الثلاثاء، 2 يونيو 2015

إيران قد تقبل باتفاقية تتضمّن تراجعاً عن «شروط خامنئي»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم ينعكس توصّل مجموعة دول «5+1» الى صيغة يتم بموجبها رفع كل عقوبات مجلس الأمن الدولي المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، مع آلية إعادتها تلقائياً، تقدماً يذكر على صعيد إتمام الصياغة النهائية لنص الاتفاقية بين المجموعة الدولية وطهران، على الرغم من عقد وزيريْ خارجية أميركا جون كيري وإيران جواد ظريف اجتماعاً دام قرابة 6 ساعات في عطلة نهاية الاسبوع.

بعد الاجتماع، خرج كيري ليمارس هواية ركوب الدراجة حتى يمهل ظريف بعض الوقت للتشاور مع طهران، فوقع عن دراجته وكسر عظمة فخذه وتم نقله الى مستشفى في الولايات المتحدة.

لكن على الرغم من التعثّر الظاهر في التوصّل الى نص اتفاقية نهائية، قبل الموعد المحدد نهاية الشهر الجاري، رصَد خبراء في العاصمة الأميركية إشارات تشي بأن إيران تستعد لقبول الاتفاقية، حتى لو تطلب ذلك تراجعها عن شروط سبق أن أعلن مرشد الثورة علي خامنئي رفضه التراجع عنها.

وكان خامنئي أعلن أن إيران لن تقبل قيام «وكالة الطاقة الذرية الدولية» بتفتيش منشآتها العسكرية، خصوصا منشأة بارشين، التي تعتقد الوكالة ان طهران قامت بتجارب تسليح نووي فيها. كذلك، قال المرشد إن طهران لن توافق على مطالب الوكالة بإجراء مقابلات مع «أبنائنا» من علماء إيران النوويين.

لكن يبدو ان خامنئي يقول في العلن شيئاً وخلف الأبواب الموصدة أشياء أخرى، او هذا على الأقل ما رصده الخبير الأميركي من أصل إيراني مهدي خلجي، الذي كتب في مطالعة ان تسريبات داخل إيران، حول جلسة مغلقة في البرلمان، الأسبوع الماضي، أظهرت ان الوفد النووي المفاوض الذي يرأسه ظريف، رد على تساؤلات النواب المشكّكين بردود أظهرت وكأنه يعمل حسب توجيهات عليا تسمح للوفد بالموافقة على قيام الوكالة بتفتيش المواقع العسكرية وإجراء مقابلات مع العلماء الإيرانيين.

وكان جدال اندلع داخل إيران حول تصريحات نسبت الى مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي جاء فيها ان بلاده وافقت على البروتكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ما يسمح بتفتيش المواقع الإيرانية. وفي وقت لاحق، نفى عراقجي تصريحاته وأكد التزامه والوفد بـ «الخطوط الحمراء» التي حدّدها المرشد.

خلجي نقل عن موقع النائب حميد رسائي، المعارض للاتفاقية، قول ظريف إنه يمكن للمفتشين الدوليين دخول بارشين، ولكنهم يصلونها مغمضي الأعين، ولا يسمح لهم بتفقّد كل الموقع، بل الأجزاء التي يعلنون اشتباههم فيها، في وقت ستقوم السلطات الإيرانية بإخفاء الأجزاء الأخرى.

ومما قاله ظريف امام البرلمان الإيراني انه منذ مفاوضات مسقط السرّية بين إيران وأميركا، وافقت طهران على قبول البروتكول الإضافي، وان الموافقة الإيرانية على هذا البند واضحة في اتفاقية جنيف الموقتة الموقّعة في نوفمبر 2013.

اما عن مقابلات الوكالة مع العلماء النوويين الإيرانيين، فأشار خلجي الى انه في مقابلة ادلى بها ظريف لوكالة انباء الطلبة الإيرانيين، قال وزير الخارجية الإيراني إن هذه المقابلات ليست في صلب المفاوضات، فالوكالة الدولية كانت تقابل العلماء الايرانيين حتى في عهد الرئيس السابق محمود احمدي نجاد.

على ماذا اتفقت اميركا وإيران في لوزان؟ وما هي الخطوط العريضة التي يحاول الطرفان وضْعها في نص اتفاقية يتم الإعلان عنها مع نهاية الشهر المقبل؟ وهل وافقت إيران على التفتيش والمقابلات، وهي شروط لا بد منها حتى تفيد الوكالة مجلس الأمن الدولي بتعاون إيران، فيتمكّن الأخير من إلغاء القرارات الثمانية التي تفرض عقوبات دولية اقتصادية قاسية على طهران؟

بكلام آخر، من الذي يقول الحقيقة: أوباما الذي تحدث عن اختراق تاريخي في المفاوضات مع إيران وتجاوبها مع المجتمع الدولي مقابل رفع العقوبات عنها؟ أم خامنئي الذي يفضح في العلن التعثّر المزعوم في السرّ؟

الإشارات من داخل إيران تشير الى ليونة مستجدة في الموقف الإيراني، وإنْ سرّاً. ويعتقد الخبراء الاميركيون انه يمكن التوصّل الى حلول ترضي الطرفيْن، فمثلا دخول المفتشين الى أجزاء محددة من بارشين قد يكون حلاً وسطاً. أما سبب التردد الإيراني في الموافقة على نص نهائي للاتفاقية فقد يكون مردّه، حسْب خبراء اميركيين متخصّصين بالشأن الايراني، الى محاولة طهران تأجيل موافقتها حتى ربع الساعة الأخير، ما يسمح لها في انتزاع أكبر كمية من التنازلات في اللحظات الأخيرة.

هؤلاء الخبراء أنفسهم يعتقدون ان الوقت الذي تحاول إيران الاستناد اليه قد لا يكون كافياً لانتزاع تنازلات من المجتمع الدولي، على الأقل في العواصم التي تعتقد ان الوقت يداهم إيران، التي ينهار اقتصادها تحت وطأة العقوبات الاقتصادية القاسية، وانه لو مر الوقت من دون التوصّل لاتفاقية، فإن ذلك لن يؤثر سلبا في المجموعة الدولية المفاوضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق