الأحد، 8 مارس 2015

أوباما يواجه مشكلة في تسويق اتفاق مع إيران لضعف مصداقيته في السياسة الخارجية

حسين عبدالحسين

تتناقل الأوساط السياسية الأميركية من الحزبين، حزب الرئيس باراك أوباما الديموقراطي والحزب الجمهوري المعارض، ان مشكلة تسويق الرئيس الأميركي لأي اتفاقية مع الإيرانيين تكمن في أسباب ثلاثة أولها التنافس الحزبي، الذي يختلط مع نفوذ ودور إسرائيل واصدقائها في واشنطن، وثانيها صورة أوباما وكأنه يريد اتفاقية مع إيران بأي ثمن، وثالثها تاريخ أوباما المتعثر في السياسة الخارجية منذ توليه الحكم مطلع العام 2009.

وكتب جوناثان برودر في مجلة «نيوزويك» ان «لجنة العلاقات العامة الأميركية – الإسرائيلية»، أي اللوبي الإسرائيلي المعروف بـ «ايباك»، تجد نفسها في موقف حرج، فمن جهة يطالبها الجمهوريون باستخدام نفوذها الهائل لنسف الاتفاقية المتوقعة مع طهران، فيما يمارس البيت الأبيض ضغطا كبيرا على هذا اللوبي كي «لا يضع مصالح إسرائيل امام مصالح أميركا»، أي ان يأخذ جانب أوباما في مواجهته مع نتنياهو.

مشكلة أوباما الثانية، حسب الأوساط الأميركية، تكمن في ظهوره في مظهر الضعيف امام الإيرانيين، ففضلا عن التقارير التي اشارت إلى ان مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي طلب من وزير خارجيته محمد جواد ظريف التوقف عن الصراخ في وجه نظيره الأميركي جون كيري وتأنيبه اثناء الجولات التفاوضية، اقتبس موقع مجلة «ويكلي ستاندرد»، المحسوبة على تيار «المحافظين الجدد»، عن مواقع إعلامية إيرانية تقارير جاء فيها ان «أوباما يائس من اجل التوصل لاتفاقية نووية» مع إيران.

اما مشكلة أوباما الأخيرة، حسب الخبراء الاميركيين، فتكمن في ضعف مصداقيته في السياسة الخارجية عموما منذ تسلمه مقاليد الحكم في العام 2009.

في هذا السياق، تساءل مسؤول صفحة الرأي في صحيفة «واشنطن بوست» فرد هايات، وهو من الديموقراطيين: «هل يمكن لأوباما تسويق اتفاقية مع إيران هنا (في أميركا)؟» ليجيب انه يمكن الدفاع عن هكذا اتفاقية بالقول انها اهون الشرور، وان البديل الوحيد عنها هو الحل عسكري، وان هذا الأخير قد يكون «مؤقتا وغير مجد».

وقدم هايات ست محطات، قال انها اضعفت مصداقية أوباما في السياسة الخارجية، تصدرها قراره في العام 2011 بالانسحاب الكامل من العراق، وإعلانه دولة «مستقرة وآمنة وقادرة على الاعتماد على نفسها»، فيما تبين في وقت لاحق ان ذاك كان قرارا غير صائب، «فالعراق اليوم في مأزق، مع خلافة مجرمة تحتل معظم أراضيه وميليشيات شيعية مفترسة تجوب معظم ما تبقى منه».

في السنة نفسها، يقول هايات، وعد أوباما بان التدخل في ليبيا سيكون نموذجا للشراكة الدولية ومساعدة الليبيين، فيما يجد الليبيون أنفسهم اليوم وقد تخلى عنهم حلف الأطلسي وأميركا وهم يعيشون في حرب أهلية مع «حكومتين، واحدة في الشرق وأخرى في الغرب، وبينهما إرهابيون إسلاميون».

المأخذ الثالث للكاتب على الرئيس الأميركي هو قوله التالي: «يمكن لبعض الدول ان تشيح بوجهها عندما ترى اعمالا وحشية في بلدان أخرى، لكن الولايات المتحدة الأميركية مختلفة، وكرئيس، أرفض ان انتظر لأرى صور المذابح والقبور الجماعية قبل ان أقوم بعمل ما». كان ذلك التصريح «قبل براميل متفجرات ديكتاتور سورية بشار الأسد، والتعذيب الممنهج في سجونه والموثق» في حرب أدت الى مقتل أكثر من 200 ألف سوري، وشردت الملايين.

في أغسطس 2011، يقول هايات انه في احدى الجلسات المغلقة مع الصحافيين، قال مسؤول رفيع في الإدارة: «نحن متأكدون ان الأسد في طريقه الى خارج الحكم». اما أوباما فقال ان «أسوأ هجوم كيماوي في القرن الحادي والعشرين تجب مواجهته، لذا قررت ان الولايات المتحدة ستقوم بعمل عسكري ضد اهداف تابعة للنظام السوري». يتابع هايات: «لم يتم القيام بعمل عسكري، وبقي الأسد في الحكم».

المأخذ الخامس، يكتب هايات، قول أوباما في سبتمبر الماضي ان «استراتيجيته الهادفة لإلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية» مبنية على نموذج استراتيجية اميركا في اليمن. بعد ذلك بقليل، حسب الكاتب الأميركي، «نجحت ثورة تدعمها إيران بالإطاحة بالحكومة اليمنية المؤيدة لأميركا، ما اجبر الولايات المتحدة على هجر سفارتها ومعظم عملية مكافحة الإرهاب في اليمن».

ويتابع هايات ان أوباما قدم سياسته في أوكرانيا على انها انتصار ونجاح، حتى تبين ان القوات الروسية توغلت أكثر داخل أوكرانيا وصارت تسيطر على عشرين في المئة من أراضيها.

ويختم الكاتب الأميركي بالقول: «بمعظم المقاييس، لم يصبح العالم مكانا أكثر امنا خلال ولاية أوباما، فالمتطرفون الإسلاميون اقوى من أي وقت مضى، والديموقراطية في تراجع حول المعمورة، والعلاقات مع روسيا وكوريا الشمالية ساءت، والحلفاء يتساءلون عن مدى ثبات أميركا في مواقفها».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق