حسين عبد الحسين
المجلة
تستخدم دوائر السياسة في الولايات المتحدة تعبيري "الأسنان" و"العض" للدلالة على فاعلية مشروع ما في مجلس الأمن أو قوة هذا السياسي أو الجيش أو ما شابه. وفي يونيو (حزيران) 2010، على اثر صدور قرار مجلس الأمن رقم 1929 الذي فرض عقوبات اقتصادية على إيران، علقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالقول ان العقوبات الأممية “ستعض”، أي أنها بكلام آخر ستؤذي النظام في طهران.
هذا الأسبوع، احتفلت واشنطن بعيدها الوطني "يوم الرئيس". وللمناسبة، أصدر الكاتب المرموق جين ادوارد سميث كتابا بعنوان "ايزنهاور في الحرب والسلم" تناول فيه حياة دوايت ايزنهاور، رئيس أميركا لولايتين بين 1952 و1960. وسبق لإيزنهاور أن عمل قائدا للقوات الحليفة المسلحة، ونفذ بنجاح خطة اجتياح خليج نورماندي الفرنسي في العام 1944، ومن ثم ساهم في دحر الاحتلال الألماني لفرنسا، والقضاء على النظام النازي في برلين.
إلا أن بطل الحرب العالمية الثانية ايزنهاور، هو من الرؤساء الأميركيين القلائل ممن لم تشهد رئاستهم مقتل أي جندي أميركي، على الرغم من أن الرئيس الجنرال تسلم الحكم في وسط الحرب الكورية، فساهم في انهائها، ورفض نجدة الفرنسيين في مستنقع فيتنام، كما رفض المشاركة في العدوان الثلاثي، الإسرائيلي – الفرنسي – البريطاني، على بورسعيد في العام 1956 على اثر تأميم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر قناة السويس.
ويعتبر سميث، الذي سبق أن كتب سيرة حياة رئيسين سابقين لإيزنهاور هما جورج واشنطن وفرانكلين ديلانو روزفلت، أن الرؤساء ممن خدموا في الجيش، يندر أن يأمروا بشن حروب، ربما لأن هؤلاء الرؤساء الاميركيين يعلمون تكلفة الحرب الباهظة اثناء خدمتهم، فنراهم يتفادون الذهاب اليها أثناء رئاستهم للبلاد.
باراك أوباما هو أحد الرؤساء الأميركيين المترددين دوما في الذهاب الى أي حرب. وعلى غرار ايزنهاور وإنهائه للحرب الكورية وامتناعه عن خوض حرب في فيتنام، قام أوباما بإنهاء الحرب في العراق وهو يعمل جاهدا لإنهاء الحرب في افغانستان. أما مشاركة الولايات المتحدة في التحالف الدولي، الذي دعم ثوار ليبيا لإطاحة العقيد الليبي معمر القذافي وحكمه، فجاءت مترددة، بعدما أرفقها أوباما بعبارة "القيادة من الخلف".
بيد أن التشابه في الأسلوب بين ايزنهاور، العسكري، وأوباما، رجل القانون، في محاولتهما تفادي خوض الولايات المتحدة للحروب، ينقلب تماما عندما يتعلق الأمر بحجم النفوذ الكبير الذي مارسته واشنطن تحت حكم ايزنهاور، والضئيل جدا الذي تمارسه اليوم تحت قيادة اوباما، على الرغم من التشابه الكبير في الظروف في فترتي حكمهما، فايزنهاور ورث حكومة كانت خرجت من حرب كونية مدمية، أدت الى ديون باهظة، وكذلك تسلم اوباما بلادا خاضت حربين طويلتين واقتصادا محطما.
كما دخل الاثنان البيت الأبيض والقوة العسكرية الأميركية لا تضاهى، بل انها في زمن اوباما تبتعد بمسافات هائلة في الصدارة عن اقرب منافسيها.
لكن يبقى السؤال هنا على الشكل التالي: لماذا نجح ايزنهاور في إبقاء السطوة الاميركية حول العالم، فيما يفشل اوباما في ذلك، على الرغم من تشابه الظروف واصرار كل منهماعلى تفادي الحروب؟
تستخدم دوائر السياسة في الولايات المتحدة تعبيري "الأسنان" و"العض" للدلالة على فاعلية مشروع ما في مجلس الأمن أو قوة هذا السياسي أو الجيش أو ما شابه. وفي يونيو (حزيران) 2010، على اثر صدور قرار مجلس الأمن رقم 1929 الذي فرض عقوبات اقتصادية على إيران، علقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالقول ان العقوبات الأممية “ستعض”، أي أنها بكلام آخر ستؤذي النظام في طهران.
هذا الأسبوع، احتفلت واشنطن بعيدها الوطني "يوم الرئيس". وللمناسبة، أصدر الكاتب المرموق جين ادوارد سميث كتابا بعنوان "ايزنهاور في الحرب والسلم" تناول فيه حياة دوايت ايزنهاور، رئيس أميركا لولايتين بين 1952 و1960. وسبق لإيزنهاور أن عمل قائدا للقوات الحليفة المسلحة، ونفذ بنجاح خطة اجتياح خليج نورماندي الفرنسي في العام 1944، ومن ثم ساهم في دحر الاحتلال الألماني لفرنسا، والقضاء على النظام النازي في برلين.
إلا أن بطل الحرب العالمية الثانية ايزنهاور، هو من الرؤساء الأميركيين القلائل ممن لم تشهد رئاستهم مقتل أي جندي أميركي، على الرغم من أن الرئيس الجنرال تسلم الحكم في وسط الحرب الكورية، فساهم في انهائها، ورفض نجدة الفرنسيين في مستنقع فيتنام، كما رفض المشاركة في العدوان الثلاثي، الإسرائيلي – الفرنسي – البريطاني، على بورسعيد في العام 1956 على اثر تأميم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر قناة السويس.
ويعتبر سميث، الذي سبق أن كتب سيرة حياة رئيسين سابقين لإيزنهاور هما جورج واشنطن وفرانكلين ديلانو روزفلت، أن الرؤساء ممن خدموا في الجيش، يندر أن يأمروا بشن حروب، ربما لأن هؤلاء الرؤساء الاميركيين يعلمون تكلفة الحرب الباهظة اثناء خدمتهم، فنراهم يتفادون الذهاب اليها أثناء رئاستهم للبلاد.
باراك أوباما هو أحد الرؤساء الأميركيين المترددين دوما في الذهاب الى أي حرب. وعلى غرار ايزنهاور وإنهائه للحرب الكورية وامتناعه عن خوض حرب في فيتنام، قام أوباما بإنهاء الحرب في العراق وهو يعمل جاهدا لإنهاء الحرب في افغانستان. أما مشاركة الولايات المتحدة في التحالف الدولي، الذي دعم ثوار ليبيا لإطاحة العقيد الليبي معمر القذافي وحكمه، فجاءت مترددة، بعدما أرفقها أوباما بعبارة "القيادة من الخلف".
بيد أن التشابه في الأسلوب بين ايزنهاور، العسكري، وأوباما، رجل القانون، في محاولتهما تفادي خوض الولايات المتحدة للحروب، ينقلب تماما عندما يتعلق الأمر بحجم النفوذ الكبير الذي مارسته واشنطن تحت حكم ايزنهاور، والضئيل جدا الذي تمارسه اليوم تحت قيادة اوباما، على الرغم من التشابه الكبير في الظروف في فترتي حكمهما، فايزنهاور ورث حكومة كانت خرجت من حرب كونية مدمية، أدت الى ديون باهظة، وكذلك تسلم اوباما بلادا خاضت حربين طويلتين واقتصادا محطما.
كما دخل الاثنان البيت الأبيض والقوة العسكرية الأميركية لا تضاهى، بل انها في زمن اوباما تبتعد بمسافات هائلة في الصدارة عن اقرب منافسيها.
لكن يبقى السؤال هنا على الشكل التالي: لماذا نجح ايزنهاور في إبقاء السطوة الاميركية حول العالم، فيما يفشل اوباما في ذلك، على الرغم من تشابه الظروف واصرار كل منهماعلى تفادي الحروب؟
الإجابة معقدة، ولكن يبدو ان جزءا اساسيا منها يتعلق باختلاف اسلوب الرجلين، فايزنهاور نجح في كبح جماح العدوان الثلاثي على مصر، باتخاذه موقفا حازما فقط، ومن دون اضطراره لتحريك اي قطعات عسكرية. اما اوباما، فغالبا ما تبدو مواقفه في السياسة الدولية مترددة، ويجزم معاونوه في مواقفهم بعدم استخدام القوة العسكرية، مغلقين باب المناورة الدبلوماسية، فيما تنقلب مواقفهم على نفسها مرات ومرات، وغالبا ما تتضارب تصريحاتهم. هذا الارتباك الاميركي أدى الى فراغ دولي، تحاول دول اقل شأنا من الولايات المتحدة، مثل روسيا وإيران، ملأه في مناطق متعددة من العالم، منها الشرق الأوسط.
ومن المقارنة بين ايزنهاور واوباما، لا يبدو أن نفوذ واشنطن العالمي يتعلق باقتصاد الولايات المتحدة، ولا بقوتها العسكرية، بل بشخصية الرئيس. هذه الشخصية، حتى لو تشابهت في تفضيلها السلم على الحرب، تبقى مختلفة في طبيعتها وجوهرها.
في حالة اوباما، يبدو حتى الآن أنه أحد أقل الرؤساء الأميركيين فاعلية في السياسة الخارجية، أو على حد التعبير الأميركي، رئيس بلا أسنان.
في حالة اوباما، يبدو حتى الآن أنه أحد أقل الرؤساء الأميركيين فاعلية في السياسة الخارجية، أو على حد التعبير الأميركي، رئيس بلا أسنان.
تسلم
ردحذف