الخميس، 4 يوليو 2013

واشنطن حاولت رعاية تسوية بتعليق الدستور مقابل بقاء مرسي ... لكن الجانبين رفضا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

الساعات الاخيرة قبل اعلان وزير الدفاع المصري القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي بدء مرحلة انتقالية في مصر برئاسة رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور، شهدت كثافة غير مسبوقة في الاتصالات بين واشنطن والقاهرة، خاضها من الجانب الاميركي وزيرا الدفاع والخارجية تشاك هيغل وجون كيري، ورئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي.
ودفع تسارع التطورات الرئيس باراك اوباما الى قطع برنامجه المقرر وعقد لقاء في غرفة الاوضاع في قبو الجناح الغربي للبيت الابيض. حضر الاجتماع المخصص للوضع في مصر كبار اركان الادارة، وفريق الامن القومي، وغاب عنه كيري الموجود خارج واشنطن، وحضر نيابة عنه وكيله وليام بيرنز.
توصل الفريق الاميركي الى نتيجة مفادها ضرورة تحذير الجيش المصري من خطورة ازاحة الرئيس محمد مرسي، وتم تقديم اقتراحات متعددة للتسوية، وفيما كان ديمبسي على اتصال بالسيسي، كان كيري يتحدث مع مرسي ومساعديه، وحاولت واشنطن رعاية تسوية تقضي ببقاء الرئيس، في مقابل تعليق الدستور، والعمل على تعديله، واجراء انتخابات برلمانية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتقول المصادر الاميركية ان الطرفين في مصر تمسكا بمواقفهما. فالجيش أكد ان «ملايين المصريين يطالبون برحيل مرسي لذا لا بد من رحيله»، فيما قال مرسي ان «الموضوع لا يدور حول شخصه بل حول مبدأ الشرعية، وانه اذا كانت المعارضة ترغب في اي تعديلات دستورية او حكومية، فلتقدمها من خلال المؤسسات وتراعي القوانين»، وانه «لا يريد البقاء من اجل البقاء في المنصب، بل من اجل الدفاع عن الدستور والدولة لان هذا ما أقسم عليه».
هكذا ابلغ السيسي الاميركيين انه في ظل تصلب مرسي، لا بد من الاعلان عن بيانه، وحصلت محاولات اميركية متعددة لثنيه، وتم تأجيل الاعلان اكثر من مرة في الدقائق الاخيرة على أمل سماع أي تنازل من مرسي «يمكن بناء تسوية سياسية على اساسه»، حسب المصادر الاميركية، لكن مرسي لم يتراجع، فقال الاميركيون للجيش ان واشنطن لا توافق على ازاحة أي رئيس منتخب، وانه في اعلانه المزعوم، يتخذ الجيش المصري خطوة يتحمل مسؤوليتها وحده.
لكن مصادر اميركية اخرى سربت تقارير متناقضة تفيد بأن ادارة أوباما، ورغم انها لم توافق مع الجيش المصري على خطوته، الا انها لم تضغط بما فيه الكفاية، وبدت «نصف سعيدة» بالاجراء العسكري المصري.
وما يؤكد رواية القائلين ان فريق اوباما لم يمارس الضغط الكافي على حلفائه في الجيش المصري هو البيان الصادر عن البيت الابيض اثر اعلان السيسي.
ففي البيان، قال اوباما انه «اثر تطورات اليوم (أمس)، اعطيت التوجيهات الى الدوائر المعنية بمراجعة عواقب الخطوة المصرية وتأثيرها بموجب القانون الاميركي على المساعدة الاميركية الى الحكومة المصرية»، الا ان البيان لم يصف اعلان السيسي بالانقلاب، وهو لو فعل ذلك، لكان انهى تلقائيا المساعدة الاميركية التي يحظر القانون الاميركي تقديمها لاي حكومة تقوم على اثر انقلاب عسكري.
يذكر ان الحكومة الاميركية تقدم ما تسميه «تمويلا عسكريا خارجيا» سنويا الى القوات المسلحة المصرية يبلغ مليارا و300 مليون دولار. ورغم قيام اعضاء في الكونغرس بعرقلة ارسال هذه المساعدة على اثر صدور احكام بالسجن بحق 43 عاملا في مؤسسات غير حكومية قبل اشهر، الا ان كيري اصدر مرسوما خاصا في 9 مايو الماضي، تجاوز بموجبه عقبات الكونغرس، وسمح بالافراج عن المساعدة «لاسباب تتعلق بمصلحة الامن القومي الاميركي»، على ما ورد في مذكرته الى مجلس الشيوخ في حينه.
وما يؤكد ان ادارة اوباما كانت «نصف سعيدة» باعلان السيسي هي دعوة الرئيس الاميركي، في بيانه، «الجيش المصري الى التحرك بسرعة ومسؤولية من اجل اعادة السلطة كاملة الى حكومة مدنية منتخبة في اقرب وقت ممكن من خلال عملية شاملة وشفافة، وتفادي الاعتقال العشوائي للرئيس مرسي ومناصريه».
وكان بوسع اوباما، لو كان متمسكا ببقاء مرسي، دعوة الجيش الى اعادة السلطة الى مرسي نفسه بدلا من الحديث عن تجاوزه والاسراع بتنظيم انتخابات.
مستقبلا، يشي بيان البيت الابيض بأن الحكومة الاميركية تعتقد انه يمكن لغير الاسلاميين الفوز في الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم «الاخوان» والتيارات السياسية الاخرى، اي ان الاعتقاد الاميركي مبني على ضرورة قيام حكام مصر المقبلين على «اصلاح ما انكسر مع اسلاميي مصر، ومحاولة استقطابهم للعودة الى المشاركة في الحكم، لا التفرد به»، على حد تعبير احد المتابعين للقاءات المتعددة التي عقدها المسؤولون الاميركيون في اليومين الماضيين للتباحث في الشأن المصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق