الأحد، 14 سبتمبر 2014

مسؤولون أميركيون: قوات الأسد تتراجع وتتحول إلى الدفاع

| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

يعتقد مسؤولون أميركيون ان المواجهات العسكرية المندلعة منذ صيف العام 2011 في سورية ساهمت في عسكرة جزء كبير من السنة السوريين، وأن عدد هؤلاء تزايد مع مرور الوقت، فيما واجهت قوات الرئيس السوري بشار الأسد تناقصا في صفوفها وارهاقا.

ويقول المسؤولون ان التقارير الأميركية تشير الى حتمية تفوق معارضي الأسد، من المتطرفين والمعتدلين، عدديا وعسكريا في المدى القريب، وهو ما يعني انه من الأفضل للولايات المتحدة والغرب ضمان ان القوة المقبلة في سورية ستكون من السنة المعتدلين لا المتطرفين.

وفي جلسة خاصة، رفع مسؤول أميركي صورة تنقسم الى نصفين ليريها للحاضرين. في النصف الأول جنود في «الجيش العربي السوري»، في اواخر العام 2011، حليقو الذقون وببزاتهم العسكرية وقبعاتهم. في النصف الثاني، جنود سوريون، قبل أشهر، أرخوا ذقونهم ويلبسون ثيابا عسكرية ومدنية.

يقول المسؤول الأميركي ان «كل جيوش العالم عرضة للإنهاك، بما في ذلك القوات النظامية الموالية للحكومة السورية».

والارهاق الذي أصاب قوات الأسد صار ينعكس سلبا على أدائها في المعارك ضد الثوار.

ويوضح المسؤول ان «الجنود يشاركون في مهمات قتالية، وينفقون أشهرا طويلة من دون راحة او إجازات او زيارة منازلهم وأسرهم. ومع مرور المعارك، يتعرض هؤلاء الجنود لضغط نفسي هائل برؤيتهم مشاهد الموت وفقدانهم رفاق السلاح، ما يحط من معنوياتهم ويدفعهم الى التفلت من الانضباط قتاليا وسلوكيا، وهو ما ينعكس سلبا على الأداء العسكري العام لهذه القوات».

ارهاق قوات الأسد النظامية أجبر حلفاءه في إيران على تدريب قوات سورية غير نظامية للمؤازرة، لكن انخراط عدد مؤيدي الأسد القادرين على القتال بلغ ذروته، ولم يعد ممكنا تجنيد المزيد، فبدأت طهران ترفده بقوات غير نظامية وغير سورية تابعة لها مثل «حزب الله» اللبناني و«عصائب اهل الحق» العراقية، وهو ما ساهم في استعادة الأسد زمام المبادرة وتكبيده الثوار خسائر واستعادته السيطرة على مساحات كان فقدها.

الا ان 8 يونيو قلب الموازين، حسب المسؤول الأميركي، وهو اليوم الذي انهارت فيه القوات الحكومية في مدينة الموصل ومحافظة نينوى عموما شمال غربي العراق. ذلك اليوم، سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على مساحات واسعة من العراق، وغنم كمية هائلة من السلاح الأميركي الصنع والذخائر، فضلا عن ملايين كثيرة من الدولارات. وأجبر الانهيار في الموصل الميليشيات العراقية على العودة الى بلادها للانخراط في محاولة وقف زحف «داعش»، الذي عاد بدوره الى الجبهة السورية بمعنويات عالية، وسلاح واموال كثيرة، فأفرد اهتمامه أولا للمعارضة المسلحة، وطرد مقاتليها من مناطق في شمال سورية الشرقي، وسيطر على محافظتي دير الزور والرقة بشكل شبه كامل، خصوصا بعد المعركة التي انتزع فيها مطار الطبقة العسكري من قوات الأسد المحاصرة والمنهكة.

وتعتقد المصادر الأميركية ان مقاتلي «داعش»، وهم أصحاب خبرة في التسويق الإعلامي، عمدوا الى بث صور تظهرهم وهم يعاملون الجنود الحكوميين بمذلة، ولقطات أخرى تظهر مجازر جماعية يرتكبها مقاتلو «داعش» بحق قوات الأسد. تلك الصور، حسب مسؤولين، هدفها المساهمة في هز الثقة لدى الخصم وفي دفع مقاتليه الى التشكيك في اهداف القتال.

والتشكيك في اهداف القتال موجود حتى لدى الاميركيين، الذين ما ان بدأوا يتكبدون خسائر بشرية، ان في العراق او في أفغانستان، حتى وجدوا أنفسهم يبحثون عن سبب وجودهم في هذين البلدين وراحوا يبحثون عن اول مخرج ممكن للانسحاب.

العلويون، مثل الاميركيين، يتساءلون اليوم عن الهدف في موت أبنائهم، وهناك حركة معارضة علوية بدأت تنشأ في مناطق الأسد، وان كان الأخير عمد الى قمعها فورا، حسب ما يقول المسؤولون الاميركيون.

وتقول المصادر الأميركية ان خسارة المعارضة مساحات في الشرق امام تقدم «داعش» دفعها للتعويض عنها في الغرب، فاشتعلت جبهة سهل الغاب الذي يفصل المناطق السنية عن نظيرتها العلوية في شمال سورية الغربي. ونجحت المعارضة في الاستيلاء على قرية ارزة ذات الغالبية العلوية، لكن قوات الأسد استعادتها بعدما استقدمت تعزيزات من جبهات أخرى مثل حلب. على أن تقدم المعارضة السورية لا يعني بالضرورة حسمها للمعركة على حساب الأسد، الذي تتوقع المصادر الأميركية ان يعاني من خسارات فادحة، ولكن من دون فقدان المقدرة على البقاء في مناطقه والقتال دفاعيا. وتضيف المصادر ان نظام الأسد قد يجد نفسه اليوم من دون استراتيجية او هدف بعيد، فالقصف العشوائي لمناطق الثوار بلغ أوجه ولم تعد نتائجه تؤثر في مجرى المعارك، وقدرة الحسم لدى النظام صارت مفقودة، ما يعني ان الأسد نفسه بات يدرك ان الحرب الدائرة هي حرب استنزاف من دون أفق.

هذا لا يعني ان الأسد سيتراجع او يتخلى عن الحكم، حتى وان كان في موقف لا يحسد عليه، ويختم المسؤول الأميركي حديثه بالقول ان «نظام عائلة الأسد يعمل منذ تأسيسه حسب مبدأ مبني على التمسك بما لديه، وبأي تكلفة، على أمل ان تتغير الظروف مستقبلا وتؤمن له كوة للنفاد منها الى الأمام ومحاولة العودة الى سابق عهده»، لكنه يستبعد هذه المرة ان تساهم أي احداث في فتح الطريق امام الأسد للعودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق