الخميس، 13 مارس 2014

دراسة أميركية: الهدف العسكري للأسد تقليص المعارضة المسلّحة إلى تهديد إرهابي

واشنطن - من حسين عبدالحسين

فيما استقر رأي الرئيس الاميركي باراك أوباما وادارته على القول ان الحرب السورية وصلت الى طريق مسدود، وانها تحولت الى حرب استنزاف ستمتد على مدى السنوات المقبلة، اعتبر بعض الخبراء الاميركيين ان الحسم العسكري لمصلحة بشار الاسد ليس امرا مستحيلا، وان يكن معقدا.

في هذا السياق، تداولت الاوساط الاميركية دراسة على شكل واسع، ورد فيها ان معظم المعارك لم تشهد حسما، رغم زعم كل من الطرفين انتصاره على الآخر، وان غياب الحسم دفع البعض الى القول ان «لا حل عسكريا» للصراع.

لكن حروب الاستنزاف يمكن ان تنتهي لمصلحة طرف دون آخر، حسب الدراسة، التي تشير الى انه في الوقت الحالي، هناك مئات المواجهات العسكرية التي تجري احداثها يوميا على امتداد 14 محافظة سورية، وتتراوح بين استخدام صواريخ «سكود» والغارات بالبراميل المتفجرة، التي يشنها النظام، ومواجهات بالاسلحة الخفيفة التي تنخرط فيها مجموعات صغيرة من المقاتلين من الطرفين.

الدراسة، التي اعدها الخبير في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى» جيفري وايت، تقدم «استراتيجية نظام» الاسد على الشكل التالي: لا يبدو ان النظام يقبل مبدأ الطريق المسدود، ولديه اهداف واستراتيجية عسكرية لتحقيقها تتضمن عمليات عسكرية متنوعة.

واوضحت الدراسة ان «اهداف النظام السياسية هي البقاء في الحكم، واستعادة السيطرة على اكبر مساحة يمكنه استعادتها، وتحويل المعارضة السياسية الى حركة في المنفى لا تأثير لها»، مضيفة ان «الهدف العسكري للنظام هو تقليص المعارضة المسلحة الى تهديد ارهابي يمكن التعامل معه، وهو لا يعني تصفية المعارضة بالكامل او استعادة كل شبر من الارض، لكن النظام لم يظهر اي نية غير القتال، وهو يقاتل في كل مكان في سورية، ولا يفاوض مع المعارضة، ولا يتخلى عن اي محافظة».

والاستراتيجية العسكرية تتضمن استخدام النظام كل الوسائل المتاحة له في الجو، والبر، والصواريخ، والقوى غير النظامية، لاحكام قبضته على المحافظات الموالية، وهي طرطوس واللاذقية والسويداء، والحفاظ على وجوده في المحافظات المتنازع عليها، اي دمشق وديرالزور وادلب ودرعا، واستعادة مناطق ذات اهمية وهي ريف دمشق والقلمون ومدينة حلب، وهذه استراتيجية تسمح للنظام بتقنين استخدام المقاتلين في المحافظات التي يسيطر عليها، والتركيز على المناطق التي يحاول استعادتها.

وكتب وايت ان للنظام اربعة انواع من العمليات التي يستخدمها لتحقيق استراتيجيته، وهذ العمليات تنقسم الى هجومية حيث يحاول استعادة اراض او منع انهيار جبهة ما، وعمليات دفاعية للحفاظ على مواقع مهمة من الوقوع في ايدي الثوار، ثم ايذاء المدنيين عن طريق الحصار والقصف العشوائي والهدنات المحلية بهدف تقويض دعم الثوار، وشن عمليات امنية مثل الاعتقالات والتعذيب في المحافظات التي يسيطر عليها كعمل وقائي لمنع انتشار الثوار فيها.

على ان كل هذه الاستراتيجية والعمليات تواجهها عوائق ترتبط بمحدودية امكانات النظام، ومقدرة الثوار على المقاومة.

في المحصلة، يعتقد وايت ان النظام يتمتع بسيطرة تامة في مناطق، طرطوس والسويداء والى درجة اقل اللاذقية، وانه يعهد الدفاع عن هذه المناطق الى قوى غير نظامية، ويتدخل عندما تتأزم الامور مثل عند هجوم الثوار في اللاذقية في اغسطس 2013.

مناطق اخرى تشهد تقدماً هجومياً بطيئاً، مثل في القلمون ويبرود، والتي كانت معقلا للثوار، والتي يعتمد النظام فيها على قوة نارية كبيرة، وعلى قوات نظامية وغير نظامية، وعلى قوات حليفة مثل «حزب الله» اللبناني وميليشيات شيعية عراقية. هناك، يعمد النظام الى طحن الثوار، الذين ان لم تتحسن امكاناتهم، فقد يسمح ذلك للنظام بالحسم.

ومن المناطق التي تشهد تقدماً هجومياً بطيئاً لقوات الاسد منذ الصيف الماضي هي مدينة حلب، حيث نجح النظام بفتح منفذ في الجنوب الشرقي، ما يهدد بتحويل مناطق الثوار الى جيوب محاصرة. وتقول الدراسة ان تقدم الاسد حتى الآن بطيء وذو تكلفة كبيرة، ويهدد خطوط امداد الثوار، وتتوقع انه ان نجحت قواته في عزل المدينة، فانها ستفرض عليها حصارا.

ومن المناطق التي يشن فيها الاسد هجومه البطيء هي ضواحي دمشق، حيث يحاول استعادة مناطق الى الجنوب والشرق، مستخدما كل الوسائل المتاحة من قصف عشوائي وعنيف، وحصار، وتجويع المدنيين، واستخدام القوات النظامية وغير النظامية، لكن رغم ذلك، مازالت معظم المناطق متنازع عليها ولم ينجح في الحسم في اي منها.

دير الزور والرقة وادلب هي المحافظات التي لايملك النظام امكانات للدفاع عنها، ولكنه نجح حتى الآن بالدفاع عن نقاط حيوية داخلها مثل بلدات معينة، او مطارات، او منشآت عسكرية، او مقار المخابرات وحزب البعث. كذلك، يعتبر وايت ان النظام سلّم القامشلي تماما للكرد.

ويتابع وايت ان الثوار يحققون انتصارات ويكبدون الاسد هزائم في القنيطرة ودرعا، في الجنوب، وحماة، في وسط سورية، رغم احتفاظ الاسد ببعض النقاط العسكرية في حماه، التي يحاول مساعدتها بين الحين والآخر عن طريق الغارات الجوية او القصف المدفعي او ارسال وحدات عسكرية صغيرة كتعزيزات.

وترى الدراسة انه رغم ان النظام لا يحقق انتصارات كاسحة، لكن تقدمه البطيء قد يتراكم ويتحول نجاحا، خصوصا على جبهات دمشق وحلب، «وهو ان نجح هناك، قد ينقلب اتجاه الحرب الحقيقي والمتخيل لمصلحته... ما سيدفع الاسد وحلفاءه الى المضي قدما بالحل العسكري، وان يصبحوا اقل قبولا بالتفاوض، وهو ما يثير القلق من امكانية هزيمة الثوار في حلب او دمشق... ورغم ان الهزيمة لن تحدث في ليلة وضحاها، هناك دائما خطر الانهيار الشامل والسريع الذي لم يمنعه حتى الآن الا تصميم الثوار، الذي قد لا يدوم بدوره الى الابد».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق