الجمعة، 20 فبراير 2015

هل تغيّر موقف أوباما فاشترط رحيل الأسد سبيلاً للقضاء على «داعش»؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

كان لافتا التغيير الذي طرأ على موقف الرئيس باراك أوباما في أقل من 12 ساعة. في اطلالته الأولى مساء الأربعاء في البيت الأبيض، تحدث الرئيس الأميركي مطولا عن مكافحة تنظيمي «الدولة الإسلامية» (داعش) و«القاعدة»، ولكنه لم يأت على ذكر العوامل الأخرى، مثل الأزمات السياسية في سورية والعراق، والتي ترافقت مع صعود مثل هذه التنظيمات المتطرفة. في اطلالته الثانية في وزارة الخارجية صباح أول من أمس، قال أوباما ان حرب الرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه أججت العنف، وان انجاز الحل في سورية يرتبط بانتقال كامل للحكم.

ما سبب التباين في الخطاب الأميركي والتغيير الذي ظهر فيه؟

يروي الناشط السوري محمد غانم انه اثناء حضوره احدى جلسات قمة «مكافحة العنف المتطرف»، التي انعقدت في العاصمة الأميركية على مدى الأسبوع الماضي، وجد ان مستشارة الأمن القومي سوزان رايس كانت تجلس في المقعد الذي أمامه، فوضع يده على كتفها وقال: «تعرفين ماذا، كل هذه الازمة التي تحاولون التعاطي معها سببها ان داعش استولى على أراض انهار الحكم فيها في سورية، وهذا حصل بسبب (الرئيس السوري بشار) الأسد».

وأضاف غانم معترضا: «الأسد هو أساس المشكلة، والرئيس (أوباما) لم يتطرق للأسد او مصيره بتاتا اثناء خطابه اليوم، وما لم تتعاملوا مع جذور المشكلة، أي الأسد، لن تصلوا الى حل».

وتابع غانم لـ «الراي» ان «رايس ابتسمت وقالت نعالج موضوع الأسد، كيف؟ بالقوة؟ فأجبت بل بفرض العملية الانتقالية عليه، وهذا لن يحصل ما لم تتغير الوقائع على الأرض، أي تتغير موازين القوى العسكرية. شاهدنا مقابلة الأسد الأخيرة، ولا يبدو انه مستعد لأي عملية انتقالية، بل يبدو ان لديه مشاريع مختلفة».

وقال غانم ان رايس ابتسمت وأومأت له بالإيجاب، ولكن من دون ان تجيب.

مساء اليوم نفسه، التقى غانم في اثناء تجواله في الممر وزير الخارجية جون كيري، فقال له انه «حتى تتغير الأمور على الأرض في سورية ضد مصلحة داعش، عليكم ان تتعاملوا مع مشكلة الأسد»، فأجاب كيري انه «كان خرج للتو من اجتماع قال فيه الكلام نفسه. ثم لكمني كيري على كتفي ممازحا».

صباح اليوم التالي، ربط أوباما فكرة القضاء على «داعش» بالإطاحة بالأسد، وقال ان هزيمة «داعش» تقتضي تحقيق انتقال سياسي في سورية أولا.

بعد خطاب أوباما الثاني، مر كيري بجانب غانم مرة ثانية، فشكر الناشط السوري الوزير الأميركي على التغيير في موقف أوباما، فأجاب كيري بالقول: «نعم، نعم، بالتأكيد خطاب اليوم أفضل».

وعلمت «الراي» من مصادر في الادارة ان كيري قدم، اول من أمس، مذكرة حول سورية ومستقبل الأسد. ولم ننجح في الحصول على إيضاحات من مسؤولين في وزارة الخارجية حول فحوى المذكرة او ان كان تغيير ما قد طرأ على الموقف الأميركي، لناحية تقديم إزاحة الأسد على القضاء على «داعش».

لكن مهما كان في مذكرة كيري الى أوباما، من المؤكد ان مضمونها لم يصل بعد الى بقية أجهزة الدولة الأميركية، ولا الى حلفائها. كذلك، يبدو ان الموقف الأميركي الجديد لم يصل الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، على الأقل بصورة غير رسمية عن طريق الديبلوماسي الأميركي السابق ومساعد الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان.

فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أطل في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامية جودي وودروف، وهي ممن أجروا لقاءات مع الأسد في فترة ما بعد اندلاع الثورة السورية في مارس 2011.

وحاولت وودروف الانقضاض على الأمين العام في موضوع الأسد، فسألته ان كانت القمة التي انعقدت في واشنطن وشارك بها تسلط الضوء على داعش وتنسى مسؤولية «نظام الرئيس الأسد عن الاف القتلى»، وان كان «العالم يعطي الرئيس الأسد إجازة قتل بتركيزه على داعش ومن دون التركيز عليه».

بان رد بالقول: «كلا، لا يمكننا ولن نعطي أي إجازة إلى أي زعيم، بما في ذلك الرئيس الأسد، لقتل شعبهم. هذا غير مقبول على الإطلاق». وأضاف: «في الوقت نفسه، علينا أن نكون عمليين جدا في كيفية حل هذه المشكلة، فليس هناك بديل عن الحوار السياسي والشامل، وإيجاد حل سياسي، وهذا ما مبعوثي الخاص، السيد (ستيفان) دي مستورا، يحاول حل هذه المشكلة، ويحاول الحصول على بعض الفضاء السياسي، قدر الإمكان».

وعندما حاصرت وودروف بان بسؤالها ان كان كلامه يعني ان رحيل الأسد ضروري للتوصل الى حل في سورية، التزم أمين عام الأمم المتحدة بـ «العملانية» التي تحدث عنها، وقال ان هذا «لا بد من مناقشته في المرحلة الأخيرة من المفاوضات السياسية، وهو ما يجب أن يقرره الشعب السوري».

ومع انه من غير الواضح تماما ان كان التغيير في موقف أوباما لناحية من يرحل قبلا، «داعش» ام الأسد، يعكس تغييرا فعليا ام خطابيا، من المؤكد ان شركاء أميركا ومسؤولي المجتمع الدولي لم تصلهم المذكرة بعد، لذا مازالوا يتمسكون بالكلام المطاطي عن الأسد ومصيره ومستقبل سورية بشكل عام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق