حسين عبدالحسين
سيأتي يوم تزول الغمة عن قلوب السوريين ويأتي الفرج، ويرحل كان من يمارس ضدهم أبشع أساليب العقاب الجماعي، فيلقي عليهم البراميل المتفجرة، وأحيانا الصواريخ، الكيماوية وغير الكيماوية. ولكن الى ان يأتي ذلك اليوم، على السوريين ان يتذكروا دائما ان بعض الدول الخليجية كانت في صدارة اصدقائهم الدوليين.
في 2011، وبالشراكة مع حلفاء عرب، شنت عواصم الخليج حملة طردت فيها الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه من “جامعة الدول العربية”. ثم استصدرت قرارا في “الجمعية العمومية للأمم المتحدة” لاستبدال عضوية حكومة الأسد بالتحالف الممثل لمعارضيه، وهو ما اعطى المعارضين فرصة للمشاركة في لقاء المنظمة السنوي، مع ما يمنحهم ذلك من فرصة للقاء كبار المسؤولين العالميين.
وقبل أسبوعين، منذ انتشرت صور السوريين الهاربين من ماكينة الأسد القاتلة وهم يبكون ويغرقون ويقفون على حدود الدول الأوروبية يستجدون اللجوء، انقلب الموقف الأوروبي والدولي عموما من مطالب بخروج الأسد من الحكم الى مؤيد لبقائه كسبيل وحيد لوقف القتل والقتال، ووقف تدفق اللاجئين عبر الحدود.
فورا، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة سانحة في ذعر الاوربيين من اللاجئين، فأرسل قوات عسكرية الى سوريا لفرض بقاء الأسد كحجر زاوية في حرب جديدة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) الإرهابي، بدلا من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة حاليا والتي يبدو انها صارت متعثرة. وطبعا تحت راية الحرب على الإرهاب، يقضي الأسد بمساعدة بوتين على الإرهابيين وضحايا الإرهاب، أي معارضي الأسد.
رأى بوتين الفرصة سانحة لتأكيد الموقف الأوروبي لإبقاء الأسد بعدما راح الأوروبيون يتحدثون عن بقائه لفترة انتقالية، وهي تصريحات كررها مسؤولون اميركيون.
وحدها السعودية لم تقع في الفخ الروسي، الذي حاولت موسكو بيعه للرياض قبل أشهر، ولكن من دون جدوى.
في كواليس الأمم المتحدة، وبينما كان زعماء الدول يتسابقون لإجراء اللقاءات، وفيما كانت روسيا وإيران تشنان حملة ديبلوماسية لتثبيت سيناريو بقاء الأسد، شنت حكومات خليجية حملة ديبلوماسية معاكسة، وفتحت الأبواب للمعارضين السوريين لعرض وجهة نظرهم امام زعماء العالم، واعادت الحوار حول سوريا الى اليوم الذي كان العالم يجمع فيه ان داعش والإرهاب هما وليدا عنف الأسد، وانه لا يمكن للأسد ان يكون جزءا من المشكلة ومن الحل في الوقت نفسه، وان استئصال الإرهاب يقتضي التخلص من سببه، أي الأسد وعنفه العشوائي والمفرط.
ويبدو ان الديبلوماسية الخليجية اثمرت. مطلع هذا الأسبوع، أطل الرئيس الأميركي باراك أوباما بخطاب امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة خيّب فيه آمال الروس والإيرانيين. قال أوباما ان لا عودة الى ما قبل 2011، أي يوم كان الأسد حاكما اوحدا والى الابد.
وقال أوباما انه لا يمكن بقاء الأسد الذي يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة فقط لأن البديل أسوأ منه. كرر أوباما مواقفه هذه في اللقاء مع بوتين، الذي كان يزور نيويورك خصيصا للحصول على توقيع الاميركيين للتنازل عن السوريين وإعادة الأسد الى الحكم.
لم يستعرض ديبلوماسيو الخليج افعالهم كما فعل الروس والايرانيون. لم يطل الديبلوماسيون الخليجيون عبر كبرى وسائل الاعلام الأميركية، كما فعل بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني. عملت الديبلوماسية الخليجية مع حلفاء مثل تركيا، وبعيدا عن الأضواء. لكنها عملت بفاعلية.
في الأسابيع المقبلة، لن يكون مستبعدا ان يكثف الروس والايرانيون وأزلامهم هجومهم الإعلامي ضد الخليج. لكن الدعاية تبقى دعاية، اما الواقع فمفاده ان سوريا للسوريين، ولن تكون للأسد، لا الآن ولا الى الأبد، او هكذا قال أصدقاء الشعب السوري في أكبر المحافل الدولية على مدى الأسبوعين الماضيين.
في المستقبل، سيتذكر السوريون أيام شقائهم وحرب الأسد عليهم. ولكن عليهم أيضا ان يتذكروا ان بعض اصدقائهم لم يتخلوا عنهم في محنتهم، لا سرا ولا علنا.
تستهبل؟؟
ردحذف