الخميس، 13 يونيو 2013

كيري: شراكة أمنية مع مصر معززة بالتمويل تحافظ على قناة مع القيادة العسكرية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اثار اصدار القضاء المصري احكاما بحق 43 عاملا في المنظمات غير الحكومية حفيظة عدد من اعضاء الكونغرس، الذين طالبوا بربط المساعدة الاميركية السنوية الى مصر، والبالغة نحو مليار ونصف المليار دولار، باسقاط القاهرة للاحكام القضائية واحترامها «اصول الديموقراطية»، لكن بعيدا عن الانظار، كان وزير الخارجية جون كيري أرسل مذكرة الى مجلس الشيوخ، الشهر الماضي، ابلغه فيها انه تجاوز الشروط الكونغرسية الموضوعة، وانه قام بارسال المساعدات السنوية.
الاحكام المصرية، مرفقة باستمرار الادارة بارسال المساعدات، دفع برئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الاوسط اليانا روس- ليتنن الى عقد جلسة استماع حول الموضوع، فيما عاودت في الوقت نفسه تحريك مشروع قانون 416، والذي يحمل عنوان «قانون محاسبة مصر والترويج للديموقراطية».
ومع انه من غير المتوقع ان يتم اقرار القانون لا في اللجنة الفرعية ولا في الكونغرس عموما، الا ان اعادة تحريكه تأتي من باب الاصرار على ربط المساعدة الاميركية الى مصر بشروط محددة، حسب ما يطالب بعض اعضاء الكونغرس.
وكانت السلطات المصرية أقفلت 17 مكتبا لمنظمات غير حكومية في 29 ديسمبر 2011، بينها مكاتب تعود لمنظمات اميركية، بتهمة استخدام تمويلا خارجيا من دون ترخيص، واعتقلت 43 عاملا من بينهم سام لحود، ابن وزير المواصلات الاميركي راي لحود، و8 اميركيين آخرين. 
وفي وقت لاحق، تم الافراج عن المعتقلين، وعاد الاميركيون الى بلادهم، لكن المحاكمة استمرت، وصدرت، الاسبوع الماضي، احكاما مختلفة تصل الى السجن 5 سنوات بحق 16 اميركيا.
ومنذ اندلاع الازمة، طالب مسؤولون اميركيون بربط المساعدات الاميركية السنوية، التي تبلغ مليارا و300 مليون دولار كمساعدة عسكرية، و250 مليونا كمساعدات نقدية للمصرف المركزي المصري، باحترام الحكومة المصرية للاصول الديموقراطية، شرطا للحصول على الاموال الاميركية.
ولطالما كانت عضو الكونغرس من الحزب الجمهوري عن ولاية فلوريدا روس- ليتنن معروفة بمعارضتها لانفاق بلادها اي اموال في السياسة الخارجية، وهي عندما كانت رئيسة «لجنة الشؤون الخارجية»، في الكونغرس الماضي، حاولت عرقلة تسديد واشنطن للاموال المتوجبة عليها سنويا الى الامم المتحدة بحجة ان المنظمة الدولية تعمل ضد مصالح اميركا.
روس- ليتنن ليست الوحيدة في الكونغرس ممن يطالبون بوقف الانفاق على السياسة الخارجية، وهي مطالبة تتمتع بشعبية كبيرة في صفوف اليمين الاميركي، خصوصا بين مؤيدي التيار المعروف بـ «حفلة الشاي». 
هكذا، لم تتردد ليتنن و19 من زملائها في الكونغرس من الحزب الجمهوري في استغلال قيام الحكومة المصرية باغلاق المكاتب الاميركية، وقدمت في ديسمبر الماضي، مشروع قانون يشترط ربط المساعدة الاميركية الى مصر باحترام الاخيرة لعمل المنظمات غير الحكومية، واحترام حقوق التعبير والنشاط السياسي، للمواطنين المصريين كما للمقيمين في مصر. 
وفي جلسة استماع عقدتها، اول من امس، طالبت روس- ليتنن في كلمتها الافتتاحية الحكومة المصرية «باسقاط الاحكام»، معتبرة ان هذه الاحكام «مدفوعة بغايات سياسية، لا بحق الاميركيين فحسب، بل بحق منظمات المانية كذلك، ومواطنين من المانيا وصربيا والنرويج ولبنان ورومانيا ودول اخرى».
وتابعت روس- ليتنن ان الاحكام تدين «اعتداء حكومة (الرئيس المصري محمد) مرسي على الحرية، وحقوق الانسان، والديموقراطية، وعلى المصريين انفسهم، وعلينا ان نقف متضامنين مع اولئك الذين يطالبون بتحقيق اهداف الثورة». واضافت انه «من غير المقبول بعد الآن ارسال مساعدة غير مشروطة الى نظام يضطهد ويحاكم من يحاولون مساعدة المصريين الذين ينشدون الحرية والديموقراطية الحقيقية لكل مصر». 
لكن في مذكرته التي ارسلها الى مجلس الشيوخ في 9 مايو، اورد كيري اسبابا مختلفة لتمسكه بالمساعدات وتجاوزه الحظر التشريعي عليها. ومما كتبه كيري ان «مصالح الامن القومي، التي تعززها عملية تمويل جيش اجنبي في مصر، تتضمن وقف حركة البضائع غير المشروعة عبر الحدود المصرية، وزيادة الامن في سيناء، والمساعدة في الوقاية من هجمات من غزة ضد اسرائيل، ومكافحة الارهاب، وتأمين الترانزيت عبر قناة السويس».
هذه المواضيع، يقول كيري، «مرتبطة بشكل مباشر بأمن الولايات المتحدة واسرائيل، وكذلك بأمن مصر». ويضيف ان «حقوق التحليق فوق مصر تفتح لنا عسكريا المجال (في الحركة) في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، كما تؤمن هذه الاموال برامج تدريب عسكرية مشتركة، ما يعزز العلاقة العسكرية - العسكرية، ويفتح الباب للجيش المصري لتبني اساليبنا العسكرية المحترفة، بما فيها سيطرة المدنيين على الجيش، واحترام حكم القانون».
وختم كيري في مذكرته ان «شراكة اميركية امنية قوية مع مصر، معززة بالتمويل، تحافظ على قناة مع القيادة المصرية العسكرية، التي تعتبر مفتاحا اساسيا في صناعة الرأي المصري»، وان «قرار تجاوز الحظر على التمويل الى مصر ضروري للمحافظة على هذه المصالح، في نفس الوقت الذي نشجع مصر فيه على الاستمرار في انتقالها الى الديموقراطية». 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق