| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
من المتوقع ان يشهد فريق السياسة الخارجية للرئيس الاميركي باراك اوباما تغييرات واسعة في حال فوزه بولاية رئاسية ثانية في نوفمبر المقبل. وصار من شبه المؤكد خروج هيلاري كلينتون، التي تنوي اعتزال الحياة السياسية، من وزارة الخارجية، فيما تبرز ثلاثة اسماء للفوز بالمنصب اولها سفيرة واشنطن في الامم المتحدة سوزان رايس، وثانيها مستشار الامن القومي توم دونيلون، وثالثها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور جون كيري.
على صعيد متصل، علمت «الراي» ان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى وسفير اميركا السابق في لبنان جيفري فيلتمان قد يخلف الاميركي لين باسكو في منصب وكيل الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية.
في وزارة الخارجية، تتقدم حظوظ رايس للفوز بمنصب وزيرة اذ انها من القلائل في فريق اوباما ممن حازوا على ثناء اليسار واليمين الاميركي في الوقت نفسه. فهي احبطت جميع محاولات التدخل العسكري في سورية وفازت بمديح من اوباما واليسار والديموقراطيين، وهي في الوقت نفسه عطلت خطة الفلسطينيين القاضية بالذهاب الى التصويت في الجمعية العامة حول عضوية فلسطين في المنظمة فحصلت على حظوة في عيون اليمين والجمهوريين واصدقاء اسرائيل.
واشرفت رايس على مبادرة واشنطن لاستصدار قرارات عقوبات اقتصادية من مجلس الامن بحق ايران لثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي، وهو ما لاقى استحسانا اميركيا من اليمين واليسار، وكذلك من مؤيدي اسرائيل من الاميركيين.
رايس كانت من اوائل مستشاري اوباما للشؤون الخارجية اثناء حملته للوصول الى الرئاسة في العام 2008، الى جانب آخرين من امثال دينيس روس وسامنتا باور.
ولقربها منه، لم يعين اوباما رايس في منصب سفيرة اميركا في الامم المتحدة فحسب، بل اعاد للمنصب عضويته في «مجلس الامن القومي» وموقعه داخل «الاجتماعات الحكومية» بعدما تم اخراج السفير من موقعه الوزاري اثناء ولاية الرئيس السابق جورج بوش على اعتبار انه يتبع وزارة الخارجية تراتبيا وتنظيميا.
بيد ان موقف رايس من سورية يبقى محيرا، ويبدو انه يعكس الى حد كبير تفكير الرئيس الاميركي المتردد بشأن اي تدخل من شأنه ان يؤثر سلبا على حظوظ اعادة انتخابه. فرايس، وباور، كانتا شاهدتين على مجازر رواندا في العام 1994، وابدتا ندمهما علنا على عدم مبالاة الولايات المتحدة اثناء وقوع المجازر. ومن المعروف عن رايس تعليقها، في وقت لاحق، حول موقف بلادها تجاه المجازر، بالقول: «لقد اقسمت على نفسي انني اذا واجهت ازمة مماثلة مرة اخرى، سأقف الى جانب اتخاذ خطوات دراماتيكية، بما فيها الذهاب الى هناك حاملة مشاعل اذا ما اقتضى الامر ذلك».
وعندما شاركت الولايات المتحدة في اطلاق عمليات «تحالف الاطلسي» في وجه قوات معمر القذافي في ليبيا، اشارت الصحافة الاميركية الى ان رايس لعبت دورا في اقناع اوباما بضرورة التدخل على خلفية «عقدة الذنب» التي تحملها من موقفها حول راوندا.
لكن «عقد الذنب» هذه اختفت لدى رايس في موضوع التدخل الدولي في سورية، اذ تبرز السفيرة الاميركية كواحدة من المطالبين بالتوصل الى «حل سياسي» بين الرئيس السوري بشار الاسد وقوى المعارضة السورية المطالبة باسقاط حكمه.
وتتبنى رايس في الشأن السوري كل الاعذار التي يتبناها آخرون في ادارة اوباما، مثل ان «سورية ليست ليبيا»، وان «الدفاعات الجوية السورية اقوى بكثير من نظيرتها الليبية»، وان «انشاء ممرات انسانية او مناطق آمنة تتطلب بالضرورة ارسال قوات برية غربية»، او ان «المزيد من العسكرة في سورية ينعكس سلبا على وضع المنطقة عموما».
لذا، ورغم ان رايس كتبت في احدى تغريداتها على الانترنت ان «النظام السوري يكذب على العالم، وعلى شعبه، والكذاب الاكبر هو الاسد نفسه»، الا انها التزمت في العالم الحقيقي خط اوباما بالاصرار على تفادي التدخل الاميركي في الشأن السوري حتى بعد مقتل اكثر من 10 الاف مدني سوري على ايدي قوات الاسد.
رايس قد تصبح رئيسة مبنى وزارة الخارجية في منطقة «فوغي بوتوم»، وقد تخلفها في منصبها زميلتها سامنتا باور، التي عملت ايضا كمستشارة للسياسة الخارجية لدى اوباما المرشح، ولكن تم اقصاؤها على اثر ادلائها بتصريح قالت فيه ان اوباما قد لا يحترم موعد الستة اشهر لسحب الجيش الاميركي من العراق على اثر انتخابه. باور تعمل اليوم، وان في الظل، كمستشارة في «مجلس الامن القومي».
ومن المجلس نفسه يستعد رئيسه دونيلون لاحتمال تولي منصب وزير خارجية. ودونيلون هو احد اكبر مهندسي سياسة العقوبات على ايران وفتح الحوار معها في الوقت نفسه، وهو ما يعزز من حظوظه تولي المنصب خصوصا في حال ادت المفاوضات بين مجموعة دول «5+1» وايران، والتي تنعقد جولتها المقبلة في بغداد في 23 مايو المقبل، الى اي نتائج ايجابية تذكر.
اما المرشح الثالث، جون كيري، فهو من الساعين الى المنصب منذ بدء الولاية الاولى لاوباما، حتى قبل ان يقرر اوباما ترشيح كلينتون كوزيرة خارجية على اثر اتفاق بين المرشحين الديموقراطيين الى الرئاسة في العام 2008 قضى بسحب كلينتون ترشيحها لمصلحة الرئيس الحالي. منذ ذلك الحين، يحاول كيري تعزيز دوره كعراب السياسة الخارجية من خلال منصبه رئيسا للجنة الشؤون الخارجية، وهو عمل خصوصا لاحراز تقدم في سياسة الانفتاح الاميركية على بشار الاسد قبل اندلاع الثورة السورية في مارس من العام الماضي.
ويستعد لين باسكو، البالغ من العمر 69 عاما، الى التقاعد من منصبه كوكيل الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية، ما دفع بالمنظمة الى البدء بعملية توظيف تم اختصارها الى ثلاثة مرشحين، ابرزهم فيلتمان. يذكر ان اميركيا يشغل تقليديا هذا المنصب منذ سنوات كثيرة.
فيلتمان، البالغ من العمر 53 عاما، هو احد ابرز الديبلوماسيين العاملين في وزارة الخارجية، وهو فاز بمنصبه الحالي بفضل كلينتون، التي كانت تبحث عن مستشارين لها مؤهلين ابان تعيينها في منصبها. ومع اقتراب موعد رحيل عرابته كلينتون، قد يكون خياره الافضل تولي منصبه الجديد في الامم المتحدة، وهو في حال حدوثه، سيعزز من حضور الامين العام بان كي مون في المواضيع الشرق الاوسطية نظرا لخبرة فيلتمان الطويلة في هذا المجال، على عكس باسكو الذي امضى حياته الديبلوماسية متخصصا في شؤون الاتحاد السوفياتي السابق ودول الكتلة الاشتراكية السابقة.
يارب سلم سلم
ردحذف