السبت، 29 سبتمبر 2012

شبيحة بيروت على البحيرة

حسين عبد الحسين 

“بيروت على البحيرة” هو اللقب الذي اكتسبته في الثمانينات مدينة شيكاغو، احدى اكبر المدن الاميركية الواقعة على ضفة بحيرة ميشيغان العملاقة، نظرا للفساد السياسي الذي ساد بلديتها وسياساتها المحلية، وهي صبغة يحاول الحزب الجمهوري اليوم إلصاقها بالرئيس باراك أوباما ومساعديه ومستشاريه ومن عملوا في فريقه.

يتصدر قائمة سياسيي شيكاغو رام إيمانويل، وهو عضو سابق في الكونغرس عن ولاية ايلينوي التي تقع فيها مدينة شيكاغو، وقد عينه اوباما رئيسا لموظفي البيت الابيض، ويقال إنه لعب دورا اساسيا في ممارسة الضغط على اعضاء الكونغرس للموافقة على اقرار مشروع الضمان الصحي في العام 2009 لدرجة ان احد اعضاء الكونغرس من الديمقراطيين ممن كانوا معارضين للقرار، زعم انه في يوم فيما كان شبه عار في غرفة تغيير الملابس التابعة للنادي الصحي داخل الكونغرس، التقى بإيمانويل الذي كان اتم رياضته للتو. وبحسب النائب، فان مساعد اوباما اقترب منه، والصق وجهه بوجهه، وغرز اصبعه في صدره، مهددا إياه بالثبور وعظائم الامور في حال صوت ضد القرار.

ومع انه لا يوجد دلائل على صحة الواقعة، غير ان عددا ممن عملوا مع إيمانيويل غالبا ما يصفونه بالـ “الأزعر” أو “البلطجي”، مستخدمين كلمة “ثغ” بالانجليزية.

إيمانيويل هذا لم يطل البقاء في منصبه، بل استقال ليترشح ويفوز بمنصب حاكم مدينة شيكاغو، وهو المنصب الذي يشغله اليوم.

اما اوباما، فعين رئيسا لموظفي البيت الابيض خلفا لإيمانويل حاكم المدينة السابق ريتشارد ام دالي، ابن ريتشارد جاي دالي الذي حكم شيكاغو لفترة 21 عاما والذي ذاع صيته لفساده وتواطئه مع زعماء المافيات الايطالية وعلى رأسهم آل كابون، الذي بنيت قصة فيلم “العراب” الشهير حول شخصيته.

وللمفارقة ان اوباما نفسه يعتبر شيكاغو مدينته، وهي المدينة التي ترعرعت فيها زوجته ميشيل، وهي اكبر مدن ولاية ايلينوي التي فاز اوباما بمقعد مجلس الشيوخ عنها قبل فوزه بالرئاسة، وفيها منزله الشخصي الذي سيعود للسكن فيه بعد نهاية رئاسته وخروجه من البيت الابيض ان كان بعد اشهر قليلة او بعد اربع سنوات.

ومن وجوه السياسة في شيكاغو ايضا كبير مستشاري الرئيس ومدير حملته الانتخابية حاليا دايفيد اكسلرود، وهو يرتبط بعلاقة جيدة مع آل دالي، وكان تعرض لانتقادات لانه توسط لتوظيف رجلين في ادارة دالي في حاكمية المدينة، وتبين فيما بعد انهما ارتكبا اعمالا تسببت لهما بالملاحقة القضائية من قبل الحكومة الفيدرالية.

هذه الحاشية من المستشارين الذين لا يتوارون عن استخدام اساليب سياسية يعتبرها بعض الاميركيين من باب “البلطجة” جاءت في معظمها من مدينة شيكاغو، او “بيروت على البحيرة”.

اما جديد “البلطجة”، او “التشبيح” كما في اللهجة السورية، على الاقل حسب الحزب الجمهوري، تمثلت بقيام اكسلرود بالتحريض ضد “مؤسسة غالوب” لاستطلاعات الرأي، متهما اياها باستخدام اساليب قديمة تؤثر سلبا في ارقام شعبية اوباما.

وتزامنت تصريحات اكسلرود مع قيام وزارة العدل الاميركية بمقاضاة غالوب بتهم تضخيم المبالغ التي تقاضتها من الحكومة الاميركية في عقود فازت فيها المؤسسة. وجاءت الملاحقة القضائية للمؤسسة بعدما أن قام احد العاملين فيها المدعو مايكل ليندلي بفضح ممارساتها، معتبرا انه بموجب القوانين المعمول بها، فان غالوب تقاضت مبالغ اكثر من اللزوم من الحكومة.

اما الحزب الجمهوري وشبكة فوكس، فاعتبرا ان في الامر مؤامرة، خصوصا ان وزارة العدل تحركت بعد ثلاثة اشهر على تقاضي غالوب المبالغ، في وقت تزامن مع انتقادات اكسلرود، فيما كشفت ان ليندلي عمل في العام 2008 كمسؤول تنظيمي في حملة اوباما الرئاسية.

هكذا، جاء في عنوان مدونة كتبها المدون اليميني ديك موريس: “شبيحة اوباما يهاجمون غالوب لاستطلاعات لم تعجبهم”.

اما الفارق الوحيد بين شبيحة اوباما وشبيحة سوريا وبلطجية مصر ان الاميركيين يمارسون البلطجة عبر مؤسسات الدولة واجهزة القضاء، فيما لا يتوارى “زعران” العرب عن ممارستها عن طريق عنفهم بأيديهم وبأسلحتهم وغالبا ما ينكلون ويقتلون ويسحلون ويرتكبون المجازر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق