السبت، 14 نوفمبر 2015

عندما يموت معتدلو السنة.. يصعد المتطرفون

حسين عبدالحسين

في 18 كانون الثاني (ديسمبر)، غادر 500 جندي أميركي العراق معلنين نهاية احتلال دام 8 سنوات. صبحية اليوم التالي، أصدرت محكمة عراقية مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي بتهم مزيفة تتعلق بالإرهاب.

والهاشمي سني معتدل، سبق ان تعرض لمحاولات اغتيال من تنظيم القاعدة عراق. لكن الهاشمي الذي تحدى تهديدات القاعدة، اضطر للهروب من البلاد بعدما حاصرت منزله دبابات الحكومة العراقية، واعتقلت مرافقيه وعذبتهم.

كان واضحا ان رئيس الحكومة الشيعي نوري المالكي دبر الاتهامات المفبركة بحق الهاشمي، وهو تدبير كررته الحكومة الشيعية في بغداد في حملتها القمعية ضد السياسيين السنة. وفي العام 2013، اعتقلت شرطة المالكي عضو مجلس النوّاب احمد العلواني ومرافقيه بعد قتل أخيه. بعد ذلك لاحق المالكي أحد أعضاء حكومته، وزير المالية السني رافع العيساوي.

ومع قضاء حكومة بغداد الشيعية – وراعيتها إيران – على المعتدلين السنة من مسؤولين حكوميين ومشرّعين، وجد السنة المذعورون والمحبطون أنفسهم في العراء من دون مكان للاحتماء فيه، باستثناء الانضمام لتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش). ومع حلول صيف 2014، كان داعش استولى على المحافظات العراقية الأربعة ذات الغالبية السنية، بما في ذلك مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق.

وكما في العراق، قامت إيران وحلفاؤها – “حزب الله” اللبناني والرئيس السوري بشار الأسد – باستهداف معتدلي السنة في لبنان، بدءا برئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، الذي أدى اغتياله الى تشكيل الأمم المتحدة لمحكمة تحاكم اليوم خمسة من قادة “حزب الله”، غيابيا، بتهمة التورط في عملية الاغتيال.

ومنذ مقتل الحريري في العام 2005، يسود اعتقاد ان إيران وحلفاءها قاموا بتصفية نصف دزينة من مستشاري الحريري من السياسيين والعسكريين. حتى ابن الحريري وخلفه، سعد، يعيش اليوم في المنفى بعدما أظهرت تقارير استخباراتية انه الهدف التالي لإيران.

منذ اضعاف قيادة عائلة الحريري، أصبح السنة في لبنان من دون قادة. وبما انهم يعانون من الظلم على ايدي حزب الله والأسد، انضم عدد من الشباب السنة الى مجموعات إرهابية في سوريا، مثل داعش، للانتقام. بعض هؤلاء السنة اللبنانيين ممن انجروا الى التطرف عادوا الى بلادهم ونفذوا عمليات انتحارية في احياء ذات غالبية سكانية شيعية، فيما بقي عدد من السنة اللبنانيين المتطرفين غيرهم في سوريا، على الأرجح بانتظار تكليفهم القيام بعمليات إرهابية في العراق أو تركيا أو أوروبا.

داعش هي تنظيم عراقي سبق لقيادييها ان عملوا تحت امرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهذا الأخير، على الرغم من دمويته، أعطى السنة في العراق وسوريا ولبنان شعورا بالقوة بعدما نجح في التصدي لإيران القوية في الحرب بينهما في الثمانينات.

لكن بعدما أطاحت أميركا بصدام، قامت إيران ومواليها – حزب الله والأسد وحكومة بغداد – بملاحقة السنة العراقيين الذين لم يجدوا ملاذا الا داعش. هؤلاء السنة اليوم يلومون العالم لسقوط صدام، ولتمدد إيران الشيعية على حسابهم، لذا يقومون بهجمات إرهابية في السعودية وتركيا ولبنان ومصر وفرنسا اعتقادا منهم انها الطريقة لرفع الظلم.
لا مفرّ من القضاء على داعش وتفكيكه. لكن من دون رفع الظلم بوقف مجازر الأسد بحق السنة في سوريا، ومحاكمة حزب الله لقتل سنة في لبنان بمن فيهم الحريري، واجبار بغداد على وقف اضطهادها بحق السنة، سيكون من المستحيل إعادة شعور بالعدالة بين السنة في الشرق الأوسط.

للقضاء على داعش، على العالم ان يرسل رسالة لا ريب فيها ان القوة ليست الطريق الصحيح، وان القوانين يتم تطبيقها وان المجرمين، سنة ام شيعة، تتم محاكمتهم. أي شيء عدا عن إعادة العدل الى الشرق الأوسط يعني ان المنطقة، والعالم، ستعاني من ردة الفعل ضد اللاعدل، وهي ردة فعل تأتي للأسف على شكل إرهاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق