الخميس، 5 يناير 2012

الثورة السورية بعيون أميركية

المراقبون العرب في سوريا: نجاح ام فشل؟
حسين عبد الحسين
المجلة

تتداول الأوساط السياسية في العاصمة الأميركية، رواية مفادها، أنه إبان وقوف قوات معمر القذافي على أبواب بنغازي استعدادا لاجتياحها، أرسل الرئيس باراك اوباما عددا من مساعديه لعقد اجتماعات مع اعضاء في الكونغرس من قياديي الحزبين، وقدم المسؤولون في الادارة عرضا للوضع في ليبيا، واسهبوا في شرح الخطة العسكرية التي اعدتها وزارة الدفاع للتدخل لحماية هذه المدينة المنتفضة ضد القذافي وقواته.

بعد ساعات من النقاش المستفيض، ساد الصمت، فسأل احد اعضاء مجلس الشيوخ: “من الذي سيسدد لنا فاتورة اعمالنا الحربية هناك؟” غياب الاجابة عن السؤال اثنى ادارة اوباما عن التدخل منفردة في ليبيا، ودفعها الى الاتصال بحلفائها الأوروبيين في تحالف الناتو لشن حملة عسكرية لعبت واشنطن دورا كبيرا فيها، ولكنها لم تكن الوحيدة.
اليوم، لا تبدو اوروبا، التي تعاني من مصاعب مالية، في عجلة من امرها لتمويل حملة عسكرية مشابهة في سوريا، وهو ما جعل المجتمع الدولي، وواشنطن في طليعته، يكتفي بدور المراقب لأحداث الثورة الشعبية المطالبة بانهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد والمندلعة منذ منتصف آذار (مارس) الماضي.

منذ ذلك الوقت، لم تقدم حكومة الولايات المتحدة، لا في السر ولا في العلن، اي تصور حول كيفية الخروج من الازمة، بل ظهر دبلوماسيوها كمحللين سياسيين، غالبا ما يتنبؤون بحتمية انهيار النظام السوري، وفي احيان اخرى، يتحدثون عن مخاطر هذا الانهيار، ويطالبون الثورة بالحفاظ على طابعها السلمي، على الرغم من مقتل اكثر من ستة آلاف سوري حتى الآن.

ولتبرير تقاعسها عن تدخلها عسكريا لحماية المدنيين السوريين، قامت واشنطن بوضع شروط بدت تعجيزية، فطالبت اولا بقيام جبهة معارضة شاملة موحدة، فيها معارضون حاليون ومعارضون محتملون ممن ما زالوا يؤيدون الأسد، خصوصا من بين الاقليات الدينية. بعد قيام “المجلس الوطني السوري”، رأت واشنطن في مبادرة “جامعة الدول العربية” مبررا كافيا لبقائها في الظل، او على حد وصف “قيصر السياسة السورية” فردريك هوف، الذي اعتبر أن مبادرة ارسال مراقبين عرب الى سوريا “هي اللعبة الوحيدة المتاحة”.


بعد اكثر من اسبوع على دخول بعثة المراقبين العرب سوريا، واستمرار القتل اليومي وسقوط المدنيين، وجدت واشنطن نفسها محرجة مرة اخرى، فأكثرت من تصاريح مسؤوليها الداعية الى تنحي الأسد، وقامت للمرة الاولى بتشكيل لجنة من مسؤولين في وزارات الخارجية والدفاع والمالية. وقال خبراء اميركيون ان الادارة ابقت اللجنة بعيدة عن الأنظار، الا ان الأصح يبدو ان اللجنة خجولة بموقف بلادها المتقاعس، وليس لديها ما تظهر به اعلاميا.

كيف تعتقد واشنطن ان الأزمة في سوريا ستنتهي؟ افضل الخيارات هو تدخل عسكري تركي، فتركيا في وضع اقتصادي مريح، وصاحبة المصلحة الاولى بالتعجيل في رحيل الأسد لعودة الاستقرار. السيناريو الثاني الذي يتحدث عنه المسؤولون الاميركيون هو اعادة تنشيط الدبلوماسية في الامم المتحدة، ربما بطلب من “جامعة الدول العربية” على اثر الفشل المتوقع للجنة المراقبين في وقف اعمال القتل.

كيفما اتفق، ترغب واشنطن في رؤية الأسد يرحل كخطوة اولى لانتقال سوريا الى حكم ديمقراطي، ولكنها ليست مستعدة للقيام بأي خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، في وقت تكثر الدراسات التي تتحدث عن تناقص في الاهتمام الاميركي بالشرق الاوسط عموما وتزايد في الاهتمام لمواجهة القوة الصينية الصاعدة في منطقة شرق آسيا وجنوبها.
“في ليبيا نفط وفي سوريا زيت زيتون”، هي دعابة قالها احد الدبلوماسيين الاميركيين (بالانكليزية، الكلمتان هي “اويل”) للدلالة على انه في غياب الاهمية الاستراتيجية لسوريا، لا حماسة لدى واشنطن لقيادة اي حملة عسكرية للتعجيل في سقوط نظام الأسد، ولا حتى “القيادة من الخلف” لحملة عسكرية، على غرار ما حدث في ليبيا، على حد تعبير كبار مسؤولي ادارة اوباما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق