الاثنين، 26 سبتمبر 2016

ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية يطلق سباقاً بين دول تنتجها

واشنطن - حسين عبد الحسين

سجلت مبيعات السيارات العاملة على الكهرباء والسيارات الهجينة أي العاملة على الكهرباء والوقود، أرقاماً قياسية في المبيعات في الولايات المتحدة، وبلغ عددها 12715 في آب (أغسطس) الماضي، لتصل المبيعات الإجمالية إلى 83303 في مقابل 68415 لعام 2015.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وعد في خطاب حال الاتحاد مطلع عام 2011، أن يكون في الولايات المتحدة مليون سيارة كهربائية مع حلول عام 2015، إلا أن وعد أوباما لم يتحقق إذ لم تتخطَّ السيارات الجديدة عتبة النصف مليون مع حلول أيار (مايو) الماضي. ودفع ذلك وزير الطاقة إرنست مونيز إلى توقع وصول عدد هذه السيارات في الشوارع الأميركية إلى مليون مع حلول عام 2020. لكن حتى مونيز سيكون في الغالب على خطأ، لأن وتيرة المبيعات تشي بأن الولايات المتحدة ستتخطى حاجز المليون سيارة عام 2018.

ومع أن رقم المليون قد يبدو كبيراً، إلا أنه صغير جداً مقارنة بعدد السيارات التي تسير في الولايات المتحدة، والبالغ عددها ٢٥٣ مليوناً، أي أن استبدال أسطول السيارات والشاحنات الأميركية التقليدية، العاملة بالوقود فقط سيتطلب وقتاً طويلاً، ما يعني أن انتشار السيارات الكهربائية بين المستهلكين الأميركيين لا يؤثر حالياً في كمية الطلب على الوقود، أي أن هذه السيارات الجديدة لا تؤثر في العرض والطلب اللذين يحددان سعر الطاقة عالمياً.

أما أبرز العقبات التي يواجهها انتشار السيارات الكهربائية، فلا يكمن في قدرة مصانع السيارات على الإنتاج أو في إقبال المستهلكين، لأن المصانع تقبل على الإنتاج بعدما أقرّ الكونغرس قوانين تحدد عدد الكيلومترات المسموح للآليات أن تصل إليه بالنسبة إلى كمية استهلاك الوقود. هذه القوانين تحتسب كل السيارات التي تصنعها الشركة الواحدة سنوياً، ما يعني أن صناعة السيارات الكهربائية حتى لو أدت إلى خسائر لدى المصانع بسبب سوقها المحدودة، فهي تمنح مصنعي السيارات إعفاءات لبيع السيارات العاملة على الوقود، لأن القانون يحتسب الكيلومترات وفق إجمالي كل السيارات التي تُصنّع في السنة الواحدة.

ويقبل الأميركيون أيضاً على شراء السيارات الكهربائية لأسباب متعددة، أولها التوفير الذي تقدمه الكهرباء مقارنة بالوقود، وثانيها الإعفاءات الضريبية التي تقدمها الحكومة الفيديرالية وحكومات الولايات لمالكي هذه السيارات.

كما تسمح لهم السيارات الكهربائية بسلوك شوارع مخصصة لشخصين أو أكثر، حتى لو كان السائق منفرداً في سيارته. أما ثالث الأسباب التي تدفع الأميركيين إلى الإقبال على شراء السيارات الكهربائية، فيتعلق بالوعي البيئي الذي بدأ ينتشر بين المواطنين، وإمكان تنقية هواء المدن من التلوث الناتج من انبعاثات العوادم في السيارات التقليدية.

لكن، على رغم إقبال شركات السيارات والمستهلكين على صناعة السيارات العاملة بغير وقود أو وقود مخفف وشرائها، لا تزال البنية التحتية المطلوبة لمواكبة التحول من السيارات التقليدية إلى الكهربائية غير متوافرة، إذ لا تزال محطات الشحن الكهربائية قليلة ومبعثرة في أرجاء البلاد الواسعة. وكي تنتشر السيارات الكهربائية، يصبح المطلوب انتشار محطات الشحن في الأماكن العامة ومراكز العمل كما في البيوت الخاصة، ما دفع وزارة الطاقة الأميركية إلى الانخراط في مشاريع شراكة مع القطاع الخاص، بهدف نشر محطات الشحن هذه.

ومع الاقتطاعات الضريبية وتشجيع البنية التحتية لمحطات الشحن، تكون الحكومة الأميركية دخلت في سباق غير معلن مع نظيراتها الأوروبية والآسيوية، لاستبدال أساطيلها من الآليات العاملة بالوقود حالياً بأخرى عاملة بالكهرباء.

ويؤخر انتشار السيارات الكهربائية معوّق آخر، يرتبط بتكنولوجيا هذه السيارات التي تتحسّن باضطراد، فيما تتراجع أسعارها مع مرور الوقت. ففي عام 2008، كانت السيارة الكهربائية تسير ما معدله 160 كيلومتراً بعد كل شحنة كهربائية، وكانت الشحنة تتطلب 14 ساعة. اليوم، أطلقت شركة «شيفروليه» سيارتها «بولت» التي تسير 320 كليومتراً، فيما يحتاج كل 40 كيلومتراً إلى ساعة شحن واحدة، أي أن 12 ساعة شحن صارت تقدم 320 كيلومتراً قيادة من دون انقطاع.

وفي خضم السباق التكنولوجي بين شركات الســـيارات، قدمت شــركة «فولكسفاغن» الألمانية نموذجها «بي أي في» الذي يسمح للسائق بقيادة 400 كيلومتر من دون انقطاع بعد كل شحنة للبطارية مدتها 11 ساعة.

أما معدل الأسعار، فتحاول شركات السيارات تقديم نموذج السيارة التي تسير أكثر من 320 كيلومتراً بسعر أقل من 30 ألف دولار في السوق الأميركية، ما يُعتبر أعلى من معدل السيارات المتوسطة الحجم الذي يبلغ 20 ألف دولار. لكن الاقتطاعات الضريبية الحكومية قد تكون كفيلة بتعويض الفارق، أو الجزء الأكبر منه. فيما يتكفل الفارق بين أسعار الوقود والكهرباء بجزء كبير من البقية.

يذكر أن السيارات العاملة بالطاقة البديلة هي قطاع لا يزال في مراحله الأولى، لكن أرقام المبيعات تظهر ارتفاع نسبة المبيعات في تموز (يوليو) الماضي 48 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. وهو ارتفاع واعد ويشير إلى أن القطاع في طور النمو، ما يبدو أنه دفع معظم شركات السيارات إلى بدء سباق لاقتناص الحصة الأكبر من سوق لا تزال يافعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق