الخميس، 25 فبراير 2016

هل يمكن إيقاف ترامب؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تحوّل المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية الملياردير دونالد ترامب من أضحوكة في عالم السياسة الى حالة شعبية يتهافت عليه الانصار والمؤيدون في تنقلاته ويحاولون لمسه أو أخذ صور «سلفي» إلى جانبه.

ومع فوزه في ثالث انتخابات تمهيدية حزبية على التوالي في ولاية نيفادا، التي تلت اقتناصه ولايتي نيوهامبشر وساوث كارولاينا وحلوله ثانياً في ولاية آيوا، أصبح رصيد ترامب من الموفدين الى مؤتمر الترشيح الرئاسي 81، أي نحو ضعف ما حصده منافسوه الأربعة، تيد كروز وماركو روبيو وجون كايسيك وبن كارسون، مجتمعين.

ويتقدم ترامب بفارق 64 موفداً على كروز وروبيو، اللذين يتقاسمان المركز الثاني برصيد 17 موفداً لكل منهما، ما يعني ان ترامب يستعد بهدوء لانتخابات الثلاثاء، المعروفة بيوم «الثلاثاء العظيم» نظراً لاقامة 12 ولاية انتخاباتها التمهيدية الحزبية.

وتظهر استطلاعات الرأي تصدر ترامب المرشحين الجمهوريين في 8 من أصل الولايات الـ 12 المقررة الانتخابات فيها الثلاثاء، وهذه الولايات تمنح، مجتمعة، 595 موفداً انتخابياً، أي ربع اجمالي عدد الموفدين الممكن جمعهم. ويحتاج المرشح لنيل بطاقة الحزب الانتخابية الرئاسية، الى 1237 موفداً.

على ان تقدم ترامب يحيّر غالبية المتابعين، خصوصاً قياديي الحزب الجمهوري، فترامب يبدو أرعن، وهو يشتم ويتعدى كلامياً على النساء والمعوقين والأقليات العرقية، كالسود والمسلمين والأميركيين من جذور اميركية جنوبية. وتارة يصف مؤيديه بالخراف الذين يتبعونه مهما فعل، وطوراً يقول انه لو وقف على الجادة الخامسة في مدينة نيويورك وراح يطلق النار على الناس، لن يخسر أياً من شعبيته أو اصوات مؤيديه.

مع ذلك، يبدو أن ترامب خلق حالة تأييد شعبية عارمة، تتراوح من بيض الشمال الشرقي الذين يعيشون في ضواحي ولاية نيوهامبشر، الى البيض المسيحيين الانجيليين اليمينيين ممن يسكنون في ولاية جورجيا الجنوبية. ولا تشير أرقام الاستطلاعات الى ان شعبية ترامب في تراجع، في وقت نشرت صحيفة «بوليتيكو» مقالة حاولت فيها التحري عن أسباب تفادي كبار ممولي الحزب الجمهوري تمويل حملات اعلامية هجومية ضد المرشح ترامب. هكذا، تحول ترامب الى قوة لا تقهر، فأطاح بأركان الجمهوريين من امثال محافظ فلوريدا السابق جب بوش، سليل عائلة بوش الجمهورية ذات الوزن، فأعلن الأخير انسحابه اثر خسارته في انتخابات ساوث كارولاينا المحسوبة من المعاقل المؤيدة شعبياً لعائلته.

ومع تساقط خصومه أمامه، تحول سؤال «هل يمكن ايقاف ترامب؟» الى سؤال يردده الاعلاميون والخبراء الأميركيون بغالبيتهم، فيما يسعى المحللون الجمهوريون الى تقديم السيناريوات التي ربما يمكنها ايقاف «الزحف الترامبي».

لكن بعض الخبراء الأميركيين يعتقدون انه قد يكون سبب صعود ترامب وصدارته مرتبطين بتغيير في المزاج طال القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري، التي تقترب أكثر فأكثر من اليمين المتطرف سياسياً، وان قيادة الحزب منفصلة عن مزاج قاعدتها ولم تعد تعكسه منذ فترة. ويضرب هؤلاء امثلة منها سقوط جب بوش، ومنها سقوط رئيس الكونغرس السابق جون باينر، الذي على رغم يمينيته، وجد نفسه مضطراً للاستقالة قبل شهور، أمام الضغط اليميني الذي كان يرى باينر «ليّناً» ومماشياً لمطالب الرئيس الديموقراطي باراك أوباما واجندته.

ويقفز خبراء آخرون لاستنتاجات مفادها ان تقدم اليمين المتطرف ليس حكراً على الولايات المتحدة، بل هي موجة تجتاح دول العالم الغربي، مثلما حصل في فرنسا حيث اظهرت الانتخابات المحلية أخيراً حلول مرشحي الجبهة اليمينية التي تقودها المتطرفة مارين لوبن في الصدارة، قبل ان ينسحب اليساريون تماماً ويدلون بأصواتهم ليمين الوسط لمنع نظيره المتطرف من تحقيق الانتصار. على أن السياسة في الولايات المتحدة قد تكون مختلفة، ففي حال فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، قد يجد الجمهوريون صعوبة في الفوز بأصوات غير أصوات اليمينيين من البيض، وهي كتلة غير كافية لحسم الرئاسة لمصلحة ترامب. لكن الملياردير الأميركي قد يحالفه الحظ في حال لم يستفز ترشيحه خصومه من البيض والأقليات، فان لم يظهر هؤلاء رغبة في الاقتراع بكثافة، يمكن للكتلة اليمينية من البيض حسم الانتخابات وحدها وفتح أبواب البيت الأبيض أمامه.

كذلك، يستبعد الخبراء الاميركيون أن يقف اليمين الاميركي المعتدل الى جانب المرشح الديموقراطي لحرمان ترامب من الرئاسة، فاليمين المعتدل الأميركي يكره ترامب، لكنه في مطلق الأحوال يكره أكثر بكثير مرشحي الحزب الديموقراطي وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والسناتور بيرني ساندرز، وهو ما يصب في مصلحة ترامب أكثر وفي مصلحة تحويله من نجم برامج تلفزيونية هابطة الى زعيم واحدة من أقوى الدول في العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق