الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

«ساندي» يضرب شرق أميركا وأوباما يعلن حال «الكارثة الكبرى»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بعد ليل طويل عاشته مناطق الشمال الشرقي للولايات المتحدة، استفاق الاميركيون على خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات تسبب بها الاعصار «ساندي»، الاكبر في تاريخ المحيط الاطلسي. واحصت التقديرات الاولية مقتل 17 مواطنا، فيما بلغت الخسائر المادية قرابة 20 مليار دولار.
وكان الاعصار الذي غطى مساحة بلغ قطرها نحو 700 كيلومتر وصل الشواطئ الجنوبية لولاية نيوجيرزي، آتيا من المحيط، قرابة الساعة السابعة مساء بعدما تسببت الامواج والرياح، التي بلغت سرعتها 150 كيلومترا في الساعة، بفياضانات في المناطق الساحلية لولايات ميريلاند وديلاوير ونيوجيرزي ونيويورك. 
وفور وصوله اليابسة، انخفضت سرعة الرياح وقامت هيئات الرصد الجوية بخفض العاصفة من درجة «اعصار من الدرجة الاولى» الى درجة «ما بعد عاصفة استوائية».
لكن العاصفة، اعصارا كانت ام عاصفة استوائية، لم ترحم البلاد، بل استمرت الرياح العنيفة والامطار الغزيرة وادت الى فيضانات اضافية، خصوصا في جزيرة مانهاتن في نيويورك حيث طمرت مياه المحيط ذات الملوحة مترو الانفاق والحقت به اضرارا فادحة. ويستقل المترو اكثر من خمسة ملايين راكب يوميا، وقدرت السلطات ان تستهلك عملية ضخ المياه خارج الانفاق واصلاحها اسبوعا على الاقل، وهو ما سيتسبب بالشلل للحياة في نيويورك، العاصمة الاقتصادية لاميركا.
وكانت العاصفة «ساندي» اشتدت في فترة بعد الظهيرة، واستمرت على وتيرة عالية حتى منتصف الليل فيما كانت وسائل الاعلام على اختلافها تبث تغطية متواصلة وتعليمات طوارئ، وكان اول من اطل من المسؤولين الرئيس باراك اوباما، الذي علق حملته الانتخابية واعتصم في البيت الابيض. 
اوباما عبّر عن استعداد وجهوزية الحكومة الفيدرالية في تقديم المساعدة اللازمة لحكومات الولايات والادارات المحلية.
ومع حلول الليل، بدأ انقطاع التيار الكهربائي عن المناطق، الواحدة تلو الاخرى، حتى بلغ عدد الاميركيين الذين انقطع عنهم التيار اكثر من سبعة ملايين، وترافق ذلك مع انقطاع في خدمة التلفزيون والانترنت في مناطق اخرى. ومع حلول منتصف الليل، بلغت العاصفة ذروتها ثم بدأت سرعة الرياح بالانحسار تدريجيا لتتحول العاصفة الى طقس غائم وبارد وماطر مح انبثاق الفجر.
ومع انحسار العاصفة، استأتفت الماكينات الانتخابية للرئيس اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني حملتيهما للانتخابات الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل. 
وتضاربت آراء الخبراء حول تأثير العاصفة على حظوظ كل من المرشحين، مع ان الترشيحات الاولية اشارت الى ان اوباما افاد من ظهوره بمظهر «القائد العام» الذي ادار مواجهة البلاد للكارثة الطبيعية بقدرة كبيرة انعكست عليه ايجابا. 
وجاءت ابرز كلمات الثناء التي حازها اوباما من محافظ ولاية نيوجيرزي الجمهوري البارز وحليف رومني كريس كريستي، الذي اطل على شبكات التلفزة ليقول ان اوباما اتصل به شخصيا وعرض عليه اي مساعدة ممكنة. 
واضاف كريستي ان الرئيس الاميركي طلب منه ان يتصل به مباشرة، من دون المرور بمساعديه، في اي وقت. وكان الاتصال الاخير بين الرجلين قرابة منتصف الليل، وسأل فيه اوباما محافظ نيوجيرزي قائلا: «هل هناك اي شيء آخر يمكن ان افعله من اجلكم».
وقال كريستي: «علي القول ان الادارة، الرئيس نفسه ومدير ادارة الطوارئ الفيدرالية (فيما) كريغ فوغايت كانوا رائعين معنا حتى الآن... لدينا شراكة قوية معهم، واريد ان اشكر الرئيس شخصيا لاهتمامه الشخصي بنا». 
واعلن اوباما حال «الكارثة الكبرى» في ولاية نيويورك، ما يسمح بتوفير مساعدة فدرالية للضحايا.
واوضح البيت الابيض في بيان ان هذا القرار «يضع الاموال الفيديرالية في التصرف للاشخاص المتضررين في مناطق برونكس وكينغز وناسو ونيويورك وريتشموند وسافولك وكوينز». كما اعلنت حال الكارثة الكبرى في نيوجرزي.
واعلنت حال «الكارثة الكبرى» ايضا في نيوجرزي حيث انهار حاجز للموج مما ادى الى طمر 3 بلدات بالمياه.
وكانت حملة اوباما ارسلت رسائلها الالكترونية المعهودة الى مؤيديها طلبا للتبرعات، ولكن هذه المرة لجمعية «الصليب الاحمر الاميركي» من اجل المساهمة في تدارك اضرار العاصفة.
تركيز اوباما على مواجهة العاصفة اجبر منافسه ميت رومني على الغاء لقاءته الانتخابية يوم اول من امس، واكتفى بالمشاركة بحفل ذهب ريعه الى اعمال الاغاثة خوفا من مواجهة انتقادات تتهمه بعدم الالتفات الى معاناة الاميركيين في حال استمراره بالنشاط الانتخابي. 
لكن انشغال الرئيس بعيدا عن الانتخابات لم يوقف مستشاريه من الاستمرار في ادارة الحملة، ومساء الاثنين، عقد كبير مستشاري اوباما دايفيد اكسلرود مؤتمرا صحافيا عبر الهاتف قال فيه: «نحن من الواضح نخسر الكثير من الوقت الانتخابي، ولكن هكذا هو الحال». واضاف: «بالنسبة لنا، لا يتعلق الامر بصورة الرئيس، بل الموضوع يتعلق بمسؤولياته، وللرئيس مسؤوليات حقيقية تأتي قبل الشؤون الانتخابية... اما المحافظ رومني، فيمكن ان يقرر بنفسه ماذا يريد ان يفعل في خضم هذه الازمة».
بدوره، قال مدير حملة اوباما جيم ميسينا، في اللقاء الهاتفي نفسه، ان للرئيس انشغالاته، لكن حملته الانتخابية تعمل في غيابه، وهو ما بدا جليا مع استمرار السيدة الاولى ميشال اوباما ونائب الرئيس جو بيدن والرئيس السابق بيل كلينتون في عقدهم لقاءات انتخابية في ولايات اوهايو وفلوريدا وآيوا المتأرجحة انتخابيا. 
وكشف ميسينا ان حملته ستطلق موجة دعائية في ولاية بنسلفانيا، ما يؤشر على ان الحملة صارت تعتقد ان الولاية باتت متأرجحة بعد اسابيع من اعتقاد الجميع انها اصبحت محسومة لمصلحة الرئيس. 
حملة رومني كذلك حاولت الافادة من تسمر الكثير من الاميركيين امام شاشات التلفزة، خصوصا في الولايات التي شملها الاعصار «ساندي» واطلقت اعلانا دعائيا يزعم ان شركة «كرايزلر» تنوي استخدام اموال الحكومة لفتح معامل سيارات «جيب» في الصين مقابل اغلاقها معامل في اميركا. الاعلان اثار ضجة وانعكس سلبا على مايبدو على رومني، اذ كانت شركة «كرايزلر» اول المتصدين له، وقالت انها توسع معاملها في الصين للسيارات التي تنتجها وتبيعها في الصين فقط، ما يعني انها «لا تشحن» فرص عمل اميركية الى هناك.

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

دراسة أميركية: موسكو تسعى لتحديث دفاعات الأسد الجوية تحسباً لحظر دولي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

رجحت دراسة صادرة عن «معهد دراسات الحرب» الاميركي ان تحاول موسكو تزويد الرئيس السوري بشار الاسد بمنظومة صاروخية متطوّرة من الدفاعات الجوية تحسبا لفرض حظر جوي قد تسعى الى فرضه الدول الغربية او تحالف الاطلسي. واعتبرت الدراسة ان اكبر مؤشر في هذا السياق جاء خلال اعتراض تركيا لطائرة روسية متوجهة الى دمشق ومحملة بمعدات ردارات وخبراء روس.

وتابعت الدراسة انه «فيما يتباحث اصحاب القرار في امكان وفوائد ومخاطر وتكاليف الحظر الجوي، يشير عدد من الخبراء الى ان شبكة الدفاع السورية هي الاكثر كثافة ومقدرة في العالم، ومنتشرة اجمالا في الممر الذي يربط دمشق بحلب وعلى الساحل السوري».

وتابعت ان «لدى نظام الاسد 650 موقعا ثابتا للدفاع الجوي، معظمها منظومات (سام - 5) نسبة للمدى والعلو الذي تطاله هذه الصواريخ». واضافت ان «الدفاعات الجوية السورية تتضمن 300 وحدة متحركة معظمها صواريخ (سام 11 -17)، و(سام - 22) ومشتقاتها». 

ورغم قدرات الدفاعات الجوية السورية، أوضحت الدراسة ان هذه الدفاعات الروسية الصنع محدودة في شكل خطير، وان «القوات الجوية لتحالف الاطلسي واسرائيل اظهرت مرارا مقدرتها على اختراق وضرب الدفاعات الجوية الروسية».

الدراسة، التي اعدها الخبير والعضو في الاستخبارات العسكرية السابق جوزف هاليداي، اعتبرت ان الولايات المتحدة «تعرف الكثير» عن الدفاعات الجوية الروسية الصنع، وان القوات الاميركية الحقت بها هزائم في «العراق وليبيا وصربيا ولبنان مع خسائر قليلة». واضافت انه قد يكون الاسد يعمل على اضافة منظومات متطورة متحركة، وان الاجزاء التي اعترضتها تركيا هي جزء من هذه المنظومات.

كما لفتت الدراسة الى ان التجربة السابقة تظهر محدودية قدرات العاملين السوريين على تشغيل هذه الدفاعات، واثارت مخاوف في شأن احتمال وقوع هذه الانظمة الصاروخية بيد مجموعات متطرفة في حال استمرار المواجهات الحالية بين الثوار وقوات النظام.

وحسب الدراسة، فان استخدام نظام الاسد لقوته الجوية يظهر ضعفه المتزايد على الارض، معتبرة ان «ازدياد المقدرة العسكرية للمعارضة اجبر نظام الاسد على الاعتماد اكثر فاكثر على ترسانته»، وقالت انه «في يناير 2012، قام النظام للمرة الاولى باستخدام المدفعية على نطاق واسع في عموم انحاء سورية». وفي يونيو 2012، «بدأ النظام باستخدام المروحيات القتالية في شكل منتظم، وفي اغسطس 2012، بدأ النظام باستخدام المقاتلات في حملات تمشيط وقصف».

الا ان الدراسة رأت ان نظام الاسد استخدم مقاتلاته «بطريقة عقابية وانتقامية بدلا من استخدامها تكتيكيا». واعتبرت ان «معظم الضربات الجوية للنظام كانت لبلدات واحياء سكنية يسيطر عليها الثوار بدلا من استهدافه لاهداف عسكرية للثوار».

وتابعت انه على مدى الاعوام الاربعين الماضية، قام نظام الاسد بشراء اكثر من 600 مقاتلة حربية، وان اوامر الحرب السورية تقضي بالزج بمعظمها في المعارك، «لكن النظام استخدم عددا محدودا من المقاتلات في العام 2012، وبدرجات مختلفة من الفعالية».

على سبيل المثال، تقول الدراسة، «مروحيات (ام اي 8-17) لا تقدر على مهاجمة اهداف ارضية، واعتمد النظام على الرمي ببراميل متفجرة منها». واضافت انه «رغم الرقم الكبير لعدد مقاتلات الاسد، من غير المرجح ان ينجح الاسد في استخدام اكثر من 30 في المئة منها نظرا الى مشاكل مزمنة في الصيانة»، وانه «من غير المرجح ان يستخدم النظام اكثر من 200 طائرة، 150 مقاتلة و50 مروحية»، وان «الرقم الحقيقي قد يكون اقل من ذلك بكثير».

ولاحظت ان لدى الاسد مقاتلات «ميغ 25» و«ميغ 29» لم يستخدمها بعد، «ربما لانه يتركها احتياطا لهجوم جوي خارجي، او انه لا يمكنه استخدامها، وهي المصممة لمعارك جو - جو، في هجمات على اهداف ارضية... كذلك لم يشغل النظام مروحيات (غازيل) ربما لانه لم يضطر الى خوض مواجهة جيوش لديها دبابات».

وفي ابريل 2012، «وعلى اثر مكاسب مفاجئة للثوار في ادلب وحلب، قام النظام باستخدام المروحيات ضد القرى المحررة»، تقول الدراسة، «وفي مايو، بعدما شن الثوار هجمات ضد اللاذقية وادلب وحلب، بدأ النظام باستخدام المروحيات في شكل منتظم للتعويض عن قدرته على المناورة على الارض بعدما نجحت الالغام الارضية في اعاقة تحركات جنوده».

وفي اغسطس 2012، «بعدما صارت خطوط المعركة في حلب اكثر وضوحا، وبعدما استخدم النظام المروحيات الى اقصى قدر ممكن، بدأت القوة الجوية في استخدام المقاتلات بشكل مضطرد مستبدلة بذلك المروحيات». 

وفسرت الدراسة التغيير في تكتيكات الاسد الجوية الى عاملين: الاول هو مشاكل صيانة تواجه المروحيات الخمسين المتوفرة للأسد لاستخدامها، والثاني هو ازدياد قدرات الثوار في اسقاط المروحيات، ما اجبر النظام على استخدام المقاتلات.

الدراسة أوضحت انه على رغم مزاعم المعارضة ان النظام يستخدم قوته الجوية في مناطق الجنوب، الا ان ذلك يبدو انه يحصل في شكل محدود جدا، وذلك على الارجح بسبب تفوق قوات الاسد ارضيا في الجنوب وفي محيط دمشق، وضعفها في حمص وادلب وحلب.

وختمت ان استخدام الاسد للقوة الجوية في صيف وخريف 2012 ادى الى ازمة انسانية متصاعدة، مما اعاد الى الواجهة الحديث عن تسليح الثوار بأسلحة قادرة على التصدي لطائرات النظام، كما تجدد الحديث عن ضرورة فرض حظر جوي دولي حول المناطق السورية المحررة.

الإعصار «ساندي» يغلق الشمال الشرقي للولايات المتحدة

| واشنطن، نيويورك - «الراي» |

اجبر «الاعصار ساندي»، وهو الاكبر في تاريخ المحيط الاطلسي، الرئيس باراك اوباما على اعلان حالة الطوارئ في خمس ولايات هي نيويورك ونيوجيرزي وديلاوير وميريلاند وفيرجينيا فضلا عن العاصمة واشنطن.
وفي اول الخسائر المعلن عنها نتيجة الاعصار سقط قتيلان في انقلاب سفينة تاريخية قبالة نيويورك تم انقاذ 14 آخرين من ركابها.
ووضع محافظو هذه الولايات 60 الف جندي من «الحرس الوطني» في حال تأهب للمشاركة في عمليات انقاذ او رفع انقاض لمرحلة ما بعد العاصفة، التي ادت الى اغلاق اكثر من 15 مطارا محليا ودوليا وتاليا الغاء اكثر من ستة الاف رحلة، فيما اعلنت ادارات مترو الانفاق في كل من نيويورك وواشنطن تعليق خدماتها منذ مساء اول من امس وحتى اشعار آخر. بدورها، اعلنت شركة القطارات «امتراك» ايقاف جميع رحلاتها بين مدن الشمال الشرقي الاميركي.
ويوم اول من امس، استفاق سكان العاصمة والشمال الشرقي عموما على ظلمة بسبب الغيوم الداكنة والامطار الغزيرة والمتواصلة، فيما استمرت سرعة الرياح بالازدياد، وتوقعت الارصاد الجوية ان تصل سرعتها الى اكثر من 150 كيلومترا في الساعة.
هذه الاوضاع الجوية فرضت ما يشبه حظر التجوال على مدن واشنطن ونيويورك وبالتيمور والمدن الكبرى الاخرى في المنطقة. ويوم اول من امس، سارع السكان الى شراء الحاجيات المعيشية الضرورية، ومع حلول الظهيرة، نفدت بعض السلع الاساسية خصوصا مياه الشرب المعلبة والشموع والبطاريات.
ووضعت شركة «بيبكو»، المسؤولة عن تزويد معظم المنطقة بالكهرباء، كل فرق الصيانة التابعة لها في وضع متأهب، واستقدمت 4000 عامل اضافي للتعاطي مع اي حالات انقطاع في التيار الكهربائي، والتي يتوقع ان تحصل في مناطق متعددة وان يستمر التيار منقطعا لايام قبل اصلاح الاعطال واعادته.
وفي واشنطن، اعلنت الحكومة الفيدرالية اقفال مؤسساتها والادارات التابعة لها، ما عدا مؤسسات الطوارئ، والتزم بقرار الاقفال المؤسسات الخاصة والمدارس والجامعات. 
اما في نيويورك ونيوجيرزي وميريلاند، فقد امر المسؤولون بالاخلاء الالزامي لبعض المناطق، فطلب عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبرغ اخلاء جنوبي جزيرة مانهاتن حيث سوق الاسهم وكبرى الشركات المالية، التي اقفلت ابوابها جميعا. 
بدوره، اصدر حاكم نيوجيرزي كريس كريستي امرا باخلاء المناطق الساحلية للولاية خصوصا اتلانتك سيتي المعروفة لدى السياح بكازينوهاتها للقمار وعلبها الليلية، كذلك فعل حاكم ميريلاند روب ماكدونال الذي امر باخلاء المنطقة الساحلية لولايته من السكان والزوار.
اوباما الغى لقاءات انتخابية كانت مقررة في فلوريدا وآثر البقاء في «غرفة الاوضاع» في البيت الابيض حيث عقد لقاءات مفتوحة مع مسؤولي الامن القومي ومع كبار مسؤولي ادارة الطوارئ الفيدرالية (فيما).
ومن المتوقع ان تنجلي تأثيرات الاعصار عن واشنطن مع حلول صباح اليوم الثلاثاء، فيما قد تستمر العاصفة في المدن الشمالية الاخرى مثل نيويورك حتى صباح غد، حسب التوقعات الاولية للارصاد الجوية.
سياسيا، ادى «الاعصار ساندي» الى الغاء عملية التصويت المبكر التي تجري في العاصمة وفي الولايات المذكورة، وهو ما قد يؤثر سلبا في حظوظ الرئيس الاميركي الذي تعول حملته كثيرا على تلك الاصوات.
وفيما علق اوباما حملته الانتخابية للتفرغ لمتابعة الاعصار، تابع منافسه الجمهوري ميت رومني لقاءاته الانتخابية في الولايات المتأرجحة اوهايو والينوي وآيوا، وهي في الوسط الغربي وبعيدة عن مسار الاعصار. وقد يعطي عدم تعليق رومني لحملته الفرصة لاوباما لمهاجمته فيما بعد واعتباره لا يتفاعل وهموم الاميركيين بل يسعى فقط الى تحسين وضعه الانتخابي.
وكان عدد من الخبراء تساءلوا حول تأثير العاصفة على حظوظ المرشحين، فاعتبر البعض انها قد تكون فرصة لاوباما لاظهار مزاياه القيادية، فيما تخوف آخرون من ان تؤدي العاصفة الى دمار يؤثر سلبا في حظوظ اعادة انتخاب الرئيس الاميركي لولاية ثانية.
وفي الوقت الذي كان انتباه معظم الاميركيين مشدودا الى وقائع الاعصار واقترابه من شواطئ الشمال الشرقي، اظهرت استطلاعات للرأي متفرقة ان اوباما يتمتع بتقدم شعبي طفيف على رومني، على الاقل حسب الاستطلاع الاخير الذي اجرته صحيفة «بوليتيكو» بالتعاون مع «جامعة جورج واشنطن» والذي اظهر الرئيس الاميركي متقدما بنقطة مئوية واحدة على منافسه الجمهوري.

الأحد، 28 أكتوبر 2012

أوباما يصارع رومني و... «ساندي»


| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

على وقع الانباء السارة للرئيس باراك اوباما والتي اشارت الى تحقيق الاقتصاد الاميركي نموا اكبر من المتوقع للفصل الثالث من هذا العام بلغ 2 في المئة، اظهرت احدث استطلاعات الرأي تقدما طفيفا للرئيس الاميركي الذي يسعى الى ولاية ثانية في مواجهة منافسه الجمهوري ميت رومني.
بيد ان اوباما وجد نفسه فجأة في مواجهة ما لم يكن في الحسبان مع اقتراب «الاعصار ساندي» من الشواطئ الشمالية الشرقية للولايات المتحدة، حيث يتوقع ان يتجه غربا، وان يشمل مساره عددا من الولايات التي يعول عليها الرئيس الاميركي لتحقيق انتصاره.
واذا ما اثر الاعصار، او نتائج الدمار التي من المتوقع ان يتركها، على كثافة الاقتراع، فان المتضرر الاكبر سيكون اوباما نفسه لان «ساندي» سيسير في ولايات ديموقراطية، فيما الولايات الجنوبية المؤيدة لرومني والجمهوريين ستبقى في منأى عنه، وتاليا تتحرك القاعدة الجمهورية بكثافة انتخابية اكبر.
أما في الولايات المتأرجحة، فنتائجها ستتأثر بحسب مسار الاعصار وبحسب المقاطعات التي سيشملها وتلك التي سيحيد عنها.
ويقول لاري ساباتو، الخبير في جامعة فيرجينيا، انه «اذا ما قيض لاوباما تحديد مسار الاعصار، الذي سيؤدي كذلك الى عاصفة ثلجية مثلا في ولاية فيرجينيا، فهو سيرسله الى وادي شاناندوا والى جنوب غرب الولاية حيث يريد اقبالا منخفضا في هذه المناطق ذات الاغلبية الجمهورية».
ويضيف ساباتو: «اما اذا قيض لرومني تحديد مسار العاصفة الثلجية، فهو سيرسلها الى الممر الممتد من فيرجينا الشمالية (ضواحي واشنطن العاصمة) جنوبا الى (عاصمة فيرجينيا مدينة) ريتشموند، اذ ان اصوات اوباما في هذه الولاية ستأتي من هذه المناطق».
وتأتي هذه التوقعات في وسط حديث حول استمرار برودة القاعدة الناخبة للحزب الديموقراطي، في مقابل سخونة الجمهوريين. لذا، تصب الماكينة الانتخابية لاوباما اهتمامها على «اخراج الصوت»، اي محاولة تحفيز المؤيدين. كذلك، عمدت حملة الرئيس الاميركي الى الدعوة الى التصويت المبكر في الولايات التي تسمح بذلك، وفي هذا السياق، قام الرئيس باراك اوباما نفسه بالادلاء بصوته، يوم الجمعة، ليصبح اول رئيس اميركي يقترع قبل يوم الانتخابات.
حملة الاقتراع المبكر انعكست ايجابا على الديموقراطيين، حسب النتائج الاولية، خصوصا في الولايات المصيرية مثل اوهايو المتأرجحة، والتي تقع في مسار «الاعصار ساندي»، فان سارت العاصفة في شمال الولاية الغربي وادت ثلوجها الى تعطيل الحياة فيها، تتراجع حظوظ اوباما بالفوز، وان مرت العاصفة في المناطق الريفية للولاية حيث التأييد الشعبي لرومني، يتأذى المرشح الجمهوري وتتراجع حظوظه للفوز بالولاية.
في هذه الاثناء، اظهرت الارقام ان حملة اوباما نجحت بالاتصال «شخصيا» بـ 22 في المئة من الناخبين لحثهم على الاقتراع يوم 6 نوفمبر، فيما تفوقت عليها حملة رومني التي اتصلت بـ 23 في المئة من الناخبين.
ويعقد مناصرو الحزبين «حفلات» اتصالات تطوعية في المساء في منازلهم، ويقومون بالاتصال بارقام الهواتف التي يزودهم بها مسؤولو الحملات الانتخابية والتي غالبا ما تعود للمؤيدين والمتبرعين. وفي العام 2008، تفوقت «اتصالات» انصار اوباما بناخبيهم بسبع نقاط مئوية على منافسه الجمهوري السناتور جون ماكين.
النشاط الانتخابي لماكينة اوباما، مترافقا مع الاداء الجيد لاوباما في المناظرتين الرئاسيتين الاخيرتين، نجحا في وقف التقدم الشعبي لرومني على اثر الحاق المرشح الجمهوري الهزيمة بمنافسه الديموقراطي في المناظرة الرئاسية الاولى في الثالث من اكتوبر.
وحسب الخبير في شبكة «اي بي سي» الاخبارية غاري لانغر، «استقرت حماسة مؤيدي رومني بعدما ارتفعت في شكل هائل بعد المناظرة الاولى». واعتبر لانغر ان «حماسة مؤيدي رومني لم تتقدم ولم تتراجع منذ مطلع هذا الاسبوع، وتساوت مع حملة اوباما من دون ان تتقدم عليها».
في هذه الاثناء تعاني استطلاعات الرأي الاميركية من تضارب كبير في نتائجها الى حد صار ينتقص من مصداقيتها، فضلا عن ان بعض الاستطلاعات تصدر عن مراكز معروفة بولائاتها الحزبية، مثل راسموسن الجمهوري، و«بي بي بي» الديموقراطي.
لكن خبراء مثل نايت سيلفر توصلوا الى معادلات تأخذ بعين الاعتبار الانحياز الحزبي، وتتوصل الى معدلات يمكن الاستخلاص منها الاتجاه الشعبي العام.
سيلفر اعتبر ان اربع ولايات هي اوريغون ونيومكسيكو ومينيسوتا وميشيغان كانت في خانة المتأرجحة قبل اشهر، لكنها اصبحت محسومة في خانة اوباما اليوم، وهذا بمثابة نجاح سياسي للحزب الديموقراطي خصوصا في ميشيغان، الولاية التي نشأ وترعرع فيها رومني والتي تم انتخاب والده جورج محافظا لها في الستينات.
ولاية بنسلفانيا، التي كانت متأرجحة يوما، يبدو انها استقرت لمصلحة اوباما كذلك، اذ تشير معظم الاستطلاعات هناك الى تقدمه بمعدل خمس نقاط مئوية، يقول سيلفر، الذي يعطي اوباما نسبة 90 في المئة للفوز في الولاية التي «لا تتقلب كثيرا».
كذلك مازال اوباما متقدما في ولايتي ويسكونسن ونيفادا. ويقول سيلفر: «فيما مازال لرومني بعض الحظوظ للفوز في اي من الولايتين المذكورتين، لم يتقدم رومني على اوباما منذ المناظرة الاولى الا في استطلاع واحد في نيفادا، ولم يتقدم في اي استطلاع ويسكونسن».
ويتابع: «اذا ما فاز اوباما في ويسكونسن ونيفادا، فضلا عن ميشيغان، وهو يحقق فيها كلها تقدما واضحا في الاستطلاعات، يصبح في حوزته 253 من اصل 270 من اصوات الكلية المطلوبة لفوزه بولاية ثانية، ما يعني انه سيكون بحاجة الى 17 صوت كلية فقط، واوهايو واصواتها الـ 18 هي الاكثر ترجيحا لان تقدم له الفوز».
ويعتقد سيلفر ان حظوظ اوباما للفوز باوهايو هي 75 في المئة، وانه من الممكن ان يضيف اليها اصوات نيوهامبشير وآيوا، والتي يبدو انه يتقاسمها مناصفة حتى الآن مع رومني. كذلك تظهر ولاية كولورادو المتأرجحة تقدما طفيفا لاوباما.
اما في فيرجينيا حيث الصراع مع رومني على اشده، يبدو التكهن بالفائز شبه مستحيل.
وفي الولايات المتأرجحة التي يبدو ان رومني حصدها، وان حظوظ اوباما فيها اصبحت معدومة، تظهر نورث كارولاينا وفلوريدا.
في ظل هذه الصورة المعقدة، عاد اوباما الى الصدارة التي كان يتمتع بها قبل المناظرة الرئاسية الاولى، حسب معادلة سيلفر، الذي اعطى الرئيس نسبة 74 في المئة للفوز، فيما تراجع رومني الى 26 في المئة، من 35 في المئة قبل اسبوعين.
واللافت انه على الرغم من حظوظ اوباما المتقدمة بسبب تفوقه في عدد اصوات «الكلية الانتخابية»، الا ان معظم استطلاعات الرأي ما زالت تشير الى تأخره في الشعبية عموما عن رومني بواقع نقطة الى خمس نقاط مئوية، وهو ما دفع اكثر الخبراء الى اعتبار ان نتائج الانتخابات قد تأتي مشابهة للعام 2000 حيث فاز نائب الرئيس السابق بالاغلبية الشعبية، فيما تفوق جورج بوش الابن في عدد اصوات «الكلية الانتخابية»، وانتزع تاليا الرئاسة من الديموقراطيين. 


الخميس، 25 أكتوبر 2012

اتفاق أميركي - فرنسي - سعودي على حكومة لبنانية... محايدة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

للمرة الأولى منذ سنوات، عاد لبنان إلى واجهة الاهتمامات الديبلوماسية في العاصمة الأميركية المنغمسة في شؤونها الانتخابية قبل 11 يوماً على انتخابات الرئيس والكونغرس المقررة في 6 نوفمبر المقبل.
وعلمت «الراي» أن ديبلوماسيين كباراً في وزارة الخارجية عقدوا، على مدى الأيام القليلة الماضية، لقاءات واتصالات مع نظرائهم في العواصم المعنية بالشأن اللبناني، وخصوصا الفرنسيين والسعوديين، وانه تم الاتفاق على الخطوط العريضة للسياسة التي ستتبعها هذه الدول تجاه الشأن اللبناني في الاسابيع المقبلة.
تقول مصادر أميركية إن «الدول المعنية اعتبرت ان الاستقرار في لبنان هو الهم الاول والرئيسي للبنانيين كما للمجتمع الدولي»، وان «حكومة (الرئيس نجيب) ميقاتي لم تعد قادرة على المساهمة في تأمين هذا الاستقرار، بل اصبحت جزءا من الازمة خصوصا على اثر الهجوم الارهابي (حادثة اغتيال رئيس شعبة المعلومات في الامن الداخلي وسام الحسن) الاسبوع الماضي».
عليه اتفقت العواصم المعنية «على ضرورة رحيل حكومة ميقاتي»، حسب المصادر الأميركية، التي تقول: «لا نعرف كيف تمت قراءة موقفنا وكأنه تزكية لبقاء حكومة ميقاتي».
ويقول المسؤولون الأميركيون ان «من وجهة نظر اقليمية، لا خوف على استقرار لبنان الذي يكفله حاليا رئيس الدولة ميشال سليمان»، وانه «حتى لو رحل ميقاتي، بامكان سليمان لعب دور صمام الامان حتى التوصل إلى تشكيل حكومة بديلة».
على ان بعض الأوروبيين يعتقدون ان «من الافضل التوصل إلى اتفاق بين الاطراف اللبنانيين على اسم الشخصية السنية التي سيتم تكليفها لتخلف ميقاتي، وعلى التشكيلة الحكومية عموما، قبل رحيل حكومته».
ويقول المسؤولون الأميركيون ان «التفكير يذهب في اتجاه دعم تسمية شخصية تكون اولا من خارج البرلمان والاحزاب السياسية القائمة، وثانيا حيادية وتتمتع بتأييد معظم الاطراف السياسية». على ان هذه المهمة تبدو صعبة من وجهة نظر المجتمع الدولي، وان «كانت ليست مستحيلة».
ويضيف هؤلاء ان هناك اتجاها لتحديد مهمة الحكومة بأمرين هما «الحفاظ على الامن اللبناني والتأكد من ان الاحداث في سورية لن تتمدد باتجاه لبنان»، و«التوصل إلى اقرار قانون انتخابات يضمن عدالة التمثيل في الانتخابات البرلمانية العام المقبل».
باختصار، يقول المسؤولون الأميركيون، «ستكون الحكومة الحيادية المرجو تشكيلها حكومة انتخابات».
ومع ان واشنطن غالبا ما تشدد على احترامها لخيارات اللبنانيين في حكوماتهم، الا ان المصادر الأميركية تذكر ان «للولايات المتحدة حلفاء وأصدقاء داخل لبنان وحول المنطقة، وهو ما يساهم في عملية صنع القرار الأميركي وبناء المواقف من الوضع اللبناني عموماً».

الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

الانتخابات الأميركية على نار حامية وتوقعات الفوز متضاربة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

«من الآن فصاعدا، كل يوم لنا هو كيوم الانتخابات». 
بهذه الكلمات لخص مدير حملة الرئيس باراك اوباما الانتخابية جيم ميسينا واقع الايام الـ 13 التي تفصل الولايات المتحدة عن انتخابات الرئيس والكونغرس المقررة في 6 نوفمبر المقبل.
وفي مؤتمر صحافي عبر الهاتف، اعتبر ميسينا، ان اوباما هو الذي فاز في المناظرة الاخيرة، وهو ما تؤكده استطلاعات الرأي كافة، وشدد على ان مرشحه يتقدم في الاستطلاعات الشعبية وان حظوظ فوزه بولاية ثانية كبيرة. لكن، مثل المسؤولين عن كل الحملات الانتخابية، حذر ميسينا قاعدة اوباما من التقاعس، واعتبار ان الامر ناجز او ان اعادة انتخاب الرئيس مضمونة، وحضّ الديموقراطيين على الاقتراع بكثافة يوم الانتخاب.
على ان ارقام الاستطلاعات لا تظهر تقدما واضحا لاوباما على منافسه الجمهوري ميت رومني، رغم تقدمه الواضح في المناظرتين الثانية والثالثة بعد هزيمته في الاولى، بل تشير الى ان السباق مازال حامي الوطيس، وان الفرصة مازالت سانحة بالتساوي امام المرشحين للفوز بالولاية الرئاسية المقبلة.
ابرز الخبراء الانتخابيين، نايت سيلفر، استبعد ان ينعكس اداء اوباما في المناظرتين الاخيرتين على ارقام الاستطلاعات في شكل جلي، على غرار ما حصل مع رومني بعد المناظرة الاولى. ويعتقد سيلفر ان رومني حصل على فورة شعبية لمصلحته قاربت الخمس نقاط مئوية اثر فوزه على اوباما في المناظرة الاولى، لكن الرئيس لم يحصل على فورة مشابهة بعدما نجح في قلب الصورة.
وعزا سيلفر هذا التباين الى أهمية الانطباع الاولي الذي يتشكل لدى الناخب في الاطلالة الاولى للمرشحين، وصعوبة تغيير هذا الانطباع فيما بعد. كذلك، قال سيلفر، في صفحته «538»، ان المناظرة الثالثة جاءت في الوقت نفسه الذي كانت تقام فيه مباريات كرة القدم الاميركية ولعبة «البايسبول»، وهو ما ادى الى انخفاض في اجمالي المشاهدين.
واضاف الخبير الاميركي ان المناظرة الاخيرة تمحورت حول السياسة الخارجية، وهو امر لا يهم معظم الناخبين الاميركيين اصلا. 
بيد ان سيلفر توقع تحسنا طفيفا في شعبية اوباما بواقع نقطة او نقطتين مئويتين في الوقت المتبقي حتى موعد الانتخابات، وهذا برأيه ارتفاع كاف لإبقاء آمال الرئيس الاميركي حية في الفوز بولاية ثانية. 
من ناحية ثانية، يعتقد عدد من الخبراء الاميركيين ان تباينا بين النتائج الشعبية، التي قد تأتي في مصلحة رومني، وحصيلة مجموع «اصوات الكلية»، التي يرجح ان تصب في مصلحة اوباما، ستكرر سيناريو انتخابات العام 2000، عندما فاز المرشح الديموقراطي نائب الرئيس آل غور بالغالبية الشعبية، فيما فاز المرشح الجمهوري جورج بوش الابن في «اصوات الكلية» بعدما حسمت «المحكمة الفيديرالية العليا» نتائج ولاية فلوريدا المتنازع عليها في حينه لمصلحة بوش.
وكتب الخبير المرموق تشارلي كوك في صحيفة «ناشونال جورنال» انه «على رغم ان ارقام اوباما الشعبية لم تعد تتراجع، مازال في سباق متقارب جدا، اذ يتأخر شعبيا عن رومني بمعدل نقطة الى اربع نقاط مئوية، فيما يحافظ على تفوق هزيل في الكلية الانتخابية».
واضاف كوك «ان الحزبيين الذين مازالوا يأملون بأن يحقق مرشحهم تقدما مسبقا في السباق الرئاسي سيصابون بخيبة امل، فالسباق مقدر له ان يكون متقاربا، مع نتيجة غير متوقعة حتى النهاية».
واعتبر كوك ان من بين الولايات العشر المتأرجحة، نجح اوباما في تأكيد تفوقه في ميتشيغان وبنسلفانيا، ويحافظ على تقدم واضح في اوهايو ونيفادا، وتفوق بسيط في كولورادو وآيوا ونيوهامبشير وويسكونسن، اي ان اوباما يحصد حتى الآن اصوات ثماني من هذه الولايات.
بدوره يتمتع رومني بتفوق يبلغ 5 نقاط مئوية بين الناخبين المحتملين في عموم البلاد، حسب استطلاع «غالوب» الشهير، فيما اظهر الاستطلاع نفسه ان الرئيس الاميركي قلص الفارق مع رومني بين الناخبين المسجلين الى نقطة مئوية واحدة فقط. 
وفي احدث الاستطلاعات التي تجرى على صعيد الشعبية عموما، ورد في الاستطلاع الذي اجرته محطة «اي بي سي» بالتعاون مع صحيفة «واشنطن بوست»، تقدم اوباما شعبيا بنقطة مئوية واحدة، وهو امر جيد بالنسبة لاوباما، مع ان الخبراء يعتقدون ان اي فارق اقل من ثلاث نقاط مئوية هو بحكم التعادل اذا ما اخذنا بعين الاعتبار هامش الخطأ.
ولأن الاستطلاعات المتضاربة تدل في معظمها الى تعادل، كثفت الحملتان من نشاطاتهما، فعمد فريق اوباما الى طباعة 4 ملايين كراس فيها «خطة اوباما» للنمو الاقتصادي حملت عنوان «خطة من اجل فرص العمل والامن الاجتماعي للطبقة الوسطى»، وذلك ردا على الاتهام المتكرر من الجمهوريين ان لا خطة انقاذية لدى الرئيس الاميركي. وباشرت حملة اوباما بتوزيع الكراس في مكاتبها الانتخابية المنتشرة في الولايات العشر المتأرجحة، وفي الاحتفالات الانتخابية المختلفة.
كذلك، يجوب اوباما هذه الولايات ليل نهار، ويعقد لقاءات انتخابية، ويدلي بخطابات لتحفيز قاعدة الحزب الديموقراطي. كذلك يفعل رومني الذي صادف ان مرت طائرته بجوار الطائرة الرئاسية في اكثر من مناسبة وفي اكثر من مطار في هذه الولايات.
وفي الوقت نفسه، قامت كل حملة بزيادة في انفاقها على الدعاية الانتخابية في الولايات العشر المتأرجحة، ويتوقع الخبراء ان يبلغ حجم الانفاق الانتخابي في هذه الولايات ملياري دولار مع حلول 6 نوفمبر. 
وقام اوباما ببث دعاية يظهر فيها مخاطبا الاميركيين، ومتحدثا عن خطته ومهاجما خطة منافسه متهما اياه بأن «الحساب (الاقتصادي) وفق خطته لا يعمل». اما رومني، فبثت حملته اعلانا يظهر فيه وهو يهاجم الرئيس اثناء المناظرة الثالثة ويتهمه «بالاعتذار» من دول حول العالم وبعدم زيارته اسرائيل منذ انتخابه رئيسا في 2008.

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

أوباما «سحق» رومني في مناظرة «السياسة الخارجية»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

حقق الرئيس باراك اوباما فوزا مؤكدا على منافسه الجمهوري ميت رومني في المناظرة الثالثة والاخيرة بينهما، اول من امس، باعتراف السياسيين والمحللين الجمهوريين كما الديموقراطيين. وكان الرئيس الاميركي حيويا وصارما، فيما بدا رومني مهزوزا.
رومني حاول تبني معظم مواقف اوباما، وجزم انه في حال انتخابه، لن يتدخل عسكريا في سورية، وانه موافق على الانسحاب من افغانستان في 2014، كما اثنى على نجاح الادارة في التخلص من الكثير من زعماء «تنظيم القاعدة».
اما الاختلاف الوحيد بين الرجلين فتمحور حول الملف الايراني، اذ جدد اوباما تمسكه بمبدأ معارضته حيازة ايران «سلاح نووي»، فيما قال رومني انه يعارض «حيازة ايران على مقدرات نووية»، وموقف رومني هذا اقرب الى الموقف الاسرائيلي، ويعني انه في حال انتخابه، سيعمل على دفع ايران الى وقف عملية تخصيب اليورانيوم برمتها وربما السماح لها بالحصول على كميات محددة من الوقود النووي او القضبان النووية الضرورية للابحاث والعلاجات الطبية.
وبرز الاختلاف حول ايران الى حد انه عندما طلب المحاور في شبكة «سي بي اس» بوب شيفر من المرشحين تحديد «الخطر الابرز» في رأيهما على الامن القومي للولايات المتحدة، اجاب اوباما «الشبكات الارهابية» فيما قال رومني «ايران النووية».
ومع ان المناظرة، التي جرت في ولاية فلوريدا، كانت مخصصة للسياسة الخارجية، الا ان المرشحين استطردا احيانا للحديث عن شؤون السياسة الداخلية.
كذلك، تركزت غالبية الحوار حول الشرق الاوسط، باستثناء العشرة دقائق ما قبل الاخيرة التي تم التطرق فيها الى علاقة الولايات المتحدة بالصين.
وكانت لاوباما فرصتين لمع فيهما على حساب منافسه. في الاولى، هاجم رومني اوباما، واتهمه بالعمل على تقليص موازنة وزارة الدفاع، وان ذلك سيؤدي الى تقليص عدد السفن الحربية من اكثر من 300 الى قرابة 250، وهو ما يجعل البحرية الاصغر في تاريخ اميركا منذ العام 1917. ووعد رومني بتخصيص ترليوني دولار اضافيتين لموزانة الدفاع على مدى العقد المقبل.
الا ان اوباما اجاب ان هدفه هو الحفاظ على تفوق نوعية الجيش الاميركية وتقنيته، لا عديده. وقال اوباما متوجها الى رومني ان الولايات المتحدة قلصت منذ العام 1916 «عدد الاحصنة والحربات» التي كان الجيش الاميركي يستخدمها في الحرب العالمية الاولى. واضاف: «لدينا كذلك اشياء ندعوها حاملات طائرات تهبط عليها مقاتلات، والسؤال ليس موضوع لعبة سفن حربية نعدد فيها السفن».
في مواجهة اخرى، اتهم رومني اوباما بزيارته لدول شرق اوسطية مثل مصر والسعودية وتركيا والعراق، ولكن من دون زيارته اسرائيل طيلة فترة ولايته الاولى، فما كان من اوباما الا ان تصدى لمنافسه بالقول «دعنا نقارن رحلاتنا»، متابعا «انا زرت اسرائيل عندما كنت مرشحا (في العام 2008)، وبدلا من ان اقيم عشاءات من اجل جمع التبرعات» للحملة الانتخابية على غرار ما فعل رومني، «زرت ياد فاشيم او متحف الهولوكوست للوقوف... وزرت (بلدة) سديروت وتفقدت بيوت عائلات سقطت في غرف نوم اولادهم صواريخ حماس، وتأملت لو كان هؤلاء اولادي».
وربما لأن رومني كان يعرف ان رصيد اوباما في السياسة الخارجية مرتفع في عيون غالبية الاميركيين، فهو انقلب على مواقفه السابقة، وفي مواقع معينة، عبر عن معارضته لحربي العراق وافغانستان، على عكس ما ينادي به الحزب الجمهوري. وفي احيان اخرى، حاول رومني الهجوم على اوباما لسياساته التي تشوبها «الكثير من الحروب»، مشددا على ضرورة انتهاج سياسات سلمية حول العلم، وهو الامر الذي يتنافى ايضا مع مواقف الجمهوريين ويناقض اوقات اخرى في المناظرة نفسها حينما اتهم رومني اوباما بانه قدم اعتذارات كثيرة لعواصم العالم باسم الولايات المتحدة.
وكان شيفر افتتح المناظرة بالحديث عن الهجوم على القنصلية الاميركي في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي، والتي راح ضحيتها اربعة اميركيين. وعلى عكس المتوقع، لم يشن رومني هجوما في هذا الاطار، فيما تباهى اوباما بنجاح اميركا في بناء تحالف دولي اطاح بمعمر القذافي «صاحب ثاني اكبر كمية من دماء الاميركيين على يديه بعد اسامة بن لادن»، وقال ان الحرب نجحت في الاطاحة بديكتاتور ليبيا من دون خسارة في الارواح الاميركية، وان المشاركة الاميركية انعسكت ايجابا بين الليبيين الذين تظاهروا تعبيرا عن ذلك. 
اوباما بدوره شن هجوما «ليبيا» على رومني بالقول ان المرشح الجمهوري انتقد تورط اميركا في الحرب الليبية، قبل ان يوافق عليها فيما بعد، وهو دليل على تقلب رومني في مواقفه، على حد قول الرئيس الاميركي.
بعد ليبيا، انتقل الحوار نحو سورية حيث بدا تطابقا في موقف الرجلين، اذ شدد كل منهما رفضه لاي تدخل عسكري اميركي هناك، وعارض رومني صراحة امكان فرض اميركا لحظر جوي، واجمع الرجلان ان على بشار الاسد الرحيل، وان «ايامه صارت معدودة»، على حد قول اوباما، كما اتفق المرشحان على ضرورة العمل مع الحلفاء لمساعدة المعارضة السورية للاطاحة بالاسد ومد يد العون انسانيا للاجئين السوريين.
وبعد سورية جاءت ايران حيث نفى اوباما التقارير الاعلامية عن مفاوضات ثنائية بين واشنطن وطهران، مع انه جدد استعداده لها، وقال انه بوسع ايران الانضمام الى مجموعة الدول اذا ما تخلت عن طموحاتها النووية. اما رومني، فحاول الايحاء بأنه كان سيكون اكثر تشددل ضد ايران، لكنه في نهاية المطاف وافق على سياسة العقوبات الاقتصادية وعلى ضرورة استخدام الضربة العسكرية كحل اخير فقط.
وفي ردود الفعل الاولية، عنونت صحيفة «بوليتيكو» ان «اوباما مزق رومني في المناظرة الاخيرة»، فيما كتبت «واشنطن بوست» ان اوباما «ابقى رومني متراجعا». 
وعلق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور جون كيري بالقول ان رومني ونائبه المرشح بول رايان هما «اكثر اثنين لا يتمتعان بخبرة في تاريخ اميركا الحديث» وان «خبرتيهما في الشؤون الخارجية هي صفر»، وان هناك «غياب في الوضوح في كل ما يقولانه تقريبا».

مرشحان وسياسة خارجية واحدة


حسين عبد الحسين 

من المفيد أن يتذكر متابعو السياسة الخارجية الأميركية ان سياسة الانفتاح على بشار الأسد لم تبدأ مع وصول باراك اوباما الى الحكم في كانون الثاني 2009، بل مع دعوة إدارة الرئيس السابق جورج بوش الرئيس الأسد الى مؤتمر أنابوليس للسلام في صيف العام 2007. كذلك، لم يكن اوباما هو من حدد تاريخ انتهاء صلاحية “اتفاقية وضع القوات” التي ابقت الجيش الاميركي في العراق حتى نهاية العام الماضي، بل كان سلفه بوش هو من فعل ذلك.

وفي ملف إيران النووي، كان بوش هو من بدأ الحرب السرية الاستخباراتية وآثرها على ضربة عسكرية مباشرة، وتابع اوباما سياسة بوش واضاف إليها عقوبات دولية. وكان بوش كذلك هو من اعطى امر العمل على اقتفاء اثر اسامة بن لادن، فيما اعطى اوباما الامر بتنفيذ العملية بعد العثور عليه في باكستان.

ومن نافل القول ايضا إن الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، صوتا في الكونغرس للموافقة على حربي افغانستان ثم العراق.
كل هذه الامثلة تشير الى انه على الرغم من كثرة الاختلافات بين الحزبين الأميركيين ومرشحيهما الى منصب الرئاسة، يندر ان تظهر اختلافات كبيرة بينهما في السياسة الخارجية.

في المناظرة الرئاسية الثالثة والاخيرة، التي جرت صباح اليوم في فلوريدا بين اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، اتفق المرشحان في معظم الامور الى حد ان رومني قال حوالي خمس مرات انه يوافق على ما سبقه اوباما بالقول.

ومع ان المناظرة التي امتدت على مدى ساعة ونصف الساعة كانت مخصصة للسياسة الخارجية عموما، الا انها تناولت حصرا شؤون الشرق الاوسط، مع استثناء وحيد هو الصين التي تم الحديث عنها في اقل من عشر دقائق قبل نهاية الحوار.

في المناظرة تناول المرشحان ليبيا وسوريا وايران. ليبيا جاءت على سبيل تصفية الحسابات السياسية بعدما حاول الجمهوريون اتهام اوباما بالفشل في حماية قنصلية بنغازي التي تعرضت الى هجوم في 11 سبتمبر/ ايلول ما ادى الى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز. اما اوباما، فحاول تصوير مشاركة اميركا في الحرب الليبية على انه نموذج لنجاحها في بناء تحالفات دولية تستطيع من خلالها الاطاحة بحكام معادين لاميركا من دون وقوع خسائر في الارواح الاميركية.

عن سوريا، بدا التطابق هائلا بين الرجلين: اجماع على ان ايام بشار الاسد صارت معدودة، وعلى ضرورة رحيله، وعلى رفض اي تدخل عسكري اميركي بما فيه فرض حظر جوي على قوات الاسد.

كما اتفق الرجلان على ضرورة دعم اميركا للمعارضة السورية، وتقديم المساعدات الانسانية للاجئين السوريين الفارين من العنف الدائر، فضلا عن العمل المستمر مع حلفاء اميركا في المنطقة للتنسيق في الموضوع السوري.

عن ايران، ظهر اختلاف – وان كان بسيطا – بين المرشحين.

أوباما اعلن انه لن يسمح لايران بحيازة “سلاح” نووي، وانه من اجل هذا الهدف، قامت اميركا ببناء تحالف دولي نجح في فرض عقوبات اقتصادية قاسية ادت الى خسارة العملة الايرانية لـ80 في المائة من قيمتها. وقال اوباما ان الحل العسكري هو الخيار الاخير، وان بلاده على اطلاع اكبر على البرنامج النووي الايراني خصوصا بفضل زيادة في التعاون الاستخباراتي مع حلفاء اميركا في المنطقة.

أما رومني، فكان موقفه اقرب الى موقف اسرائيل الذي يعارض تمتع ايران بـ “امكانية نووية” بالمطلق، اي ان رومني سيعمل على وقف “تخصيب اليورانيوم” الايراني، ووضع اي نشاط نووي ايراني تحت مراقبة دولية لصيقة. لكن رومني ايد كذلك العقوبات الدولية ووافق ان الخيار العسكري هو آخر الحلول.

وفي المناظرة، تنافس المرشحان على ابراز صداقتهما مع اسرائيل، وحاول اوباما اظهار رومني بانه صاحب مواقف متقلبة، فيما حاول رومني تصوير سياسات الرئيس بالفاشلة واصفا إياها بأنها اضعفت من نفوذ الولايات المتحدة حول العالم، ومشددا على ضرورة حلوله مكان اوباما لاستعادة اميركا لدورها الريادي.

لكن الحديث عن صداقة اسرائيل ودور اميركا ونفوذها العالمي جاءت في اطار التكتيك الانتخابي المطلوب من اجل تحفيز الناخبين.

اما السياسة الخارجية الفعلية، فكانت شبه متطابقة بين الرجلين، ما يحصر الاختلاف بينهما في السياسات الداخلية والاقتصادية فقط، وما يجعل من الانتخابات الرئاسية الاميركية شأنا اميركيا محضا يندر ان تنعكس نتائجه على سائر دول العالم.

الأحد، 21 أكتوبر 2012

مناظرة أوباما - رومني الثالثة والأخيرة الليلة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يستعد المرشحان الرئيس باراك اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني للمناظرة الثالثة والاخيرة بينهما، الليلة، والتي ستتمحور حصرا حول السياسة الخارجية.
وتأتي المناظرة، التي ستقام في ولاية فلوريدا الجنوبية وسيديرها الاعلامي بوب شيفر، قبل 15 يوما من الانتخابات المقررة في 6 نوفمبر، وسيحاول خلالها الرئيس الاميركي الاشارة الى ما يعتبرها انجازاته في السياسة الخارجية، والتي يتفوق فيها الديموقراطيون على الجمهوريين للمرة الاولى منذ عقود، حسب استطلاعات الرأي الاميركية.
وعلى غرار المناظرتين السابقتين، اقام اوباما معسكرا تدريبيا في المقر الرئاسي في كامب دايفيد، بمشاركة كبار مستشاريه والسناتور جون كيري، الذي يلعب دور رومني اثناء الحلقات التدريبية. 
واستباقا لهجوم رومني المتوقع اثناء المناظرة على اداء اوباما لما يعتبره الجمهوريون «فشل» الادارة في التعاطي مع الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي، والذي راح ضحيته اربعة اميركيين منهم السفير كريس ستيفينز، قام فريق اوباما بتسريب المعلومات التي تسلمتها الادارة من «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) حول وقائع الحادثة الى الصحافي دايفيد اغناتيوس.
وكتب اغناتيوس في صحيفة «واشنطن بوست»، اول من امس، ان وثائق الاستخبارات تتطابق مع المعلومات التي قدمها مسؤولو الادارة الى العلن في الايام والاسابيع التي تلت هجوم بنغازي. 
وورد في وثائق الـ «سي آي اي»، حسب اغناتيوس، ان «المعلومات المتوافرة (بعد الهجوم مباشرة) تشير الى ان التظاهرات في بنغازي كانت عفوية، والهمتها التظاهرات (ضد الفيلم المسيء للمسلمين) امام السفارة الاميركية في القاهرة، ثم ما لبثت ان تحولت تظاهرة بنغازي الى هجوم مباشر على القنصلية، وتاليا على المبنى الملحق بها». 
واضافت الوثيقة ان «هناك مؤشرات تدل على ان متطرفين شاركوا في التظاهرة العنفية»، وان «هذا التقييم قد يتغير مع توافر معلومات اضافية يتم جمعها وتحليلها وفيما يتم اجراء المزيد من التقييم على المعلومات الحالية». 
التغيير في تقييم الـ «سي آي اي» لاحداث بنغازي انعكس في تصريحات مسؤولي ادارة اوباما، وهو ما قاله نائب الرئيس جو بيدن اثناء مناظرته مع منافسه الجمهوري عضو الكونغرس بول رايان قبل اسبوعين.
لذا، يعتقد اغناتيوس، المقرب من ادارة اوباما، ان فريق حملة رومني قد يكون اخطأ عندما قرر ان يسلط الضوء على ما اسماه «فشل» اوباما بتهمة «التقلب» في رواية احداث بنغازي.
ومن معسكر رومني، لم ترشح اي معلومات حول الخطوط العريضة التي ينوي المرشح الجمهوري اثارتها في المناظرة، اذ من دون احداث بنغازي، لا يوجد الكثير من الاختلاف بين المرشحين في السياسة الخارجية، بل ان اوباما ابلى بلاء حسنا من وجهة نظر معظم الاميركيين.
وما يجعل من مهمة رومني اصعب هو ان جولته الخارجية في الصيف تحولت الى كارثة، وادت الى ردود فعل سلبية لدى حلفاء اميركا في بريطانيا وبولندا، كما لدى الفسلطينيين اثر زيارته اسرائيل.
وعشية المناظرة، اصدر «معهد بيو» استطلاعا للرأي اظهر ان غالبية الاميركيين يعبرون عن تشاؤمهم حيال «الربيع العربي». 
واظهر الاستطلاع ان نسبة من يعتقدون ان «التغيير في القيادة السياسية في الدول العربية كليبيا ومصرسيؤدي الى تحسينات ايجابية» انخفضت من 42 في المئة في ابريل الى 25 في المئة اليوم. كذلك، ارتفعت نسبة الاميركيين ممن يعتقدون ان «الربيع العربي» لن يؤدي الى تحسينات من 43 الى 57 في المئة.
كما اظهر الاستطلاع انخفاض نسبة الاميركيين المؤيدين لقيام حكومات ديموقراطية عربية على حساب الاستقرار في المنطقة من 37 في المئة الى 30، فيما اعرب 54 في المئة عن تأييدهم لحكومات عربية مستقرة، حتى وان كانت حكومات غير ديموقراطية.
واعتبرت غالبية 63 في المئة من الاميركيين انهم يريدون ان يروا بلادهم «اقل مشاركة في التغييرات في القيادة السياسية في الشرق الاوسط»، فيما اعتبر 23 في المئة فقط انهم يريدون ان يرون بلادهم «اكثر مشاركة».
ومع ان غالبية الاميركيين تريد ابتعاد واشنطن عن شؤون الشرق الاوسط عموما، الا ان الغالبية تبدو مؤيدة لفكرة المواجهة مع ايران لمنع طهران من حيازة اسلحة نووية، اذ جاء في الاستطلاع ان نسبة من يؤيدون «الموقف الحازم» ضد ايران ارتفعت من 50 في المئة في ابريل الى 56 في المئة اليوم، فيما انخفضت نسبة المطالبين بتفادي الصراع الاميركي العسكري مع ايران من 41 الى 30 في المئة.
وبالنظر الى المزاج الشعبي الاميركي، ومع ظهور دلائل جديدة تشير الى ان ادارة اوباما لم تخطئ في موضوع بنغازي وانما تصرفت حسب المعلومات التي قدمتها اجهزة الاستخبارات المستقلة، يبدو ان سياسة اوباما تراعي الشعور الاميركي وتحوز على رضاه، ما يجعل من مهمته الليلة اسهل منها في المناظرتين السابقتين.
ومن المتوقع ان يكرر اوباما لأزمته المعروفة انه نفذ وعوده بالانسحاب من العراق، وبتحديد تاريخ للانسحاب من افغانستان، واعادة تركيز الانتباه الاميركي على المواجهة مع تنظيم «القاعدة» ما ادى الى تصفية زعيمه اسامة بن لادن. 
اما رومني، فسيحاول القاء اللائمة على اوباما لما يعتبره الجمهوريون ابتعاد واشنطن عن حليفتها اسرائيل، وفشلها في ثني ايران عن استمرارها في تخصيب اليورانيوم. كما من المتوقع ان يستخدم رومني شعارات شعبوية ليوجه الاتهامات الى الادارة الحالية بتقاعسها عن المساهمة في الاطاحة بنظام بشار الاسد في سورية.
اما تأثير هذه المناظرة على شعبية المرشحين فمن المتوقع ان يكون محدودا نظرا لتركيزها على شؤون السياسة الخارجية فقط.
في هذه الاثناء، اظهر11 من اصل 13 استطلاعا للرأي مختلفا ان اوباما مازال يحافظ على تقدم ثابت على رومني في الولايات المتأرجحة، فيما اشارت بعض الاستطلاعات على صعيد الولايات المتحدة ككل تقدما ملحوظا للرئيس الاميركي الذي صار يتساوى مع منافسه الجمهوري، في وقت صار السباق يبدو حاميا، ما يعني ان نتيجته لن تحسم حتى موعد اقفال الصناديق يوم الانتخاب.

السبت، 20 أكتوبر 2012

رومني يوسّع تقدمه على أوباما في استطلاعات الرأي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قبل 17 يوما من الانتخابات المقررة في 6 نوفمبر المقبل، يبدو ان تفوق الرئيس باراك اوباما على منافسه الجمهوري ميت رومني في المناظرة الرئاسية الثانية يوم الثلاثاء لم ينعكس حتى الآن في استطلاعات الرأي، حيث يعاني الرئيس الاميركي من نزيف شعبي مستمر.
«معهد غالوب»، الذي يجري استطلاعات مستمرة ويحدث نتائجه يوميا لتعكس معدل ارقام الايام السبعة الاخيرة، اظهر احدث استطلاعاته، اول من امس، ابتعاد رومني في الصدارة بواقع سبع نقاط مئوية، اذ تقدم المرشح الجمهوري الى 52 في المئة مقابل 45 في المئة لأوباما بين الناخبين المحتملين.
ورغم ان الارقام تعكس جزئيا نظرة الاميركيين بعد المناظرة، الا ان اتساع الهوة لمصلحة رومني يشير الى ان ما بعد المناظرة الثانية لم يؤثر ايجابا في تقليص الفارق، وان اتساعه يعني ان ارقام اوباما استمرت في التراجع رغم ادائه القوي في المناظرة.
والى جانب «معهد غالوب» الوسطي، اظهر استطلاع «راسموسن» اليميني تعزيز رومني تفوقه على اوباما بنقطة مئوية، ليصبح رصيده 49 في المئة مقابل 47 في المئة للرئيس الاميركي. وورد في الاستطلاع المذكور ان «85 في المئة من الديموقراطيين يؤيدون اوباما، فيما يؤيد 87 في المئة من الجمهوريين رومني».
واضاف ان «بين الناخبين غير الحزبيين، يتمتع مرشح الحزب الجمهوري بتقدم يبلغ 9 نقاط مئوية»، كما يتقدم رومني اوباما بعشر نقاط لدى الناخبين الرجال، فيما يتخلف المرشح الجمهوري عن الرئيس الديموقراطي بأربع نقاط مئوية لدى الناخبين النساء.
الا ان «معهد راسموسن» اوضح ان ثلثي عينته الحالية، التي تظهر تقدم رومني شعبيا على صعيد الولايات المتحدة ككل، تم استفتاؤهم قبل مناظرة الثلاثاء، وان النتائج التي ستعكس وجهة نظر الاميركيين بعد المناظرة ستظهر في التحديث الذي يجريه المعهد على ارقام استطلاعاته اليوم.
اما المفاجأة الاكبر فجاءت من موقع «ريل كلير بوليتيكس»، الذي يحتسب معدلات استطلاعات الرأي الاميركية كافة، ويقدم نتائجه محدثة دوريا، التي اظهرت آخرها، وللمرة الاولى، تقدم رومني على اوباما في «اصوات الكلية الانتخابية» بواقع 206 لرومني و201 لاوباما، فيما يبقى 131 صوتا غير محسوما. ويحتاج اي من المرشحين الى الفوز بـ 270 من هذه الاصوات ليفوز بولاية رئاسية.
حتى موقع «تي بي ام» الديموقراطي اشارت احدث ارقامه الى تقدم رومني شعبيا على اوباما بنقطة مئوية واحدة.
وفيما هلل الجمهوريون لآخر نتائج الاستطلاعات، واستخدموها كجزء من حملتهم الدعائية للدلالة على اقتراب مرشحهم من الفوز وعلى حتمية خسارة اوباما، التزم معظم الديموقراطيين الصمت، واكتفت وسائل اعلامهم بالاشارة الى هذه النتائج من دون الاستفاضة في التحليل حول مغزاها الانتخابي.
كذلك، لم تدل استراتيجية اي من الحملتين الى اقتراب الحسم ما في اي من الولايات العشر المتأرجحة، اذ اظهرت البيانات المالية ان الحملتين مازالتا تضخان اموالا هائلة لشراء الدعاية الانتخابية في الولايات المذكورة، ما يشير الى ان كلاً من اوباما ورومني لم يفقدا الامل في اي من هذه الولايات، وانهما مازالا يأملان في اقتناص العدد الاكبر منها.
والى جانب الانفاق المالي الذي يشير الى التوجهات الاستراتيجية لكل حملة، هناك الجولات الانتخابية والخطابية لكل من المرشحين.
تحركات اوباما مازالت تشير الى ثقته بالفوز بالولايات التي كان يتقدم فيها حتى الامس القريب، مثل فلوريدا وفرجينيا وكولورادو، فيما يعمل بجد للحفاظ على تقدمه في ولاية اوهايو المصيرية، حيث ينفق معظم وقته الانتخابي ويخصص معظم جولاته وخطاباته.
اما اذا عرج اوباما على اي من الولايات التي كانت محسوبة له، فذلك يشي بأن حملته صارت تعتقد جديا ان وضعه الانتخابي فيها تراجع، وانها بحاجة الى حضوره ومحاولة استعادتها شعبيا.
كذلك، يحاول اوباما استمالة الناخبين من بين النساء خصوصا بعدما اظهرت استطلاعات الرأي ان اكثر من 54 في المئة منهن يؤيدن حق المرأة في «منع الحمل»، وهو الموقف الذي يتبناه اوباما والديموقراطيون تماما على عكس الجمهوريين.
الا ان رومني اعرب عن تأييده لهذا الحق فجأة اثناء المناظرة الرئاسية الثانية، ما حمل المحللين الجمهوريين على القول ان مرشحهم الرئاسي فعل ذلك «مضطرا» بهدف الوصول الى البيت الابيض، وان قاعدة الحزب «تتفهم ذلك»، وانها مستعدة لمسامحة رومني لان وصوله الى سدة الرئاسة سيعني حكما تنفيذ اجندة الجمهوريين اليمينية المحافظة والمتأثرة بتعاليم الديانة المسيحية، والتي تريد ان ترى الحكومة تفرض حظرا على قيام شركات التأمين وصناديق الرعاية الاجتماعية بتغطية تكاليف «منع الحمل» لدى النساء.
كيف يؤثر رأي النساء في حظوظ اوباما ورومني، وماذا تعني ارقام «غالوب» و«راسموسن» و«تي بي ام» وغيرها؟
«لقد قيل لي انه لم يسبق ان كان اي مرشح رئاسي في الماضي متأخرا الى هذا الحد في استطلاع غالوب كما اوباما اليوم وفاز بالرئاسة»، يقول جون نولتي، المحلل المؤيد للحزب الجمهوري. «اذ كان ذلك صحيحا، فسيحتاج (اوباما) الى اكثر من (تهكمه على تعليق رومني حول النساء في) ملفات لقلب حملته الرئاسية الفاشلة»، يختم نولتي.

الخميس، 18 أكتوبر 2012

اعتقال بنغالي كان ينوي تفجير «الاحتياطي الفيديرالي» في نيويورك

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اعتقل «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف اب آي)، بالتعاون مع الشرطة المحلية في مدينة نيويورك، البنغالي قوازي نفيس، البالغ من العمر 21 عاما، بتهمة محاولة تفجير عبوة ناسفة تستهدف «البنك الاحتياطي الفيديرالي». 
وأظهرت وثائق الادعاء ان نفيس كان يعتقد ان الشاحنة التي ركنها امام البنك فيها عبوة زنتها نصف طن من المتفجرات، وانه كان بامكانه تفجيرها عن طريق خليوي تم وصله بها. الا ان العبوة كانت مزيفة زوده بها رجال الـ «اف بي آي» الذين كانوا يتواصلون معه عبر عميلهم السري، الذي كان نفيس اعتقد انه نجح في اشراكه في المخطط.
وهذه المحاولة رقم 15 لتفجير عبوة في المدينة منذ هجمات 11 سبتمبر 2011.
وكان نفيس دخل الولايات المتحدة بتأشيرة دخول طالب في يناير الماضي منتسبا الى «جامعة ميزوري» الجنوبية، وعمل منذ ذلك الحين على تجنيد مجموعة متطرفة بهدف القيام باعمال عنف في عموم البلاد. واتضح ان احد الذين كان يعتقد انه جندهم كان في الواقع عميلا سريا للاستخبارات الاميركية.
وترجح وثائق المحكمة ان نفيس لم يكن على اتصال بتنظيم «القاعدة»، مع انه صرح بذلك الى العميل السري في يوليو، وتعتبر الوثائق ان نفيس قام بعمله منفردا ومتأثر بالدعاية التي يبثها التنظيم عبر مطبوعة انكليزية كان يصدرها بعنوان «انسباير» وكان يشرف على تحريرها الاميركي من اصل يمني انور العولقي، الذي قتلته القوات الاميركية في اليمن في سبتمبر من العام الماضي.
وقبل محاولته التفجير عبر الخليوي، طلب نفيس من العميل السري تصوير شريط فيديو، ضمّنه تهديدات للاميركيين قال فيها: «لن نتوقف حتى نحرز النصر او الشهادة».
وقالت المدعي العام لوريتا لينش، اثناء الاعلان عن التهم الموجهة الى نفيس، ان المتهم «اعتقد انه كان يسدد ضربة للاقتصاد الاميركي، وانه كان يدير مجموعة من يشاطرونه الرأي». واضافت: «لكن في كل خطوة، كان مخطئا».
وتظهر الوثائق ان نفيس ابلغ العميل السري انه كان لديه «خطة باء» تتضمن قيامه بعملية تفجير انتحارية ان اقتضى الامر. 
وجاءت انباء اعتقال نفيس بعد اقل من يوم على اعلان التحقيقات الاميركية اعتراف الاميركي من اصل ايراني منصور عربسيار انه كان على اتصال بـ «الحرس الثوري» الايراني من اجل تنفيذ عملية كانت تهدف الى اغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير.
ومع ان الانباء في الحالتين تظهر نجاح الادارة الحالية في مكافحة الارهاب، وبالتالي تصب في مصلحة اعادة انتخاب الرئيس باراك اوباما، الا ان انهماك البلاد ووسائل الاعلام بنتائج المناظرة الرئاسية الثانية التي جرت مساء الثلاثاء، وبالمشهد الانتخابي عموما، يطغى على ما سواه من اخبار، بما فيها خبر اعتقال نفيس.
وفي سياق متصل، لاحظ خبراء ان اوباما توقف عن ترديد مقولته ان «تنظيم القاعدة يتراجع». 
وكتب جوش روغان في صفحته في «فورين بوليسي» انه في مناظرة الثلاثاء، «خفف الرئيس باراك اوباما من ادعاءاته حول نجاح الولايات المتحدة في حربها ضد القاعدة، مبتعدا عن جملته التي رددها غالبا اثناء حملته ان التنظيم الارهابي يتقهقر».
ولفت روغان الى ان اوباما كرر حرفيا، في اكثر من خطاب انتخابي، جملته التي يقول فيها «قلت اني سأنهي الحرب في العراق، وفعلت ذلك، وقلت اني سأعيد التركيز على من هاجمونا في 11 سبتمبر، وقد طاردنا قيادة القاعدة كما لم نفعل من قبل، واليوم القاعدة تتقهقر واسامة بن لادن ميت». واعتبر روغان انه اثناء المناظرة الرئاسية الثانية، كرر الرئيس المقطع نفسه لكن هذه المرة حذف منه الجزء الذي يقول فيه ان «القاعدة تتقهقر».
الى ذلك (ا ف ب) نفى اقرباء نفيس صفة التطرف عن الشاب الذي اكدوا انه مسلم ورع لم يظهر أي توجهات راديكالية.
وقال أحد أقرباء قاضي محمد رضوان الاحسان نفيس (21 عاما)، من منزل الأسرة في دكا عاصمة بنغلادش، ان الأسرة تحدثت معه قبل ساعات من القبض عليه الأربعاء، حتى أنهم رشحوا له فتاة للزواج.

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

أوباما نجح في الثأر لهزيمته في المناظرة الأولى

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

نجح الرئيس باراك اوباما في الثأر لهزيمته في المناظرة الاولى امام منافسه الجمهوري ميت رومني بتقديمه اداء رفيعا في المناظرة الثانية بينهما، التي جرت في جامعة هوفسترا في ولاية نيويورك اول من امس.
وفيما كان رومني يتربص فرصة الحديث عن حادثة الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي، والتي ادت الى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز، للاشارة الى فشل سياسة اوباما الخارجية، انقلب السحر على الساحر عندما بدا مرشح الحزب الجمهوري الى الرئاسة مرتبكا ومترددا، وتوجه الى اوباما بالسؤال «انت لم تقل انه كان عملا ارهابيا في اليوم التالي؟»، فاجاب اوباما «تابع حديثك»، فما كان من المحاورة كاندي كراولي الا ان قالت لرومني ان اوباما بالفعل وصف الهجوم بالعمل الارهابي اثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده في «حديقة الزهور» في البيت الابيض في اليوم التالي للهجوم. 
هنا توجه اليها اوباما بالقول: «هل يمكنك ان تقولي ذلك بصوت اعلى يا كاندي؟». وتلعثم رومني، وانقلبت اللحظة التي كان يأمل ان ينقض فيها على اوباما الى لحظة محرجة جدا له، فيما اجمع الخبراء، من غير الجمهوريين، ان «لحظة بنغازي» كانت ابرز مؤشرات تفوق اوباما على منافسه.
ومع انه كان من المقرر ان تتناول المناظرة محاور في السياستين الخارجية والداخلية، الا ان السياسة الخارجية انحصرت في حادثة بنغازي، وفي ترديد اوباما لما يعتبرها منجزاته من ناحية تنفيذ وعده بالانسحاب من العراق، ونجاحه في قتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، وفي نيته الخروج من افغانستان في العام 2014.
اما رومني، فلجأ الى النقاط المعروفة لدى الجمهوريين في انتقاد الادارة لسماحها لايران بالاقتراب «اربع سنوات» من صناعة القنبلة النووية، وللابتعاد عن الحليفة اسرائيل، وللتقاعس عن التحرك في سورية لمصلحة الثوار الى درجة ان رومني وصف سورية بـ «النقطة الاستراتيجية». 
الا ان رومني لم يتوسع في انتقاده، وكذلك لم يحاول اوباما الدفاع عن سياسته في وجه هذه الانتقادات»، فيما من المتوقع ان يستفيض المرشحان في حديثهما عن السياسة الخارجية في المناظرة الثالثة والاخيرة المقررة في ولاية فلوريدا الجنوبية يوم الاثنين المقبل.
في السياسة الداخلية، كرر الرجلان مواقفهما من المناظرة الاولى، مع فارق ان اوباما لجأ هذه المرة الى استخدام كل الادوات الكلامية الهجومية التي يستخدمها الديموقراطيون في الهجوم على الجمهوريين، فتطرق الرئيس في مواقع مختلفة الى كون رومني يسدد 14 في المئة فقط من دخله ضرائب للحكومة، وهي نسبة متدنية مقارنة بالمعدل المتوسطي الذي يقارب 30 في المئة. 
كما لفت اوباما الى الشريط الخاص المسرب والذي يظهر فيه رومني وهو ينتقد 47 في المئة من الاميركيين، ويعتبرهم يعتاشون على نفقة الحكومة، ويقول انهم لن يصوتوا له وانه لن يكون رئيسهم.
ومع ان الحديث عن الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد والطبابة لم يكن مفصلا كما في المرة السابقة، الا ان المرشحان تناوشا حولها، وحوا «سياسة الطاقة» وموضوع خلق وظائف وتحسين الاقتصاد والاستثمار في قطاع التعليم. 
وحاول اوباما خصوصا استمالة الناخبات بالاشارة الى ان رومني يعارض قيام شركات التأمين بتغطية نفقات صحية لهن، مثل تكاليف برامج «منع الحمل»، فيما كرر رومني مقولته ان اكثر من 23 مليون اميركي هم اليوم بلا عمل، وان نسبة البطالة هي اليوم نفسها كاليوم الذي تسلم فيه اوباما الحكم.
كذلك كان الرئيس السابق جورج بوش الابن حاضرا في احد الاسئلة من الجمهور، فمضى رومني يشرح عن الاختلافات بينه وبين الرئيس الجمهوري السابق، معتبرا ان بوش لم يراع المواضيع الاقتصادية ولا حاول مواجهة الصين اقتصاديا. اما اوباما، فاعتبر ان بوش افضل من رومني لان بوش لم يحاول تقويض صندوقي طبابة الفقراء ولا المتقاعدين.
وفي ردود الفعل الاولى كتب كريس كاليزا في «واشنطن بوست» ان الفائز في المناظرة هو الرئيس اوباما، اذ «كان من شبه الاكيد ان انه سيتحسن، وتحسن فعلا، ولكنه فعل اكثر من ذلك، اذ بعد بداية متعثرة، ضبط ايقاعه وقدم الشخصية القوية المطلوبة».
واضاف الكاتب ان «المناظرات تبنى على لحظات، وهذه يتم اعادتها مرارا وتكرارا اثناء التحليلات التي تليها، وكان للرئيس ثلاث منها، الاولى عند قوله ان تعويضه ليس بحجم تعويض رومني، والثانية فوزه، على عكس ما كان متوقعا، في موضوع بنغازي وبمساعدة من كاندي كراولي، والثالثة في خاتمته القوية التي استخدم فيها موضوع الـ 47 في المئة لالحاق الهزيمة بمنافسه». اما صحيفة «نيويورك تايمز» فعنونت ان «المرشحين احضرا قبضتيهما» الى المناظرة فيما بدا وكأنهما على استعداد للعراك، معتبرة ان اوباما، الذي تمتع بحيوية اكبر بكثير من المرة السابقة، «شن هجوما سمح له باملاء اطر المناظرة».
بدوره، كتب المعلق روب سايمون في «بوليتيكو» ان «اوباما كان ذلك الرجل الذي تطلع اليه مؤيدوه قبل اربع سنوات»، وانه «اذا كان لنا ان نصدق استطلاعات الرأي، فان تقدم رومني أخيرا جاء بفضل تحسن صورته لدى النساء، اما في هوفسترا، حاول رومني القضاء على كراولي كما قضى على جيم ليهرر في المرة الاولى، لكن المشكلة لرومني ان كراولي لم تسمح له بذلك، بل بدا وكأنه يحاول مهاجمة امرأة ووضعها في مكانها».
واضاف سايمون: «وعندما حاول رومني اظهار عكس ذلك بقوله انه وظف نسوة كثيرات اثناء عمله محافظا لولاية ماساشوستس، قال انه طلب من مساعديه ان يأتوه بمغلف مليء بالنساء».
وختم: «اوباما كان احسن، اسرع، ادق، نقلاته اسرع وذات ثقة اكبر».
اما الاستطلاعات الاولية، فاظهرت تقدما فوريا لاوباما، وجاء في استطلاع اجرته شبكة «سي بي اس» ان 37 في المئة يعتقدون ان اوباما فاز في المناظرة الثانية، فيما يعتقد 30 في المئة ان رومني هو الفائز، و33 في المئة لم يبدوا اي رأي.

مناظرة مصيرية لأوباما الليلة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

في منتجع هادئ على ضفاف نهر يورك في بلدة وليامزبرغ التاريخية في ولاية فيرجينيا، اقام الرئيس الاميركي باراك اوباما معسكرا تدريبيا استعدادا لمناظرته الرئاسية الثانية الليلة في وجه منافسه الجمهوري ميت رومني، والتي تستضيفها «جامعة هوفسترا» في مدينة نيويورك وتقدمها الاعلامية في محطة «سي ان ان» كاندي كراولي.
ومن نافل القول ان مناظرة الليلة قد تكون «المحطة المصيرية» الابرز في حياة اوباما السياسية، فعليها يتوقف الكثير من حظوظه في الانتخابات المقررة في 6 نوفمبر المقبل وامكان احتفاظه بالرئاسة لولاية ثانية. 
صفوف الفريق الرئاسي لم تتبدل عن معسكر المناظرة الاولى قبل اسبوعين، والتي قدم فيها اوباما اداء «مزريا» سمح لرومني بقلب ارقام استطلاعات الرأي بعدما كان الرئيس متفوقا ومتجها الى ما يبدو انه فوز سهل ومؤكد.
مع اوباما في وليامزبرغ، حضر اكبر مستشارين رئاسيين، دايفيد اكسلرود ودايفيد بلوف، المعروفين بالـ «دايفدين»، الى جانب المسؤولين سابقا في البيت الابيض والمتفرغين اليوم في حملة اوباما الرئاسية انيتا دن ورون كلاين. 
ولأن مناظرة اللية ستغطي السياستين الداخلية والخارجية، اضاف اوباما الى فريقه نائب مستشاره للامن القومي بن رودز، فيما السناتور الديموقراطي عن ولاية ماساشتوستس جون كيري، والذي يستعد لتولي منصب وزارة الخارجية في حال فوز اوباما بولاية ثانية، يستمر في لعب دور رومني في المناظرات الزائفة التي يخوضها اوباما استعدادا.
بدوره، انكفأ رومني وفريقه الى قصره في ولاية ماساشوستس الشمالية، التي كان محافظا لها قبل سنوات. ويعمل رومني على تكرار ادائه المميز قبل اسبوعين. اما صفوف فريقه فما زالت على حالها، يلعب فيها السناتور الجمهوري عن ولاية اوهايو روب بورتمان دور اوباما، فيما يلعب احد اقرب مستشاريه بيتر فلاهارتي دور كراولي. 
ولأن رومني، وهو على مذهب المورومون وهو انشقاق على المسيحية لا تعترف به الكنيسة، يذهب الى كنيسة المورمون كل يوم احد صباحا، فقد انتقل فريقه الى فندق في الحي نفسه، وانضم اليهم رومني في فترة بعد الظهر حيث تم عقد جولات تدريبية متكررة استعدادا لمناظرة الليلة. وتأتي استعدادات المرشحين على اعقاب تقارير تفيد بأن فورة رومني في الاستطلاعات استمرت على مدى الاسبوع الماضي، وفاقت توقعات الخبراء، خصوصا في الولايات المسماة بالمتأرجحة والتي تشهد اعنف المعارك الانتخابية والدعائية. 
واظهرت استطلاعات الرأي الجمعة الماضي ان رومني يتقدم على اوباما في ستة من اصل سبعة استطلاعات للرأي اجريت في الولايات المتأرجحة.
واظهرت الارقام ان رومني تقدم بواقع اربع او خمس نقاط مئوية منذ المناظرة الاولى على صعيد البلاد ككل، وانه مرشح الآن للفوز في ولايات فلوريدا وكولورادو وفيرجينيا، والثلاثة هي ولايات متأرجحة كانت محسوبة في خانة اوباما قبل المناظرة الاولى. 
على انه على رغم فورة رومني، فان اوباما مازال يتمتع ببعض نقاط القوة، مثل احتفاظه بالصدارة، وان بفارق اصغر من قبل، في ولايات آيوا وويسكونسن ونيفادا، وخصوصا في اوهايو، التي يعتبر كل من الحزبين ان الفوز فيها هو فأل خير اذ لم يحصل ان فاز اي مرشح في سباق رئاسي منذ العام 1900 من دون فوزه بهذه الولاية، باستثناء في انتخابات العام 1960.
واوهايو متأرجحة الى حد انها انتخبت ثلاثة رؤساء ديموقراطيين، وثلاثة جمهوريين. ومع ان اوباما حصد «اصوات الكلية» الـ 18 في الولاية في العام 2008 بفارق نحو 5 نقاط مئوية عن المرشح الجمهوري جون ماكين، الا انه يعمل اليوم بكد للفوز باصواتها مرة ثانية، ما دفعه الى زيارتها 15 مرة منذ بداية هذا العام، فيما سجل منافسه رومني 23 زيارة الى هذه الولاية المتأرجحة في الفترة نفسها. في «جامعة هوفسترا» الليلة، من المتوقع ان يستعيد الرجلان خطابيهما نفسه حول السياسة الداخلية من المناظرة الاولى، مع فارق ان اوباما سيحاول ان «يسدد لكمات» موجعة بدلا من النقاش الهادئ والممل الذي قدمه في المرة الاخيرة.
اما في السياسة الخارجية، فمن المتوقع ان يحاول رومني خلق ثغرة في رواية الادارة المهزوزة حول الاحداث التي رافقت هجوم بنغازي والتي ادت الى مقتل السفير الاميركي وثلاثة اميركيين آخرين في 11 سبتمبر الماضي. على ان اوباما سيحاول بدوره الاشارة الى نجاح ادارته في قتل اسامة بن لادن واكثر من 20 قياديا في تنظيم القاعدة.
كما من المتوقع ان يوجه اوباما سهام نقده الى المواقف المتأرجحة لرومني حول الحربين في العراق وافغانستان، وان يلفت الى الجولة الخارجية، التي انقلبت الى كارثية، التي قام بها رومني في الصيف الى بريطانيا وبولندا واسرائيل، حين اثار غضب البريطانيين بسبب انتقاده لما اسماه ضعفهم في تنظيم الالعاب الاولمبية وحديثه علنا عن اجهزة بريطانيا الاستخباراتية التي من المفترض ان تبقى سرية، ثم هجومه شبه العرقي ضد الفلسطينيين.
وعلى عكس المناظرة الاولى التي لم تسمح مشاركة الجمهور، فان هذه الحلقة ستفتح المجال لاسئلة المشاركين على مدى تسعين دقيقة هي مدى المناظرة.
«ليس امام اوباما الا الفوز»، قال جيم ميسينا مدير حملة الرئيس الانتخابية في حديث مع ناشطين في الحملة في العاصمة الاميركية، امس. «لا تقلقوا، سيكون كل شيء على مايرام، وسنعود الى الصدارة»، يختم المسؤول «الأوبامي».

سياسة أميركا الخارجية.. عود على بدء؟

حسين عبد الحسين

من بين أربعة رؤساء أميركيين سابقين مازالوا على قيد الحياة، اثنان منهم يثيران الحرج اليوم ويحاول العاملون في السياسة في العاصمة الأميركية الابتعاد عنهما قدر المستطاع: الديمقراطي جيمي كارتر، الذي خرج من البيت الابيض في العام 1980 يجرجر أذيال الخيبة مع اقتصاد متهاو وثورة إيرانية تحتجز رهائن أميركيين، والجمهوري جورج بوش الابن الذي توج حربيه في العراق وافغانستان بأزمة مالية حادة ادت الى “الركود الكبير” ابان خروجه في العام 2008.

كارتر يعرف ان صورته في الذاكرة الشعبية متدنية الى حد ان حزبه الديمقراطي لا يستدعيه الى اي من فعالياته، فهو على سبيل المثال لم يحضر مؤتمر الحزب الديمقراطي الاخير الذي رشح الرئيس باراك اوباما لولاية ثانية والذي لمع فيه الرئيس السابق بيل كلينتون.

لكن كارتر وعددا من اركان ادارته، مثل مستشاره للامن القومي زبيغنيو بريزينسكي، يتصرفان وكأن الامر لا يعنيهما، بل يستمران في العمل العام حيث أسس كارتر مركزا خاصا به يعنى بمراقبة الانتخابات حول العالم، واصدر أخيرا كتابا عن ذكرياته في الحكم، قدم نفسه فيه على انه من أحسن الرؤساء في تاريخ البلاد.

الرئيس الآخر الذي خرج ونائبه من الحكم واستطلاعات الرأي تشير الى ادنى شعبية لهما في التاريخ الاميركي الحديث هو بوش الابن، لكن بوش انكفأ تماما بعد خروجه من البيت الابيض، ولم يدل منذ ذلك الحين الا بثلاثة خطابات، مدفوعة التكاليف، اثنان منها خارج الولايات المتحدة. حتى كتاب مذكراته في الحكم، لم يعطه بوش الاهتمام اللازم اعلاميا ولم يقم بجولات تسويقية للكتاب.

ومنذ خروج بوش من الحكم، صارت معظم سياساته، خصوصا الخارجية، تثير الحرج لدى معظم السياسيين الاميركيين الذين حاولوا الابتعاد عنها، حتى لو كانوا من مؤيديها في الماضي.

هكذا، صار التدخل العسكري الاميركي في اي بقعة من العالم، وخصوصا في الشرق الاوسط مثل توجيه ضربة الى ايران لمنعها من حيازة سلاح نووي او التدخل في سوريا لحسم الحرب الدائرة لمصلحة الثوار ضد بشار الاسد، صار هكذا تدخل محرما الحديث عنه أو تأييده.

التحرج من سياسات بوش بدا جليا في المناظرة بين نائب الرئيس جو بايدن ومنافسه الجمهوري عضو الكونغرس بول رايان، الاسبوع الماضي، عندما توجه نائب الرئيس الى رايان بصراحة وقال له: قل لي ما الذي ستفعلونه في سوريا مختلف عما نفعله نحن؟ هل ستضعون احذية اميركية على الارض السورية؟ هل سترسلون مقاتلات اميركية الى سماء سوريا؟ ولم يكن من بول رايان الا ان اجاب بالنفي، على الارجح بسبب اعتقاده ان الحديث عن دخول اميركا في اي حرب جديدة سيكون مكلفا سياسيا وشعبيا للجمهوريين قبل اقل من شهر على الانتخابات.

الا ان سياسة تبني “عكس كل ما فعله جورج بوش” يبدو انها قاربت نهايتها، فمقتل السفير كريس ستيفينز في ليبيا، والمؤشرات التي تدل على انفلات الامور في سوريا وصعود التيارات الجهادية المعادية للولايات المتحدة فيها، كذلك مضي ايران في تخصيب اليورانيوم واحتمال اقترابها من صناعة سلاح نووي، كل هذه الامور صارت تشير من وجهة نظر بعض الاميركيين الى ان صيام اميركا التام عن استخدام قوتها العسكرية قد يكون مبالغا به بعض الشيء، ويجدر مراجعته.

وفي هذا السياق، كتب احد ابرز المثقفين والتر راسيل ميد، وهو محسوب على الجمهوريين، ان طول الانتظار في سوريا هو الذي يدفع الامور الى المزيد من التأزيم. وكتب ميد في صفحة “المصلحة الاميركية” في ما يبدو انه مؤشر لبدء الاميركيين في اعادة النظر في سياستهم الخارجية الحالية: “من غير الواضح اليوم ان الشرق الاوسط افضل مما كان عليه قبل اربع سنوات أو ان المصالح الاميركية مؤمنة بشكل افضل”.

هل يعني ذلك عودة اميركا الى سياساتها الخارجية التي انتهجتها في زمن بوش الابن، او الى سياسة شبيهة لها؟

الايام المقبلة تحمل الاجابة، بغض النظر عن هوية الرئيس الذي سيتم انتخابه في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

الأحد، 14 أكتوبر 2012

المحافظون الجدد في أميركا يؤيدون «الربيع العربي» ... واليمين يعارضه

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ينقل مسؤول الشرق الاوسط السابق في مجلس الامن القومي اليوت ابرامز انطباع الرئيس جورج بوش الابن عن نظيره المصري حسني مبارك ان الاخير «متقدم جدا في العمر»، وان مبارك «لن يغير ولن يسمح بالتغيير» في مصر.
ويقول ابرامز انه اثناء غداء جمعه بالرئيس المصري السابق في القاهرة اثر سقوط نظام صدام حسين في العراق العام 2003، ابدى مبارك معارضته للحرب، وقال لضيفه الاميركي ان «العراقيين غير قادرين على الديموقراطية»، مضيفا: «انت لا تفهمهم كما افهمهم انا، انهم يحتاجون لجنرال يحكمهم».
ابرامز، الذي كان وما يزال من ابرز المؤيدين لانهاء علاقة بلاده بالديكتاتوريات العربية ودعم نشر الديموقراطية، يعتقد ايضا ان القمع الذي مارسه الحكام العرب لم يؤذ الجماعات الاسلامية التي تعمل في السر، لكنه آذى كثيرا المجموعات الليبرالية التي تعتمد في ازدهارها على حرية الرأي والكلمة والتظاهر علنا، وهذه لم يكن لها مكان تحت حكم الديكتاتوريات في مصر اوتونس اوليبيا اوسورية، ما ادى الى تسلم المجموعات الاسلامية الحكم بعد سقوط «الديكتاتور» في معظم هذه الدول. الا ان ابرامز، ابرز صقور الادارة الجمهورية السابقة، لا يعترض على انتقال الحكم ديموقراطيا الى الجماعات الاسلامية غير الليبيرالية، رغم معارضته لفلسفتها وممارستها في الحكم. 
لكن رأي ابرامز لا يمثل اليمين الاميركي بأكمله، اذ تعالت اصوات اميركية يمينية منذ اليوم الاول للتظاهرات التي اندلعت في مصر للمطالبة بانهاء حكم مبارك في فبراير من العام الماضي مطالبة ادارة الرئيس باراك اوباما بدعم بقاء مبارك، حليف اميركا، خوفا من تسلم «الاخوان المسلمين» الحكم في مصر. 
هذا الانقسام داخل صفوف اليمين الاميركي، بين «المحافظين الجدد» الذين يؤمنون بضرورة قيام اميركا بنشر الديموقراطية حول العالم وخصوصا في العالم العربي، وبين المحافظين التقليديين الذين يعتقدون بضرورة تمسك اميركا بحلفائها من الديكتاتوريين العرب، لانهم على ما وصفهم وزير الخارجية السابق هنري كيسينجر في الماضي، «اولاد الكلب جماعتنا»، يسود في واشنطن منذ اليوم الاول للانتفاضات الشعبية العربية. هذا الانقسام يدفع الاميركيين ايضا الى تكثيف النقاشات فيما بينهم حول جدوى الربيع العربي وموقف واشنطن الانسب منه. 
«من ايجابيات الديكتاتوريات العربية ان معظم الديكتاتوريين هم حلفاء موثوقون للولايات المتحدة»، يقول روبرت روزنكرانز اثناء المناظرة التي نظمتها جمعيته في نيويورك بحضور دانيال بايبس، الناشط اليميني المعروف، وزهدي جاسر، رئيس «المركز الاميركي الاسلامي من اجل الديموقراطية»، من جهة، ومارك رويل - غريخيت، ضابط «وكالة الاستخبارات المركزية» السابق والباحث في «مركز الدفاع عن الديموقراطريات» اليميني، وبرايان كاتوليس، المقرب من ادارة اوباما والباحث في «مركز التقدم الاميركي» اليساري، من جهة اخرى. 
وقال روزنكرانز، اثناء تقديمه للمناظرة بين الجانبين، ان «من سلبيات الديكتاتوريين العرب انهم جشعون، ويبقون في السلطة عن طريق وسائل قمعية، واجهزة استخبارات تطفلية على شؤون الناس، وشرطة سرية، وعنف ضد المعارضين».
اما «ايجابيات المجموعات الاسلامية»، حسب روزنكرانز، «فهي ببساطة انهم منتخبون، والديموقراطية جزء اساسي من قيمنا، ولكننا نفكر بالديموقراطية على انها ليبرالية ولكن ما نراه في الشرق الاوسط هو ديموقراطية غير ليبيرالية، اي ديموقراطية من دون حرية تعبير، من دون حرية دين، ومن دون حكم واضح للقانون».
ثم تكلم رويل - غريخيت، وهو من احد ابرز الوجوه التي ايدت حرب العراق، وقال ان على الولايات المتحدة قبول فكرة وصول الاسلاميين الى الحكم، وان هؤلاء «يعتدلون» لدى وصولهم الى الحكم ومواجهتهم للواقع ولشؤون الحكم المعقدة اكثر مما كانوا يتصورون اثناء وجودهم في المعارضة. 
هنا رد بايبس، المؤيد لحرب العراق ايضا، بالقول: «قلت انه عندما يصل الاسلاميون الى السلطة يعتدلون، وانا اجيب، طبعا، حدثني عن ايران، اين هو الاعتدال في ايران؟ ان لا ارى اعتدالا في حكم الاسلاميين في ايران بل ارى حكومة شريرة». 
واعتبر بايبس انه كان على الولايات المتحدة دعم مبارك في محاولة لابقائه في الحكم، مع الاصرار على اجرائه اصلاحات، لان البديل في مصر اليوم هو حكم مبني على الشريعة الاسلامية، على حد قوله.
بيد ان رويل - غريخيت اصر على قوله، واعتبر ان محاولات متعددة حصلت في ايران من اجل ادخال الاعتدال الى الحكم، الا انه تم اجهاضها من قبل المتطرفين الذين يحكمون، وعلى رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي. وقال رويل - غريخيت: «خامنئي اوقف عملية الانتقال الى الاعتدال في العام 1997 وفي العام 2009، وبالمناسبة، عملية الانتقال الى الديموقراطية في الغرب لم تكن جميلة، بل كانت رحلة طويلة».
عن «حكم الشريعة» في مصر، قال رويل - غريخيت: «هناك كثيرون من المصريين ممن لا مشكلة لديهم مع القانون المقدس، ولا اعتقد انه يمكن لك ان تأخذ القانون المقدس -- كما حدث في بلدان شرق اوسطية اخرى، ورميه». واضاف: «رئيس تونس السابق زين العابدين بن علي فعل ذلك، اخذ القانون المقدس ورماه بعيدا، لكن الحل هو في الارتقاء والتطور، لا حل آخر». وختم متوجها الى بايبس: «لقد لفتت الى مبارك، وانه كان علينا حثه على الاصلاحات، لقد حاولنا ان نحثه، وكان في كل مرة يقول، اما انا او الاسلاميون».
اما جاسر، الذي جلس في جهة بايبس معترضا على دعم اميركا للتغيير في الدول العربية، فقال ان «الارتقاء والتطور يكون عبر وقوف اميركا الى جانب الليبراليين الذين يتكلمون ضد الثيوقراطية (حكم رجال الدين)». واضاف ان «الاسلاميين هم نتاج حكم الديكتاتوريات، والحل هو في دعم خط ثالث يتمثل بالليبراليين».
هنا تدخل كاتوليس بالقول: «حتما لا يجب ان ندعم الاسلاميين، ما نقوله هو وجوب دعم الولايات المتحدة للنظام الديموقراطي المفتوح، واعتقد انه من التبسيط القول ان الولايات المتحدة دعمت الاسلاميين، بل دعمنا انفتاح النظام حتى تصبح النقاشات ممكنة حول مستقبل هذه البلاد واشكال الحكم فيها».
قول كاتوليس قد يكون مجافيا للواقع، ففي يوليو الماضي، واثناء زيارته القاهرة، قال وزير الدفاع ليون بانيتا: «لقد كنت مقتنعا ان الرئيس (المصري محمد) مرسي هو سيد نفسه، وانه رئيس لكل الشعب المصري». واضاف ان مرسي «ملتزم بصدق تطبيق الاصلاحات الديموقراطية».
لكن بالنظر الى تاريخ مرسي كعضو في «مكتب الارشاد» للاخوان، حسب ابرامز، وبالنظر الى خطوات مرسي ضد حرية الصحافة في اغسطس، والتي لاقت اعتراضات شديدة من الصحافيين وناشطي حقوق الانسان المصريين «ولكن ليس من قبل الادارة الاميركية»، من الغريب كيف «اقتنع» بانيتا بهذه السهولة»، يضيف ابرامز، الذي يختم ان على بلاده دعم الديموقراطيات في العالم العربي، مع وضع شروط على المساعدات الاميركية وتوجيهها نحو الليبراليين وبعيدا عن الاسلاميين.
ابقاء مبارك وبن علي وبشار الاسد، او دعم الليبيراليين ما بعد حكم هؤلاء، او البحث عن اصدقاء بين «الاخوان المسلمين»، كل هذه الخيارات الاميركية ماتزال قيد النقاش في واشنطن، ما يجعل موقفها من «الربيع العربي» متحيرا ومتذبذبا حتى اشعار آخر.

السبت، 13 أكتوبر 2012

تضارب في استطلاعات الرأي وأفضلية لأوباما

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

قبل 24 يوما من الانتخابات الرئاسية الاميركية المقررة في 6 نوفمبر المقبل، اظهرت استطلاعات الرأي تضاربا هائلا جعل من شبه المستحيل تحديد من يتقدم من بين الرئيس الديموقراطي باراك اوباما، الذي يسعى للفوز بولاية ثانية، ومنافسه الجمهوري ميت رومني.
على ان الاستطلاعات ما زالت تعكس بشكل عام تقدما ملحوظا لرومني، مقارنة بارقام تأييده المتدنية منذ اقل من اسبوعين، وذلك بسبب ادائه الجيد في المناظرة الرئاسية الاولى في 3 اكتوبر في دنفر، كولورادو. التقدم الذي احرزه رومني اعطى حافزا لقاعدة الحزب الجمهوري، كما اعطى الحزب فرصة لمحاولة اظهار وكأن فوز رومني بالانتخابات صار محققا، وهو نوع من التهويل المعنوي على الديموقراطيين وقاعدتهم الشعبية لاقناعهم بأن مرشحهم اوباما هو ورقة خاسرة، وان من الافضل لهم البقاء في منازلهم يوم الانتخابات.
وفي هذا السياق، ابرز موقع «تقرير دردج» اليميني الجمهوري معدل ارقام كل الاستطلاعات التي اجريت حتى الآن، والذي يقدمه موقع «ريل كلير بوليتيكس». وكتب «تقرير دردج» عنوانا مفاده ان الارتباك يسود صفوف الديموقراطيين بعدما اظهر معدل الاحصاءات تأخرهم في الولايات العشر المتأرجحة جميعها، وذلك للمرة الاولى منذ بدء السباق قبل اشهر.
وبالاضافة الى دردج، ساهم موقع «كومنتاري» اليميني في بث الاخبار التي تشير الى حتمية فوز رومني وهزيمة اوباما. وكتبت محررة الموقع الانا غودمان ان في ولاية فلوريدا المتأرجحة صار رومني يتقدم بواقع سبع نقاط مئوية، حسب احصاء «تي بي تي - هيرالد - مايسون ديكسون»، بعدما كان متأخرا بقارق نقطتين في الاحصاء نفسه قبل شهر.
وتابعت غودمان ان احصاء «راسموسن»، وهو مركز قريب من الجمهوريين ايضا، اظهر تقدم رومني باربع نقاط مئوية في فلوريدا. اما احصائيو جامعة سافولك، حسب غودمان، فقرروا غلق مكاتبهم في فلوريدا وفيرجينيا ونورث كارولاينا بعدما ايقنوا ان هذه الولايات لم تعد متأرجحة، بل صارت في حكم المحسومة لمصلحة رومني.
لكن يبدو ان الجمهوريين يعانون من انحياز فاضح ضد اوباما، وان وسائل اعلامهم ومراكزهم الاحصائية لا تنقل صورة السباق الرئاسي بشكل دقيق تماما.
صحيح ان ارقام اوباما تراجعت بعد ادائه المخيب في المناظرة الاولى، الا ان الخبراء الجديين يشيرون الى استمرار تقدمه على الرغم من تقلص الفارق بينه وبين رومني.
ابرز الخبراء الاميركيين، نايت سيلفر صاحب صفحة «538»، اعتبر ان حظوظ رومني مازالت تتحسن، وان فرص انتخابه ارتفعت من 25 في المئة قبل اسبوعين، الى 39 في المئة اليوم. على ان مؤشرات سيلفر، التي تعتمد حسابات دقيقة ومعقدة جدا، مازالت تشير الى ان اوباما سيحصل على 283 صوتا في «الكلية الانتخابية»، في مقابل 254 لرومني، مع العلم ان المطلوب هو 270 صوتا للفوز بالرئاسة.
اما الدليل الابرز على استمرار اوباما في الطليعة فيأتي من عقل الحزب الجمهوري ومستشار الرئيس السابق جورج بوش كارل روف، الذي يعتبر انه على اثر المناظرة الرئاسية الاولى، تحسنت ارقام رومني وتراجعت ارقام اوباما.
لكن استطلاعات روف، وهي غالبا ما تتمتع بدقة ومصداقية كبيرة، تشير الى ان اوباما يحوز على 201 «صوت كلية» مؤكد، و74 تميل صوبه، فيما في حوزة رومني 156 صوتا مؤكدا و35 تميل لمصلحته، وان 72 «صوت كلية» مازالت غير محسومة حتى الآن.
وبحسب ارقام روف، فان مجموع اصوات اوباما المؤكدة والمرجحة يبلغ 275، وهي كافية لفوزه بولاية ثانية، فيما مجموع اصوات منافسه تبلغ 191 فقط.
ختاما، مازال موقع «غالوب» يشير الى ان رومني يتقدم بنقطتين، 49 مقابل 47، على اوباما على صعيد الولايات الخمسين. لكن استطلاع «غالوب» هذا هو معدل استطلاع يومي للايام السبعة الاخيرة، ما يعني انه لا يأخذ بعين الاعتبار تفوق نائب الرئيس جو بيدن على منافسه عضو الكونغرس بول رايان في المناظرة بينهما يوم الخميس، وما يعني ايضا ان نتائج هذه المناظرة لم تظهر بعد وتحتاج الى ايام قليلة لتنعكس في ارقام استطلاع «غالوب».
ولان الخبراء يعتبرون ان مناظرة نائب الرئيس، على الرغم من تأثيرها على المزاج الشعبي العام وخصوصا لدى المناصرين من الجهتين، يندر ان تحدث تغيرات كبيرة في ارقام استطلاعات الرأي، ذلك يعني ان فرصة اوباما الاخيرة ستنحصر بالمناظرتين المتبقيتين له، يوم بعد غد وفي 22 اكتوبر، فان ابلى البلاء الحسن، قد يستعيد صدارته اعلاميا كما في ارقام الخبراء، وان قدم اداء سيئا، فانه سيذهب الى يوم الانتخابات وكل الاحتمالات مفتوحة، بما فيها خروجه من البيت الابيض بعد ولاية واحدة فقط.
على ان ذبذبة استطلاعات الرأي تبدو وكأنها سيف ذو حدين، فمن ناحية، يحاول الحزب المتقدم الايحاء بالنصر لحث المناصرين المنافسين على عدم التصويت يوم الانتخابات، ومن ناحية اخرى، يخشى الحزب المتقدم من ان يشعر مناصروه ان الفوز صار محققا، وان لا حاجة لتوجههم الى اقلام الاقتراع للتصويت، لذا، يبدو ان الحزبين يحاولان الايحاء عموما انهما متقدمان، فيما يتوجهان دائما الى مناصريهما عبر القنوات الداخلية الحزبية بالمناجاة واظهار الضعف لاستدرار العطف، والحصول على تبرعات مالية، وتحفيز المؤيدين على الخروج والتصويت.

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

بيدن اكتسح رايان وأعاد أوباما إلى المنافسة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يخيب نائب الرئيس جو بيدن آمال الديموقراطيين، اذ نجح في اكتساح منافسه الجمهوري عضو الكونغرس بول رايان، في المناظرة التي جرت بينهما في ولاية كنتاكي، اول من امس، وانعش آمال حزبه في استعادة صدارة الاستطلاعات الشعبية، على الأقل حتى موعد المناظرة الرئاسية الثانية والمقررة الثلاثاء المقبل، والتي وعد الرئيس باراك اوباما بأنه لن يكون خلالها «كثير التهذيب» في مواجهة منافسه ميت رومني على غرار المناظرة الاولى الاسبوع الماضي.
واظهر بيدن، الذي انتخب الى مجلس الشيوخ طيلة 36 عاما قبل انضمامه لاوباما في منصب نائب رئيس العام 2008، حنكة كبيرة، وبدا متفوقا في محور السياسة الخارجية، الذي افتتحت به المحاورة مارثا راداتز المناظرة عبر اثارتها موضوع مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين في الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي.
وتوعّد بيدن بمعاقبة مرتكبي هجوم بنغازي، وعندما حاول رايان الهجوم على الادارة لاخفاقها في تأمين الحماية الازمة للقنصلية، تصدّى له بيدن باتهام الجمهوريين، الذين يسيطرون على الكونغرس، بتخفيض المبلغ الذي كانت طلبته وزارة الخارجية في الموازنة لحماية بعثاتها حول العالم بواقع 300 مليون دولار.
وانتقلت راداتز الى موضوع ايران، وحاول رايان اتهام ادارة اوباما بأنها تقاعست في منع ايران من زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، فاجابه بيدن بأنه حتى لو قيض لايران تخصيب كمية كافية من اليورانيوم، فانها ما زالت لا تملك سلاحا لتحوله نوويا، معتبرا ان الولايات المتحدة ستعلم في حال باشرت ايران عملية صناعة هكذا سلاح.
وقال بيدن: «لن ندعهم (الايرانيين) يحصلون على سلاح نووي... نحن نشعر اننا نستطيع ان نوجه لهم ضربة حاسمة... واذا ما اضطررنا يوما للقيام بذلك، سيكون العالم خلفنا على عكس ما كانت عليه الحال عندما تسلمنا الحكم».
راداتز سألت بيدن حول قرار الادارة المشاركة في حرب ليبيا لوقف مقتل المدنيين، في وقت ترفض اليوم المشاركة في حرب في سورية للسبب نفسه، فأجابها بيدن مكررا النقاط التي يرددها اركان الادارة من ان حجم سكان سورية، وكثافتهم السكانية، اكبر بخمسة اضعاف منها في ليبيا، وان انفلات الامور في حال الحرب في سورية يهدد باشعال المنطقة عموما.
هنا، حاول رايان اقتناص هدف سياسي بالقول انه ورومني سيتصرفان في شكل مختلف تماما عن ادارة اوباما في موضوع سورية، فما كان من بيدن الا ان احرجه مطالبا اياه بتفاصيل اكثر، وقال بيدن: «ماذا ستفعلون؟ هل ستضعون احذية اميركية على الارض في سورية؟ ام انكم ستضعون مقاتلات اميركية في السماء السورية؟». وارتبك رايان، الذي اخذ يردد انه ورومني سيعملان مع حلفاء اميركا على تسليح المعارضة ومنع موسكو من تزويد (الرئيس) بشار الاسد بالاسلحة، فقال بيدن ان هذا ما تفعله واشنطن الآن بالتنسيق مع «الاردنيين والاتراك والسعوديين»، وان واشنطن وحلفاءها «على الموجة نفسها» في الموضوع السوري. 
وتابع بيدن ان «آخر ما تحتاجه اميركا هو حرب اخرى في الشرق الاوسط». هنا زاد ارتباك رايان، وحاول القول ان «الادارة محقة» في موضوع حصر تدخلها العسكري في سورية باستخدام الاسد للاسلحة الكيماوية. لكن راداتز لم تمهل المرشح الى منصب نائب الرئيس، فعالجته بسؤال حول مقاييسه لتدخل اميركا عسكريا حول العالم، فاجاب: «المصالح الاستراتيجية للشعب الاميركي»، فتابعت قائلة: «الا يجب ان نتدخل في الحالات الانسانية»، فلم يكن امام رايان الا التمتمة للخروج من مأزقه.
ولم يمنح بيدن رايان فرصة حتى في السياسة الداخلية، فانقض عليه بهجوم تلو الآخر كان ابرزها عندما انتقد رايان اوباما وادارته لانفاقهم ما يقارب التريليون دولار كجزء من «خطة تحفيز الاقتصاد» في 2009، فما كان من بيدن الا ان اجاب بالقول انه سبق ان تلقى رسالتين من رايان نفسه يطلب فيهما اموالا من تلك التي كانت مرصودة في الخطة لمصلحة ناخبيه في ولايته ويسكونسن. 
وكررت راداتز السؤال «هل طلبت اموالا من مبلغ خطة التحفيز»، فأجاب رايان متلعثما ان هذا ما يفعله اعضاء الكونغرس عندما يطلب منهم ناخبوهم تزكيتهم.
وحول موضوع الضرائب ونية رومني ورايان تخفيضها الى 20 في المئة من الدخل لكل اميركي من دون تكبيد الخزينة 5 تريليونات دولار من العجز الاضافي في السنوات العشر المقبلة، هاجم بيدن بضرواة، وساندته راداتز التي سألت رايان عن «الثغرات» التي ينوي ورومني اغلاقها لسد عجز 5 تريليونات متوقع في حال خفض الضرائب، فقال رايان ان الثغرات سيتم تحديدها بالاتفاق مع الحزب الديموقراطي لاحقا. 
هنا اصر بيدن على التفاصيل، فاصر رايان على ان التفاصيل تأتي بالتشاور بين الحزبين على غرار ما فعل الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان، فما كان من بيدن الا ان اجابه «انا كنت هناك العام 1983 عندما اجتمعنا مع الرئيس ريغان، وقدم لنا لائحة محددة، انتم لا تقدمون اليوم اي لائحة».
ثم انتقل الحوار ليشمل موضوع الصناديق التقاعدية، وهو ما تناظر حوله اوباما ورومني قبل اسبوع كذلك، وحاول رايان تطمين الاميركيين الى ان مكتسباتهم الاجتماعية ستظل بمأمن عن التخفيضات، وان نظام «طبابة المعوزين» سيتم استبداله بقسائم تمنحها الدولة، الا ان بيدن استند الى تاريخه في مجلس الشيوخ في محاربة خصخصة «صندوق الضمان الاجتماعي»، مضيفا «نحن لن نكون جزءا من اي قسائم او خصخصة للضمان». 
ولم يساعد رايان اثارة راداتز لموضوع وقوفه الى جانب الرئيس السابق جورج بوش الابن في محاولة خصخصة هذا الصندوق، وحاول التملص هو من هذا الموقف، الا انه لم ينجح في ذلك.
ختاما، عرجت راداتز على موضوع الاجهاض، وفيما اعتبر بيدن انه على رغم ان ديانته الكاثوليكية تمنع الاجهاض ومن انه يمارس ديانته بانتظام، الا انه لا يعتقد ان دور الحكومة يقضي بتطبيق افكار الكنيسة الكاثوليكية على عموم الاميركيين، وان الموضوع يجب ان ينحصر في اطار الخيار الفردي لكل مواطن او مواطنة. اما رايان، لدى سؤاله ان كان على النساء ان يقلقن في حال انتخابه ورومني لانهما سيعمدان الى نسف القانون الذي يسمح الاجهاض، قال انه لا يستطيع ان يقدم اي وعود في هذا الشأن، وان الموضوع سيتحدد عن طريق الكونغرس المقبل.
في المحصلة النهائية، الحق بيدن هزيمة محققة بمنافسه الجمهوري، واعاد الى الاذهان الاداء المميز لنائب الرئيس الجمهوري السابق ديك تشيني في مواجهة منافسه الديموقراطي السناتور جون ادواردز العام 2004، حين نجح بقلب الهزيمة التي كان الحقها المرشح جون كيري بالرئيس جورج بوش في المناظرة الاولى بينهما.
ورغم تفوق بيدن، لم تعترف معظم وسائل الاعلام الجمهورية بذلك، بل مضت تتحدث عن «فظاظة» بيدن، ومقاطعته لرايان مرارا، وحاولت الايحاء بأن نائب الرئيس كان يختلق الحقائق.
وبغض النظر عن وسائل الاعلام، فان نتيجة المناظرة ستظهر في الايام المقبلة، ومن المرجح ان تشير الى تقدم شعبي ديموقراطي بفضل اداء مميز جدا لنائب الرئيس الاميركي.

الخميس، 11 أكتوبر 2012

أوباما: احسبوا هذه علي

حسين عبد الحسين 

في اتصال هاتفي مع مستشاريه على إثر ادائه المزري في المناظرة الرئاسية الاولى في وجه منافسه الجمهوري ميت رومني الاسبوع الماضي، قال الرئيس الاميركي باراك اوباما تعليلا لفشله: “احسبوا هذه علي”. سأله كبير مستشاريه دايفيد اكسلرود ان كانت المشكلة بالسيناتور جون كيري الذي ساهم في تدريبات اوباما بلعبه دور رومني، فأجاب الرئيس الاميركي انه “لا مشكلة في كيري… كيري كان على ما يرام”.

لم يسبق ان بدا أوباما مهزوما في السياسة الى هذا الحد لدرجة ان غلاف مجلة “نيويوركر” الليبرالية جاء على شكل رسم يظهر رومني يناظر كرسيا، على غرار ما كان فعل الممثل المشهور كلينت ايستوود في مؤتمر الحزب الجمهوري قبل اسابيع.

وكشفت جريدة “نيويورك تايمز” انه في اللحظات الختامية للمناظرة، اعتقد أوباما ان اداءه كان حسنا، وان رومني كان جيدا كذلك. لكن الواقع كان عكس ذلك، ولم يتأخر مستشارو اوباما كثيرا قبل ان يزفوا إليه خبر هزيمته، وبدأوا بمواساة انفسهم بالقول إن خسارتهم تلك الليلة كان ممكن ان تكون اكبر من ذلك بكثير، وان لحسن حظ أوباما، فانه لم يتعثر اي عثرة كلامية فاضحة، كما لم يقدم خصمه رومني اي عبارة ممكن ان تتحول الى شعار او حكمة تردده الاجيال القادمة.

واذا كان أوباما لم يخطئ في المضمون، فمن اين جاءت هزيمته؟ الاجابة هي ببساطة الديموقراطية، التي غالبا ما تتأثر بالشعار والصورة والشكل والخطاب كما المضمون. هكذا، خسر اوباما مناظرة لم يرتكب فيها اي هفوة، وهو ما يبدو انه كان يخيف الرئيس الاميركي اصلا، الذي نقل عنه مقربون قوله إنه يكره المناظرات لانها لا تتعلق بالمضمون بل اكثر بالحركات الخطابية البهلوانية الموجهة الى الاعلام وحيث تتحول اكثر الافكار تعقيدا الى جمل بسيطة وسريعة بهدف ايصال الفكرة الى المشاهدين بسرعة من دون ان تثير الملل داخلهم.

على ان الاسلوب النخبوي لاوباما، بروفسور القانون، لم يرق للاميركيين، وهو، وعلى الرغم من نياته الحسنة، بدا متعجرفا ومملا وباهتا، فانعكس ذلك سلبا على شعبيته وعلى حظوظ اعادة انتخابه لولاية ثانية على ما اظهرت استطلاعات الرأي.


كما المناظرة، كذلك سياسة اوباما الخارجية، التي قد تكون ممتازة او عكس ذلك، ولكن يبدو ان اوباما غير مستعد لتقديمها لزعماء العالم ولا للاميركيين بطريقة تبسيطية تشرح مقصده وتبين وجهة نظره، فيخلق انطباعا بعدم اكتراثه لشؤون العالم وشجونه، يضاف الى اسلوبه النخبوي واستخفافه بمن يعتقدهم ادنى منه مستوى، اذ، في ذمة “نيويورك تايمز”، كان اوباما يحتقر رومني ويعتقد ان المناظرة معه اضاعة للوقت.

في شؤون الداخل، لا يمكن لاوباما ارتكاب الاخطاء – ان في المضمون أو الاسلوب – من دون ثمن في السياسة امام الناخبين. اما في السياسة الخارجية، التي تظهر استطلاعات الرأي ان 3 في المائة فقط من الاميركيين يتابعونها، فما فتئ اوباما يرتكب الخطأ تلو الخطأ، في العراق وسوريا وايران وغيرها، في غياب الحسيب.

والحالة هذه، لو كانت اميركا تعامل سياستها الخارجية كما شؤونها الداخلية، لكنا رأينا اوباما ينزل من عليائه ويجبر على تقديم وجهة نظره تحت طائلة المحاسبة من قبل الناخب الاميركي.

بكلام آخر، لو كانت ديناميكية سياسة اميركا الخارجية كتلك الداخلية، لما كان يكفي على الارجح ان يعتذر اوباما لمستشاريه بقوله “احسبوا هذه علي”، ولكنا ربما رأينا دورا اميركيا عالميا مختلفا كثيرا عما هو عليه الآن.

Since December 2008