الخميس، 8 نوفمبر 2012

أوباما يحتفظ برئاسته... وبريقه


| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

حقق الرئيس باراك اوباما فوزا كبيرا على منافسه الجمهوري ميت رومني واحتفظ بمنصبه لولاية رئاسية ثانية، فيما باءت معظم التوقعات التي تحدثت عن سباق متقارب بالفشل، اذ انتزع اوباما كل الولايات المتأرجحة، ماعدا نورث كارولاينا، واظهرت الارقام انه لم يفقد بريقه الشعبي بعد، وان مؤيديه وقاعدة الحزب الجمهوري لم تفقد حماسها.
انتصار اوباما جاء حاسما، وسريعا ايضا، اذ اعلنت وكالات الاعلام المختلفة فوزه قبل منتصف الليل بخمسين دقيقة بعدما فاز بولايات الوسط الغربي، مينيسوتا وويسكونسن وآيوا، واظهرت ارقام الفرز حتمية فوزه بولاية اوهايو. وفور اعلان فوزه باوهايو، تم اعلان فوز اوباما بولايته الثانية التي تمتد لاربع سنوات وتنتهي في العام 2016.
وبعد حصوله على اكثر من 270 «صوت كلية» اعطته الفوز، توالت انتصارات اوباما حتى في الولايات التي كان من الضروري لرومني الفوز بها، ففاز في فيرجينيا واكد انتصاره في نيفادا وكولورادو، ولم تترك فورة اوباما الشعبية مجالا لرومني او لحملته للشك، وحصل الرئيس الاميركي على 303 «اصوات كلية انتخابية» مخلفا رومني وراءه بـ 206 اصوات كلية قبل حسم نتائج فلوريدا التي تملك 29 «صوت كلية».
الا ان رومني لم يكن مستعدا للتنازل، حتى بعد اعلان فوز اوباما، واخذت اوساط حملته تنفي انتهاء السباق في اوهايو، وتقول ان ارقام الفرز متقاربة، مشيرة الى احتمالية الطعن بهذه النتائج وطلب اعادة الفرز، وهو امر لا تسمح به قوانين الولاية المذكورة. 
وبعد اخذ ورد، اتصل رومني بأوباما بعد منتصف الليل مهنئا اياه ومعلنا تنازله، ثم اطل المرشح الجمهوري امام مؤيديه، في مدينته بوسطن، ليسدل الستارة على حياته السياسية ويمضي في طريقه لاعتزالها. 
واطل الى جانب رومني افراد عائلته، والمرشح الى منصب نائب الرئيس بول رايان، والذي خسر السباق الرئاسي ولكنه فاز في معركة اعادة انتخابه عضوا في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن ومن المرجح ان يحتفظ بمنصبه القوي رئيسا للجنة الشؤون المالية في مجلس النواب.
وفي الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت العاصمة واشنطن، اطل اوباما في مدينته شيكاغو، وكال المديح لمنافسه رومني وحملته والحزب الجمهوري، وتوجه الى مؤيديه بالقول انه «اصبح رئيسا افضل» بالسماع لهم، ووعدهم بأن يعود الى البيت الابيض «بتصميم وعزم اكبر»، وتابع ان ولايته المقبلة ستكون ولاية «عمل».
اوباما لم يتطرق في خطاب الانتصار الى تفاصيل في السياسة، بل وعد بالتواصل مع الجمهوريين، وقال ان لدى بلاده اقوى جيش في العالم، لكن قوتها تأتي فعليا من ديموقراطيتها ومن التفاف الاميركيين حول مبدأ الحرية.
في هذه الاثناء، لم تخطئ التوقعات في شأن الانتخابات التشريعية، فحافظ الجمهوريون على اكثريتهم في مجلس النواب، فيما اضاف الديموقراطيون مقاعد اضافية الى الاغلبية التي يتمتعون بها في مجلس الشيوخ، وهو ما يعني ان ميزان القوى على الساحة السياسية الاميركية سيستمر على ماهو عليه في السنتين المقبلتين، او على الاقل حتى انتخابات الكونغرس النصفية في العام 2014.
والرئيس العائد الى البيت الابيض سيواجه فورا مجموعة ملفات معقدة، تبدأ باعادة تشكيل فريقه، اذ صار مؤكدا خروج وزراء الخارجية هيلاري كلينتون والخزانة تيم غايثنر وربما العدل اريك هولدر. وفي الخارجية، من المرجح تعيين السناتور جون كيري، او مبعوثة اميركا في الامم المتحدة سوزان رايس، او مستشار الامن القومي توم دونيلون. 
بيد ان من شأن تعيين كيري خسارة الديموقراطيين لمقعد في مجلس الشيوخ لمصلحة الجمهوريين، وهو ما قد يثني اوباما عن فعله. اما رايس، فهي تعرضت لنقد لاذع بسبب تصريحاتها على اثر هجوم 11 سبتمبر على القنصلية الاميركية في بنغازي، ما يعني ان دونيلون هو صاحب الحظ الاكبر ليخلف كلينتون. 
وفي وزارة الخزانة، يسعى اوباما الى اقناع ارسكين بولز، وهو رئيس موظفي البيت الابيض في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون، بتوليها على وجه السرعة مع اقتراب ما صار يعرف بـ «الجرف المالي» المحدد مطلع العام المقبل، وهو موعد بدء الخفض البالغ تريليون و200 مليار دولار في الميزانية الاميركية على مدى العقد المقبل، نصفها من مخصصات وزارة الدفاع، والنصف الاخر من البرامج المدنية. يضاف الى الخفض اعلان اوباما عدم تجديد «ضرائب الرئيس السابق جورج بوش» الابن على اصحاب المداخيل التي تفوق 250 الف دولار سنويا.
ويعتقد الخبراء ان الخفض وزيادة الضرائب قد يساهمان في انكماش، وربما ركود وتقلص، في الاقتصاد الاميركي، وتاليا في الاقتصاد العالمي.
لذلك، ستكون اولى اولويات اوباما في ولايته الثانية الاسراع في التوصل الى حل مع الكونغرس الجمهوري نفسه الذي فشل في ايجاد الحلول معه الصيف الماضي. 
وكان بولز، المحبب لدى الجمهوريين ايضا، ترأس، والجمهوري الان سيمبسون، لجنة عينها اوباما وقدمت توصيات لخفض العجز، وكانت عبارة عن مزيج من خفض الانفاق وزيادة الضرائب على مراحل بشكل لا يؤثر سلبا في الاقتصاد او نموه. على ان بولز نفسه لا يبدو متحمسا للمنصب.
ومن المتوقع ان يلتزم اوباما بسياساته الاقتصادية الاخرى ليحقق وعودا اطلقها في الماضي مثل مضاعفة الصادرات الاميركية قبل نهاية ولايته الثانية. وكانت الصادرات الاميركية ازدادت 40 في المئة في السنوات الاربع الماضية. كما سيستمر الرئيس الاميركي على الارجح في زيادة الانفاق على البرامج العلمية والبحثية، وعلى المدارس الرسمية وعلى مشاريع البنية التحتية.
في السياسة الخارجية، التي لا يبدو انها في اولويات الرئيس الاميركي في المدى القريب، من المتوقع ان يحافظ اوباما على الخطوط العريضة الحالية من دون ادخال تغييرات تذكر عليها، حتى لو تغير بعض اعضاء فريقه. وفي هذا السياق، من المتوقع ان تحافظ واشنطن على جلوسها في الصفوف الخلفية للسياسة الدولية، خصوصا تجاه مواضيع الشرق الاوسط. ومن المتوقع ايضا ان تستمر ادارة اوباما في الانفتاح على التيارات الاسلامية التي يتم انتخابها الى الحكم في بعض الدول العربية، مثل مصر وتونس، فيما تحافظ على وتيرة الضغط الاقتصادي والديبلوماسي على ايران، التي تعرض نفسها لضربة عسكرية فقط في حال احس اوباما وفريقه ان طهران عقدت العزم على انتاج اسلحة نووية. 
هذه ابرز الملفات التي سيجدها الرئيس الاميركي على مكتبه ابتداء من اليوم، وهو ليس غريبا عنها.
اما في سياق الاحتفالات، فمن المتوقع ان يطل المستشار الرئاسي المحنك دايفيد اكسلرود على شبكة «ام اس ان بي سي» ليعلن ان نذره تحقق بفوز اوباما بولايات بنسلفانيا ومينيسوتا وميشيغان، وانه تاليا لن يكون عليه حلق شاربيه حسبما وعد قبل ايام، بل سينبغي على مقدم البرنامج جو كلاين ان يطلق شاربيه لخسارته الرهان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق