الأربعاء، 6 فبراير 2013

واشنطن تمدّ يدها «بحذر» إلى طهران بعد 34 عاماً على اندلاع الثورة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يعتقد المسؤولون الاميركيون السابقون ممن عاصروا فترة الثورة الايرانية، في نهاية السبعينات، ان روح الله الخميني لم يكن ينوي معاداة الولايات المتحدة، بل انه ارسل رسائل ايجابية الى الاميركيين تضمنت لقاء رفيع المستوى انعقد بين رئيس حكومته مهدي بازركان ومستشار الرئيس جيمي كارتر للامن القومي زبيغنيو بريزينسكي في الجزائر. 
ويروي هؤلاء المسؤولون، ان الاستخبارات الاميركية رصدت امكان اقتحام السفارة الاميركية في ايران قبل حدوث ذلك باسابيع، وانها ارسلت رسائل سرية الى الخميني، الذي اكد ان امن السفارة مضمون. بيد ان الخميني كان في مواجهة مع اطراف ايرانية في الداخل، خصوصا اليسارية والشيوعية المؤيدة للاتحاد السوفياتي والمعادية لاميركا. وحتى يتقدم الخميني على هؤلاء، فانه لم يحرك ساكنا عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب السفارة واخذوا 52 رهينة ابقوهم قيد الاعتقال 444 يوما. منذ ذلك الحين، انقطعت العلاقات الديبلوماسية بين اميركا و«ايران الخمينية».
لكن سوء العلاقة لم يحل دون المحاولات السرية بين الطرفين لاعادة المياه الى مجاريها، ومن قبيل ذلك كان هبوط مستشار الرئيس رونالد ريغان للامن القومي روبرت «بد» ماكفرلين في طهران، سريا العام 1986، ولقائه عددا من المسؤولين رفيعي المستوى، كان من بينهم الرئيس علي خامنئي، للتفاوض حول صفقات اسلحة اميركية لايران في مقابل الافراج عن الرهائن الغربيين في بيروت في ما عرف في ما بعد اميركيا بفضيحة «ايران غايت».
اليوم، وبعد 34 عاما على اندلاع الثورة الايرانية، اعلن نائب الرئيس الاميركي جو بيدن رسميا ان بلاده تمد يدها الى طهران، وتتطلع الى عقد مفاوضات ثنائية معها حول ملفها النووي، وربما حول مواضيع اخرى تتعلق بالعلاقات بين البلدين. وجاء اعلان بيدن في الوقت نفسه وفي المؤتمر نفسه المنعقد في ميونيخ والذي شارك فيه وزير الخارجية الايراني علي صالحي وعبّر فيه عن تفاؤله حول اعلان موعد الجلسة المقبلة من المفاوضات في كازاخستان في 26 الجاري.
لماذا التفاؤل الايراني؟ تعتقد الاوساط الاميركية ان طهران تلكأت في التوصل الى اتفاق حول موعد جلسة المفاوضات المقبلة لانها كانت تطلب ضمانات لانجاحها، «اذ يعتقد الايرانيون ان كل جلسة تخرج من دون نتيجة تظهرهم في موقع المعرقل للتوصل الى اتفاق، وهم يحاولون تفادي ذلك». 
وتضيف الاوساط الاميركية ان «تعيين موعد الجلسة المقبلة جاء بعد تأكيدات اوروبية ان مجموعة دول خمسة زائد واحد مستعدة للموافقة على استمرار ايران في التخصيب بنسبة 20 في المئة، في مقابل توقيع ايران للبروتوكول الاضافي لوكالة الطاقة، والذي يضع البرنامج برمته تحت اعين المراقبين الدوليين».
ثانيا، تقول الاوساط الاميركية ان «المجموعة الدولية ابدت استعدادها لربط التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني برفع العقوبات الدولية عن ايران». وتعتبر انه حتى لو ارادت واشنطن للعقوبات ان تستمر، سيكون ذلك صعب دوليا في حال تجاوب الايرانيون مع مطالب المجتمع الدولي في الموضوع النووي.
ختاما، تعتقد الاوساط الاميركية ان لدى الايرانيين انطباع انه في حال تحسنت العلاقات بين طهران والعالم، فان عواصم كواشنطن «لن تمانع في التعاون مع ايران من اجل التوصل الى حل للازمة السورية، ولازمات اخرى في المنطقة».
لكن كما في العام 1979، كذلك اليوم، تخشى دوائر القرار الاميركية من ان لا يقوى اي طرف ايراني على ابرام اتفاق مع المجتمع الدولي، وخصوصا اميركا، خوفا من المزايدات السياسية في الداخل من قبل الخصوم، خصوصا وان ايران تستعد لانتخابات رئاسية في يونيو المقبل.
ويعتقد الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى» مايكل سينغ ان «القاسم المشترك في فشل كل المحاولات السابقة يكمن في ان ايران غالبا ما تبتعد عن اي تحسين عام في العلاقة لانها تخشى الانخراط مع الولايات المتحدة اكثر مما تخاف المواجهة». ويضيف ان «المقاومة للغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، هو احد المبادئ المؤسسة لنظام ايران الاسلامي».
على ان الشعور السائد بين اهل الحل والربط في العاصمة الاميركية هو مزيج من التفاؤل المشوب بالحذر، في وقت تستعد ادارة اوباما الى رأب الصدع مع الايرانيين والحصول على ضمانات من طهران من اجل تحسين العلاقة بين البلدين.
«طبعا لا توجد ضمانات، فجمهورية ايران الاسلامية لا يمكن التنبؤ بها، والعداء وعدم الثقة تجاه واشنطن يتحكم بعدد من صانعي قرارها،» حسب المستشارة السابقة للشؤون الايرانية في وزارة الخاجية سوزان مالوني، في مذكرة ارسلتها الى الرئيس باراك اوباما حثته فيها على محاولة وصل ما انقطع مع الايرانيين.
«اضف الى ذلك»، تكتب مالوني، «ان استمرار الحرب الاهلية في سورية واصرار المتشددين على مواجهة الضغوطات الاقتصادية والحرب السرية قد يطيح بالمبادرة الديبلوماسية ويؤدي الى حرب لا يريدها اي من الطرفين». وتتابع: «مع ذلك، فان بدائل التوصل الى اتفاق تبقى اقل جاذبية من مخاطر الاتفاق، والمردود - اي عالم مرتاح من كابوس قنبلة ايرانية نووية - هو اكثر من كاف لتبرير استثمار وقتك وجهودك في هذا الموضوع».
وتختم مالوني: «اما اذا لم تبد طهران استعدادا للانخراط في شكل جدي، تكون قد استعرضت التزام اميركا بالديبلوماسية على طريق الانتقال الى الخيارات الاخرى».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق