحورا بي شخصيا بشكل غريب»، وانه كان غالبا ما يتساءل امام زواره «لماذا لا تزوره اميرة افريقيا»، بالاشارة الى رايس.
واوردت وزيرة الخارجية السابقة ان القذافي قدم لها هدية عبارة عن شريط فيديو فيه صور لها برفقة زعماء العالم مثل الرئيس السابق جورج بوش، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والصيني هو جنتاو، وان الصور كانت ترافقها موسيقى اغنية «قوة سوداء في البيت الابيض».
رايس تحدثت عن زيارتها لطرابلس في العام 2008، الاولى من نوعها لوزير خارجية اميركي منذ العام 1953. وقالت ان الترتيبات التي سبقت الزيارة لم تكن سهلة، وتضمنت طلبا ليبيا في ان تلتقي الوزيرة القذافي في خيمته الشخصية، الا انها رفضت واصرت على لقائه في مكان سكنه الرسمي.
رايس قالت ايضا ان في سياق تحضيرها للزيارة عرجت على البرتغال والتقت نظيرها لويس امادو، صاحب المعرفة بشؤون ليبيا، فنصحها الاخير بأن تبدأ لقاءها مع القذافي بسؤاله عن افريقيا. ونقلت رايس عن امادو قوله: «لا تتفاجئي عندما يقول شيئا مجنونا اذ انه سيعود الى رشده بعد ذلك».
وبحسب الوزيرة السابقة، طلبت السلطات الليبية منها الانتظار في «الفندق الوحيد ذي الطراز الغربي» ابان زيارتها طرابلس في سبتمبر 2008. ثم تم استدعاؤها والوفد المرافق الى مقر القذافي، والتقته على وقع مئات فلاشات الكاميرات.
«القذافي قال كلمات قليلة مهذبة، وانا كذلك، وغادر الصحافيون». وقالت رايس انها عملة بنصيحة امادو، بدأت اللقاء بالحديث عن افريقيا والسودان. واضافت: «اللقاء يجري بشكل جيد، لا يبدو انه مجنون».
«ولكن»، تابعت رايس، «حسبما توقع امادو، توقف (القذافي) فجأة عن الكلام، وبدأ يهز رأسه الى الامام والى الوراء، (وقال) قولي للرئيس بوش ان يتوقف عن الحديث عن دولتي اسرائيل وفلسطين... نبح القذافي». واضاف العقيد الليبي، حسب رايس:
«عليها ان تكون دولة واحدة... اسراطين». وتقول رايس ان اجابتها على اقتراح اسراطين يبدو انها لم تعجب القذافي، فقام بطرد اثنين من المترجمين من الغرفة.
«حسنا، فكرت في نفسي، هذا هو القذافي»، كتبت رايس.
كذلك اشارت رايس الى ان زيارتها كانت اثناء شهر رمضان، وان «الاخ القائد» اصر ان يستبقيها على مائدة الافطار، ودعاها لترافقه الى مطبخه، من دون حرسها الشخصي، فاعترض المسؤول عن امنها، الا انها تجاهلت الاعتراض، وتناولت العشاء مع القذافي في مطبخه، ثم قام الاخير باهدائها شريط الفيديو الذي يظهرها مع زعماء العالم.

فيديو آخر كلمات القذافي قبل اعدامه: "حرام عليكم"، ومعدموه يجيبون: "ليش انت تعرف الحرام"

«ربيع أميركا» ... أمل أوباما

أوباما مترئساً اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض (رويترز)

| واشنطن من حسين عبد الحسين |

عندما أصدر الرئيس باراك اوباما تحذيراته الى الرئيسين المصري حسني مبارك والسوري بشار الاسد بضرورة قيادة عملية التغيير في بلديهما او التنحي، لم يكن يخطر في باله انه سيواجه السيناريو نفسه، وان المطلوب منه قيادة ثورة تعتمل في نفوس الاميركيين منذ ما قبل انتخابه رئيسا، او المجازفة بالخروج من البيت الابيض.
«ربيع اميركا» ثورة تقودها جمعيات شبابية، غالبية اعضائها من المتعلمين ممن يجدون صعوبة في سوق العمل. في دنيا العرب، يلقي زعماء الثورات باللائمة على الحاكم المتمسك بحكمه، او القوى الخارجية، او الاثنين معا، ويصورون للثوار ان مشاكلهم ستنتهي بمجرد خروج الحاكم وافول الامبريالية.
في الولايات المتحدة، الصورة مختلفة، فالاميركيون يختارون حاكمهم كل اربع سنوات، من دون انقطاع، منذ العام 1798. في هذا السياق، لم يكن انتخاب اوباما في العام 2008 مجرد فوز للحزب الديموقراطي، بل جاء مكللا بوعود التغيير الجذري في واشنطن، والانقلاب على المؤسسة الحاكمة، الجمهورية والديموقراطية، فنجح المرشح الشاب في سحق منافسه الجمهوري جون ماكين، كما غريمته الديموقراطية ابنة المؤسسة الحاكمة، هيلاري كلينتون.
هذه المؤسسة الحاكمة نجحت منذ وصول الرئيس الراحل رونالد ريغان الى البيت الابيض في العام 1980 بتغيير الاسس التي قامت عليها بحبوحة اميركا، فريغان حكم باسم اصحاب العمل، وساهم وحكومته في تقويض حقوق العمال، الذين يشكلون عصب الطبقة الوسطى، فاقفلت المصانع الاميركية، واتسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء، وهرب رأس المال الى الصين، حيث العمالة ارخص وهامش الربح اكبر. الا ان الاقتصاد الاميركي استمر في صعوده، مع وصول ريغان، على الرغم من بعض الكبوات، حتى سبتمبر 2008، تاريخ وقوع «الركود الكبير»، واضطرار الحكومة الى التدخل لحماية الشركات المالية وسوق الاسهم في «وول ستريت» في مدينة نيويورك من الانهيار التام.
اليوم، يقول خبراء الاقتصاد انه يظهر ان النهوض منذ زمن ريغان جاء على ظهر «فقاعة»، غذتها المضاربة في اسواق الاسهم وفي اسعار العقارات، فضلا عن الاستدانة الحكومية، والاعيب المصارف التي صارت ممكنة بعدما الغى الرؤساء والكونغرس، منذ ريغان، القوانين الناظمة لهذه المصارف ولحسن سير الاسواق. على ان الانهيار المالي لم يؤثر في اصحاب الاموال ورؤساء الشركات الكبرى، الذين تقاضوا مكافآت مالية حتى عندما طلبت شركاتهم اموالا حكومية لتفادي الانهيار الكبير، فيما وجد عامة الاميركيين انفسهم يخسرون اعمالهم ومنازلهم المرهونة التي استردتها المصارف.
ثار العامة، وحزبهم الديموقراطي، في وجه الشركات، وحزبهم الجمهوري، ونجح الاخير بفضل عبقرية احد ابرز اركانه المستشار الرئاسي السابق كارل روف في اقناع المحكمة العليا بأن الشركات هي «افراد» ولها الحرية في تسديد تبرعات لحملات مرشحي الكونغرس والمناصب الاخرى، من دون الكشف عن هويتها.
حركة الجمهوريين تلك قابلها تردد قاتل من باراك اوباما، الذي قضى وقتا طويلا، بعد مواجهته اليتيمة لتصديق قانون الرعاية الصحية، في محاولة استمالة الجمهوريين و«الناخبين غير الحزبيين» من بين الاميركيين. لم تفلح محاولات اوباما، وازداد الجمهوريون شراسة، بل ان مجموعة متطرفة منهم انشأت «حركة الشاي» التي الهمت المزيد من الحماسة في صفوف الحزب الجمهوري، فيما بقي انصار الحزب الديموقراطي، المصابين بخيبة امل من اداء اوباما، في منازلهم اثناء انتخابات الكونغرس العام الماضي، وجاءت النتيجة هزيمة مدوية لاوباما والديموقراطيين، وتاليا المزيد من التنازلات من اوباما للكونغرس الذي سيطر عليه الجمهوريون.
خيبة الامل في قواعد الديموقراطيين من امكانية مواجهة اوباما لرأس المال هي التي دفعتهم الى اخذ الامور بايديهم، فقرروا تنظيم حملة «احتلال وول ستريت»، وهذه عبارة عن تظاهرة مستمرة في ذلك الشارع في مدينة نيويورك ادت الى احتكاكات بين المتظاهرين وشرطة المدينة واعتقالات. الا ان المتظاهرين نظموا صفوفهم وقرروا عدم تجاوز القوانين والاستمرار بتحركهم الذي صار يجذب انتباها اكبر مع مرور الايام.
«اصحاب الاصوات الانتخابية في مواجهة اصحاب الاموال»، او «الديموقراطية في مواجهة الرأسمالية» هي العناوين التي قدمها القيمون على التظاهرة، والتي يبدو انها قد تتحول الى «ربيع اميركي» هدفه اعادة اميركا دولة صناعية لا مصرف مضارباً، وهي قد تؤدي الى تحريك قاعدة الحزب الديموقراطي المحبطة، وابقاء اوباما في البيت الابيض، واستعادة الحزب الديموقراطي للاكثرية في الكونغرس في انتخابات العام المقبل.
اوباما نفسه شعر بأن محاولاته في استمالة «المستقلين» باءت بالفشل، وان ارقام الاستطلاعات اظهرت حتمية هزيمته وخروجه من الحكم لولاية ثانية، فاستعاد خطابه للمواجهة، وقدم للكونغرس «خطة» لخلق وظائف، على الارجح انها ستصطدم برفض جمهوري، ولكنها ستمثل شكل المواجهة التي سيخوضها مع الجمهوريين لبقائه.
من يحرك «ربيع اميركا»؟ تشاء الصدف ان يرتبط القيمون على الثورة الاميركية بالقيمين على «ربيع العرب»، فجمعية «موف اون»، ومقرها كاليفورنيا، هي المحرك الاساسي لاحداث «احتلال وول ستريت». و«موف اون» هذه ساهمت في خلق حركة «آفاز» العالمية، ومقرها المانيا، والاخيرة نظمت حملة نجحت بموجبها بالغاء اقامة سباق «فورمولا وان» في البحرين هذا العام، وشاركت في مساندة الثورة المصرية، وتنظم حملة من اجل اقناع العالم بضرورة التصويت في الامم المتحدة لقيام دولة فلسطينية، حتى ان ممثلة «آفاز» شاركت في مؤتمر انطاليا الذي عقدته المعارضة السورية في مايو الماضي، واقامت اتصالا بالشباب السوري، عصب الثورة المندلعة ضد الاسد منذ منتصف مارس الماضي.
في مصر وسورية، يبدو سيناريو قيادة الحاكم للتغيير مستحيلا، وهو ما يجعل خروج الحاكم من السلطة شرطا مسبقا لاي تغيير في الاقتصاد والاجتماع والسياسة. اما في اميركا، فالثورة تنتظم بقوانين، ونجاحها يكون في صناديق الاقتراع، وتاليا في تغيير السياسات الحكومية لواشنطن.
قد يكون «ربيع العرب» هو نفسه «ربيع اميركا». الا ان الاول يعمل للاطاحة بالحاكم وكتابة عقد اجتماعي جديد يساوي بين المواطنين ويفرض مبدأ تداول السلطة، فيما الثاني يعمل من خلال العقد الاجتماعي القائم ويسعى الى احداث تغيير اما يقوده الحاكم، اي اوباما، او يخرج من الحكم.

آخر اخبار سوريا في "جمعة شهداء المهلة العربية" من قناة الجزيرة


آخر اخبار سوريا في "جمعة شهداء المهلة العربية" من قناة الجزيرة

الخميس، 20 أكتوبر 2011

ايران: نمر من ورق


حسين عبد الحسين

فيما لا ينفك ملالي طهران يتبجحون بقوتهم الصاروخية والعسكرية، ويتباهون بنجاح برنامجهم النووي، اظهرت دراسة قدمها “معهد العلوم والامن الدولي”، ومقره واشنطن، “تعثر اداء اجهزة الطرد المركزي آي آر 1 في معمل ناتانز” الايراني.
وقالت الدراسة، التي يشرف عليها الخبير المرموق دايفيد اولبرايت، انه “بعد 10 سنوات على انشاء موقع ناتانز للتخصيب، ما تزال امكانية ان ان تقوم ايران ببناء عشرات آلاف اجهزة الطرد، التي تحتاجها لصناعة القنبلة، بعيدة”.

وتقول الدراسة انها بنت استنتاجاتها على اداء اجهزة الطرد، وعلى المعلومات المتوافرة بحوزة “وكالة الطاقة الذرية”، وخلصت الى انه بسبب العقوبات الدولية، تجد ايران صعوبة في شراء نوع الفولاذ الذي تحتاجه اجهزة الطرد، مما يحد من قدرتها على صناعة وصيانة اجهزة جديدة وبالتالي يحد من كمية اليورانيوم المخصب الذي يمكنها انتاجه.

صحيفة “واشنطن بوست” رجحت ان الفشل الايراني النووي تسبب بإحباط ورعونة لدى القيادة الايرانية، ويمكن ان يكون دفعها الى تنظيم عملية على وجه السرعة لاغتيال سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن عادل الجبير.
وقال مسؤول رفيع للصحيفة رفض الكشف عن اسمه: “لقد اعتدنا على رؤيتهم (الايرانيون) يقومون بأفعال سيئة، ولكن مخطط اغتيال السفير امر غريب، وقد يكون مؤشرا على اليأس، او انعكاس لشعورهم انهم تحت الحصار”.

حتى الباحث في معهد بروكنغز والمؤيد في كتاباته لطهران عموما، ولي نصر، كتب في صفحة “سي ان ان” انه لو ثبتت صحة الاتهامات الاميركية لايران بعملية الاغتيال، “سيظهر المخطط فشلا اسطوريا في الحكم على الامور من قبل طهران.. بمثابة مغامرة جريئة ومتهورة سيتذكرها التاريخ كخطأ ضخم يضعف يد ايران دوليا، وممكن ان يؤدي الى انفلات الحكم داخليا من يد القيادة الحالية”.

ومنذ اعلان واشنطن عن المخطط الايراني لاغتيال السفير السعودي، يعمل الديبلوماسيون الاميركيون على اقناع عواصم العالم بضرورة تبني رزمة جديدة من العقوبات، تستهدف بشكل رئيسي البنك الايراني المركزي وعدد من كبار مسؤولي “الحرس الثوري”.
على ان بعض الباحثين، مثل شانون كايل، تعتقد انها “لن ترى الايرانيين يتراجعون اي شبر في برنامجهم النووي”.

ولكن هل يهم ان تراجعت ايران ام لم تتراجع في وقت يتعثر برنامجها ويزداد الحصار الدولي ضدها بسبب تصرفاتها ورعونتها الاقليمية والدولية؟

حتى اللحظة، لا يبدو ان الولايات المتحدة مستعدة لخوض حرب مباشرة ضد ايران. لكن لا يبدو ايضا ان واشنطن ستفكر يوما بالعودة الى سياسة مد اليد التي انتهجها الرئيس باراك اوباما منذ دخوله البيت الابيض في العام 2008، والتي اطلق عليها خبراء واشنطن في حينه اسم “التسوية الكبرى”.

السعي الى تلك التسوية ادى الى بقاء الادارة الاميركية بعيدة عن تقديم اي دعم، وإن معنويا، للثورة الخضراء التي اندلعت في وجه علي خامنئي ونظامه في حزيران / يونيو 2009.

اما من الآن فصاعدا، لا يبدو ان اي تسويات ممكنة بين واشنطن وطهران، والارجح ان تقوم الولايات المتحدة بتوظيف حجمها الديبلوماسي والسياسي الكبير لفرض المزيد من الحصار على ايران، وتاليا المزيد من التعثر الذي سيلحق بمقدرة خامنئي وصحبه على الاستمرار في المشاغبة الاقليمية والعالمية.

وفيما صار العالم بأجمعه يرى ان طهران لم تعد في موقع متقدم في مواجهة اميركا والعالم، وحدها القيادة الايرانية مازالت تكابر وتصر على قدراتها لخوض مواجهة فيما يصبح جليا يوما بعد يوم ان ايران ليست الا نمرا من ورق.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

عبدالحسين لفضائية "روسيا اليوم": لا علاقة لسوريا بالمواجهة بين اميركا وايران


في مقابلة على فضائية روسيا اليوم، اعتبر الباحث حسين عبد الحسين ان لا علاقة للمتظاهرين السوريين بالمواجهة الدائرة بين اميركا وحلفائها من جهة، وايران وحلفائها من جهة اخرى. 14 (تشرين اول) اوكتوبر 2011.

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

مصادر أميركية لـ «الراي»: المؤامرة الإيرانية تشبه إلى حد بعيد عملية اغتيال الحريري

| واشنطن من حسين عبد الحسين |

عن طريق المصادفة، اكتشف «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف بي اي) ان «الحرس الثوري الايراني» كان يعد لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجيبر، قبل حلول منتصف الشهر الحالي، بعبوة ناسفة معدة بمواد «سي 4» الشديدة الانفجار تستهدفه اثناء تناوله الطعام في احد المطاعم في العاصمة الاميركية. 
وقالت مصادر اميركية لـ «الراي» ان طريقة الاغتيال المزمع تنفيذها كانت تشبه الى حد بعيد عملية اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في بيروت في فبراير 2005، الذي تم استهداف موكبه بعبوة كبيرة مصنوعة من «سي 4». 
وفي التفاصيل الواردة في نص الادعاء الذي قدمه وزير العدل اريك هولدر، اول من امس، ان احد المخبرين الذين يعملون لمصلحة الـ «اف بي اي» داخل كارتيل المخدرات المكسيكي، الذي يقوم بتهريب هذه المواد الى داخل الولايات المتحدة، اتصل بالمسؤولين الاميركيين لابلاغهم ان الاميركي من اصل ايراني منصور عربسيار حاول ان يؤجر خدماته لتنفيذ عملية اغتيال الجبير مقابل مبلغ مالي مقداره مليون ونصف مليون دولار. 
وقام عربسيار بتحويل دفعة اولى بلغت 100 الف دولار الى المخبر المكسيكي، من مصرف غير ايراني الى حساب المخبر في الولايات المتحدة. ورجح خبراء اميركيون ان يكون المصرف، الذي رفض القرار الاتهامي تحديد مكانه، «اما اماراتيا او لبنانيا».
القاتل المأجور المزعوم طلب اثر ذلك من عربسيار ضمانات بتسديد المبلغ كاملا بعد الاغتيال، فقال الاخير انه سيحضر الى المكسيك ويقيم فيها تحت رحمة كارتيل المخدرات حتى تتم تنفيذ العملية، ثم يسدد هو باقي المبلغ. ووعد عربسيار العميل، حسب القرار الوارد في 21 صفحة، بتأمين كميات كبيرة من الافيون من ايران الى المكسيك. 
ثم طار عربسيار من طهران الى العاصمة المكسيكية عن طريق المانيا، وعندما وصل وجهته النهائية، رفضت السلطات المكسيكية ادخاله، فاستقل طائرة اخرى الى مطار كينيدي في نيويورك حيث تم القاء القبض عليه في 29 سبتمبر بموجب مذكرة قضائية اميركية تم اعدادها سلفا، ووجدت في حوزته جوازين اميركي وايراني، و3900 دولار نقدا، وتذكرة عودة من المكسيك الى طهران تاريخها في اوكتوبر.
على اثر اعتقاله، وافق عربسيار على التعاون مع التحقيق، وقام، بطلب من المحققين، بالاتصال مرتين بمن يدعي انه «ابن عمه»، المسؤول في «الحرس الثوري»
علي غلام شكوري، كانت الاخيرة حسب المصادر الاميركية في 4ا كتوبر. وكان شكوري طلب من عربسيار تأجير خدمات القاتل المكسيكي في ربيع 2011 اثناء جلسة عقدها الاثنان في ايران. وعمل المحققون على تسجيل الحديث بين الرجلين، ليتوصلا الى نتيجة مفادها ان خطة اغتيال الجبير اشرف عليها شكوري بموافقة من مسؤولين ايرانيين رفيعين، قالت المصادر الاميركية ان احدهم هو مسؤول «فيلق القدس» في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، الذي يعمل بأوامر مباشرة من مرشد الثورة على خامنئي.
وتعتقد المصادر الاميركية ان سليماني يشرف على «العمليات الخارجية» للحرس الثوري، وسبق للمسؤولين الاميركيين ان اتهموه بالاشراف على اعمال العنف في العراق، وبالمحاولة بالتلاعب بالانتخابات العراقية الاخيرة على اثر عقد اجتماعات مع السياسي احمد الجلبي ومسؤول لجنة اجتثاث البعث، الذي تم اغتياله فيما بعد، علي اللامي. كما يعتقد الاميركيون ان سليماني يعمل على تنسيق العلاقة الايرانية مع «حزب الله» اللبناني.
بعد اكتشاف الاجهزة الاميركية لتفاصيل الخطة الايرانية، قامت واشنطن بالاتصال بالرياض فورا. وكتب دايفيد اغناتيوس في «واشنطن بوست»، امس، ان مستشار الامن القومي توم دونيلون طار الى الرياض سرا، وعقد اجتماعا مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لاطلاعه على التفاصيل. وحسب اغناتيوس، فقد اتفق الحليفان على تعزيز «المجهود المشترك لاحتواء الايرانيين، بما في ذلك ابرام صفقة بيع اسلحة اميركية» الى السعودية.
وقالت مصادر في وزارة الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة «ترى الفرصة سانحة للذهاب الى عواصم العالم، وطلاعها على تفاصيل عملية الاغتيال، ومحاولة اقناعها بممارسة المزيد من العزل الدولي ضد ايران الى اقصى حد ممكن».

قتلة إيران المأجورون في واشنطن

منصور عربسيار
حسين عبد الحسين

طغت أنباء محاولة “الحرس الثوري” الإيراني تنفيذ عملية اغتيال ضد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير على سواها من الأخبار المحلية، بما فيها الندوة الثالثة للمرشحين الجمهوريين للرئاسة التي تم عقدها امس. واثارت الأنباء عن العملية العديد من التساؤلات، بقي عدد كبير منها من دون اجابات.
الا أن المعلوم هو ان واشنطن اكتشفت مخطط الاغتيال الايراني عن طريق المصادفة، وايضا ان الولايات المتحدة ستربح الكثير من كشفها للمخطط، اذ سيقوم دبلوماسيوها، حسب الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” دايفيد اغناتيوس، بالعمل على حث عواصم العالم على التوصل الى اقصى حد ممكن من العقوبات على ايران.

وكان وزير العدل اريك هولدر قد كشف في مؤتمر صحافي، امس، ان الإيراني الأميركي منصور عربسيار، قام بتوجيه من المسؤول في “الحرس الثوري” علي غلام شكوري، بتسديد مبلغ 100 الف دولار الى من كان يحسبه من القتلة المأجورين من العاملين في كارتيل تهريب المخدرات من المكسيك الى الولايات المتحدة، طالبا اليه تنفيذ اغتيال الجبير اثناء تناوله للطعام في احد مطاعم واشنطن.

الا انه تصادف ان يكون القاتل المأجور عميلا سريا لـ”مكتب التحقيقات الفيدرالي” (أف بي آي)، فأعلمهم بالامر، فطلبوا اليه مجاراة عربسيار. ثم عمل العميل على استدراج عربسيار الى المكسيك، التي رفضت ادخاله، فطار الى نيويورك، حيث تم اعتقاله في 29 سبتمبر، وحيث وافق على التعاون مع التحقيق، واجرى اتصالين بشكوري، قام المحققون الاميركيون بتسجيلهما، وكان آخرهما في 4 اوكتوبر.

“لماذا تريد ايران اغتيال السفير السعودي في واشنطن”؟ يتساءل المحلل الايراني في “راند كوربورايشن” علي رضا نادر. لا اجابة واضحة حول الاسباب الكامنة خلف النوايا الايرانية لتنفيذ الجريمة، مما دفع معلقين اميركيين للاعتقاد انه لربما تحاول بعض الفصائل داخل المؤسسة الحاكمة في ايران، الخروج من مآزقها السياسية الداخلية، فترتكب حماقات دولية.
لكن من وجهة النظر الاميركية السائدة، فإن ايران “ليست غريبة عن العمليات الارهابية حول العالم”. وسبق لواشنطن ان اتهمت ايران بتنفيذ عمليات قتل وتفجير في كل من العراق ولبنان وافغانستان وبعض الدول الخليجية. “ربما تشعر ايران ان احتمال انهيار حليفها العربي الوحيد بشار الأسد في سورية يدفعها لإشعال أزمات حول العالم”، يقول معلقون آخرون.

كانت ما تكون هذه النوايا، فإن المعلوم ان طهران ارتكبت خطأ قاتلا في محاولتها هذه، ولعل نتائج فعلتها وردود الفعل الاميركية والعربية والدولية ضدها ستكون كبيرة ولا سابق لها، او على الاقل هذا هو الشعور السائد في اوساط القائمين على السياسة الخارجية الاميركية.
وجاءت اولى ردود الفعل من نائب الرئيس جو بايدن، الذي وصف المحاولة بالـ”الفعل الشائن” خلال برنامج “صباح الخير اميركا” على شبكة “اي بي سي”. وقال بايدن ان المخطط “فاق كل التصورات” وان بلاده لا تستبعد اي خيارات ضد ايران، بما فيها الخيار العسكري. واعتبر بايدن ان المخطط الايراني هو بمثابة اعلان حرب، وان واشنطن تعمل على “توحيد الرأي العالمي” ضد ايران في اطار ردة الفعل على مخطط طهران.

كذلك، اعطت الأنباء حول المخطط الايراني لاغتيال السفير السعودي دفعا لليمين الاميركي المطالب دوما بتوجيه ضربة عسكرية استباقية لايران. وفي هذا السياق، اعتبر هيرمان كاين، المرشح الافريقي الاميركي الذي يسطع نجمه حاليا بين الجمهوريين الطامحين الى الرئاسة، ان “ايران لا تفهم الا لغة قوتنا العسكرية”. وقال اثناء الندوة الاخيرة للمرشحين الجمهوريين: “للاسف تعتقد ايران ان في مقدرتها ان تفعل ما حاولت فعله (مخطط الاغتيال)، وانه لن تكون لدينا ردة فعل لأنهم يرون الرئيس (باراك اوباما) رئيسا ضعيفا”.

الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

فيديو مقابلة قناة الجزيرة مع برهان غليون: الاسد يسير في طريق الانتحار

بلاحدود واحمد منصور في مقابلة مع الناطق باسم المجلس الوطني السوري برهان غليون على قناة الجزيرة. الجزء الاول.

بلاحدود واحمد منصور في مقابلة مع الناطق باسم المجلس الوطني السوري برهان غليون على قناة الجزيرة. - الجزء الثاني.

ما الذي يحدث في وول ستريت؟

لا يوجد من هو أكثر عبودية من ذلك الذي يعتقد خطأ أنه حرّ
حسين عبد الحسين

لمن تثير احداث "احتلال وول ستريت"، الذي يقوم به قرابة الف ناشط وناشطة اميركيين في مدينة نيويورك “حشريتهم”، ما عليهم الا مشاهدة وثائقي “الرأسمالية” للمخرج مايكل مور، الذي يعتبر فيه ان الشركات المالية الاميركية نجحت في تقويض النظام الاقتصادي الاميركي الذي كان قائما على الصناعة، واستبدلته بآخر مبني على الخدمات المالية والمصرفية.

يصف مور، وهو ابن الولاية الصناعية ديترويت، نشأته، ويقول ان والده عمل في مصانع السيارات، وكان مدخوله كافيا لعائلتهم المؤلفة من ثلاثة اولاد، وكانوا يأخذون عطلا سنوية في كل صيف. ويعود مور ووالده الى المعمل القديم، الذي اصبح ركاما اليوم. هذه هي حال اميركا بفضل الانقلاب الذي قامت به الشركات الكبرى على النظام الديموقراطي، وكانت اولى بوادره ايصال رئيس، كان عبارة عن ممثل هوليوودي الى البيت الابيض، هو رونالد ريغان.

ومنذ ريغان، عمل الرؤساء الاميركيون المتعاقبون على نسف قوانين الاتحادات العمالية والرعاية الاجتماعية، واستبدلوها بأخرى تعطي الافضلية للمتمولين واصحاب الشركات، فنمى اصحاب العمل على حساب العمال، واتسعت الفجوة بين الاغنياء والفقراء.

في الفيلم، يذهب مور الى وول ستريت مع شاحنة ومكبر للصوت. يصيح على الشركات لاعادة اموال دافعي الضرائب التي تقاضتها من الحكومة ابان الازمة المالية في العام 2008 لتفادي انهيارها، ويركن شاحنته ليملأها بأكياس مال دافعي الضرائب.

يختم مور، في فيلمه الذي انتجه في العام 2009، بالقول ان اصلاح اميركا يعني ثورة عن طريق صناديق الاقتراع، ويقول ان هذه نجحت بانتخاب باراك اوباما رئيسا.
اليوم، بعد ثلاثة اعوام على انتخاب اوباما، اصابت خيبة الامل انصاره، فانكفأوا في منازلهم في الانتخابات النصفية العام الماضي، وادى ذلك الى خسارة حزب اوباما الديمقراطي للاغلبية في الكونغرس.

الا ان هؤلاء الانصار، ومعظمهم من الشباب تقودهم جمعية "موف اون" ومقرها ولاية كاليفورنيا، فقدوا الامل من مقدرة اوباما، الذي تبدو عودته في ولاية ثانية اكثر صعوبة يوما بعد يوم، على التغيير، فذهبوا الى ارباب الرأسمالية في “وول ستريت”، هو الشارع حيث مقر سوق نيويورك للأسهم، التي يطلق عليها مور في فيلمه اسم “الكازينو الكبير” حيث لا تتبع المضاربة المالية اي قاعدة اقتصادية مفهومة.

اليوم، تصل اعداد الذين ينظمون حملة "احتلال وول ستريت" الى اكثر من الف شخص، يتقدهم مور نفسه ونفر من مشاهير هوليوود من اصدقائه. هذه التظاهرة في مدينة نيويورك قد تبدو قليلة العدد حتى الآن، ولكنها تمثل حتما تيارا اميركيا ينتفض على حكم المال ورجال الاعمال، ويطالب بالعودة الى حكم الصناعة والاتحادات العمالية، التي قادت فورة اميركا وبحبوحتها، والتي تقود اليوم صعود الصين.

لن يتحول "احتلال وول ستريت" الى ثورة عنفية، فالانقلابات في المفاهيم في الولايات المتحدة امر تنظمه القوانين وصناديق الاقتراع، وهو ما يجعل من هذه الحركة ثورة، او ربيعا على ما يحلو للخبراء تسمية تظاهرات هذا الزمن، ولكن بمواصفات اميركية بحتة.

Since December 2008