الاثنين، 8 أكتوبر 2012

مقرّبون من أوباما عنه: يريدون تدخلنا في سورية ... والمعارضة نفسها لم تطلب منا ذلك

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يقول الخبير الاميركي ايان بريمر انه «لو ارادت روسيا احراج الرئيس باراك أوباما، لوافقته على رأيه تجاه الازمة السورية، ثم سألته: اذن، ما الذي تريد ان تفعله الآن؟».
قول بيرمر، الذي يترأس «مجموعة يوراجا» التي تقدم تحليلات سياسية متخصصة حول امكانيات الاستثمار لكبرى الشركات الاميركية حول العالم، يلخص الموقف الاميركي تجاه سورية، والذي يقتصر على المواقف الكلامية وعلى القاء اللائمة على روسيا والصين لاستخدامهما حق النقض الفيتو لعرقلة اية خطوات دولية ممكن الموافقة عليها داخل مجلس الامن.
ويمكن لاي باحث ان يجد سببين على الاقل خلف التقاعس الاميركي في سورية: الاول غياب الرغبة الاميركية رسميا وشعبيا، والثاني الاعتقاد السائد في اوساط ادارة أوباما ان «الحرب الاميركية المقبلة لن تكون في سورية».
غياب الرغبة الاميركية ينطلق من امور متعددة، اولها تراجع الاهتمام الشعبي عموما بالسياسة الخارجية والانهاك من الحروب الى حد سمح للادارة الاميركية، للمرة الاولى منذ سنوات، بتكبيد حكومة اسرائيل ورئيسها واللوبي الموالي لهما داخل واشنطن خسارة سياسية قاسية في المواجهة الاخيرة المستترة بين أوباما ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول توجيه ضربة عسكرية الى المفاعلات النووية الايرانية. 
فاللوبي الاسرائيلي، عندما يريد ان يحقق مطالبه داخل واشنطن، يتكىء على تأييد شعبي لافكاره والتجييش. ولكن عندما يغيب هكذا تأييد، تتمكن الادارة من التفلت من طلبات الاسرائيليين واصدقائهم لغياب امكانية معاقبة الادارة عبر صناديق الانتخاب. والشيء نفسه ينطبق على باقي لوبيات السياسة الخارجية التي تجد نفسها هذه الايام ضعيفة ومشتتة وغير قادرة على فرض ما لا ترغب فيه الادارة.
ثانيا، ينقل مقربون عن الرئيس الاميركي قوله التالي: «يريدوننا ان نتدخل عسكريا لمصلحة المعارضة السورية في وقت هذه المعارضة نفسها لم تطلب منا صراحة هكذا تدخل». ويضيف الرئيس الاميركي ان بلاده «لن تذهب الى حروب بهدف إنساني بعد الآن لا تسمع فيها كلمة شكرا ممن تتدخل لصالحهم».
ويتابع المقربون من الرئيس الاميركي تقديمه مقارنة لتدخل أميركا عسكريا لانقاذ كوسوفو من مجازر الصرب وتدخلها لانقاذ العراقيين من جرائم صدام حسين. «زوروا كوسوفو وسترون صور رؤساء أميركا واعلامها داخل غرف النوم وعلى الاسطح وفي الساحات»، يقول أوباما على ذمة الرواة. ويضيف: «استمعوا الى اعلام حلفائنا العراقيين وسترون انه يمتلئ شتائم بحقنا ويحملنا مسؤولية كل ما حصل في البلاد متناسيا اننا خلصناهم من حكم ديكتاتوري».
ورغم ان التغطية الاخبارية للاوضاع في سورية صارت تتصدر صفحات الصحف والاخبار المتلفزة الاميركية، الا ان الادارة لا ترى لنفسها مصلحة مباشرة للتدخل، وكذلك اكثرية الاميركيين تعبر عن معارضتها للتدخل في شؤون شعوب لما تعتبره اهداف نبيلة، ثم ينقلب التدخل الى لعنة على أميركا والاميركيين. 
غياب المصالح الاميركية والفتور الشعبي تجاه احتمال التدخل في سورية يساهمان في تكريس اسلوب أوباما في السياسة الدولية والقاضي بأن تلعب أميركا دورها كعضو مثل الاعضاء الباقين في الامم المتحدة من دون ان تزج بقوتها العسكرية في صراعات حول العالم، الا اذا اضطرت واشنطن الدفاع المباشر عن مصالح لها هنا او هناك في ارجاء المعمورة.
ويعلق خبراء اميركيون على موقف واشنطن ومصالحها في سورية بالقول ان بلادهم سحبت آخر جندي لها من العراق صاحب اكبر احتياطات النفط في العالم، والذي بلغت كمية تصديره اليومي الشهر الماضي مليونين و600 الف برميل للمرة الاولى منذ 30 عاما، فلماذا تتدخل في سورية التي لا يتجاوز انتاجها اليومي للنفط الخام المئتي الف برميل؟
السبب الثاني للتقاعس الاميركي في سورية مبني على «نظرية» اطلقها أوباما اثناء حملته الانتخابية الاولى في العام 2008 عندما اصر على سحب القوات الاميركية من العراق وافغانستان بهدف «ابقاء اعيننا على الكرة وعدم تشتيت انتباهنا في مواجهات جانبية».
ويبدو ان الرئيس الاميركي يرى في سورية صراعا جانبيا في الشرق الاوسط، فيما الصراع الحقيقي هو المواجهة مع ايران، وهو موضوع يكتسب تأييد شعبي وسياسي اكبر بكثير من التدخل في سورية.
صحيح ان أوباما يختلف مع نتنياهو حول ضرورة وتوقيت توجيه ضربة الى ايران، الا ان مقربين من الرئيس الاميركي نقلوا عنه اعتقاده ان الحرب المقبلة التي ستخوضها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ستكون في ايران، بمعنى ان الرئيس الاميركي يعتقد ان اي تدخل اميركي في سورية يشتت الانتباه عن جذور المشكلة في طهران، ويعطي الاخيرة فرصة لمواجهة عسكرية غير مباشرة مع واشنطن تستنزف فيها الغرب وتعطي الايرانيين وقتا للمضي في صناعتهم سلاحا نوويا.
هكذا، وعلى عكس الاعتقاد السائد، لا يرتبط اي تدخل عسكري بالانتخابات الرئاسية الاميركية، وبغض النظر عن هوية الرئيس المقبل، لن يكون هناك تدخل عسكري في سورية، فالمرشح الجمهوري ميت رومني، على الرغم من مزايدته على أوباما حول سورية، الا انه يستخدم ذلك لاسباب انتخابية ومن غير المتوقع ان يذهب كي يخوض حربا «ليس لها من يتبناها» في العاصمة الاميركية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق