الخميس، 6 سبتمبر 2012

اميركا: الامبراطورية العمياء

حسين عبد الحسين

يقول الديبلوماسي الاميركي المتقاعد ريان كروكر، والذي عمل سفيرا لبلاده في العراق وأفغانستان وسوريا والكويت، إنه لم يكن يعرف ان زيادة عدد القوات الاميركية ستؤدي الى انهاء الحرب الأهلية في العراق. “لم نكن دايف (الجنرال دايفيد بترايوس) وأنا نعرف مطلع العام 2007 ان خطة زيادة القوات ستنجح، ولكنها كانت طلقتنا الاخيرة، وكان علينا ان نقدم لها افضل ما لدينا”.

تصريح كروكر جاء في مقابلة أجرتها معه مجلة نيوزويك، التي وصفته بالديبلوماسي الاميركي “الذي لا يضاهيه في معرفته حول الشرق الاوسط اي ديبلوماسي آخر”. حتى ان حنكة كروكر دفعت الرئيس السابق جورج بوش لمنحه أعلى وسام يتقلده مدني في العاصمة الاميركية.

اليوم، تعج واشنطن بالنقاش حول ضرورة أو إمكانية تدخل الولايات المتحدة عسكريا في سوريا، على الاقل في المساهمة في فرض حظر جوي ينهي تفوق قوات بشار الاسد على الثوار في “الجيش السوري الحر”، وربما يعجل في الاطاحة بنظام الاسد، بعد سنة ونصف السنة على اندلاع الثورة الشعبية المطالبة بإنهاء حكمه.

في هذا النقاش، يبرز كروكر، برصيده الديبلوماسي المعروف، معارضا شرسا ضد التدخل الاميركي في سوريا، ويقول لـ “نيوزويك”: ليس للولايات المتحدة، ولا يمكن ان يصبح لديها، الكثير من التأثير في الوضع (السوري)”.

كروكر يردد موقفه هذا ولكن من دون ان يقدم أبدا المعطيات التي تدفعه الى الاعتقاد انه لا يمكن لأقوى قوة عسكرية في العالم قلب موازين القتال لمصلحة الثوار على الارض السورية بإخراجها سلاح الاسد الجوي من المعركة. ولكن يكفي معارضي التدخل الاميركي في سوريا تصريحا من ديبلوماسي سبق ان عمل في دمشق حتى يستندوا إليه كدليل على صحة معارضتهم للتدخل.

هؤلاء المعارضون انفسهم يتغاضون عن المواقف الاخرى للديبلوماسي الاميركي نفسه، الذي يعتبر ان اداء الرئيس باراك اوباما ورئيس حكومة العراق نوري المالكي، لفترة ما بعد الانسحاب الاميركي، هو اداء سيئ للغاية، وانه كان على الرجلين ابقاء قوة عسكرية اميركية صغيرة في العراق تقوم بمهمات تدريبية واستخباراتية مؤازرة للقوات العراقية، خصوصا وان الوضع الامني في العراق تراجع كثيرا منذ الانسحاب الاميركي منه أواخر العام الماضي.

على ماذا يبني كروكر مواقفه من سوريا والعراق؟ وعلى ماذا يبني مؤيدوه ومعارضوه من الاميركيين مواقفهم من السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية؟ المعطيات متوافرة لديهم ضحلة في كلتا الحالتين، والاجابات المتوفرة لتساؤلاتهم متناثرة.

على ان المراقب يأمل الا تكون كل المواقف الاميركية مستندة الى الحظ الذي بنى كروكر وبترايوس عليه آمالهما اثناء خطة زيادة القوات في العراق في العام 2007. اما اذا كان الحظ هو افضل ما في جعبة نجم الديبلوماسية الاميركية ابان تعديل التكتيك العسكري في العراق، كما في عدم التدخل في سوريا، فذلك يعني ان الولايات المتحدة هي بحق امبراطورية عمياء.

هناك تعليق واحد: