الأربعاء، 2 يناير 2013

ألو طهران…؟



حسين عبدالحسين

كتب دايفيد سانغر في صحيفة “نيويورك تايمز” أن إدارة الرئيس باراك أوباما حاولت استئناف الحوار غير الرسمي، الذي كانت بدأته قبل أشهر مع النظام في إيران والذي تم تأجيله بسبب الانتخابات الأميركية. وينقل سانغر عن المسؤولين الأميركيين قولهم إن الإيرانيين “لم يقولوا لا للحوار، لكنهم لم يقولوا نعم كذلك”، أي “أنهم ببساطة لم يجيبوا على اتصالنا”.

الحوار مع إيران هو في صلب السياسة الخارجية لأوباما، والتي وصفها البروفسور في جامعة هارفرد ستيفن والت، في مجلة “فورين بوليسي”، بسياسة “الحد الأدنى”، وقال إن اوباما تفرغ لإصلاح الوضع الاقتصادي الداخلي، ولم يتول زمام المبادرة خارجيا، بل تابع العمل حسب الجدول الزمني الذي كان وضعه سلفه جورج بوش، ان كان في موعد انهاء حربي العراق وافغانستان، أو في قتل أسامة بن لادن.

ويقول والت إن الاتفاق ممكن بين العالم وايران، بشرط ان يقبل العالم تخصيبا محدودا يقوم به الإيرانيون، في مقابل التزام ايران بتوقيع وتنفيذ البروتوكول الإضافي من ميثاق وكالة الطاقة الذرية لحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل. لكن خطوة كهذه ستحتاج الى تنازل من طهران، وهو ان لم يحصل وتم التوصل الى اتفاق رغما عن ذلك، يتم اتهام أوباما بأنه يسعى الى إرضاء النظام الإيراني.


على ان الحوار مع ايران مبني على رؤية اوباما تجاه علي خامنئي، واعتبار ان الأخير لا يرغب فعلا في صناعة سلاح نووي، وهذا الاعتبار مبني على مراقبة مخزون ايران من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة، اذ يعتقد الخبراء أن هذا المخزون لم يتجاوز 91 كيلوغراما بين مايو (أيار) وأغسطس (آب) الماضيين، وأن الإيرانيين عمدوا إلى تحويل أي فائض منه الى قضبان نووية تستخدم في المعالجة الطبية.

لكن مع حلول 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رصدت العواصم العالمية ازديادا في مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب حتى بلغ 135 كيلوغراما. يذكر أن إيران تحتاج الى 200 كيلو من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة للوصول الى تخصيب 90 في المئة، وتاليا لإنتاج مادة كافية لصناعة قنبلة نووية واحدة.
ارتبكت إدارة أوباما وراحت تبحث عن تفسير للزيادة في المخزون الايراني. البعض قال إن ايران زادت من مخزونها كورقة تفاوض، وهي ستتخلى عن الفائض عند التوصل الى اتفاق يتم بموجبه تخفيف بعض العقوبات الدولية عنها. البعض الآخر في ادارة اوباما رأى أن إيران ماضية في تخصيبها حتى تصنيع القنبلة.

ما هي وجهة النظر الأقرب إلى اعتقاد الرئيس الأميركي؟ يصعب تحديد ذلك، ولكن يمكن رصد آراء المبعوث الرئاسي السابق الذي كان مكلفا الملف الإيراني، دينيس روس، والذي يعمل اليوم باحثا في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”.
في كتاباته واطلالاته العامة والخاصة، غالبا ما يعتبر روس أن على العام 2013 أن يكون عام الحسم مع ايران، وأن العقوبات الدولية عليها بلغت ذروتها، فإما يتم التوصل إلى “مساومة كبرى” مع الايرانيين تتخلى بموجبها طهران عن طموحاتها النووية في مقابل برنامج نووي سلمي مراقب دوليا، وانهاء العقوبات وبدء الانفتاح على الغرب واميركا، وإما ضربة عسكرية تنهي البرنامج الايراني.

يذكر أن روس كان واحدا من أبرز الداعين الى تأجيل العمل العسكري ضد ايران اثناء رئاسة بوش، وهو لعب دورا مركزيا فيما بعد في تصميم العقوبات الدولية التي تم اقرارها في مجلس الأمن، وكان يكرر أن أي حل مع ايران يحتاج إلى دفع الأمور إلى أقصاها قبل التفكير في حسم عسكري.
أي سيناريو سيتبنى أوباما مع إيران بعد ارتفاع مخزونها من اليورانيوم المخصب؟ الإجابات متضاربة، ولكن ما يبدو جليا حتى الآن هو أن واشنطن تحاول الاتصال بطهران، فيما الملالي في إيران لا يجيبون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق