الأربعاء، 11 يوليو 2012

أوباما لعلاقة طيبة مع «إخوان» مصر رغم معارضة أصدقاء إسرائيل

| واشنطن - حسين عبدالحسين |

اثارت الانباء عن توجيه الرئيس باراك اوباما الدعوة الى نظيره المصري محمد مرسي لزيارة واشنطن استياء شريحة واسعة من السياسيين الاميركيين، خصوصا من الجمهوريين ومن اصدقاء اسرائيل، في وقت التزم البيت الابيض الصمت، ولم يؤكد او ينفي دعوته التي نقلتها وكالة «رويترز» عن مصادر في مصر.
وكانت الوكالة نقلت عن مستشار الرئيس المصري ياسر علي، ان مرسي تسلم دعوة لزيارة اوباما اثناء زيارته الى نيويورك للمشاركة في المؤتمر السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر المقبل. 
ويوجز مدير «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى» روبرت ساتلوف، في رسالة قبل ايام، تحفظات اليمين الاميركي ضد لقاء مرسي - اوباما بالقول ان «على الرئيس الاميركي ان يتمهل قبل دعوة رئيس مصري سبق ان قام بتمجيد حماس، ووعد باعادة النظر بمعاهدة السلام بين مصر واسرائيل، وعمل على تأسيس اللجنة الشعبية لمكافحة المشروع الصهيوني وعلى صياغة برنامج الجماعة الانتخابي المناهض للمرأة والأقباط قبل خمس سنوات فقط».
ومما زاد في حدة هجوم الجمهوريين ضد مرسي، حديثه عن نيته الطلب من الولايات المتحدة الافراج عن الشيخ المصري عمر عبدالرحمن، المسجون مدى الحياة بتهمة التحريض على تفجيرات مبنى التجارة العالمي العام 1993.
الا ان ادارة الرئيس باراك اوباما مصمّمة على فتح صفحة جديدة مع «الاخوان المسلمين» المصريين، رغم المعارضة الاميركية الداخلية. ويقول مقربون من مجلس الامن القومي، ان رأي اوباما هو ان «الانفتاح على الاخوان وعلى كل من هو منتخب ديموقراطيا هو الطريقة الصحيحة في العمل السياسي الدولي». ويضيف هؤلاء ان اوباما يعتقد ان «مقاطعة واشنطن للتنظيمات الاسلامية المنتخبة في دول الربيع العربي من شأنه ان يدفع هذه التنظيمات الى مواقف متطرفة»، وان «يزيد من نقمة البعض ضد اميركا».
على ضوء ما تقدم، يردد مسؤولو الادارة الاميركية نيتهم الانفتاح على جميع التيارات في مصر وعقد تحالفات معها وتسهيل مهمتها اثناء الحكم. ويقول المسؤولون ان واشنطن، التي استضافت سرا وعلنا عددا لا بأس به من كبار مسؤولي «الاخوان» منذ ان اطاحت الثورة بنظام الرئيس حسني مبارك العام الماضي، تنوي مد يد العون الى الحكومات العربية الجديدة، وخصوصا عن طريق اقناع المنظمات الدولية مثل «البنك الدولي» و«صندوق النقد الدولي» بتقديم قروض بفوائد منخفضة والمساعدة عن طريق برامج من اجل ترشيد الحكم في دول الربيع العربي.
الا ان معارضي سياسة انفتاح اوباما على التيارات الاسلامية الصاعدة في العالم العربي يشيرون الى امرين، الاول هو حتمية تخلي الادارة عن بعض حلفائها، ويشيرون في ذلك الى تخلي واشنطن عن مبارك، حليفها العربي الاول في منطقة الشرق الاوسط.
كذلك، يعتقد المشكّكون بالسياسة الرئاسية الاميركية ان من شأن الانفتاح على «الاخوان» في مصر اثارة حفيظة حلفاء حاليين على رأسهم المجلس العسكري.
وكان اصدقاء اسرائيل في العاصمة الاميركية اول المعارضين للثورة التي اطاحت بمبارك، وعبروا مرارا عن خوفهم من قيام حكم ذات طابع اسلامي في مصر، مما دفعهم على التمسك بالمجلس العسكري.
لكن المخاوف اليمينية الاميركية قد تسبق احيانا مخاوف حليفتها اسرائيل. في هذا السياق، برزت زيارة وزير الدفاع ايهود باراك الى الولايات المتحدة وعقده لقاءات مع مسؤولين اميركيين على هامش مشاركته في «احتفال الافكار» الذي يقيمه «مركز ابحاث آسبن» سنويا في ولاية كولورادو. وكان باراك، الذي تجمعه صداقة وطيدة برئيس المجلس العسكري المصري حسين طنطاوي، زار مصر أخيرا والتقى كبار المسؤولين العسكريين فيها.
ونقل المسؤولون الاميركيون ممن التقوا وزير الدفاع الاسرائيلي محاولته التخفيف من المخاوف التي تنتاب الجمهوريين وعدداً من الاسرائيليين بخصوص نوايا الاخوان في حال سيطرتهم بالكامل على الحكم في مصر.
ومما قاله باراك اثناء زيارته، حسب بعض من التقوه، ان «ما يحصل في الدول العربية شبيه بانهيار السلطنة العثمانية في العقد الثاني من القرن الماضي»، وان «على اسرائيل والولايات المتحدة الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ اثناء هذه الفترة التشكيلية، ودعم قيام حكومات ديموقراطية، والا البديل، فهو الفوضى والمزيد من التطرف».
نصائح باراك جاءت متوافقة مع سياسات اوباما تجاه مصر خصوصا، فالادارة كانت ارسلت نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز الى مصر حيث التقى مرسي ووزير الخارجية المصري محمد كمال عمر، وعمل على تحديد جدول اعمال لقاءات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي يتوقع ان تصل القاهرة يوم الاحد المقبل لتصبح بذلك ارفع مسؤول اميركي يلتقي مرسي رسميا بعد انتخابه.
في هذه الاثناء، يكرر المسؤولون الاميركيون ان سياسة اوباما تقضي بانشاء صداقات طيبة مع كل الحكومات المنتخبة حول العالم. اما في المنطقة العربية، يقول المسؤولون، فلا تمييز بين «السنة والشيعة... والدليل هو ان واشنطن تقف مع (رئيس حكومة العراق نوري المالكي) الشيعي رغم اعتراضات كثيرين من حلفائها، وتقف الى جانب اخوان مصر ومرسي السني كذلك على رغم الاعتراضات».
قد لا تبدو معالم السياسة الخارجية لواشنطن تجاه الشرق الاوسط جلية، وقد تنقلب رأسا على عقب في حال فشل اوباما في الفوز بولاية ثانية وحلول منافسه الجمهوري ميت رومني رئيسا في مكانه، ولكن ما هو واضح هو ان الولايات المتحدة انتهت من عهد الاستثناءات في نسج تحالفاتها وصداقاتها الخارجية، وان معظم صانعي السياسة الاميركيين باتوا يعتقدون ان افضل سبيل للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة لا يأتي عن طريق التعاون الاستخباراتي مع انظمة قمعية، بل عن طريق مصادقة الشعوب، التي يصادف انها تطيح ببعض حكامها كما في حال المنطقة العربية.
كذلك لن تقنع سياسة اوباما من اعتادوا تأييد بعض الانظمة القمعية التي تعلن انها تدافع عن مصالح واشنطن. هؤلاء كانوا من اول المعارضين للثورات العربية اصلا وعملوا على اشاعة الخوف من قدوم الاسلاميين الى الحكم، او على حد تعبير عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية فلوريدا الن وست الذي قال «ان الربيع العربي ليس اكثر من كابوس راديكالي اسلامي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق