الأحد، 19 أبريل 2015

أوباما يعرض على طهران 50 مليار دولار فور توقيع الاتفاقية النووية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في محاولة جديدة لإغراء الحكومة الإيرانية، عرضت واشنطن الإفراج عن 50 مليار دولار من أرصدة إيران المجمدة في مصارف حول العالم، فور توقيع مجموعة «5+1» وطهران اتفاقية نهائية حول ملف الأخيرة النووي.

وتقدِّر واشنطن الأموال الإيرانية المجمدة، بسبب العقوبات الدولية المفروضة على طهران، بـ 140 مليار دولار، وفي حال الإفراج عن 50 ملياراً منها، فمن شأن ذلك ان يؤدي الى نمو فوري للناتج المحلي الإيراني بواقع 10 في المئة، وهذه قفزة من شأنها ان تنعش الاقتصاد الإيراني حتى قبل ان يتم رفع العقوبات الدولية بشكل رسمي.

ويأتي الإغراء المالي الأميركي بعدما وصلت محادثات لوزان الى طريق مسدودة، بسبب إصرار إيران على رفع فوري وكامل لكل العقوبات المفروضة عليها، مع توقيع الوفود المفاوضة لاتفاقية نووية نهائية. لكن حتى مجموعة «5+1»، لا تتمتع بصلاحية رفع العقوبات بهذه الطريقة.

ويقول الخبراء الاميركيون ان «السبيل الوحيد حتى ينظر مجلس الأمن بإمكانية رفع العقوبات التي فرضها في 8 قرارات على إيران بين 2006 و2012 هي ان يتسلم المجلس توصية من (وكالة الطاقة الذرية الدولية)، إذ إن كل واحد من القرارات الثمانية تم إقراره بعد شكوى من الوكالة حول عدم التعاون الإيراني».

هذه العقبة في القانون الدولي لا يمكن تجاوزها باتفاقية سياسية، بل يحتاج مجلس الأمن الى افادة من الوكالة حول تعاون إيران، فيقوم إذ ذاك برفع العقوبات بقرار جديد تتم المصادقة عليه. لكن حتى تصدر الوكالة افادتها، عليها أولا الكشف على المواقع الإيرانية التي ترغب بزيارتها وأن تعقد مقابلات مع العلماء الذين تطلب رؤيتهم.

وعلى مدى الأعوام الأخيرة، دأبت الوكالة الدولية على التأكيد على ان «إيران لا تتعاون، خصوصا لناحية إصرارها على اغلاق موقع بارشين العسكري»، حيث تعتقد الوكالة وأجهزة الاستخبارات العالمية ان «إيران قامت بتجارب تسليح نووية هناك». كذلك، تطالب الوكالة طهران بكشف «وسائل استخدام الرؤوس النووية»، أي برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

ولطالما عارضت طهران فتح أبواب «بارشين» امام المفتشين الدوليين، كما رفضت الكشف عن برنامجها الصاروخي. وحتى شهر فبراير الماضي، كانت السلطات الإيرانية ماتزال تقوم بما يعتقد الخبراء أنها «محاولات طمس آثار برنامج الأسلحة النووية في بارشين»، حسبما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي نشرها «معهد العلوم والأمن الدولي»، ومقره واشنطن.

ومن شأن أي تقرير يلمح الى قيام إيران بتجارب على برنامج تسليح نووية، ان يثير احراجا كبيرا للنظام الإيراني، الذي لطالما أصر مسؤولوه ان برنامجهم النووي سلمي، وان فتوى صادرة عن المرشد الأعلى علي خامنئي تحظر على الحكومة الإيرانية انتاج او اقتناء سلاح نووي.

هكذا، تطالب إيران المجموعة الدولية برفع العقوبات، بغض النظر عن إفادات الوكالة الدولية، وهو أمر متعذر حسب قانون الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

وكوسيلة لتجاوز هذه العقبة، أطل الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر الاعلام الأميركي ليغدق الوعود على إيران بتحويلها الى زعيمة إقليمية، على حساب خصومها، خصوصا العرب، في حال وافقت على السماح للوكالة بالتفتيش بهدف رفع العقوبات. لكن القيادة الإيرانية تبدو رافضة ربط مستقبل رفع العقوبات بما قد تذكره الوكالة، وتصرّ على رفع «سياسي» فوري للعقوبات يحصل ساعة توقيع الاتفاقية.

وفي محاولة أخرى لتجاوز عقبة الوكالة الدولية، وعد الوفد الأميركي الإيرانيين برفع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خارج مجلس الأمن فور توقيع الاتفاقية النهائية، ثم يمكن لإيران السماح للوكالة بالتفتيش. وبعد التفتيش والإفادة، يتم رفع العقوبات الدولية المتبقية في مجلس الأمن، وهذا السيناريو هو الذي أطلق عليه «رفع العقوبات على مراحل».

وللزيادة في اغراء الإيرانيين، اقترح الاميركيون الافراج عن 50 مليار دولار إيرانية مجمدة، بصورة فورية، حتى توافق إيران على توقيع الاتفاقية النووية النهائية، ليصار بعد ذلك الى حصول التفتيش الدولي وتاليا رفع العقوبات في مجلس الأمن.

لكن طهران تبدو متمسّكة حتى الساعة برفع «فوري وشامل» بغض النظر عن وكالة الطاقة، وهو أمر لا يبدو انه في متناول أوباما، حتى لو أراد ذلك، فقرارات مجموعة «5+1» يتم اتخاذها بالإجماع، ويمكن لأي دولة عضو نقض أي اتفاقية نهائية، وهو ما يصوّب الأنظار تجاه فرنسا، التي أعلنت مرارا انها لن تتراجع عن بند افادة وكالة الطاقة الدولية كشرط لرفع أي عقوبات في مجلس الأمن.

ومع العقبات المتواصلة، لوّح أوباما بخيار الافراج عن 50 مليار دولار، وهو سيناريو سرّبته الإدارة الى أعضاء في الكونغرس، وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» اول من كشف عنه. اما الرد الإيراني فيبدو، حتى الآن، التزام الصمت والإصرار على شرط الرفع الكامل والفوري، وهو شرط لا يبدو ان أوباما يعرف كيفية تجاوزه حتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق