الخميس، 19 ديسمبر 2013

لندن تتقدم واشنطن بأشواط في الانفتاح على إيران و«حزب الله»

| لندن - من حسين عبدالحسين |

في لندن يتقدم الانفتاح على ايران و«حزب الله» بأشواط ما هو عليه في واشنطن. لا اثر هنا لمجموعات ساهمت في الدخول في حرب العراق ويمكن ان تدفع اليوم في اتجاه مواجهة عسكرية مع ايران. الحكومة اليمينية المحافظة بزعامة ديفيد كاميرون هي التي تقود اعادة العلاقات بسرعة مع طهران، فالسفارة البريطانية التي اقتحمها الحرس الثوري الإيراني في العام 2009 فتحت ابوابها مجددا، وعينت لندن قائما بالأعمال في طهران، واستأنفت العلاقات الديبلوماسية معها.
وإذا كان اليمين البريطاني هو الذي يدفع باتجاه تسوية مع الإيرانيين، يصبح من غير المتوقع ان يلعب اليسار المؤيد تقليديا للانفتاح على حكومات العالم اي دور معرقل. 
هذه الصورة مقلوبة تماماً في الولايات المتحدة: الرئيس باراك أوباما وحزبه الديموقراطي هما اليسار المؤيد لصفقة مع ايران، فيما اليمين الجمهوري يحذر من مخاطر اي اتفاقية ومن نوايا النظام الإيراني. 
لكن الدافع البريطاني للتطبيع مع إيران يبدو نفسه في واشنطن: الاقتصاد يعاني من فترات ركود وتقلص والحكومة تسعى حول العالم لفتح أسواق عالمية جديدة في وجه شركاتها وزيادة التبادل التجاري وتبادل الاستثمارات، ولندن في عجلة من أمرها اكثر من واشنطن لان الاخيرة اقتصادها يتعافى بشكل اكبر وأسرع والانفتاح على ايران سيكون بمثابة مكافأة اقتصادية للأميركيين لا كخشبة خلاص كما هو الحال بالنسبة للبريطانيين.
ويقول مصدر في الحكومة البريطانية في حوار مع «الراي» ان ذهاب حكومة بلاده الى السلم مع ايران هو لسبب ذهابها الى الحرب في العراق نفسه، مضيفا: «في العراق، أردنا ان تعطينا حكومة ما بعد صدام حصة من الاستثمارات وعقود اعادة الاعمار، وكذلك نسعى اليوم لحفظ حصة لنا في ايران ما بعد النووي وما بعد رفع العقوبات».
في العراق، أملت حكومة طوني بلير في حينه في ان تساهم عودة العراق الى ضخ وبيع نفطه الى انخفاض في السعر العالمي، وهو ما يفيد حكما اقتصادات الدول الصناعية مثل اميركا وبريطانيا والصين وفرنسا. في ايران كذلك، تأمل حكومات الدول الصناعية في ان تؤدي زيادة ايران لإنتاجها من 700 الف برميل يوميا في الوقت الحالي الى سابق عهدها، اي اربعة ملايين برميل يوميا، الى انخفاض ملحوظ في سعر النفط، مع ما يعني ذلك من فائدة اقتصادية للدول الكبرى التي تعاني اقتصاداتها منذ أزمة خريف العام 2008 المالية.
واوضح المصدر ان «اقتصادنا في حاجة ملحة اكثر من الأميركيين الى عودة الإيرانيين الى السوق»، مضيفا: «على عكس اميركا، ليست لدينا مجموعات ضغط سياسية تذكر تسعى الى عرقلة الانفتاح على الإيرانيين، ما يجعل من مهمتنا في الانخراط مع طهران وحلفائها اسهل بكثير من مهمة اصدقائنا في ادارة أوباما».
«الراي» سألت المصدر البريطاني عن أين أصبحت المحادثات مع الإيرانيين وحلفائهم، فأجاب «في مراحل متقدمة جدا»، ولكنه استدرك قائلا انه «لا يمكن لحكومة المملكة المتحدة التوصل الى تسوية منفردة مع الإيرانيين، بل نحن ننتظر التسوية ان تصدر عن مجموعة دول خمس زائد واحد».
اذا، لما الانخراط في حوارات طالما انها غير مضمونة في ظل غياب الحل النهائي حتى الآن؟ يقول المصدر البريطاني: «نحن نستعد للتسوية التي يمكن ان تحصل اليوم، او بعد عشر سنوات، او ربما لا تحصل أبدا، ولكننا نتحسب لجميع النتائج ونستعد لتسوية ممكنة».
الحوار على مستوى سفراء وديبلوماسيين في حال «حزب الله» اللبناني، وعلى مستوى وكلاء وزيري الخارجية في النقاش مع ايران، حسب مصدر بريطاني آخر.
ويؤكد المسؤولون البريطانيون انهم «يقارنون ملاحظاتهم» في النقاش مع الإيرانيين مع شركائهم الأميركيين، «كما نبقيهم في الصورة لناحية حواراتنا مع بيروت (اي حزب الله) فهم (الأميركيون) لا يتحاورون مع حزب الله مباشرة لأنهم يصفونه تنظيما إرهابيا فنقوم نحن بنقل وجهات النظر بين الطرفين».
المسؤولون البريطانيون يصفون الحوار مع الإيرانيين بالبسيط، ويقولون: «المعادلة سهلة، قلنا لهم تخلوا عن النووي تماماً، نرفع العقوبات تماماً، وتصبح كل الأمور السياسية الاخرى قيد الحوار والاتفاق والاختلاف كما هي الحال بين كل دول العالم».
اما عن فحوى الحوار مع «حزب الله» ودور بريطانيا كقناة حوار غير مباشر، يجيب المسؤول البريطاني: «الحوار مع الجناح السياسي لحزب الله اكثر تعقيدا فهو ليس حكومة ولكنه في الوقت نفسه لاعب إقليمي في سورية ولبنان ويصعب الحديث عن حلول من دونه». 
وختم: «اما عن القول اننا قناة لحوار أميركي غير مباشر مع حزب الله، لا اعتقد ان الوصف ممكن بهذا الشكل، نحن نتحاور وحزب الله منذ سنوات، والفارق الآن ان الأميركيين اليوم يهتمون بمعرفة ما نقوله للحزب اللبناني وما نسمعه منهم، وفي الوقت نفسه يقدمون لنا رأيهم، وحزب الله صار اليوم أيضاً مهتما بالرأي الأميركي وصار يسمعه منا كما من حلفائه الإيرانيين، وربما من أطراف اخرى».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق