الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

كيري ألقى «طوق النجاة» لأوباما

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تحولت المبادرة - الصدفة، القاضية بتخلي نظام بشار الاسد عن ترسانته الكيماوية باشراف دولي في غضون اسبوع، الى طوق نجاة سياسي انقذ الرئيس باراك أوباما من وحول الكونغرس، التي كان على وشك ان يغرق بها بعدما اعترف نفسه انه يواجه صعوبة في الحصول على مصادقة من مجلس النواب تجيز له استخدام القوة العسكرية في سورية.
والمبادرة قدمها وزير الخارجية جون كيري باجابته على سؤال فرضي، اثناء مؤتمره الصحافي في لندن، حول الوسيلة الوحيدة الممكنة لتفادي الضربة الاميركية ضد قوات بشار الاسد على اثر قيامها بهجوم كيماوي في ضواحي دمشق في 21 اغسطس راح ضحيته اكثر من 1400 سوري، حسب واشنطن. 
وحصلت مبادرة كيري على موافقة فورية من نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي يبدو انه طلب من ضيفه ونظيره السوري وليد المعلم تبنيها، فاعلن الاخير ترحيب نظامه بها. 
وعلى وقع تسارع التطورات، اطلّ أوباما على ست قنوات تلفزيونية اميركية في مقابلات كانت مقررة مسبقا، وقال ان المبادرة ايجابية في حال التزم بها الاسد. وتفادى الحديث عن تأثير الاعلان الروسي - السوري على توقيت ضربته المزعومة، وكررّ ان موقف بلاده من اسلحة بشار الأسد الكيماوية، وتاليا الضربة، لا يرتبط باصرارها على رحيله من السلطة، وتاليا دعم اميركا وحلفائها للمعارضة عسكريا، حتى تبدأ عملية سياسية انتقالية من بعده. 
مشروع تخلي الأسد عن ترسانته الكيماوية قلب الصورة في واشنطن من الحديث عن ورطة أوباما في الكونغرس الى الحديث عن امكانية تحقيقه اختراقا ديبلوماسيا يؤيده فيه الكونغرس بشكل تام. 
ومع ان تفاصيل تخلي الاسد عن الكيماوي مازالت غامضة، وفي وقت اعتبر مسؤولون اميركيون كثر ان قبول الأسد قد يكون من باب المناورة على غرار قبوله الشكلي لمبادرتي جامعة الدول العربية والامم المتحدة لحل سياسي في الماضي، الا ان القبول احدث تغييرا هائلا في مجرى الاحداث في العاصمة الاميركية، الى حد دفع كبار المسؤولين الى الغاء مواعيدهم المقررة مسبقا للحديث في الشأن السوري بهدف اعادة التقييم، بما في ذلك الغاء جلسة مغلقة كانت مقررة مع الصحافيين في البيت الابيض.
وحتى تقدم الادارة سياستها الجديدة تجاه الوضع السوري، سجل المراقبون عددا من الملاحظات حول الانعطافة الاخيرة في مسار الاحداث.
فقبول الأسد التخلي عن ترسانته الكيماوية تلقفه الاميركيون، في الادارة والكونغرس، على انه اقرار منه بحيازته هذه الاسلحة، وهذا ما يعفي ادارة أوباما من الاستمرار بتقديم الدلائل او انتظار تقرير فريق الامم المتحدة، الذي اجرى تحقيقات في ضواحي دمشق التي تعرضت للهجوم، لتقديم تقريره.
وقبول الأسد بالمبادرة اظهر ان الضغط العسكري الذي تمارسه ادارة أوباما ادى الى نتائج مجدية، من وجهة نظر اميركية، وهو ما سيدفع الادارة الى الاعتبار مستقبلا ان تحركاتها العسكرية كانت في محلها، وان اسلوب معالجتها لموضوع اسلحة الدمار الشامل المرتكز على «ديبلوماسية السفن الحربية» هي طريقة حكيمة.
وقبول الأسد بالمبادرة يعني فتحه مواقعه امام فريق دولي يشرف على تدمير ترسانته الكيماوية، مع ما يرافق ذلك من اعلام عالمي وضرورة توقف قواته عن اطلاق النار في مناطق معينة. اما ان حاول نظام الأسد المناورة مع الفريق الدولي المكلف القضاء على هذه الاسلحة، فسيجد نفسه من دون شك في مواجهة مع المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا والصين. 
وقبول الأسد بالمبادرة يعني ايضا تدويل الضربة الاميركية التي كانت مقررة، ويعطي أوباما الحجة لاجباره على الالتزام بقرار التخلي عنها امام مجلس الامن، اولا، وامام الكونغرس، ثانيا، اذ ذاك سيصعب على معارضي الضربة من الاميركيين الاستمرار في معارضتها في ظل مخالفة الأسد للمشيئة الدولية.
لكل هذه الاسباب، اسرع أوباما نفسه الى قبوله المبادرة، وهو قال في مقابلته مع وولف بليتزر على شبكة «سي ان ان» انه يعتقد ان حلفاء الاسد، اي روسيا وايران، لا يوافقون على استخدامه السلاح الكيماوي، وهو ما قد يكون سبب طلب روسيا منه التخلي عن ترسانته الكيماوية». وترافق الطلب الروسي مع الطلب الى الأسد توقيعه على معاهدة حظر الاسلحة الكيماوية، التي لم توقعها سورية في الماضي.
على ان أوباما اعتبر في الوقت نفسه ان تخلي الأسد عن ترسانته يؤدي الى تفادي الضربة فقط، ولكنه لن يؤدي الى وقف دعم وتسليح المعارضة السورية للضغط على الأسد، عسكريا، من اجل التنحي لمصلحة حكومة انتقالية تنبثق عن جنيف 2. 
أوباما قال ايضا انه مازال عازما على توجيه «خطابا الى الأمة» من مكتبه البيضاوي مساء امس (فجر اليوم بتوقيت الكويت)، لكنه لم يفصح عن الخط الجديد لسياسته، في وقت كان متوقعا ان يترأس اجتماعاً طارئا لفريق الامن القومي للتوصل الى قرار حول الوجهة الجديدة، بدلا من الاجتماع الذي كان مقررا يوم غد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق