الجمعة، 2 مايو 2014

إسرائيل تقبل ببرنامج نووي إيراني سلمي

واشنطن - من حسين عبدالحسين

يبدو أنه حتى إسرائيل صارت تدرك حتمية وقرب توصل مجموعة دول خمس زائد واحد الى اتفاقية نهائية مع إيران حول ملف الاخيرة النووي، ما حمل السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر على القول ان سياسة بلاده «واضحة: فليكن لإيران برنامج نووي سلمي، ولا شيء غير ذلك».

هذا التصريح اللافت هو من المرات النادرة التي يبدي فيها مسؤول إسرائيلي، علنا، استعداد بلاده قبول أي اتفاقية مع إيران لا تؤدي الى انهاء برنامج ايران النووي بالكامل.

ومما قاله ديرمر، في خطاب ألقاه في مؤتمر احدى الجمعيات اليهودية - الأميركية، ان «أكبر تحد يواجه إسرائيل هو سعي إيران للحصول على سلاح نووي»، معتبرا ان الواقع يشير الى ان إيران، الغنية بالنفط والغاز، لا تحتاج فعليا لبرنامج نووي تكاليف انتاج الطاقة فيه أكبر من تكاليف انتاجها باستخدام البترول.

وتابع السفير الإسرائيلي ان «دولة مهتمة ببرنامج نووي سلمي ليست بحاجة لتخصيب اليورانيوم، او بناء منشآت تحت الأرض ومفاعل مياه ثقيلة، وهي كلها أمور فعلتها (إيران) وتحاول الإبقاء عليها في الاتفاقية النهائية مع مجموعة دول خمس زائد واحد». ولفت الى ان برنامج انتاج الصواريخ العابرة للقارات يشي بشيء واحد، هو نية إيران تحميل هذه الصواريخ برؤوس نووية.

وقال ديرمر انه «إذا كانت إيران تسعى لبرنامج نووي سلمي، فلا حاجة لها للصواريخ العابرة للقارات»، مضيفا ان «إسرائيل قلقة جدا من المحادثات الجارية مع إيران لأن كل المؤشرات تدل على قبول مجموعة دول خمس زائد واحد اتفاقية من شأنها ان تبقي برنامج أسلحة إيران النووية من دون ان تمس به».

واكد ان «الاتفاقية الوحيدة التي يجب ان تكون مقبولة هي التي تؤدي الى تفكيك مقدرة إيران على انتاج أسلحة نووية»، موضحا ان جلّ ما تفعله الاتفاقية التي يبدو أن المجتمع الدولي قارب التوصل اليها مع طهران تؤدي الى تمديد الوقت الذي يلزم إيران لإنتاج قنبلة نووية واحدة.

وكان وزير الخارجية جون كيري قال في جلسة استماع سابقة امام مجلس الشيوخ انه في حال نجاح المجموعة الدولية في تمديد الفترة المطلوبة كي تنتج إيران سلاحا نوويا من شهرين الى سنة، فذلك سيكون إنجازا بذاته، وهو تصريح اثار امتعاض بعض أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين.

في هذه الاثناء، عمد مسؤولون في الإدارة الأميركية الى تسريب جزء من فحوى الاستشارات بينهم وبين نظرائهم الإسرائيليين، وهي استشارات سنوية دورية انعقدت في شهر ابريل الماضي.

ونقل مراقبون عن المسؤولين الاميركيين قولهم انه «يبدو ان إسرائيل صارت تدرك ان لا مفر من التوصل لاتفاقية مع إيران»، وان «مصلحتها تقضي بمحاولة دفع هذه الاتفاقية قدر الإمكان باتجاه مصالحها، بدلا من التزمت والبقاء خارج إطار التأثير على شكل الاتفاقية النهائي».

ويرى المسؤولون الاميركيون ان «ما يهم الإسرائيليين في هذه المرحلة وهو تأكيد ان أي اتفاقية نهائية مع ايران تطيل الوقت المطلوب لتحويلها برنامجها النووي السلمي الى عسكري، وعملية التطويل هذه مبنية على عدة عوامل، أبرزها تأكيد ان نظام المراقبة الدولية للبرنامج الإيراني شامل وفعال وغير قابل للتجاوز».

وكان مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ريتشارد اينهورن قد قال ان تطويل مدة حصول إيران على سلاح نووي يرتبط أيضا بمقدرتها على التخصيب وعلى كمية اليورانيوم المخصب بدرجات 20 في المئة واعلى في حوزتها.

وقال اينهورن في دراسة أصدرها «مركز أبحاث بروكنغز»، حيث يعمل اليوم المسؤول السابق في منصب باحث، ان تطويل مدة التخصيب تعني موافقة إيران على تحديد عدد طرودها المركزية العاملة بين 2000 و6000 من الجيل الأول، او عدد اقل بكثير من الجيل الثاني.

يذكر ان إيران قامت بتخفيف 75 في المئة من قرابة ألف كيلوغرام من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة، بموجب اتفاقية جنيف الموقتة، التي حددت كذلك عدد الطرود المركزية العاملة في إيران بـ 9000، وجمدت العمل بمفاعل آراك العامل بالبلوتونيوم، وقبلت رقابة مكثفة تجريها وكالة الطاقة الذرية الدولية.

هذا يعني، حسب المسؤولين الاميركيين، ان الاتفاقية النهائية مع إيران «تبعد خطوات قليلة عن الصيغة النهائية التي ستكرس الرقابة اللصيقة، وتفرض على إيران كشف اعمال برنامجها في الماضي، وتخفيض عدد الطرود المركزية العاملة ومخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة الى مستويات بسيطة».

يبدو ان إسرائيل توصلت الى قناعة مفادها ان إيران لن تخادع هذه المرة، وان طهران ستقدم تنازلات فعلية تحسم موضوع عسكرة برنامجها النووي وتبقيه سلميا بمراقبة دولية اكيدة، وهو ما دفع الإسرائيليين الى محاولة التأثير في الاتفاقية النهائية بما ان نسفها صار يبدو شبه مستحيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق