الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

تقارب أميركي «حذر» مع طهران ورفض زيارة ظريف إلى «جامعته»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يظهر جدول الرئيس باراك أوباما أمس، انه خصص أي وقت للقاء الرئيس الايراني حسن روحاني، حسبما كان متوقعا، لكن أوباما لبى دعوة غداء كان تجاهلها العام الفائت، وهي الوليمة السنوية التي يستضيف فيها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون زعماء الدول المشاركين في اعمال الجمعية العمومية.
أهمية مشاركة أوباما هي في امكانية لقائه روحاني بصفة غير رسمية، وربما تكون بينهما مصافحة او حديث عابر، وهو ما صار يبدو كافيا شكليا بعدما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الوزير جون كيري سيعقد لقاء ثنائيا مع نظيره الايراني جواد ظريف، غدا، على هامش لقاء يجمع بين ظريف ووزراء مجموعة دول الـ«5 + 1».
وفي وقت سيتركز اجتماع الدول الكبرى وايران حول ملف طهران النووي، من المتوقع ان يبحث كيري وظريف في مواضيع عدة، يتصدرها الموضوع السوري.
ولقاء الغد بين كيري وظريف سيكون الارفع بين اميركا وايران، منذ لقاء وكيل وزير الخارجية بيل بيرنز ورئيس الوفد الايراني سعيد جليلي في جينيف في اكتوبر 2009، وسيكون الاول على مستوى وزراء الخارجية منذ اكثر من ثلاثة عقود.
وعلى وقع الاخبار الايجابية عن اللقاءات الاميركية - الايرانية، تبدو اميركا غير الرسمية متحمسة، حتى وان كانت الايجابية مازالت في الشكل فقط. اما في المضمون، فأميركا الرسمية منقسمة: الادارة وموالوها يعتقدون ان الفرصة سانحة للتوصل الى «تسوية كبرى» مع ايران، على غرار الانفتاح على الصين الشيوعية في عز الحرب الباردة مطلع السبعينات. وتعتقد الادارة ان اي تسوية مع ايران من شأنها ان تحقق انفراجات على مسارات متعددة في سورية والعراق وفلسطين.
ويعتقد بعض المؤيدين لتسوية اميركية - ايرانية ان الاتفاقية بين واشنطن وموسكو حول ازالة الترسانة الكيماوية لنظام الرئيس السوري بشار الاسد قد تكون اكدت للايرانيين انه يمكن لهم الحصول على صفقة خاصة بهم للتنازل عن صناعتهم السلاح النووي، بضمانات دولية، ومقابل مكافآت استراتيجية شرق اوسطية.
لكن جزءا لا يستهان به من اميركا الرسمية يشكك بنوايا الايرانيين، او على الاقل بما يمون عليه روحاني، فغالبية المشككين يعتقدون ان انفتاح ايران هو من باب ذر الرماد في العيون، وان روحاني لا يمثل الا نفسه، وان صقور ايران لن يسمحوا له بالتوصل الى تسوية او بالمساومة على ملف ايران النووي.
ويتخوف المشككون، وجزء منهم من اصدقاء اسرائيل، ان يكون انفتاح روحاني هو من باب المماطلة حتى تتوصل ايران الى انتاج قنبلتها النووية، وهو ما صار يدفع هؤلاء الى دعوة اسرائيل الى الاستعداد للتحرك وحدها، من دون اميركا، في حال شعرت ان طهران تماطل حتى تقترب من صناعة القنبلة.
على ان اسرائيل واصدقاءها لا يكترثون لحسابات التسوية الاميركية - الايرانية في سورية او في مناطق اخرى، وجل ما يعنيهم هو تخلي ايران عن طموحها لانتاج سلاح نووي، ما يعني انه في حال تنازلت ايران نوويا، لن يقف بينها وبين طموحها في الزعامة الاقليمية القوى المؤثرة اقليميا وعالميا.
هكذا، في ظل الانقسام الاميركي، تتقدم واشنطن نحو طهران بخطى بطيئة ومترددة، فمسؤولو الادارة يشيدون في شكل متواصل بتصريحات روحاني ويكررون لازمة ان الشعب الايراني اختار الاعتدال بانتخابه. لكن واشنطن في الوقت نفسه لم تتخل بعد عن كل حذرها، فهي رفضت، على سبيل المثال، منح تأشيرات دخول لوفد ايراني يترأسه ظريف الى الولايات المتحدة.
ومع ان كيري سيلتقي ظريف في نيويورك، الا ان المسؤول الايراني موجود بصفته مشاركا في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، وهو ما يملي على السلطات الاميركية ان تمنحه تأشيرة دخول خاصة تحدد اماكن تجواله حتى داخل مدينة نيويورك نفسها، وينقله «الحرس السري» المولج حماية الشخصيات السياسية بين مطار «جاي اف كاي»، ومقر الامم المتحدة الواقع على تقاطع «الجادة الاولى وشارع 52»، والفندق المجاور.
وعلمت «الراي» ان «اصدقاء ايران عملوا على تنظيم زيارة اوسع لظريف تشمل ولايات اميركية متعددة، وانهم سعوا الى تنظيم حلقة حوارية له في «جامعة دنفر» في ولاية كولورادو، وظريف من خريجي هذه الجامعة، الا ان الخارجية الاميركية رفضت منح وزير الخارجية الايراني تأشيرة دخول اميركية، واصرت على بقائه في نيويورك بصفته زائرا لدى الامم المتحدة.
ورغم تحديد مساحة اقامته وتجواله، وافقت واشنطن على تمديد اقامة الوزير الايراني في نيويورك حتى الاسبوع المقبل بهدف عقد لقاءات اميركية، وهو ما سيتيح له البناء على التفاؤل الذي تولد على مدى الاسبوع الماضي، على الاقل شكليا حتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق