السبت، 24 أكتوبر 2015

واشنطن: ليونة الروس في فيينا نتيجة تعثّر حملتهم العسكرية في سورية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

الملاحظات الأولية للمصادر الأميركية حول لقاءات فيينا المخصصة لسورية، والتي جمعت وزراء خارجية أميركا وروسيا والسعودية وتركيا، أشارت الى ان «الروس لم يبدوا حماسة للمشاركة الإيرانية التي اقترحتها الولايات المتحدة في اللقاء الموسّع الجمعة المقبل».

وأضافت المصادر ان الوفد الأميركي سمع من الروس قولهم انهم «يتحدثون باسم تحالف يضم حكومات إيران والعراق وسورية ويخوض معركة ضد الارهاب»، وانهم طلبوا من أميركا مساعدتهم على اإقناع السعودية وتركيا بالدخول في هذا التحالف المصمم للقضاء على تنظيم (الدولة الإسلامية - داعش)، وان من شأن دخول تركيا والسعودية في هذا التحالف إدخال الفصائل الموالية لهاتين الدولتين الى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب ضد الإرهاب.

وقالت المصادر الأميركية ان«السعوديين رحّبوا بالعرض الروسي للقضاء على (داعش)»، معتبرين ان«أول خطوة للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي تتمثّل بإخراج الأسد من الحكم، لأنه كلما طال بقاء الأسد والعنف، اندفع متطوعون للانضمام إلى (داعش)».

وتابع الاميركيون ان«وجهة النظر السعودية مفادها ان عنف الأسد سابق على قيام (داعش)، وان أية محاولة جدّية للقضاء على الإرهاب تشترط القضاء على أسبابه، أي الإطاحة بالأسد».

وتضيف المصادر الأميركية ان«واشنطن تتفق مع الرياض على ان الأسد سبب من المشكلة وأن خروجه جزء من الحل».

واقترح الاتراك وأيدهم الاميركيون، حسب المصادر،«الاتفاق على جدول زمني يحدد مواعيد وقف النار، وتشكيل الحكومة الانتقالية، وإجراء الانتخابات الرئاسية السورية، وتسليم الأسد السلطة وخروجه من الحكم. إلا ان الروس رفضوا تضمين بند خروج الأسد من الحكم في الحل المقترح، واعتبروا انه يعود للهيئة الانتقالية السورية تحديد موقفها من الأسد وكيفية إجراء الانتخابات الرئاسية».

وتتابع المصادر الأميركية انه،«للمرة الأولى، بدى الروس أكثر ليونة من الماضي في الموضوع السوري لناحية قولهم إن الأسد مستعد لقبول التسوية مع المعارضة واجراء انتخابات رئاسية مبكرة». على ان الروس رفضوا شرط عدم ترشيح الأسد نفسه في هذه الانتخابات، معتبرين ان هذا الأمر يقرره السوريون، وانه لا يحق لأي أطراف خارجية أو داخلية وضع فيتوات على أي مرشحين.

وفي الختام، نقلت المصادر الأميركية عن الوفد المشارك في لقاءات فيينا شعوراً بأن«الروس تخلوا عن استخدام لغة الحسم العسكري التي تبنّوها الشهر الماضي، وذلك دليل على تعثّر الحملة العسكرية الروسية وعدم تحقيقها أهدافاً سريعة».

ويعتقد مسؤولون أميركيون انه يبدو ان ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى التدخّل عسكرياً في سورية هو التوصّل إلى اتفاقية نووية مع إيران، وإصرار أميركا على ان طهران هي مفتاح الحل في سورية. ولم تكد تمر أيام على اعلان الاتفاقية مع إيران حتى اتصل بوتين بالرئيس باراك أوباما وبادر الى فتح الموضوع السوري، لكن أوباما رد بأن الحل يتطلب إشراك كل الأطراف بما فيها إيران.

وبعد دخول روسيا الحرب السورية، حاول بوتين مرة أخرى إجبار أوباما على الحديث الى موسكو بصفتها مفتاح الحل في سورية، ولم يعر أوباما الرئيس الروسي الاهتمام الذي أراده الأخير. لكن بعد مرور أربعة أسابيع، تعتقد المصادر الأميركية ان«الأهداف الممكنة للمقاتلات الروسية في مناطق المعارضة السورية نفدت، وصارت القوة الجوية الروسية منخرطة في معارك كر وفر بين المعارضة والنظام من دون هدف واضح».

ويعتقد الاميركيون ان الروس يرغبون في مخرج سياسي لورطتهم العسكرية. اما أوباما، فهو يريد«اتفاقاً جامعاً»حول سورية، بمشاركة إيرانية، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية جون كيري علناً في فيينا. وفور اعلان كيري، سارعت القنوات الأميركية والأوروبية المفتوحة مع إيران الى الإعداد للمشاركة الإيرانية.

ويقول المسؤولون الاميركيون انهم يتوقّعون موافقة إيران على المشاركة، على الرغم من إصرار مرشد الثورة علي خامنئي على ان الحوار مع أميركا هو حول الشؤون النووية حصراً. ويتابع المسؤولون في واشنطن انه منذ جولة مفاوضات بغداد النووية صيف 2013، اقترح المفاوضون الإيرانيون الخوض في الملف السوري، وسط معارضة وفود مجموعة دول«5+1».

ويبدو ان الرئيس الأميركي مازال يعتقد، حتى بعد التدخل الروسي وزيارة الأسد موسكو الأسبوع الماضي، ان لطهران اليد العليا على الأرض عسكرياً في سورية، وان ما توافق عليه طهران ستجد موسكو صعوبة في رفضه، ولكن العكس ليس صحيحاً.

إذاً، فيما يسعى بوتين لحفظ ماء الوجه بمخرج سياسي لائق لحملته العسكرية، يعتقد أوباما ان طهران هي مفتاح الحل، وهو اعتقاد دفعه لدعوة إيران الى مؤتمر«جنيف - 2»، لكن المعارضة السورية نسفت الحضور الإيراني لتورّط إيران عسكرياً الى جانب الأسد.«اليوم، إذا رفض المعارضون مشاركة إيران لتورّطها عسكرياً في سورية، فسيكون عليهم رفض مشاركة روسيا كذلك»، حسب مسؤول أميركي. ويختم الأخير بالقول:«نتوقّع ديبلوماسية ناشطة الأسبوع المقبل».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق