الخميس، 21 أغسطس 2014

الحرب وحدها لن تنهي «داعش» والمطلوب خطب ود... العشائر


أبدت دوائر القرار في العاصمة الأميركية قلقها من الأداء الجيد الذي يمارسه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في حكم الأراضي التي استولى عليها. ويقول خبراء ان كسب تأييد المناطق التي يحكمها هذا التنظيم تجعل من الصعب ازاحته منها، اذ لا يمكن فعل ذلك بعمل عسكري فقط، بل يتطلب تواصلاً مع سكان هذه المناطق وتأليبهم ضد التنظيم.

وكما «خطة زيادة القوات» التي اعتمدتها الولايات المتحدة العام 2008 لإنهاء العنف الذي ساد معظم مناطق العراق، ترتكز الاستراتيجية الحالية الى خطب ود سكان المناطق التي احتلها «داعش»، خصوصا ود العشائر التي يمكنها تقديم مقاتلين يعرفون الأرض جيدا ويمكنهم، أكثر من القوات الحكومية العراقية، طرد «داعش». كذلك، عندما ينقلب الرأي العام المحلي ضد أي تنظيم، يصبح من الصعب اختباء مقاتليه او حصولهم على مؤن او مساعدة من السكان.

دايفيد كيلكولن، هو ضابط استرالي سابق تعرف مصادفة على قائد القوات الأميركية في العراق في حينه الجنرال دايفيد بترايوس، الذي أعجب بمقدرته على تقديم حلول نظرية وعملية لمعالجة مشكلة التمرد التي كان يعاني منها الاميركيون في العراق. وتحول كيلكولن الى أبرز مستشاري بترايوس، وساهم في تأليف «دليل خوض الحروب في وجه مجموعات غير نظامية» للجيش الأميركي.

واستراتيجية كيلكولن، التي يقدمها في كتابه «مكافحة التمرد»، تعتمد على ثلاثة عوامل: الأول استخدام قوة عسكرية ساحقة لطرد متمردين من بلدة ما، وفي الوقت نفسه التواصل مع السكان وكسب ودهم وتحسين ظروفهم المعيشية ومد رجالهم بالمال والسلاح. وفي المرحلة الأخيرة، يقوم الجيش بتسليم البلدة المذكورة الى سكانها الذين يمكنهم مواجهة المتمردين ومنع عودتهم.

ولكن يبدو هذه المرة ان «الدولة الإسلامية» قرأت هذا الدليل وهي تعمل بموجبه، اذ يعتقد كيلكولن انها تتصرف كدولة الى حد بعيد، وتعمل على تقديم الخدمات الأساسية للسكان، وعلى الإبقاء على الكادر الحكومي المختص في جمع النفايات وتشغيل الكهرباء والمياه وفرق الصيانة. كما تستثمر الدولة في البنية التحتية وتجمع الضريبة، وهي انشأت محاكم، وتصدر وثائق ممهورة بختمها.

لذا، يعتبر الخبير الأسترالي ان الغارات الأميركية أدت الى تغيير جذري في طريقة عمل داعش. ويقول كيلكولن في مقابلة مع شبكة «اي بي سي» التلفزيونية انه عندما عمل في العراق في العامين 2006 و2007، كان المتمردون ميليشيات يتحركون ليلا بسيارات مدنية وبثياب مدنيين ويقومون بتفجيرات وبقطع رؤوس.

لكن على مدى الأشهر الستة الماضية، يتابع كيلكولن، كان «داعش» يعمل بطريقة مختلفة كليا في العراق، «فهم يعملون في وضح النهار، ولديهم أسلحة ثقيلة على ظهور مركبات... ودبابات، وعربات مصفحة، وهم يتصرفون كثيرا مثل الطالبان قبل الاجتياح الأميركي العام 2011، وهو ما يجعلهم عرضة للخطر امام أي قوة جوية».

هكذا، غيرت الغارات الأميركية من طبيعة عمل «الدولة الإسلامية»، ودفعت مقاتليها الى الاختباء في المدن، وهو ما سيجعل من الصراع معها صراعا طويل الأمد.

ويتابع الخبير العسكري بالقول ان القوات الحكومية العراقية لا قدرة لديها لاستعادة الأراضي التي خسرتها لمصلحة داعش، كذلك تفتقر قوات البشمركة الكردية الى التدريب والتسليح المطلوبين من اجل حسم أي معركة مع «داعش»، وهو ما يعني ان المتحاربين سيصلون طريقا مسدودة في المدى المنظور، وهو ما دفع الحكومة الأميركية الى محاولة استقطاب العشائر العراقية لإخراج داعش من الموصل والبلدات العراقية التي تسيطر عليها.

لكن خطر «داعش» لن يزول بخروجها من العراق، حسب أجهزة الاستخبارات الأميركية، التي رصدت لقاء في ليبيا لعدد من المجموعات الإسلامية المتطرفة تباحث فيه إمكانية تخليها عن القاعدة ومبايعة داعش. ويعتقد الخبراء الاميركيون ان النجاحات العسكرية التي حققتها داعش هي بمثابة مغناطيس يجذب المجموعات الأخرى، وان وقف هذه النجاحات ربما يحد من ذلك. وتقدر الأجهزة انه في الأسبوع الماضي وحده، انضم الى «داعش» أكثر من ستة آلاف مقاتل.

اما المجموعات التي قد تعلن الولاء لـ «داعش» فموجودة في اليمن والصومال وليبيا والساحل، وهو ظاهرة تثير قلق المراقبين من إمكانية توسعها.

ويختم الخبير الأسترالي «هذا صراع على مدى أجيال»، يقول كيلكولن، الذي يعتقد ان الحملة الجوية الأميركية ستستمر لأشهر متعددة، مثل حرب كوسوفو، ولا يستبعد استخدام قوات أرضية. «لكن هذا سيكون في هذه العملية فقط، وان لم ننظر الى هذه المواجهة من منظور أوسع، فاعتقد اننا سنكرر هذا الحوار نفسه بعد 20 او 30 عاما حول خطر التطرف الإسلامي حول العالم، والذي اعتقد ان علينا ان نميزه عن المسلمين الذين لا يشكلون مشكلة... المتطرفون مجموعة صغيرة عدديا، ولكن لا حاجة لأعداد كبيرة للإبقاء على هذا النوع من الصراع لفترة طويلة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق