السبت، 25 مايو 2013

أداء «حزب الله» المتعثر في القصير يلفت الأنظار في واشنطن

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في مايو من العام 2008، تداعى نفر من الديبلوماسيين والمحللين الاميركيين الى اجتماع عاجل في وزارة الخارجية وحاولوا تحديد موقع قرية لبنانية لم يكن معظمهم سمعوا باسمها: مرستي.
كيف تمكنت قرية لبنانية متواضعة من الحاق هزيمة نكراء بما يسمى بـ «قوات النخبة» لـ «حزب الله»؟ 
بادر احد المحللين الى القول ان «مقاتلي الغالبية الدرزية في تلك القرية معروف عنهم البأس في القتال»، فيما قال ثان ان «الحظ ممكن انه لعب دورا اساسيا»، واعتبر ثالث ان «الطريق يصل الى مرستي وينتهي هناك، ما يجعلها قرية نائية ويجعل القتال فيها مفاجأة لاي قوة غازية».
ومن المشاركين في الاجتماع من اعتبر ان «الارض كانت في مصلحة المدافعين عن قريتهم، وتاليا ضد مصلحة حزب الله». ختاما، تحدث احد ابرز المحللين العسكريين الاميركيين وقال: «ربما حزب الله لا يتمتع بالقوة التي يدعيها».
منذ نهاية الحرب مع اسرائيل في صيف 2006 وواشنطن تراقب عن كثب وعبر اقمارها الاصطناعية، سرا وعلنا، اعادة «حزب الله» تدريب مقاتليه وتسليح نفسه. 
القوة الصاروخية للحزب جاءت دائما في صدارة الاهتمام الاميركي: نوعية الصواريخ التي يمتلكها والتي يحاول ان يحصل عليها من ايران عبر سورية، وكذلك عدد المقاتلين في الحزب ممن تم تدريبهم في سورية على استخدام هذه الصواريخ. في الدرجة الثانية، اهتمام اميركي متواصل للجوانب الاخرى لقوة الحزب وعلاقته بايران، ونفوذه داخل لبنان على المستويات المتعددة: الامنية، ثم السياسية، فالاجتماعية. 
اما اهم ما تسعى واشنطن الى رصده باستمرار فهو النشاط المالي للحزب، وخصوصا عبر القطاع المصرفي اللبناني وعبر الانتشار اللبناني حول العالم. وغالبا ما يتصدر موضوع ضرورة عزل «حزب الله» عن القطاع المصرفي اللبناني لقاءات الوفود الرسمية الاميركية التي تزور العاصمة اللبنانية وتلتقي المسؤولين فيها. 
وفي الموضوع المالي كذلك، تعتقد واشنطن ان «حزب الله» يساعد طهران على تجاوز العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب نشاطاتها النووية، وهو ما يدفع الولايات المتحدة الى المزيد من التشدد في مراقبة النشاط المصرفي للاثنين، «حزب الله» وايران، وحلفائهما في لبنان.
ويقول مراقبون اميركيون انهم غالبا ما يرصدون التقارير التي تنشرها «الراي» حول نشاطات «حزب الله» العسكرية والسياسية، وكان ابرزها في الفترة الاخيرة الزيارة التي قام بها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى ايران ولقائه مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي. 
كذلك، تقول هذه المصادر انها تابعت عبر «الراي» التفسيرات التي اطلقها مسؤولون في «حزب الله» حول سبب الارتفاع في عدد الضحايا في صفوف مقاتلي «حزب الله» اثناء الايام الاولى لهجوم هؤلاء على القصير السورية في محاولة لانتزاعها من ايدي الثوار السوريين.
المصادر نفسها تعتقد ان «حصر خسارة حزب الله هذا العدد المرتفع من مقاتليه بالالغام الارضية وحدها لا يكفي»، وانه «لا بد من ان الثوار في القصير اعتمدوا مزيجا من الاساليب تتضمن الالغام الارضية، وقصف عبر المدفعية الخفيفة مثل الهاون، واستخدام القناصة، واللجوء الى عمليات مطاردة كرّ وفرّ». 
على ان الانطباع العام السائد في العاصمة الاميركية هو ان الاعلام الموالي للرئيس السوري بشار الاسد ولـ «حزب الله» بالغ في وصف سير المعارك لمصلحته. «ربما كانوا متأكدين من حسمهم المعركة ما دفعهم الى الحديث مسبقا عن حسم لم يأت»، حسب المصادر الاميركية، «او انهم حاولوا استخدام الاعلام كجزء من الحرب النفسية ضد الثوار ومؤيديهم».
كبير الباحثين في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» توني بدران قال للـ «الراي» انه «في الماضي، ربما بالغت عواصم العالم في تقدير قوة حزب الله القتالية، او انها كانت ببساطة مخطئة». وتابع انه «حتى لو نجح الحزب في اخذ القصير، من غير الواضح من الذي سيبقيها تحت سيطرته، فهل يتحول الى قوة احتلال لبنانية في حمص، ويبقي مقاتليه فيها، مع ضرورة المحافظة على خطوط الامداد لهم من لبنان؟» 
هذه المشكلة، حسب بدران، «واجهتها قوات الاسد على مدى السنتين الماضيتين، اذ هي غالبا ما تنجح في الاستيلاء على مساحات من الاراضي من الثوار، ولكن ليس لديها العدد الكافي للمحافظة على هذه المساحات». 
بدران اضاف انه «في وقت يرسل حزب الله المزيد من التعزيزات وقوات النخبة الى سورية، على ايران ان تقلق كيف ساهمت الاحداث في سورية في ابراز ضعف القوة القتالية لهذا الحزب على يد الجيش السوري الحر، الذي كان يفترض ان ينجح حزب الله في القضاء عليه بسهولة». 
وختم بدران: «ان كان الايرانيون اساءوا تقدير قوة حزب الله في مواجهة خصم مثل الجيش السوري الحر، لا نعرف ما هي ادوات القوة الايرانية الاخرى التي تسيء ايران في تقديرها كذلك».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق