الاثنين، 6 يناير 2014

المساواة بين «حزب الله» وضحاياه!

حسين عبدالحسين

درج بعض الإعلام على المساواة بين حزب الله وتحالف 14 مارس (آذار). هذه المساواة ممكنة فقط على قاعدة الندية بين الطرفين في شؤون السياسة اللبنانية، مثل الخلاف حول تشكيل حكومة، أو انتخاب رئيس للجمهورية، أو الاتفاق على قانون انتخابات برلمانية. لكن الندية مفقودة عند النظر إلى النشاطات التي يقوم بها حزب الله المسلح في لبنان، أو سوريا، أو حول العالم.
حزب الله تنظيم إرهابي في الولايات المتحدة وكندا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، وبين مناصري الحزب عدد ممن قامت الولايات المتحدة بوضعهم على اللائحة السوداء للتعامل المصرفي. كذلك، يخبئ حزب الله اللبناني خمسة مطلوبين للعدالة بموجب اتهام ظني صادر عن محكمة دولية تشكلت على أثر قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
وفي بلغاريا وقبرص وألمانيا، وبعض دول الاتحاد السوفياتي السابق، إدانات قضائية بحق الحزب ومعتقلين من أعضائه ممن حاولوا التخطيط أو عملوا على تنفيذ عمليات عنف مختلفة.
ولحزب الله جيش خاص يتألف من بضعة آلاف من المقاتلين المدربين والمدججين بأفضل أنواع الأسلحة، مع قوة نارية هائلة، تتضمن ترسانة صاروخية فيها عشرات آلاف الصواريخ المتنوعة الأشكال والأحجام. وللحزب اللبناني أيضا موازنة سنوية غير معلومة، تمولها إيران وبعض مناصريه من المغتربين اللبنانيين حول العالم.
وداخل لبنان، لا يسمح الحزب لأي من الطوائف غير الشيعية في التدخل في تسمية رئيس البرلمان نبيه بري، وهو تابع للحزب، بينما يصر الحزب على «التوافق» في تسمية رئيس الجمهورية المسيحي، حسب الدستور، ويرسل مقاتليه إلى الشوارع لفرض تشكيل حكومة برئاسة سني يختاره هو. ويسيطر حزب الله على جهاز استخبارات الجيش اللبناني، ويتحكم بالمفاصل الأساسية للجيش عبر عدد من الضباط الموالين له، ويسيطر على مطار رفيق الحريري الدولي، مع ما يتيح له ذلك من مراقبة دخول وخروج أي كان إلى لبنان.في المقابل، تحالف 14 آذار هو تشكيل من عدد من الأحزاب المناوئة لسيطرة الحزب الكاملة على لبنان.
أكبر هذه الأحزاب «تيار المستقبل»، ذو الغالبية السنية والتابع لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وابنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. الأول اغتيل في عام 2005 في عملية اتهمت فيها المحكمة الدولية مسؤولين في حزب الله بتنفيذها، والثاني خارج لبنان بعدما بلغه تقارير أمنية أكدت نية الحزب استهدافه.
ولتيار المستقبل قتيلان أو أكثر من مرتبة عضو برلمان أو وزير، مثل باسل فليحان ووليد عيدو ومحمد شطح، ويرأس التيار رئيس حكومة لبنان السابق فؤاد السنيورة، الذي تعمل وسائل الإعلام المؤيدة للحزب على التحريض ضده منذ عام 2006، الذي وضع الحزب «فيتو» على تكليفه رئاسة أي حكومة مقبلة.
ويعدّ تحالف 14 آذار أحد أكبر الأحزاب المسيحية، المعروف بحزب «القوات اللبنانية»، وهو تنظيم عسكري شارك في الحرب الأهلية، وألقى سلاحه مع نهايتها، مستفيدا من العفو العام. إلا أن نظام الأسد، الذي يزعم اليوم حمايته الأقليات كالمسيحيين، عمل على تفكيكه واعتقال زعيمه سمير جعجع لأكثر من عقد. جعجع نفسه تعرض لمحاولة اغتيال ببندقية قنص وهو في غرفة نومه، والبندقية غير متوافرة إلا في أيدي مقاتلي ميليشيا حزب الله، حسب تقارير خبراء. وكانت الإعلامية المقربة من هذا الحزب، مي شدياق، نجت من محاولة اغتيال كذلك.
أما الحزب المسيحي الثاني، أي حزب الكتائب، فخسر – اغتيالا – رئيسه بيار الجميل وعضو البرلمان التابع له أنطوان غانم، فيما نجا بالصدفة عضو البرلمان المسيحي غير الحزبي بطرس حرب – وهو عضو في 14 آذار أيضا – من محاولة اغتيال يختبئ المتهم بمحاولة القيام بها عند «حزب الله».
وفي 14 آذار أيضا ناج من الاغتيال أيضا، وهو النائب والوزير من الطائفة الدرزية مروان حمادة، فيما لم ينج ابن أخته المسيحي جبران تويني مالك صحيفة «النهار» في عملية مختلفة. ومن «النهار» أيضا اغتيل الصحافي سمير قصير، وبعده بقليل جورج حاوي.
هكذا، عندما أطل تحالف 14 آذار في الأيام الأخيرة من عام 2013 ليعلن أن «ما بعد اغتيال شطح هو ليس ما قبله»، بدا أعضاء التحالف شاحبين؛ السنيورة، المهددة حياته، يقف بين الناجين من الاغتيال، مروان حمادة ومي شدياق، يلتف حولهم آخرون، هذا ابن وذاك أخ وتلك بنت والأخرى أرملة قتلى في عمليات الاغتيال الكثيرة منذ عام 2004.
أما «حزب الله»، فراح إعلامه يقدم تحليلات سياسية باهته على أثر مقتل شطح جاء فيها: «من قتل شطح؟ ولماذا الآن؟ ومن المستفيد؟»، ليخلص إلى أن المتهم الأول هم تنظيمات إسلامية متطرفة، وهذه اتهمها موقع تلفزيون «المنار» التابع للحزب، على أنها ممولة من «الحريرية السياسية»، التي زعم أنها تؤمن لها البنية التحتية والتمويل للعمل، وكأن الحريري مول قتلة أبيه وما زال اليوم يمول قتلة رفاقه في تحالف 14 آذار.
اتهام حزب الله الثاني كان موجها إلى إسرائيل، وهو ما يطرح السؤال: لماذا تعكف إسرائيل منذ عام 2005 على تصفية وقتل كل معارضي الأسد وحزب الله في لبنان، بدلا من استخدامها قدرتها لتصفية قيادات حزب الله نفسه؟
إذن، لا ندية في عمليات الاغتيال أو التفجير بين حزب الله وتحالف 14 آذار. حتى التفجيرات التي طالت مناطق نفوذ حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، إن اعتبرنا أن تنظيمات إسلامية متطرفة هي التي نفذتها، لا مسؤولية لتحالف 14 آذار، بل المسؤولية تقع على «حزب الله» الذي قرر دخول المواجهة في سوريا بين هذه التنظيمات والأسد، فابتلى مناطقه بردات الفعل الإرهابية هذه.
التفجيرات التي تطال مسؤولي 14 آذار هي عمليات اغتيال إرهابية، أما التفجيرات الإرهابية التي تطال مناطق نفوذ حزب الله، فهي ليست رد فعل من 14 آذار، بل من الحرب السورية، مما يعني أن المساواة في لبنان بين حزب الله وضحاياه هي، في أضعف الإيمان، فشل أخلاقي على الإعلام والإعلاميين تجنبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق