الجمعة، 26 يوليو 2013

أوباما أعطى كيري 6 أشهر مهلة لتحريك السلام والتوصل إلى حلول ملموسة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

وسط صمت مطبق وتعتيم على التفاصيل تمارسه وزارة الخارجية الاميركية، يعم جو من التفاؤل حول انعقاد الجولة الاولى من المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، في موعد اقصاه نهاية الاسبوع المقبل، ويترافق ذلك مع تحذيرات من ان اي فشل محتمل قد يرتد على أصحابه، ويؤدي الى تأزيم الاوضاع على الارض.
وتقول مصادر حكومية اميركية ان عملية السلام حاليا تقودها حصريا وزارة الخارجية بقيادة جون كيري ومساعده فرانك لوينشتاين، وان من المرجح ان ينضم الى الفريق الاميركي المعني بالسلام مدير «معهد سابان في مركز ابحاث بروكنغز» السفير السابق الى اسرائيل مارتن انديك، ومسؤول الشرق الاوسط في «مجموعة الازمات الدولية» روبرت مالي.
وتضيف ان الرئيس باراك أوباما «اعطى كيري 6 اشهر كمهلة لتحريك العملية والتوصل الى حلول ملموسة»، وانه في حال الفشل في التوصل الى تسوية، تبتعد واشنطن مجددا عن الموضوع وتكرر مقولة انه «لا يمكن للولايات المتحدة ان تكون مهتمة بالتوصل الى سلام اكثر من الاطراف المعنية». هذا في الشكل.
اما في المضمون، فلم يرشح الا القليل عن مضمون لقاءات كيري الاخيرة في فلسطين واسرائيل، ما فتح الباب للتكهنات من شتى الانواع ودفع المراقبين الى الرصد بعناية تصريحات المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى استنتاجات حول مسار العملية.
«ما هي استراتيجية كيري في هذه المحادثات؟»، يتساءل المعلق دايفيد اغناتيوس ليجيب ان الوزير الاميركي توصل الى انتزاع موافقة من الطرفين للبدء بخطوات «بناء ثقة» تتضمن اطلاق الاسرائيليين نحو مئة من الاسرى فلسطينيين في السجون الاسرائيلية ممن تم اعتقالهم قبل اتفاق اوسلو في العام 1994. 
في مقابل ذلك، يقول اغناتيوس، وافق الفلسطينيون على التخلي عن 6 اشهر من اقوى ورقة بأيديهم، وهي طرح موضوع الدولة امام المتحدة في اجتماعاتها المقررة في سبتمبر، فيما كان من المتوقع ان يحصل الفلسطينيون على دعم غير مسبوق من الاوربيين، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا. «هذا يعطي كيري نافذة حتى آخر العام للتوصل الى اتفاق»، يقول اغناتيوس، في ما يؤكد ما سمعته «الراي» من ان العملية هذه المرة ليست مفتوحة الامد.
وعلى عكس المفاوضات الماضية، سيتم اطلاق صفة «مفاوضات الحل النهائي» على هذه الجولة من المحدثات، ما يعني انها ستبدأ بمواضيع كانت اسرائيل تعمل على تأجيل الحديث حولها في الماضي، خصوصا موضوع الحدود. 
في هذا المضمار، يعتقد المراقبون ان كيري انتزع موافقتين أساسيتين من الطرفين، فالجامعة العربية عدلت مبادرة السلام للعام 2002 واستبدلت عبارة «حدود 1967» بـ «حدود متفق عليها»، وهو لا يتعارض مع المبدأ الفلسطيني القائل بتسوية على اساس حدود العام 1967 مع تبادل مساحات من الاراضي يتم الاتفاق عليها، اي ان الحدود النهائية ستكون في نهاية المطاف «حدود متفق عليها»، وهي صيغة وافق عليها الفلسطينيون والاسرائيليون.
على الجانب الاسرائيلي، يعمل الجنرال الاميركي المتقاعد جون الن على تذليل العقبات المتعلقة بالشأن الامني، وعلى تقديم «ضمانات» للاسرائيليين ان دولة فلسطينية مستقلة لن تكون «منصة اطلاق صواريخ على اسرائيل على غرار قطاع غزة». 
في نفس الوقت، يعتقد الخبراء ان كيري نجح في اقناع رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتيناهو ان قيام دولتين يتناسب وطموحات المسؤول الاسرائيلي بتوكيد «يهودية دولة اسرائيل»، ويبعد الشبح الديموغرافي العربي عن مستقبل الاسرائيليين. 
وينقل الخبير في «معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى» دايفيد ماكوفسكي عن نتنياهو حديثه في «مجالسه الخاصة، في الاسابيع الاخيرة، عن مخاطر دولة ثنائية القومية، كتبرير لدعمه قيام دولة فلسطينية، حتى لو كان هو نفسه من عارضها على مدى عقود معتبرا انها خطر أمني».
لكن الخبير في «معهد سابان» ناتان ساكس، والذي يعمل تحت اشراف انديك، وصف مجهود كيري الحالي بالفرصة الاخيرة، وحذر من ان يؤدي اي فشل الى دفع المتطرفين الى الواجهة. وكتب في مقال في «فورين بوليسي» ان «المشككين من امثالي اخطأوا في الماضي»، وان «هذه الجولة من محادثات السلام قد تنجح، وعلينا ان نتمنى نجاحها من صميم قلوبنا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق