| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قد يعتقد البعض ان قوة الولايات المتحدة في انحدار دفع رئيسها باراك اوباما، اول من امس، الى اعلان تقليص الانفاق الدفاعي. لكن الارقام تظهر انه حتى لو التزمت واشنطن أقصى مراحل التقشف وخفضت موازنتها السنوية من 712 مليار دولار حاليا الى 550 مليارا مع حلول العام 2013، ستبقى موازنتها العسكرية الاكبر في العالم وقوتها الاكثر تفوقا بما لا يقاس.
ويقول احد المعلقين العسكريين على شبكة «ام اس ان بي سي» انه «في العام 2000، كانت القوة العسكرية الاميركية لا تضاهى حول العالم، وبلغت موازنتها آنذاك 312 مليارا». وتابع: «في العام 2013، ستبقى اميركا القوة العسكرية الاولى في العالم بموازنة 550 مليار دولار». هذه هي نظرة اوباما وفريقه الى ما اطلق عليه الرئيس الاميركي سياسية «ترشيق» القوة العسكرية الاميركية بجعلها اصغر حجما واكثر تطورا وفاعلية.
التخفيض الاولي في موازنة وزارة الدفاع (البنتاغون) والبالغ 483 مليونا على مدى العقد المقبل، اي نحو 48 مليار دولار سنويا، قدمه الوزير السابق روبرت غيتس، الذي علل قراره حينذاك عندما ضرب مثالا على التفوق الاميركي في البحر. وقال: «حجم قوتنا البحرية هو بحجم القوات البحرية للدول الثلاثة عشر الاقوى في العالم مجتمعة». واضاف: «11 من اصل هذه الدول الـ 13 هي دول صديقة وحليفة».
غيتس كان بدأ بتخفيض موازنة وزارته لتصبح «اكثر عقلانية»، وحتى «تقوم الوزارة بالتخفيض بدلا من ان يفرض الكونغرس تخفيضا الزاميا»، على حد تعبيره. كان غايتس يعتقد انه من الطبيعي ان تنخفض موازنة اميركا العسكرية مع انتهاء الاعمال الحربية في العراق وافغانستان.
بدوره، قدم «مكتب الموازنة في الكونغرس» تقريرا العام الماضي اعتبر فيه ان انهاء الحربين في العراق وافغانستان من شأنه ان يوفر مبلغ ترليون ونصف الترليون على الخزينة الاميركية في العقد القادم.
بيد ان نهاية الانفاق العسكري في العراق وافغانستان، وقيام غيتس بتخفيضات في وزارته من تلقاء نفسه، لم يعف وزارة الدفاع من غضب الاميركيين الذين تعاني موازنتهم العامة ارتفاعا في الدين العام من 5 ترليون في العام 2000 الى 15 ترليون دولار في العام 2011.
وسط ارتفاع المديونية الاميركية، علت الاصوات، وخصوصا من اعضاء الكونغرس في الحزب الديموقراطي، مطالبة بتخفيض الموازنة العسكرية واستخدام الاموال في قطاعات مدنية وحيوية اكثر من اجل عودة الاقتصاد الاميركي الى النمو.
حاول الحزب الجمهوري، المؤيد دوما للقطاع الصناعي - العسكري، الدفاع عن وجهة النظر القائلة بضرورة الابقاء على الانفاق العسكري مرتفعا من اجل «استمرار التفوق» الذي يحمي المصالح الاستراتيجية الاميركية حول العالم»، حسب معظم قياديي الحزب.
الا ان اوباما اصر على ان حجم ميزانية الدفاع اكبر حتى مما كان عليه في زمن الرئيس الجمهوري الراحل ومعبود حزبه اليوم رونالد ريغان.
لكن هل يتأثر التفوق العسكري حول العالم بالتخفيضات التي اعلنها اوباما، وتلك المتوقعة في العام 2013 والبالغة 600 مليار دولار على مدى العقد المقبل، حسب اتفاق الكونغرس الذي انهى الخلاف حول رفع سقف الدين العام في شهر اغسطس الماضي؟
الاجابة تبدو سلبية، فالانفاق العسكري الاميركي تضخم كثيرا في العقد الماضي بسبب مشاريع لا تتعلق بالشؤون العسكرية، اذ قامت وزارة الدفاع التي اشرفت على الحربين في العراق وافغانستان بصرف اموال من اجل تشييد مدرسة في هذه القرية العراقية، ومستشفى في تلك القرية الافغانية.
ثم ان الحربين المذكورتين ادتا الى تضخم لا مبرر له في الادارات المدنية للبنتاغون والقيادة العسكرية، اذ كثر عدد المترجمين والمحاسبين واصحاب المهن الاخرى غير الضرورية لاستمرار التفوق العسكري الاميركي. ومع ازدياد عدد المتعهدين من غير العسكريين، ارتفعت نسبة الفساد وصارت شركات كثيرة، بعضها وهمية، تختبأ خلف الانفاق العسكري الاميركي.
والتضخم في الانفاق العسكري الذي رافق الحربين على مدى العقد الماضي بني على فكرة مفادها بان الولايات المتحدة لن تشن حروبا وتخرج، بل ستعمل، حسب نظرية المجموعة السياسية التي تم اطلاق اسم «المحافظين الجدد» عليها، على «بناء الاوطان التي تحتلها». هذا البناء المزعوم، والذي انتهى بنتائج كارثية من وجهة النظر الاميركية، ساهم ايضا بارتفاع هائل في موازنات وزارة الدفاع. هذا التضخم هو الذي يحاول اوباما اليوم ترشيقه بتخفيض الموازنات المقبلة.
في المحصلة، من المتوقع ان تنخفض موازنة الدفاع الاميركية بما مجموعه مليار دولار على مدى العقد المقبل، اي بواقع مئة مليار سنويا، وهو ما من شأنه ان يساهم في لجم الدين العام الهائل من دون ان يؤثر في التفوق العسكري الاميركي.
وزارة الدفاع اعلنت ان التخفيضات لن تطال عددا من القطاعات مثل القوتين الجوية والبحرية. كذلك، افادت التقارير ان وزارة الدفاع رصدت زيادات في موازنات الاستخبارات وعمليات الطائرات من دون طيار وقطاعات حروب الفضاء وامن الانترنت.
اما الضحية الاولى للتخفيضات، غير المتعهدين من غير العسكريين، فهي قوات المشاة اذ من المتوقع ان ينخفض عديد هؤلاء من 570 الف جندي حاليا الى 490 الفا في السنوات القليلة المقبلة.
في هذه الاثناء، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر عسكرية ان واشنطن لا تنوي ابقاء قواتها مستعدة لخوض اكثر من حرب برية واحدة، والمكان الوحيد المرجح هو مواجهة مع الصين في كوريا الشمالية. اما المواجهات الاخرى، ان كانت في حرب اميركا على الارهاب او ضد القوة الصينية الصاعدة، فالاولى تعتمد على الاستخبارات والقوات الخاصة، فيما تستند الثانية على القوتين الجوية والبحرية الاميركية اللتين مازالتا تتمتعان بتوفق كبير على نظيريها الصينية».
هل تنذر عودة موازنة وزارة الدفاع الاميركية الى مستوى يبلغ قرابة ضعفي موازنة العام 2000 بضمور قوة اميركا العسكرية العظمى؟ الاجابة الاصح تبدو عكس ذلك في زمن يغلب فيه مفهوم «النوعية والترشيق» على «الكمية والحجم».
ويقول احد المعلقين العسكريين على شبكة «ام اس ان بي سي» انه «في العام 2000، كانت القوة العسكرية الاميركية لا تضاهى حول العالم، وبلغت موازنتها آنذاك 312 مليارا». وتابع: «في العام 2013، ستبقى اميركا القوة العسكرية الاولى في العالم بموازنة 550 مليار دولار». هذه هي نظرة اوباما وفريقه الى ما اطلق عليه الرئيس الاميركي سياسية «ترشيق» القوة العسكرية الاميركية بجعلها اصغر حجما واكثر تطورا وفاعلية.
التخفيض الاولي في موازنة وزارة الدفاع (البنتاغون) والبالغ 483 مليونا على مدى العقد المقبل، اي نحو 48 مليار دولار سنويا، قدمه الوزير السابق روبرت غيتس، الذي علل قراره حينذاك عندما ضرب مثالا على التفوق الاميركي في البحر. وقال: «حجم قوتنا البحرية هو بحجم القوات البحرية للدول الثلاثة عشر الاقوى في العالم مجتمعة». واضاف: «11 من اصل هذه الدول الـ 13 هي دول صديقة وحليفة».
غيتس كان بدأ بتخفيض موازنة وزارته لتصبح «اكثر عقلانية»، وحتى «تقوم الوزارة بالتخفيض بدلا من ان يفرض الكونغرس تخفيضا الزاميا»، على حد تعبيره. كان غايتس يعتقد انه من الطبيعي ان تنخفض موازنة اميركا العسكرية مع انتهاء الاعمال الحربية في العراق وافغانستان.
بدوره، قدم «مكتب الموازنة في الكونغرس» تقريرا العام الماضي اعتبر فيه ان انهاء الحربين في العراق وافغانستان من شأنه ان يوفر مبلغ ترليون ونصف الترليون على الخزينة الاميركية في العقد القادم.
بيد ان نهاية الانفاق العسكري في العراق وافغانستان، وقيام غيتس بتخفيضات في وزارته من تلقاء نفسه، لم يعف وزارة الدفاع من غضب الاميركيين الذين تعاني موازنتهم العامة ارتفاعا في الدين العام من 5 ترليون في العام 2000 الى 15 ترليون دولار في العام 2011.
وسط ارتفاع المديونية الاميركية، علت الاصوات، وخصوصا من اعضاء الكونغرس في الحزب الديموقراطي، مطالبة بتخفيض الموازنة العسكرية واستخدام الاموال في قطاعات مدنية وحيوية اكثر من اجل عودة الاقتصاد الاميركي الى النمو.
حاول الحزب الجمهوري، المؤيد دوما للقطاع الصناعي - العسكري، الدفاع عن وجهة النظر القائلة بضرورة الابقاء على الانفاق العسكري مرتفعا من اجل «استمرار التفوق» الذي يحمي المصالح الاستراتيجية الاميركية حول العالم»، حسب معظم قياديي الحزب.
الا ان اوباما اصر على ان حجم ميزانية الدفاع اكبر حتى مما كان عليه في زمن الرئيس الجمهوري الراحل ومعبود حزبه اليوم رونالد ريغان.
لكن هل يتأثر التفوق العسكري حول العالم بالتخفيضات التي اعلنها اوباما، وتلك المتوقعة في العام 2013 والبالغة 600 مليار دولار على مدى العقد المقبل، حسب اتفاق الكونغرس الذي انهى الخلاف حول رفع سقف الدين العام في شهر اغسطس الماضي؟
الاجابة تبدو سلبية، فالانفاق العسكري الاميركي تضخم كثيرا في العقد الماضي بسبب مشاريع لا تتعلق بالشؤون العسكرية، اذ قامت وزارة الدفاع التي اشرفت على الحربين في العراق وافغانستان بصرف اموال من اجل تشييد مدرسة في هذه القرية العراقية، ومستشفى في تلك القرية الافغانية.
ثم ان الحربين المذكورتين ادتا الى تضخم لا مبرر له في الادارات المدنية للبنتاغون والقيادة العسكرية، اذ كثر عدد المترجمين والمحاسبين واصحاب المهن الاخرى غير الضرورية لاستمرار التفوق العسكري الاميركي. ومع ازدياد عدد المتعهدين من غير العسكريين، ارتفعت نسبة الفساد وصارت شركات كثيرة، بعضها وهمية، تختبأ خلف الانفاق العسكري الاميركي.
والتضخم في الانفاق العسكري الذي رافق الحربين على مدى العقد الماضي بني على فكرة مفادها بان الولايات المتحدة لن تشن حروبا وتخرج، بل ستعمل، حسب نظرية المجموعة السياسية التي تم اطلاق اسم «المحافظين الجدد» عليها، على «بناء الاوطان التي تحتلها». هذا البناء المزعوم، والذي انتهى بنتائج كارثية من وجهة النظر الاميركية، ساهم ايضا بارتفاع هائل في موازنات وزارة الدفاع. هذا التضخم هو الذي يحاول اوباما اليوم ترشيقه بتخفيض الموازنات المقبلة.
في المحصلة، من المتوقع ان تنخفض موازنة الدفاع الاميركية بما مجموعه مليار دولار على مدى العقد المقبل، اي بواقع مئة مليار سنويا، وهو ما من شأنه ان يساهم في لجم الدين العام الهائل من دون ان يؤثر في التفوق العسكري الاميركي.
وزارة الدفاع اعلنت ان التخفيضات لن تطال عددا من القطاعات مثل القوتين الجوية والبحرية. كذلك، افادت التقارير ان وزارة الدفاع رصدت زيادات في موازنات الاستخبارات وعمليات الطائرات من دون طيار وقطاعات حروب الفضاء وامن الانترنت.
اما الضحية الاولى للتخفيضات، غير المتعهدين من غير العسكريين، فهي قوات المشاة اذ من المتوقع ان ينخفض عديد هؤلاء من 570 الف جندي حاليا الى 490 الفا في السنوات القليلة المقبلة.
في هذه الاثناء، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر عسكرية ان واشنطن لا تنوي ابقاء قواتها مستعدة لخوض اكثر من حرب برية واحدة، والمكان الوحيد المرجح هو مواجهة مع الصين في كوريا الشمالية. اما المواجهات الاخرى، ان كانت في حرب اميركا على الارهاب او ضد القوة الصينية الصاعدة، فالاولى تعتمد على الاستخبارات والقوات الخاصة، فيما تستند الثانية على القوتين الجوية والبحرية الاميركية اللتين مازالتا تتمتعان بتوفق كبير على نظيريها الصينية».
هل تنذر عودة موازنة وزارة الدفاع الاميركية الى مستوى يبلغ قرابة ضعفي موازنة العام 2000 بضمور قوة اميركا العسكرية العظمى؟ الاجابة الاصح تبدو عكس ذلك في زمن يغلب فيه مفهوم «النوعية والترشيق» على «الكمية والحجم».
مدونه ممتازه شكرا لكم
ردحذفافضل برضوا
ردحذفيااااااااارب
ردحذفياارب عقبال تقليص امريكا واسرائيل والغرب
ردحذف