الأربعاء، 5 يونيو 2013

استاذ ام رئيس؟



حسين عبدالحسين

يعتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه أسمى من واشنطن ومن المناكفات السياسية التي تسودها، وهو ما يبعده عن السياسة والسياسيين، إلى درجة أن سنوات قد تمر من دون أن يتحدث مع وزراء في حكومته أو مع أعضاء كبار في مجلس الشيوخ من حلفائه في الحزب الديمقراطي. حتى إن العشاء الأول بين الزوجين أوباما وحليفيهما السياسيين الزوجين كلينتون لم يحصل حتى بداية الولاية الثانية. هذه هي الصورة التي يقدمها الصحافي جوناثان ألتر في كتابه الأخير حول شخصية الرئيس بعنوان «المركز متماسك»، المتوقع صدوره الأسبوع المقبل.

يقول ألتر إن أوباما لا يتصل بكبار المانحين الماليين لحملته الرئاسية أو لحملة حزبه لشكرهم، على حسب العادة، وهو يعتقد أن تصويت الشيوخ الديمقراطيين في مصلحة القوانين التي يريدها هو بمثابة تحصيل حاصل، فلا يتقدم إليهم بأي شكر بسبب دعمهم لمشاريعه، مع العلم أن الناخبين غالبا ما يعتقدون أن أهمية ممثليهم تنبع من علاقتهم بالرئيس وعدد المرات التي يتحادثون فيها معه.
ويتابع أنه عندما يحضر الرئيس الأميركي المناسبات الاجتماعية في البيت الأبيض، يكون لسان حاله على الشكل التالي: «سوف أطلق ابتسامة، ثم، أرجوكم، فليأخذني أحدكم خارج هذه القاعة». ويضيف ألتر أن أوباما لا يستعجل الخروج من المناسبات، لأن عليه العودة إلى المكتب البيضاوي لأمر طارئ، لكنه ببساطة لا يريد البقاء ثانية بعدما هو مطلوب منه، ولا حتى لتمضية الوقت مع أصدقاء ما قبل الرئاسة من زمن شيكاغو مدينته.

ويتابع ألتر أن أوباما يعتقد أنه أنقذ قطاع السيارات في ديترويت، ومؤشر الداو في سوق الأسهم، وتفادى كسادا اقتصاديا، «ثم عليه أن يفسر كل ذلك مجددا!».. هذا النوع من التكبر هو الذي كلّف أوباما المناظرة الرئاسية الأولى أمام ميت رومني، قبل أن يتدخل مستشاره اللامع ديفيد اكسلرود ويعده للفوز بالمناظرتين الأخريين.
ومن بين مستشاري أوباما، يقول ديفيد بلوف، أو «ديفيد الآخر»، حسبما هو معروف في أوساط الرئيس، إن أوباما «مناسب أكثر للسياسة في الدول الإسكندنافية منه في أميركا.. لأنه رجل منطقي وغير عاطفي في عاصمة (واشنطن) لا منطقية وعاطفية».

الشعور بأن أوباما هو رجل ذكي جدا، ولكن بعيد ومنعزل، صار انطباعا يسود أوساط معظم المثقفين الأميركيين، مثل ألتر، مما دفع الكاتبة في صحيفة «واشنطن بوست» روث ماركوس إلى كتابة مقالة تناولت فيها خطاب أوباما الذي أعلن فيه نيته اتخاذ خطوات لإغلاق معتقل غوانتانامو وإعطاء الكونغرس دورا أكبر في تحديد عمل الطائرات من دون طيار.
ماركوس وصفت الخطاب بالـ«عبقري، هذا إذا كنت تقدم إجابات في امتحان مدرسة، لا عندما تكون في السنة الخامسة من رئاستك».

وتثني ماركوس على أوباما كأستاذ وتلميذ نجيب في القانون، وتقول إن «تلميذ القانون ينال الدرجات عندما يتمكن من تحديد المشكلة، لكن الرئيس ينجح فقط عندما يقرر ويطبق الحلول».
هل تكلف شخصية أوباما ولايته الثانية وتمنعه من تحقيق أي إنجازات خلالها؟
تجيب الكاتبة في صحيفة «نيويورك تايمز» مورين دود بالقول إن أوباما يبدو أنه فهم المشكلة الآن، وأن الوقت ليس متأخرا بعد لتداركه الأزمة، فهو يريد أن يتذكره التاريخ «أكثر من كونه أول رئيس أميركي من أصل أفريقي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق