الخميس، 14 أبريل 2016

روسيا وإيران تتنافسان في المنطقة لاعتقادهما أن واشنطن قررت مغادرتها

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

الحديث حول الأزمة السورية اصبح مثل الاحجية التي تستغرق المسؤولين الاميركيين وقتاً لتفكيك طلاسمها وشرح تطوراتها. وتشير احدث المعلومات المتوافرة في واشنطن إلى ان روسيا وايران صارتا تتنافسان لتثبيت نفوذيهما في سورية، قبل الوصول الى وقف للنار والدخول في عملية المفاوضات، التي يتوقع ان تُفضي الى كتابة دستور سوري جديد مع حلول أغسطس المقبل.

على ارض المواجهات العسكرية، أفادت مصادر في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) بأن ايران تحشد كل ما بوسعها من قوات لقضم اكبر مساحة ممكنة داخل سورية. وفي هذا السياق، رصد المسؤولون الاميركيون مشاركة وحدتين من القوات الخاصة التابعة للجيش الايراني «آرتيش»، مرجّحين ان طهران دفعت بجيشها النظامي بعدما تعدت الخسائر في صفوف «الحرس الثوري الايراني» و«الباسيج» الـ 250 مقاتلاً، معظمهم من الضباط ذوي الخبرة الذين ارسلتهم ايران للإشراف على المعارك.

الوحدتان الايرانيتان المشاركتان في المعارك المندلعة جنوب مدينة حلب، هما «الكتيبة 45 - تاكافار»، و«الكتيبة 65» المحمولة جوا. واستطاع الخبراء الاميركيون تحديد هويتي الكتيبتين من خلال النعوات التي وزعها الايرانيون لأربعة عسكريين ايرانيين قتلوا في سورية أخيراً.

في الجانب الروسي، يعتقد المسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية ان موسكو لم توقف عملياتها العسكرية في سورية، بل اوقفت مشاركة مقاتلاتها، مردفين ان مروحيات روسية ومقاتلين مازالوا يشاركون الى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، خصوصاً شمال دمشق، في تدمر وحمص.

ويعزو المسؤولون الاميركيون النجاحات التي حققتها قوات الأسد ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) الى المشاركة الروسية. لكنهم يعتقدون انه بسحبها مقاتلاتها، خفّضت روسيا قوتها النارية الكاسحة، وتحولت الى قوة عادية مثل القوات الاخرى المنخرطة في الحرب السورية.

ورغم ان الايرانيين والروس يحاربون الى جانب الأسد، إلا ان المسؤولين الاميركيين يعتقدون ان سباقا خفياً يندلع بين طهران وموسكو حول من هو صاحب الكلمة الاخيرة، خصوصاً في التعامل مع الأسد. ويبدو ان الأسد انقسم الى نصفين، نصف يماشي الروس ويأتمر بأوامرهم، وآخر يستمع للايرانيين.

ولم يستبعد المسؤولون الاميركيون أن هناك اجنحة متضاربة نشأت داخل النظام السوري، وان بعضها صار محسوباً على ايران، وبعضها الآخر على روسيا، وان الدولتين الداعمتيْن للأسد تتقاسمان - لا الاجنحة داخل النظام فحسب - بل المناطق التي يسيطر عليها الأسد.

إصرار مسؤولي «البنتاغون» على نظرية «سباق نفوذ» بين روسيا وايران داخل سورية تعزّزه التقارير الواردة من مناطق اخرى خارج سورية، مثل اقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه بين اذربيجان وارمينيا، الدولتان اللتان كانتا جزءا من الاتحاد السوفياتي قبل انهياره في العام 1990.

وتتمتع ارمينيا اليوم بعلاقات قوية مع ايران، فيما ترتبط اذربيجان بالولايات المتحدة والغرب. ومنذ العام 2006، شكّل المجتمع الدولي لجنة متابعة، بعضوية روسيا واميركا، نجحت في تقريب وجهات النظر بين الدولتين المتنازعتين.

ويوضح المسؤولون الاميركيون ان طهران وجدت الفرصة سانحة للتقارب مع اذربيجان الاسبوع الماضي، على إثر عودة الاشباكات المسلحة بينها وبين ارمينيا. إلا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدخّل شخصياً، وشنت بلاده ديبلوماسية مكثفة لتهدئة الاجواء بين البلدين، وصار يبدو في موقع جيد لإجبار اذربيجان على الدخول في «الاتحاد الأفرو آسيوي»، الذي أنشأه.

ولم يقتنص بوتين اذربيجان من بين أيدي طهران فحسب، بل نجح في عزل ايران تماماً عن الديبلوماسية بين البلدين المجاورين لها.

هو صراع على النفوذ في الشرق الاوسط بين قوى تعتقد ان القوة الاميركية قررت الخروج من المنطقة، وهو صراع، يعتقد الخبراء الاميركيون، انه مازال مستتراً حتى الآن بين القوى الطامحة إلى ملء الفراغ الذي خلّفته أميركا، خصوصاً روسيا وايران، ولكنه سيخرج الى العلن قريباً، وما الاحداث في سورية واذربيجان وارمينيا إلا مؤشرات الى المواجهة التي يمكن توقّعها على المدييْن المتوسط والبعيد بين موسكو وطهران.

«هذا النوع من الصراع الخفي بين حليفي الأسد لن يكون في مصلحته»، يقول احد المسؤولين الاميركيين، مشيرا الى ان السباق الروسي - الايراني قد يكون احد الاسباب التي صارت تدفع الجميع الى اعلان قبولهم بديبلوماسية غير مشروطة وعملية سياسية انتقالية في سورية. لكنه يضيف: «قبل ذلك ستحاول روسيا وايران انتزاع اكبر مساحات نفوذ ممكنة، لا من المعارضين السوريين فحسب، بل من بعضيهما بعضاً».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق