الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

«الراي» تنشر تفاصيل الاتصالات الأميركية - الإيرانية التي أفضت إلى التوافق على رئاسة العبادي للحكومة العراقية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعد ثماني سنوات وجدال داخل واشنطن وعنف في العراق، طوت الولايات المتحدة صفحة رئيس حكومة العراق نوري المالكي مع قيام الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بيدن بالاتصال برئيس الحكومة الجديد حيدر العبادي لتهنئته بمنصبه، ولحضّه على الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تمثل «المجموعات المختلفة»، على حد قول أوباما، الذي قطع اجازته في جزيرة «دالية مارثا» ليدلي ببيان مقتضب عن الأوضاع في العراق.

وقال أوباما انه «تعهد» دعم العبادي، ورئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وغمز الرئيس الاميركي من قناة رئيس الحكومة السابق، بعد انباء عن نية القوات الأمنية الموالية له بتنفيذ انقلاب عسكري، وقال: «أحضّ كل قادة العراق السياسيين على العمل بسلم وضمن إطار العملية السياسية في الأيام المقبلة».

ورغم ان واشنطن تصبح في هذا الشهر مدينة اشباح بسبب العطلة الصيفية السنوية للكونغرس والحكومة، الا ان الكادر الصغير المتبقي في واشنطن عاش ساعات عصيبة على وقع انباء قيام قوات المالكي بتنفيذ انتشار مكثف داخل المنطقة الخضراء في بغداد، في خطوة عدها الكثيرون بمثابة محاولة انقلاب عسكري.

وكانت تقارير سابقة تواترت الى العاصمة الأميركية مفادها ان المالكي عمد إلى اقحام أكثر من 200 من المسلحين المؤيدين له، بثياب أمنية، الى داخل قاعة البرلمان المخصصة للنواب فيما كان يبدو عملية لإرهاب معارضي فوزه بولاية ثالثة. وتقول المصادر الأميركية ان أوباما، الذي يمضي عطلته الصيفية مع عائلته، طلب من فريقه ابقائه على اطلاع دوري حول الاحداث والتطورات في بغداد.

وروت مصادر أميركية لـ«الراي» ان نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران برت ماكغيرك، والسفير الأميركي في العراق بوب بيكروفت، كانا على اتصال، عبر قنوات عراقية، بقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» الجنرال قاسم سليماني، الذي زار بغداد. والقناة العراقية تضاف الى قنوات المفاوضات المباشرة بين الاميركيين والإيرانيين في جنيف، مطلع الأسبوع، والتي تطرقت الى غالبية ملفات المنطقة، بما فيها العراق.

وتقول المصادر الأميركية ان اتفاقا حاسما انعقد في بيت كبير نواب «كتلة دولة القانون» حسين الشهرستاني بحضور العبادي، وهادي العامري، وخضير الخزاعي، وسليماني. في ذلك اللقاء، توصل المجتمعون الى قرار ترشيح العبادي، الذي يحوز موافقة أميركية، لرئاسة الحكومة.

أوباما نفسه المح الى التعاون الجاري مع طهران في العراق بقوله: «نحن مستعدون للعمل مع دول أخرى في المنطقة للتعامل مع الازمة الإنسانية وتحديات مكافحة الإرهاب في العراق».

وترافق الاتفاق الدولي – الإقليمي – العراقي حول تسمية العبادي رئيسا لمجلس الوزراء مع رسم التحالف الراعي للخطوط العريضة لسياسات الحكومة العراقية المقبلة.

وتقول المصادر الأميركية انه «صار مفهوما لدى الجميع ان الحكومة المقبلة ستستعيد كل الأدوار التي أناطها المالكي بما اسماه مكتب القائد العام» للقوات المسلحة. كما صار مفهوما ان الحكومة العراقية المقبلة «ستعيد الى السنة دورهم الأساسي، بما في ذلك في الوزارات السيادية والأمنية والقوات المسلحة»، وان شخصيات سنية من داخل البرلمان، وأخرى قبلية وعشائرية، ستنضم الى الحكومة الجديدة.

كما يبدو ان الاتفاق حول العبادي يتضمن إعادة احياء «قوات الصحوات» المشكلة في غالبيتها من عشائر سنية، ومدها بالمال والسلاح. كما يتضمن الاتفاق تعاون الجيش العراقي مع قوات العشائر لإعادة المناطق التي خسرتها الحكومة الفيديرالية لمصلحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في يونيو الماضي.

الى أي مدى يذهب التعاون الأميركي – الإيراني في العراق، وما هي الانفراجات التي سيؤدي اليها هو ما يراقبه كثيرون، وخصوصا من معارضي أوباما في واشنطن، عن كثب.

أوباما ومساعدوه يعتقدون انه يمكن للاتفاق مع إيران ان يؤدي الى انفراجات في العراق ولبنان، وان يساهم في مكافحة الإرهاب في المنطقة، والأهم من ذلك، يمكن ان تساهم الاتفاقات حول ملفات إقليمية بين واشنطن وطهران الى تعزيز الثقة بينهما، حسب مصادر أوباما، للتوصل الى اتفاقية نووية نهائية تتوج هذا التعاون وتنتقل بالبلدين الى مرحلة جديدة من العلاقة بينهما، والتي تعيش في أزمة منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وذكر البيان الصادر عن البيت الابيض حول فحوى المكالمة بين أوباما والعبادي ان «الرئيس شدد على ان الولايات المتحدة مستعدة لتعميق التعاون السياسي والأمني مع العراق فيما يسعى قادته السياسيون لتطبيق إصلاحات سياسية»، وجاء في البيان أيضا ان «الدكتور العبادي شكر الرئيس (أوباما) لاتصاله، وأعرب عن دعمه لشراكة قوية بين الولايات المتحدة والعراق». والشراكة العراقية - الأميركية القوية التي يتحدث عنها رئيس حكومة العراق الجديد يبدو انها تأتي برعاية ومباركة إيرانية، وهي قد تكون فاتحة شراكات أكبر بين الإيرانيين أنفسهم والولايات المتحدة.

الى ذلك، أمر المالكي أمس، القوات الامنية بعدم التدخل في «الازمة السياسية» التي تمر بالبلاد. وجاء في بيان نشر على موقع رئاسة الوزراء ان «رئيس الوزراء (نوري المالكي) حضّ القادة الضباط ومنتسبي الاجهزة الامنية بالابتعاد عن الأزمة السياسية والالتزام بواجباتهم الأمنية والعسكرية لحماية البلاد وألا يتدخلوا فيها».

وعلى صعيد ردود الفعل باختيار العبادي لرئآسة وزراء العراق ذكرت وكالة الانباء السعودية، امس، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هنأ العبادي على تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وتابعت ان الملك عبدالله ارسل برقية تهنئة للعبادي اكد فيها: «يسرنا تهنئة دولتكم على تكليفكم رئيساً للحكومة العراقية الجديدة... داعياً المولى عز وجل أن يوفقكم ويسدد خطاكم في اعادة اللحمة بين أبناء الشعب العراقي الشقيق والمحافظة على وحدة العراق وتحقيق أمنه واستقراره ونمائه وعودته الى مكانته في عالمه العربي والاسلامي».

ورحب وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل بتكليف العبادي تشكيل الحكومة العراقية. وقال: «انه خبر سار تلقيته للتو».

كما رحبت الجامعة العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي بتكليف العبادي.

وفي طهران، اعلن ممثل القائد الاعلى، سكرتير المجلس الأعلى للامن القومي الادميرال علي شمخاني، في ملتقى للسفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية الايرانية، عن ترحيب ايران «بالمسار القانوني الذي اتخذ لانتخاب رئيس الوزراء الجديد في العراق»، وقال «ان الاطر القانونية التي نص عليها الدستور العراقي، تعدّ ميثاقا وطنيا تنتخب من خلاله كتلة الاكثرية في مجلس النواب العراقي رئيساً للوزراء». وفي سياق متصل، أعلن مصدر عسكري عراقي بارز، امس، سقوط مروحية عراقية اثناء اجلاء نازحين ايزيديين في جبل سنجار في شمال غربي العراق، ما ادى الى مقتل احد افراد الطاقم وجرح 5 بينهم نائبة ايزيدية.

وقال المصدر ان «مروحية من طراز مي 17 كانت تنقل مساعدات لنازحين يزيديين في جبل سنجار سقطت بسبب تهافت النازحين وارتفاع معدل الحمولة فيها».

وادى الحادث الى مقتل احد افراد الطاقم واصابة 5 اشخاص بينهم النائبة الايزيدية فيان دخيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق