الأحد، 13 يوليو 2014

«الحرس الثوري» يريد تطبيق النموذج السوري بحذافيره في العراق

| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

تسعى الأوساط المعنية في العاصمة الأميركية الى فهم السياسة الإيرانية في العراق منذ سقوط الموصل وقيام «الدولة الإسلامية»، خصوصا موقف طهران من بقاء او رحيل رئيس الحكومة نوري المالكي. الا انه على غرار المرات الماضية، يتعذر ان يجد الاميركيون سياسة واحدة صادرة عن طهران، بل رأيان وسياستان: الأولى بقيادة «الحرس الثوري» وعلى رأسه مرشد الثورة علي خامنئي، والثانية برعاية الرئيس حسن روحاني ودعم ما يعرف بالإصلاحيين والمعتدلين.

وكتب الباحث مهرداد معروفيان من مركز أبحاث «اميريكان انتربرايز انستيتوت» اليميني المحافظ انه يبدو ان «قائد فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني هو القائد الميداني لإيران في العراق. ونقل عن مسؤولين اميركيين قولهم ان سليماني «أمضى وقتا مطولا في بغداد لتنسيق مجهود قوات الامن العراقية وتعبئة الميليشيات الشيعية والمتطوعين».

واضاف المسؤولون الاميركيون ان «استراتيجية سليماني في العراق تبدو وكأنها مبنية عل النموذج الذي استخدمه لمساعدة نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد في سورية، وهي مبنية على استقطاب كثيف لمقاتلين محليين من طوائف معينة، وتحريك القوى التابعة لإيران إقليميا مثل حزب الله اللبناني، الى جانب القوات المسلحة التقليدية للدولة المضيفة المهددة».

ويقول معروفيان ان في إيران اسما لهذه الميليشيات غير النظامية في سورية والعراق ولبنان: الباسيج.

ويعتقد الخبراء الاميركيون ان سليماني و«حزب الله» يقفان خلف تشكيل وتدريب وتمويل الميليشيا السورية التي تحمل اسم «قوات الدفاع الوطني»، والتي صارت تشارك في معظم المعارك الكبيرة في سورية، كان آخرها انخراطها الى جانب قوات النخبة لدى الأسد في معارك حي الشيخ نجار في حلب، في الأسبوعين الماضيين.

ويلفت معروفيان الى تصريحات مسؤولين إيرانيين يتبنون فيها مسؤولية إيران عن انشاء هذه الميليشيات التي يطلقون عليها تسمية «المقاومة».

وكان اللواء في الحرس الجمهوري الإيراني حسين حمداني قال، في تصريح له أخيراً، انه عبر «خلق الباسيج، يولد الطفل الثالث للثورة (الإيرانية) في العراق، بعد سورية ولبنان». واضاف حمداني: «نحن نؤمن كليا بالدفاع الشعبي والكامل، والوجود الشعبي في المشهد هو سر المقاومة... في سورية، عندما دخل الناس الى جانب الجيش، انقلب الوضع فجأة لمصلحة المقاومة». ويختم حمداني: «هذا يتكون في العراق اليوم».

ويعلق معروفيان بالقول ان في بال مسؤولي «الحرس الثوري الإيراني» امرا محددا جدا عندما يطلقون تسمية الباسيج على المقاتلين الشيعة العراقيين، اذ وصفهم هذا ليس مخصصا للعراق بل لصراع المنطقة ولاستراتيجيتهم لخوض هذا الصراع.

ويتهم معروفيان طهران بتعبئة شيعة العراق «كجزء من تعبئة إقليمية يعتقدون ان من شأنها ان تقلب الموازين لمصلحتهم في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها»، معتبرا ان تبني طهران لخطاب طائفي على صعيد المنطقة بأكملها، على الرغم من ادانة مسؤوليها لذلك، هو «أخطر على المصالح الأميركية» من «الدولة الإسلامية» وحدها. ويعتقد معروفيان ان من شأن التعبئة الإيرانية المتواصلة للشيعة ان تساهم بالمزيد من الزعزعة لاستقرار المنطقة، وان تدفع القاعدة الى تعبئة سنية مماثلة. ويختم: «لا يمكن للولايات المتحدة ان تدعم استراتيجية الباسيج».

بدوره، يعتقد كبير الباحثين في «معهد الشرق الأوسط» اليكس فاتانكا ان «لا اجماع» في طهران على ما يتوجب فعله في العراق، فالصقور في إيران يعتقدون انها مواجهة تتسع لمنتصر وحيد، وان عليهم الانتصار على «الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج العربي».

في الوقت نفسه، يقول فاتانكا، انه رصد بعض الأصوات في طهران، خصوصا في أوساط المعتدلين من جماعة روحاني، ممن لمحوا الى إمكانية قبول إيران تخليها عن المالكي، والتعاون مع الولايات المتحدة من اجل إقامة حكومة شراكة وطنية في العراق.

ويقول فاتانكا لـ «الراي» ان خامنئي مازال يعاني مما يراها تجربة إيران السيئة في التعامل مع الاميركيين في الماضي، كما ضد «طالبان» في بداية حرب أفغانستان في العام 2001، حتى يعود بعدها الاميركيون لوضع إيران في «محور الشر»، كما ورد في خطاب حال الاتحاد الذي ادلى به الرئيس السابق جورج بوش في العام 2002.

ويضيف فاتانكا ان خامنئي يخشى من ان تكون تكلفة أي تدخل أميركي الإطاحة بالمالكي، حليف إيران، او إعادة النظر في «اتفاقية القوات» بين العراق وأميركا، وهو ما قد يؤدي الى ابعاد بغداد عن طهران واقترابها من واشنطن.

في الوقت نفسه، يقول الخبير الأميركي من أصل إيراني ان إيران ترغب في القضاء على «الدولة الإسلامية»، وهي ربما تعتقد ان «قيام الاميركيين بذلك هو افضل بكثير من إمكانية ارسال طهران لجيوش إيرانية الى داخل الأراضي العراقية»، بسبب ما قد تثيره عملية التدخل الإيرانية من نقمة عربية ضدها.

ويلخص فاتانكا الموقف الإيراني على الشكل التالي: «رغم الآراء المتضاربة في طهران، يريد كل من الصقور والمعتدلين الحفاظ على النفوذ الإيراني في العراق، وهما اتفقا في الوقت الحالي على دعم سريع لقوات بغداد المسلحة التي يقودها المالكي، ضد داعش، ورغم تحفظات خامنئي على عودة أميركية الى العراق، الا ان قيام اميركا بتعطيل داعش أفضل لطهران من تدخل الجيش الإيراني مباشرة».

ويوضح: «اما مصير المالكي، فأمر ثانوي في الحسابات الاستراتيجية لدى الطرفين».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق