الاثنين، 11 أبريل 2016

واشنطن تخشى انهيار هدنة سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

عبّر بعض كبار المسؤولين في ادارة الرئيس باراك أوباما من خشيتهم ان تكون عملية «وقف الاعمال العدائية» فرصة حاولت خلالها روسيا «شراء بعض الوقت» للسماح لقوات الرئيس السوري بشار الأسد والقوات المتحالفة معه بالتقاط انفاسها قبل الانخراط في عمليات عسكرية وهجومية ضد مواقع المعارضة في الاسابيع المقبلة.

ولا يجزم المسؤولون الاميركيون بانهيار الهدنة بالكامل، ويكررون أن زيارة وزير الخارجية جون كيري الأخيرة الى موسكو كانت ناجحة وايجابية، وان الطرفين يعملان على متابعة ما تم الاتفاق عليه لناحية الدفع قدما في عملية الانتقال السياسية.

ويجمع المعنيون بالشأن السوري في واشنطن انها تسلمت من موسكو مسودة دستور سوري جديد لابداء الملاحظات والتوصل الى مسودة مشتركة تقوم كل عاصمة بتسويقها بين حلفائها. لكن حتى يتم التوصل الى تسوية، تخشى واشنطن من استمرار تداعي الهدنة واندلاع مواجهات عسكرية على نطاق واسع بين الأسد ومعارضيه.

وفي هذا السياق، علمت «الراي» ان كبار المسؤولين الاميركيين عبّروا في مجالسهم المغلقة عن اعجاب بالاداء العسكري والانضباط الذي ابدته فصائل «المعارضة السورية المعتدلة»، خصوصا بعد تجربة التزام هذه الفصائل بـ «وقف الاعمال العدائية»، وترافق ذلك مع تحقيق انتصارات ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، وشن هجمات مضادة واستعادة اراض في المناطق التي خرقت فيها قوات نظام الرئيس بشار الأسد الهدنة.

ويقول المسؤولون الاميركيون ان اداء المعارضة السورية مؤشر جيد على امكانية تعاون دولي أكبر معها، ان كان لالحاق الهزيمة بـ «داعش»، او لناحية مشاركة المعارضة المسلحة في دعم عملية الانتقال السياسية المزمع القيام بها.

وكان الرئيس باراك أوباما، اثر لقاء مع كبار اركان قيادته العسكرية، قد اعلن عن نية بلاده ارسال 250 من القوات الاميركية الخاصة للمشاركة في مهمات تدريبية واستشارية في سورية، في خطوة اجمع المراقبون الاميركيون على انها تظهر تغيرا في موقف الرئيس الاميركي من مشكك ومعارض لتسليح أميركا وتنسيقها مع المعارضين، الذين دأب على تسميتهم بهواة ومتطرفين، الى مؤيد لدعمهم.

لكن المسؤولين الاميركيين لا يفصحون عن اذا ما كان الدعم العسكري سينحصر في الرقعة المعروفة بـ «شرق الفرات»، اي التي يسيطر عليها «داعش»، دون غيرها من المناطق السورية التي تدور فيها مواجهات بين الأسد والمعارضة.

وخلف الكواليس، يردد المسؤولون الاميركيون ان القيادة الوسطى في الجيش الاميركي «نفضت الغبار» عن خطتها القاضية بتدريب خمسة الاف مقاتل من المعارضة السورية، والتي سبق ان باءت بفشل ذريع قبل شهور، وان الجنرال مايك ناغاتا منخرط حاليا في عملية تجنيد معارضين سوريين بهدف تدريبهم. ويقولون ان المبلغ المطلوب مرصود ومازال متوافرا، وان القيادة الاميركية ادخلت بعض التعديلات على الخطة السابقة القاضية بتدريب المعارضين السوريين في السعودية وتركيا، من دون ان يفصح المسؤولون عن طبيعة التغييرات المتوقعة.

ويبدو ان القلق صار يسود في واشنطن من ان تكون عملية «وقف الاعمال القتالية» بمثابة فرصة انتهزها الأسد وحلفاؤه لالتقاط الانفاس واعادة تنظيم صفوفهم لاستئناف القتال، وشن هجوم واسع يهدف الى الحسم العسكري واستعادة مناطق واسعة في حلب وادلب.

ويكرر المسؤولون الاميركيون ان «الروس يعرفون وسمعوا من كيري ان واشنطن لن تسمح بحسم عسكري ولن تقف مكتوفة الايدي في حال حاول الأسد القيام بذلك»، وهو قول يتناسب مع محاولات أميركا تعزيز صفوف المعارضين السوريين لقتال «داعش»، مع اعتقاد أميركي ان القوة السورية المعارضة نفسها يمكنها ان تتغلب على «داعش»، وان تواجه اي هجوم يقوم به الأسد ضدها.

ولا تتوقع واشنطن هذه المرة مشاركة المقاتلات الروسية بالكثافة التي سمحت لقوات الأسد والقوات المتحالفة معه بتحقيق انتصارات على مدى الاشهر القليلة الماضية، ما يعني ان زيادة المساعدة الاميركية للمعارضة السورية المعتدلة من شأنها ان تضعها في موقع القادرة على صد اي هجمات ضدها.

ويبدو ان المسؤولين الاميركيين يعتقدون ان مقاتلي المعارضة السورية ممن ينخرطون في مواجهة «داعش» هم في الغالب من المعتدلين، وان واشنطن تأمل في ان يستمر الشرخ في التوسع بين «جبهة النصرة» والفصائل الاخرى، ما من شأنه ان يسمح للولايات المتحدة بالاستمرار في زيادة الدعم لمقاتلي المعارضة من غير «داعش» او «النصرة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق