الثلاثاء، 25 فبراير 2014

أولى بوادر ترشح هيلاري كلينتون للرئاسة... في كتاب

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بعدما نجحت مجموعة من القوات الاميركية الخاصة في قتل زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن في منزله في باكستان في مايو 2011، اتصل الرئيس باراك أوباما بسلفيه جورج بوش وبيل كلينتون لاعلامهما. في الاتصال مع كلينتون، قال أوباما «ربما قالت لك هيلاري»، لكن كلينتون لم يكن لديه ادنى فكرة عن الموضوع، ما حمل الرئيس الحالي على اخباره بأن اميركا نجحت في اصطياد واحدا من ألد اعدائها.

اهمية الرواية التي يوردها جوناثان الن، احد ابرز الصحافيين المتابعين لخبايا الشؤون الداخلية في المشهد السياسي الاميركي، تكمن في انها تصور وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بمظهر المحترفة، التي لم تشرك حتى اقرب المقربين اليها، زوجها الرئيس السابق، في المعلومات السرية حول الاستعدادت الاميركية للنيل من بن لادن.

والرواية تكتسب اهمية للرد على منتقدي كلينتون الذين يعتبرون انها دمية في يدي زوجها، وانها في حال انتخبت رئيسة، فانما تعيد بيل كلينتون لولاية رئاسية او ولايتين، وهو امر يعارضة بشدة الجمهوريون والمحافظون واليمين الاميركي عموما.

هذه الرواية واخرى مشابهة لها هي في صلب كتاب الن، الصادر حديثا بعنوان «»ايتش آر سي»، وهي الاحرف الاولى من اسم هيلاري رودهام كلينتون، ويتناول سنوات عملها كوزيرة للخارجية بين الاعوام 2009 و2013، فيما يعتقد مراقبون ان الن ألّف كتابه بدعم، وربما بطلب، من فيليب رينز، وهو احد ابرز العاملين في فريق العلاقات العامة لهيلاري، والذي سيلعب دورا رئيسيا في ادارة حملتها الانتخابية المتوقعة مع مطلع العام 2016.

ورغم ان واشنطن على موعد في يونيو المقبل مع كتاب «مذكرات» كلينتون حول عملها في ادارة أوباما، على جاري العادة حيث يقوم المسؤولون السابقون بكتابة مذكراتهم على اثر خروجهم من الحكم، يعتقد البعض ان كتاب «ايتش آر سي» هو بمثابة جس نبض للترشيح، وان كتاب كلينتون المقبل سيعمد الى تقديمها في الصورة التي تعمل حملتها على تقديمها للاميركيين كمرشحة عن الحزب الديموقراطي للرئاسة في انتخابات العام 2016.

وفيما يحاول الن، ان يقدم كلينتون كوزيرة للخارجية مخلصة لرئيسها، ومتفانية في سبيل عملها حيث طارت مئات الاف الاميال حول العالم، ومتعالية عن صغائر الامور والانقسامات السياسية داخل ادارة أوباما، وداخل وزارتها، وداخل حزبها، الا ان الكتاب يشي بأن كلينتون لم تشح يوما بنظرها عن الشؤون الداخلية وخصوصا عن انتخابات 2016.

ويروي الكتاب انه في اثناء عشاء كانت كلينتون تشارك فيها مع ملكة انكلترا اليزابيث الثانية، استأذنت هيلاري وخرجت في الفرصة الاولى المتاحة حتى تتصل بولايتها نيويورك وتتحدث مع مرشح من حزبها الديموقراطي كان فاز للتو في مواجهة انتخابية قاسية ضد خصمه الجمهوري.

وتهنئة وزيرة الخارجية للمرشح المذكور تشي بأنها، رغم انشغالها بالسياسة الخارجية، لم تتخل يوما عن السياسة الداخلية، وعن بناء قاعدة شعبية وصناعة حلفاء.

لكن بعض المراقبين يعتقدون ان الكتاب، الذي جاء منحازا لكلينتون اكثر من اللازم، تجاهل امورا متعددة قد تحسب لها في خانة الفشل، من قبيل ان سياسة اوباما الخارجية شهدت فشلا ذريعا في ملفات متعددة، كان ابرزها الموضوعين الفلسطيني والسوري.

ورغم ان كلينتون كانت تتمتع بخبرة خارجية اكثر من أوباما، الا ان الادارة توغلت في اخطائها عندما راهنت، على سبيل المثال، على سهولة التوصل الى حل سلمي للصراع العربي - الاسرائيلي.

على ان من يعرف واشنطن يعرف كذلك ان فشل سياسة أوباما الخارجية ليس مسؤولية كلينتون، فالرئيس الاميركي، حسب مسؤولين سابقين آخرين من امثال وزير الدفاع روبرت غايتس في كتاب مذكراته، عمد على حصر قرارات الخارجية والدفاع في ايدي «مجلس الامن القومي» المقرّب منه.

ولو صدق قول غايتس ان ادارة أوباما هي اكثر مركزية من الادارات المتعاقبة التي عمل فيها منذ ادارة الرئيس الجمهوري الراحل ريتشارد نيكسون في بداية السبعينات، لبدا واضحا ان كلينتون -- كما غايتس ودايفيد بتروايوس وليون بانيتا -- غالبا ما قدموا نصائح في شؤون متعددة مثل سورية، ليلقوا معارضة تامة من أوباما شخصيا.

والارجح ان حملة كلينتون الرئاسية ستلجأ لاستخدام «فكرة مركزية القرار» في ادارة أوباما لتبرير فشل الامور الخارجية التي حدثت اثناء عمل كلينتون وزيرة للخارجية، بما في ذلك موضوع هجوم بنغازي في 11 سبتمبر 2012، والذي ادى الى مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز، وهو ملف شائك يحاول الجمهوريون استخدامه كسلاح لاحراج المرشحة الرئاسية والطعن بمصداقيتها، وبفاعليتها، وبحكمة قراراتها.

ختاما، يعرّج الكتاب على دور بيل كلينتون كداعم لزوجته في حملتها الرئاسية العام 2008، ويقول ان الرئيس السابق الف لائحة بكل حلفاء عائلة كلينتون والعاملين السابقين في ادارته الذين اداروا ظهرهم لهيلاري وتبنوا أوباما مرشحا لهم. منذ ذلك الوقت، عمد كلينتون على تحجيم هؤلاء ومعاقبتهم، واستبدالهم في فريق «عائلة كلينتون».

عقوبات بيل كلينتون هذه قد تخيف كل العاملين في الحزب الديموقراطي الذين قد تخول لهم انفسهم دعم اي مرشح مناوئ لكلينتون في اثناء الانتخابات الحزبية التمهيدية في العام 2016، وهو ما يبدو مستبعدا حصوله اذ ان كلينتون، قبل حوالي عامين على اعلان الديموقراطيين مرشحهم، تبدو مرشحة الحزب الديموقراطية من دون منازع، مع ترجيح وجود منافسين اقل وزنا لا يهددوا صدارتها ولا حظوظها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق