السبت، 17 سبتمبر 2016

دراسات تؤكد فشل التدخّل العسكري الروسي في سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لبدء الحملة العسكرية الروسية في سورية والتي تصادف في 30 الجاري، يتباهى المسؤولون الاميركيون بصحة توقعات الرئيس باراك أوباما، والتي أبلغها لنظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل عام، والقائلة بانعدام جدوى أي تدخل للقوى الكبرى عسكريا في منطقة الشرق الاوسط.

ويأتي تباهي الادارة الاميركية في وقت تتدفق الدراسات الاميركية والروسية التي تفيد بإن جيش الرئيس بشار الأسد «شبه منهار»، وان المراهنة الروسية عليه لاستعادة السيطرة على البلاد، او فرض سيادته، او لعب دور في التسوية السياسية مستقبلا، هي رهان في غير محله.

وكانت «الراي» علمت من كبار المسؤولين في الادارة الاميركية ان الهدنة تأخرت بسبب قيام القوات المتحالفة مع الأسد، مثل «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية والافغانية التابعة لايران، بشن هجمات في كل مرة كانت واشنطن وموسكو تقتربان من اعلان وقف الاعمال العدائية.

وعلى رغم الضغوطات الروسية الهائلة على الأسد، لاحظ المسؤولون الاميركيون ان الرئيس السوري لا يمسك عسكريا بالارض، وان قبوله الهدنة يتعلق بمدى مقدرته على اقناع حلفائه من الميليشيات التابعة لايران بالتزامها.

وفي الجانب الاميركي، قدم الخبير توبياس شنايدر دراسة اظهرت ان «القوة العسكرية للأسد تلاشت»، وان وحدتي «القوات الخاصة» المعروفتين بـ «النمور» و«صقور الصحراء» تتألفان في الواقع من قوات غير نظامية، الأولى بقيادة ضابط من المراتب المتوسطة، والثانية بقيادة اخوين ممن اكتسبوا شهرة ومالا من عمليات التهريب عبر الحدود مع العراق منذ زمن حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ويعتبر شنايدر ان «الفرقة الرابعة» من قوات النخبة، التي يفترض ان ماهر، شقيق الرئيس السوري، يقودها، هي وهمية اكثر منها حقيقية، فيما يدير الاخوان مخلوف، ابنا خال الأسد، ميليشيا خاصة بهما، وكذلك يفعل عدد من رجال الاعمال.

في المحصلة، «الجيش العربي السوري» اصبح عبارة عن مجموعات قليلة الموارد والتسليح، تعتاش من فرض الإتاوات على السوريين في المناطق التي تحاصرها، ومن بيع النفط والسلاح الى كل الفصائل السورية المتقاتلة، بما فيها المعارضة وتنظيما «الدولة الاسلامية» (داعش) و«فتح الشام».

من موسكو، كانت لافتة الدراسة التي قدمها الجنرال السابق ميخائيل خودارنوك على موقع «غازيت» الروسي المقرب من الكرملين. وطالب خودارنوك الحكومة السورية بسحب قواتها قبل نهاية هذا العام، وقال ان الجيش السوري يتوزع على ألفي حاجز محصنة وغير مرتبطة ببعضها. يعيش الجنود في كل حاجز بتحصينات خوفا من هجمات المعارضين، ويعتاشون على ابتزاز السكان المحليين وسلب مواردهم.

وكتب الخبير الروسي انه على مدى العام الماضي، كان جيش الأسد مهزوما دائما، ولم ينجح في شن هجوم ناجح واحد، وسبب ذلك هو انعدام الموارد والتسليح، ونقص في عدد المقاتلين، والخوف من تكلفة الهجوم ماديا وبشريا، وانحدار الروح المعنوية لمقاتلي «الجيش العربي السوري»، في مقابل ارتفاع في معنويات الفصائل المعارضة، التي يمكن لمقاتليها الانسحاب الى الدول المجاورة، خصوصا تركيا، للشفاء من جراحهم، واعادة تنظيم صفوفهم، والحصول على موارد جديدة.

وحسب خودارنوك، فان الحكومة السورية لا تسيطر الا على حدودها مع لبنان، وعلى 50 كيلومترا فقط من حدودها مع الاردن.

ويقول ان القوة الجوية السورية شكلت 70 في المئة من القوة النارية لقوات الأسد على مدى السنوات الخمس الماضية، وان الغالبية المطلقة لطلعاتها هي لقصف مناطق المعارضة، اي انها لا تقوم بأي اسناد جوي لمقاتلي الأسد على الارض. كذلك اعتبر خودارنوك ان مقاتلات الأسد تغير منفردة لتوفير الموارد وتقليص المخاطر، وان القوات الجوية تشن عددا كبيرا من الغارات يوميا، وصلت احيانا الى 100 غارة في اليوم العام 2015.

ومنذ اندلاع الثورة السورية في 2011، خسر الأسد 200 مقاتلة و150 طيّارا في الغارات ضد المعارضين، ويقول خودارنوك انه لا يمكن للأسد تعويض خسائر قوته الجوية، وان اتفاقيته مع موسكو بتدريب طيارين معلقة حاليا. اما المقاتلات العاملة لدى الأسد فيقل عددها عن اربعين، تقابلها 40 مروحية مازالت عاملة.

وخوفا من الدفاعات الجوية للمعارضين، تشن مقاتلات الأسد هجماتها على ارتفاع أعلى من 3000 متر، وفي حالات نادرة تقوم بهجمات انقضاضية على ارتفاعات منخفضة.

وفضلا عن تهالك قوتيه البرية والجوية، تخلو خزائن الحكومة السورية من الاموال المطلوبة لتمويل العمليات الحربية، او لتمويل عمل مؤسسات الحكومة في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة نظام الأسد، وهو ما اجبر القوة الجوية للأسد على رمي كل ما بحوزتها من قنابل في غاراتها على المعارضين بدك هذه القنابل في ما يعرف بالبراميل.

يقول الخبير الروسي ان القوة الجوية السورية رمت ألغاما بحرية و طوربيدات وما تيسر لها من قنابل، قبل ان تبدأ بحشو البراميل بمواد متفجرة وإلقائها على اهداف كبيرة، مثل بنايات ومقرات وتجمعات كبيرة لمقاتلي المعارضة.

ويختم الخبير الروسي بتقديم سلسلة من الاقتراحات لوقف انهيار قوات الأسد، ويقول انه يمكن تطبيق اجراءات عقابية عسكرية صارمة لفرض النظام في وحدات الجنود، لكن لا يمكن لأي جيش ان يفوز بالحرب عن طريق المحاكمات الميدانية، ولابد من وجود روحية قتالية وعقيدة دفاع عن الوطن، وهذه تغيب تماما لدى مقاتلي الأسد، ما يجعل امكانية ترميم جيشه ضئيلة.

لذا، بسبب الانهيار غير القابل للترميم الذي تعانيه دولة الأسد والقوات العسكرية التابعة لها، يقترح خودارنوك على الحكومة الروسية الانسحاب من سورية قبل حلول العام 2016، وترك بعض القواعد العسكرية الروسية المحصنة لأسباب استراتيجية بمعزل عن تطورات الاحداث السورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق