الجمعة، 5 يونيو 2015

أوباما أضعف من بوش... شعبيّاً

واشنطن - من حسين عبدالحسين

للمرة الاولى منذ العام 2008، بدا الرئيس باراك أوباما في موقف سياسي أضعف من سلفه جورج بوش، بعدما أظهرت أحدث الاستطلاعات ان 53 في المئة من الاميركيين ينظرون نظرة ايجابية تجاه الرئيس السابق، مقابل 49 في المئة حصدها أوباما حول نفس السؤال.

ومع أن السياسة الخارجية لا تتصدر عادة اولويات الاميركيين، إلا ان شعوراً عاماً يسيطر على الغالبية، مفاده ان ادارة أوباما ارتكبت سلسلة من الاخطاء القاتلة التي جعلت العالم، خصوصا الشرق الاوسط، أقل أمناً ويعيش في فوضى ليست بعيدة كلياً عن الغرب. وتظهر مقالات الرأي وبرامج «التوك شو» الاميركية انه صار لدى الاميركيين قلق حقيقي من انفلات الامور في بعض الدول العربية، وهو ما بدأت نتائجه تصل الى الدول الغربية، إن كان في قوارب الموت التي يستقلها اللاجئون للهروب الى أوروبا أو أستراليا أو أي دول يمكن للمهربين الوصول اليها بحرا، أو في عدد اللاجئين الكبير الذي تحاول الأمم المتحدة إدارته وتوزع بموجبه اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين على دول العالم، خصوصا الغربية، التي تستقبل طلبات اللجوء.

وفي الولايات المتحدة قلق خاص من «تجنيد» أميركيين، والذي دأبت على القيام به مجموعات إرهابية مثل تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، فالأسبوع الماضي قام عملاء فيديراليون وشرطة محلية في مدينة بوسطن في ولاية ماساشوستس الشمالية الشرقية بإطلاق النار على اميركي يحمل اسم اسامة عبدالرحمن كان يخطط، بالتنسيق مع دايفيد رايت المعروف ايضا باسم داود شريف، لاعتقال عناصر شرطة أميركيين وقتلهم بقطع رؤوسهم.

ومقتل عبدالرحمن هو الثاني من نوعه في أقل من شهر بعدما نجح رجال أمن بقتل اثنيْن حاولا الهجوم على معرض رسوم مسيئة للمسلمين في ولاية تكساس الجنوبية.

ويردد الخبراء الاميركيون، خصوصا من معارضي أوباما، أن «الهجمات الارهابية التي يشنها أميركيون متأثرون بـ (داعش)، او ممن يتم تجنيدهم عبر الانترنت، هي في تزايد، ما يعني ان كل خطط الادارة لمكافحة الارهاب لا تؤدي اهدافها».

ولدى عدد من الخبراء الاميركيين شعور ان سياسة حكومتهم الخارجية مُنيت بفشل ذريع، فالحملة العسكرية الجوية ضد «داعش» لا يبدو انها تؤتي ثمارها، خصوصا بعد سقوط الرمادي بأيدي مقاتلي التنظيم الارهابي الشهر الماضي. ويردد الخبراء ايضا ان سياسة أوباما في ايران في طريقها الى الفشل، خصوصا بعدما أظهر آخر تقرير أصدرته «وكالة الطاقة الذرية الدولية» ان مخزون ايران من اليورانيوم المخصَّب لم ينخفض الى المستويات التي تم الاتفاق عليها في «اتفاقية جنيف الموقتة» في نوفمبر 2013.

وادى التقرير المذكور الى اشتعال مواجهة بين مسؤولي أوباما من جهة، والاعلام الاميركي من اليمين واليسار، من جهة اخرى. وتصدرت صحيفة «وول ستريت جورنال» اليمينية و«نيويورك تايمز» اليسارية الهجوم على أوباما وسياسته تجاه ايران، وانضمت اليهما صحيفة كبرى ثالثة هي «واشنطن بوست». وفي وقت حاول الناطق باسم البيت الابيض جوش إرنست والناطقة باسم الخارجية ماري هارف الرد على الهجوم الاعلامي الاميركي، في المؤتمرات اليومية وكذلك عبر «تويتر»، أطل منسّق شؤون الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي فيليب غوردن بمقالة مطوَّلة في صحيفة «بوليتيكو» حاول فيها تفنيد الادعاءات التي تتهم أوباما بالفشل الذريع في سياسته الخارجية.

ومن ابرز ما ورد في مقالة غوردن انه على عكس الاعتقاد السائد، فإن مقدرة أميركا على التغيير في شؤون الشرق الاوسط محدودة، وانه في المرات القليلة التي نجحت اميركا في تغيير مجرى الامور عبر تدخّلها العسكري في العراق، ساهمت في وضع الشيعة في القيادة على حساب السنّة، ما أدى الى الاهتزاز في ميزان القوى الشيعي - السنّي، والسنّي- السنّي (اي بين الحكومات المعتدلة والتنظيمات المتطرفة) في المنطقة. كذلك، اعتبر غوردن انه حتى عندما لم تتدخّل اميركا، مثلا في سورية، أدت الاحداث المتسارعة الى المساهمة في التغييرات «الزلزالية» التي تعصف بالمنطقة منذ العام 2011.

حتى البرامج الكوميدية ممن تؤيد الرئيس الاميركي، مثل برنامج «ذي ديلي شو» الذي يقدمه الشهير جون ستيوارت، شارك في الدفاع عن أوباما مستعيدا ما يكرره مسؤولو الادارة لناحية ان كل تدخّل اميركي في الشرق الاوسط، عبر التاريخ، ساهم في تأزيم الامور بدلاً من تحسينها، وهو ما يعني ان على الولايات المتحدة البقاء خارج المسرح الشرق أوسطي لمصلحتها ولمصلحة المنطقة.

وتطرق ستيوارت الى حرب تحرير الكويت، وقال ان اميركا دعمت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ضد ايران في الثمانينات، ثم حاربت صدام لإخراجه من الكويت في التسعينات، ثم اسقطت صدام وبعثييه العقد الماضي، لتعود وتدعم ايران في قتالها ضد بعثيي صدام اليوم. واعتبر ستيوارت ان أميركا استدارت دورة كاملة، وانها في كل واحدة من خطواتها ساهمت في خلق أزمات اكثر من حلها.

لكن رغم الهبّة الديموقراطية، الجدية والكوميدية، لإغاثة أوباما وسياسته الخارجية المتداعية، الا ان الشعور الاميركي العام يبقى سلبياً، وهو ما صار يفسح في المجال امام مرشحي الحزب الجمهوري الى الرئاسة العام المقبل، في العودة الى الحديث عن حرب العراق، بل تأييدها، في خطاب جمهوري يشي بالعودة الى زمن ما قبل أوباما وينذر بأن الولايات المتحدة قد لا تبقى خارج الاحداث الشرق أوسطية لزمن طويل بعد خروج الرئيس الحالي من الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق