الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

أسبوع سقوط الكبار في أميركا

حسين عبد الحسين

“بالمناسبة، هل يمكنك ان تقرضني 300 مليون دولار؟”، يقول المستشار الرئاسي السابق كارل روف للمرشح الجمهوري ميت رومني حسب وصلة فكاهية عرضها برنامج “ساتيرداي نايت لايف” المعروف. لم يكن في حسبان روف، الذي هلل لقرار المحكمة الفيدرالية العليا في العام 2010 والذي سمح للشركات والمانحين المجهولين المساهمة في التبرع للحملات الانتخابية من دون حدود، ان كل الاموال التي انفقها وحزبه الجمهوري ستؤدي الى الفشل الانتخابي الذريع الذي منيا به.
الاحصاءات تقول إن روف والجمعيات المرتبطة به انفقوا اكثر من نصف مليار دولار ثمنا للحملات الدعائية الانتخابية، وان انعكاس هذه الاموال على نسبة نجاح المرشحين بلغ واحدا في المائة و29 عشرا مائويا، وهي نسبة متدنية جدا.
ولم تكف روف مشاكل الانفاق الانتخابي الهائل والخائب، بل اقترن ذلك بإطلالاته شبه اليومية بصفة محلل على شبكة “فوكس نيوز” الاخبارية ليؤكد مرارا ان رومني سيفوز بالرئاسة، وبفارق كبير. وعندما اعلنت وسائل الاعلام فوز الرئيس باراك اوباما بولاية ثانية، ظهر روف غاضبا وهو يعاتب “فوكس” المحسوبة على الحزب الجمهوري لقبولها النتيجة.
اذن، روف الغاضب، اخطأت توقعاته، وضاعت اموال المانحين لجمعياته الحزبية من دون نتائج تذكر. هكذا، انقلب الرجل الذي اطلق عليه بوش يوما لقب “عقلي”، من ابرز شخصية في الحزب الجمهوري الى محط تهكم شعبي. بكلمة، يمكن القول إن اسطورة روف تحطمت.
لكن روف لم يكن وحيدا، فمدير “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) دايفيد بترايوس، سقط كذلك بعدما انكشفت خيانته الزوجية وعلاقته العاطفية بكاتبة سيرته.
الجنرال بترايوس سبق ان عمل قائدا للقيادة الوسطى، ثم قائدا للقوات الاميركية في العراق، وهو بطل الحرب هناك من وجهة النظر الاميركية، ومهندس “خطة زيادة القوات” التي سمحت بانهاء الحرب الاهلية في العام 2008، ومهدت للانسحاب الاميركي في كانون الثاني 2011.
بترايوس لم يكن جنرالا فحسب، بل هو خريج جامعة برينستون العريقة، وقد صنفته احدى المجلات على انه احد افضل 100 مثقف اميركي. ونظرا لسعة ثقافته ومهارته العسكرية، قام بترايوس بوضع “كتاب ارشادات” للجيش الاميركي لكيفية مواجهة الجيوش النظامية لقوات غير نظامية والتغلب عليها في حرب العصابات، وكان العراق النصر الاول من نوعه لجيش نظامي في هذا الاطار.
لكن بترايوس انتهى في لحظات: طلب منه جايمس كلابر، مدير وكالات الاستخبارات، الاستقالة، فقدمها لأوباما يوم الخميس الماضي، وقبلها الرئيس الاميركي بعد اقل من 24 ساعة.
وعلى خط بترايوس سار خلفه في افغانستان الجنرال جورد ألن، الذي كان يستعد لمنصبه الجديد قائدا لقوات “تحالف الاطلسي”، فإذ بفضيحة بترايوس تكشف ان ألن اقام كذلك علاقة عاطفية خارج زواجه، وهو ما يعاقب عليه القانون العسكري الاميركي بالطرد، وهو ما يبدو مصير الجنرال المذكور.
في الديمقراطيات لا يوجد كبار ولا صغار. لحظات عز لهذا، وخزي لذاك، اما الرابح الاكبر، فهو من يخرج بسجل نظيف ويحافظ على سمعته، على الاقل “للتاريخ”، او هكذا يحلو للاميركيين القول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق