الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

«ساندي» يضرب شرق أميركا وأوباما يعلن حال «الكارثة الكبرى»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بعد ليل طويل عاشته مناطق الشمال الشرقي للولايات المتحدة، استفاق الاميركيون على خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات تسبب بها الاعصار «ساندي»، الاكبر في تاريخ المحيط الاطلسي. واحصت التقديرات الاولية مقتل 17 مواطنا، فيما بلغت الخسائر المادية قرابة 20 مليار دولار.
وكان الاعصار الذي غطى مساحة بلغ قطرها نحو 700 كيلومتر وصل الشواطئ الجنوبية لولاية نيوجيرزي، آتيا من المحيط، قرابة الساعة السابعة مساء بعدما تسببت الامواج والرياح، التي بلغت سرعتها 150 كيلومترا في الساعة، بفياضانات في المناطق الساحلية لولايات ميريلاند وديلاوير ونيوجيرزي ونيويورك. 
وفور وصوله اليابسة، انخفضت سرعة الرياح وقامت هيئات الرصد الجوية بخفض العاصفة من درجة «اعصار من الدرجة الاولى» الى درجة «ما بعد عاصفة استوائية».
لكن العاصفة، اعصارا كانت ام عاصفة استوائية، لم ترحم البلاد، بل استمرت الرياح العنيفة والامطار الغزيرة وادت الى فيضانات اضافية، خصوصا في جزيرة مانهاتن في نيويورك حيث طمرت مياه المحيط ذات الملوحة مترو الانفاق والحقت به اضرارا فادحة. ويستقل المترو اكثر من خمسة ملايين راكب يوميا، وقدرت السلطات ان تستهلك عملية ضخ المياه خارج الانفاق واصلاحها اسبوعا على الاقل، وهو ما سيتسبب بالشلل للحياة في نيويورك، العاصمة الاقتصادية لاميركا.
وكانت العاصفة «ساندي» اشتدت في فترة بعد الظهيرة، واستمرت على وتيرة عالية حتى منتصف الليل فيما كانت وسائل الاعلام على اختلافها تبث تغطية متواصلة وتعليمات طوارئ، وكان اول من اطل من المسؤولين الرئيس باراك اوباما، الذي علق حملته الانتخابية واعتصم في البيت الابيض. 
اوباما عبّر عن استعداد وجهوزية الحكومة الفيدرالية في تقديم المساعدة اللازمة لحكومات الولايات والادارات المحلية.
ومع حلول الليل، بدأ انقطاع التيار الكهربائي عن المناطق، الواحدة تلو الاخرى، حتى بلغ عدد الاميركيين الذين انقطع عنهم التيار اكثر من سبعة ملايين، وترافق ذلك مع انقطاع في خدمة التلفزيون والانترنت في مناطق اخرى. ومع حلول منتصف الليل، بلغت العاصفة ذروتها ثم بدأت سرعة الرياح بالانحسار تدريجيا لتتحول العاصفة الى طقس غائم وبارد وماطر مح انبثاق الفجر.
ومع انحسار العاصفة، استأتفت الماكينات الانتخابية للرئيس اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني حملتيهما للانتخابات الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل. 
وتضاربت آراء الخبراء حول تأثير العاصفة على حظوظ كل من المرشحين، مع ان الترشيحات الاولية اشارت الى ان اوباما افاد من ظهوره بمظهر «القائد العام» الذي ادار مواجهة البلاد للكارثة الطبيعية بقدرة كبيرة انعكست عليه ايجابا. 
وجاءت ابرز كلمات الثناء التي حازها اوباما من محافظ ولاية نيوجيرزي الجمهوري البارز وحليف رومني كريس كريستي، الذي اطل على شبكات التلفزة ليقول ان اوباما اتصل به شخصيا وعرض عليه اي مساعدة ممكنة. 
واضاف كريستي ان الرئيس الاميركي طلب منه ان يتصل به مباشرة، من دون المرور بمساعديه، في اي وقت. وكان الاتصال الاخير بين الرجلين قرابة منتصف الليل، وسأل فيه اوباما محافظ نيوجيرزي قائلا: «هل هناك اي شيء آخر يمكن ان افعله من اجلكم».
وقال كريستي: «علي القول ان الادارة، الرئيس نفسه ومدير ادارة الطوارئ الفيدرالية (فيما) كريغ فوغايت كانوا رائعين معنا حتى الآن... لدينا شراكة قوية معهم، واريد ان اشكر الرئيس شخصيا لاهتمامه الشخصي بنا». 
واعلن اوباما حال «الكارثة الكبرى» في ولاية نيويورك، ما يسمح بتوفير مساعدة فدرالية للضحايا.
واوضح البيت الابيض في بيان ان هذا القرار «يضع الاموال الفيديرالية في التصرف للاشخاص المتضررين في مناطق برونكس وكينغز وناسو ونيويورك وريتشموند وسافولك وكوينز». كما اعلنت حال الكارثة الكبرى في نيوجرزي.
واعلنت حال «الكارثة الكبرى» ايضا في نيوجرزي حيث انهار حاجز للموج مما ادى الى طمر 3 بلدات بالمياه.
وكانت حملة اوباما ارسلت رسائلها الالكترونية المعهودة الى مؤيديها طلبا للتبرعات، ولكن هذه المرة لجمعية «الصليب الاحمر الاميركي» من اجل المساهمة في تدارك اضرار العاصفة.
تركيز اوباما على مواجهة العاصفة اجبر منافسه ميت رومني على الغاء لقاءته الانتخابية يوم اول من امس، واكتفى بالمشاركة بحفل ذهب ريعه الى اعمال الاغاثة خوفا من مواجهة انتقادات تتهمه بعدم الالتفات الى معاناة الاميركيين في حال استمراره بالنشاط الانتخابي. 
لكن انشغال الرئيس بعيدا عن الانتخابات لم يوقف مستشاريه من الاستمرار في ادارة الحملة، ومساء الاثنين، عقد كبير مستشاري اوباما دايفيد اكسلرود مؤتمرا صحافيا عبر الهاتف قال فيه: «نحن من الواضح نخسر الكثير من الوقت الانتخابي، ولكن هكذا هو الحال». واضاف: «بالنسبة لنا، لا يتعلق الامر بصورة الرئيس، بل الموضوع يتعلق بمسؤولياته، وللرئيس مسؤوليات حقيقية تأتي قبل الشؤون الانتخابية... اما المحافظ رومني، فيمكن ان يقرر بنفسه ماذا يريد ان يفعل في خضم هذه الازمة».
بدوره، قال مدير حملة اوباما جيم ميسينا، في اللقاء الهاتفي نفسه، ان للرئيس انشغالاته، لكن حملته الانتخابية تعمل في غيابه، وهو ما بدا جليا مع استمرار السيدة الاولى ميشال اوباما ونائب الرئيس جو بيدن والرئيس السابق بيل كلينتون في عقدهم لقاءات انتخابية في ولايات اوهايو وفلوريدا وآيوا المتأرجحة انتخابيا. 
وكشف ميسينا ان حملته ستطلق موجة دعائية في ولاية بنسلفانيا، ما يؤشر على ان الحملة صارت تعتقد ان الولاية باتت متأرجحة بعد اسابيع من اعتقاد الجميع انها اصبحت محسومة لمصلحة الرئيس. 
حملة رومني كذلك حاولت الافادة من تسمر الكثير من الاميركيين امام شاشات التلفزة، خصوصا في الولايات التي شملها الاعصار «ساندي» واطلقت اعلانا دعائيا يزعم ان شركة «كرايزلر» تنوي استخدام اموال الحكومة لفتح معامل سيارات «جيب» في الصين مقابل اغلاقها معامل في اميركا. الاعلان اثار ضجة وانعكس سلبا على مايبدو على رومني، اذ كانت شركة «كرايزلر» اول المتصدين له، وقالت انها توسع معاملها في الصين للسيارات التي تنتجها وتبيعها في الصين فقط، ما يعني انها «لا تشحن» فرص عمل اميركية الى هناك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق